
خواطر شاب
June 3, 2025 at 11:09 AM
لا تدع أحدًا أو شيئًا يعكر صفوك، فهم بدون ردّة فعلك، لا يملكون أي سلطة عليك (مقال بترجمتي بتصرف، كتابة سادفي فارساي).
أتريد راحة البال الفورية؟ تذكّر هذه العبارة حين يغضبك شيء ما.
عندما كنت في الخامسة من عمري، حطّم ابن عمي الصغير شاحنتي المفضّلة. لم يكن ذلك عن طريق الخطأ؛ بل أمسكها بعناد، ورماها نحو الحائط لأنني رفضت أن أشاركه اللعب بها. انكسرت إحدى عجلاتها الأمامية، وانكسر معها صبري.
دخلت في نوبة بكاء وصراخ، وامتنعت عن تناول العشاء من شدّة الغضب. نمتُ غاضبة، واستيقظت غاضبة أكثر. قضيت ثلاثة أيام أتجوّل في البيت وكأن كارثةً قد حلّت.
راقبت والدتي هذا المشهد بصمت، ثم أجلستني إلى جوارها قائلة:
"برأيك، كم من الوقت قضى أخوك يفكر في تلك الشاحنة بعد أن كسرها؟"
لم أفهم قصدها.
قالت بهدوء:
"ربما عشر ثوانٍ. كسرها، رأى دموعك، عوقب، ثم مضى في يومه. وحدك من لا تزال غاضبة."
كان وقع كلماتها عليّ كمن صُبَّ عليه ماء بارد. بينما كنت أعاني لثلاثة أيام، كان هو قد نسي الأمر تمامًا، يلعب في الخارج بمرح، وأنا في غرفتي أحتضن غضبي كما لو أنه سيعيد الشاحنة إلى الحياة.
لقد استغرقني وقتًا طويلًا لأفهم الحقيقة التالية:
للناس والمواقف من القوة عليك بمقدار ما تمنحهم إياه — لا أكثر.
فكّر في الأمر: السائق الذي قطع عليك الطريق هذا الصباح؟ هو الآن ربما في منزله، لا يدري أنه أفسد مزاجك لساعات. مديرة الاجتماع التي قالت ما أزعجك؟ انتقلت منذ زمن إلى موضوع آخر، بينما أنت لا تزال تعيد ما قالته مرارًا في رأسك.
الغريب أننا نعلم ذلك، ومع هذا، نكرّره، وكأننا مدمنون على الغضب والضيق.
فلنحلّل ما يحدث فعلًا حين يضغط أحدهم على أزرارك:
هو يقوم بفعل.
أنت تراه.
تفسّره.
تستجيب له.
ثم تستجيب لاستجابتك.
ثم تبدأ بحياكة قصة عمّا يعنيه فعله، وعن نفسك، وعنهم، وعن العالم بأسره.
هل لاحظت كم خطوة في هذا؟ الشخص الآخر لم يقم سوى بالخطوة الأولى. كل ما تبقى من إنتاجك أنت — أنت الكاتب والمخرج والبطل في هذه المسرحية الذهنية.
زميلك أرسل إليك رسالة إلكترونية قصيرة؟ قرأتها بحدة، ظننتها وقحة، استشاط غضبك، تذكّرت مواقف سابقة، كوّنت نظرية كاملة عن نواياه تجاهك… وهو في تلك الأثناء، يأكل شطيرته، لا يعلم بشيء مما يدور في رأسك.
نحن نتعامل مع ردود أفعالنا وكأنها حقائق، لا خيارات. يحدث ما لا يرضينا، نغضب، ونظن أن هذه هي القاعدة — كأننا آلات مبرمجة على ردود محددة.
لكن ردود الفعل ليست حتمية، رغم أنها توحي بذلك. دائمًا هناك لحظة فاصلة بين الفعل والاستجابة، وفي تلك اللحظة الصغيرة، يكمن كل سلطانك.
تلك اللحظة هي الفرق بين الردّ والانفعال.
الانفعال فوري، كردة فعل على مفاجأة.
أما الردّ، فهو تأمل ثم استجابة.
غالبًا ما نقضي أيامنا في حالة من الانفعال، لا الرد. نترك للناس والظروف أن يتحكّموا بحالتنا النفسية، نمنح جهاز التحكّم الداخلي لكل عابر سبيل.
وقد يصعب سماع هذا، لكن الحقيقة أن أكثر من يثير غضبك… لا يهم فعلًا.
ذلك الغريب الشخص الغريب الوقح الذي تعاملت معه، منشور تافه في مواقع التواصل، سائق لا يعرف الذوق في السير — هؤلاء لا يدفعون فواتيرك، لا يشاركونك أحلامك، لا ينامون في سريرك. ومع ذلك، نمنحهم سلطة تحديد مزاجنا؟
ذلك تخلٍّ مؤلم عن قوتك لصالح من لا يستحقّها.
حتى مع من نحب — الأهل، الأصدقاء، الزملاء — فإن الغضب نادرًا ما يُصلح شيئًا. في الحقيقة، غالبًا ما يزيد الأمر سوءًا. كم مرة سمعنا أحدهم يقول: "أدركت أنني كنت مخطئًا لأنك غضبت!"؟ قلّما يحدث ذلك.
غضبك لا يُعلّم أحدًا درسًا، لا يُصلح خطأ، لا يمنع تكرار المشكلة.
إنما يؤلمك، وربما يزعج الآخرين.
أما المواقف؟ فهي أكثر عبثية.
الزحام يحدث.
الجو يتقلب.
الأجهزة تتعطل.
الصفوف تطول.
الطائرات تتأخر.
ليست مؤامرات ضدك.
بل قوانين الوجود.
أن تغضب على موقف، كأنك تغضب على الجاذبية لأنها تجعل الأشياء تسقط.
السماء لا تبالي بانزعاجك. ستبللك مهما شتمت الغيم.
تذكّر: لك رصيد محدود من الطاقة العاطفية يوميًا.
وكل مرة تغضب فيها، تصرف من ذلك الرصيد.
فهل ما تغضب لأجله يستحق هذه الطاقة؟
أظن أن الغضب على ما لا يمكن تغييره، كمن يشعل المال ليتدفأ، وهناك مدفأة مجانية بجانبه.
تبذير… وعديم الجدوى.
زميلك السلبي؟ لا يمكنك التحكم به.
طابور القهوة؟ لا تملك تقصيره.
مطر غزير في رحلتك البحرية؟ لا سلطان لك عليه.
لكنك تملك أن تختار: هل ستقضي يومك متضايقًا؟ أم تتجاوز وتمضي؟
فما العمل إذن؟
ابدأ بتطوير قائمة ردود بديلة عن الغضب.
*الخيار الأول: تجاهل الأمر.
معظم الأمور التي تبدو كارثية لحظيًّا، تنتهي بلا أثر. ربما الرسالة لم تكن عدوانية، بل مستعجلة. ربما الشخص لم يكن وقحًا، بل مرهقًا.
*الخيار الثاني: ابحث عن الجانب المضحك.
نحن بشر مضحكون في تصرفاتنا ومواقفنا. بدل أن تغضب، تأمل الموقف كأنه مشهد ساخر. فذلك الشخص الذي يفقد أعصابه من أمر تافه؟ مادة كوميدية رائعة!
*الخيار الثالث: استبدل الغضب بالفضول.
لمَ تصرف هذا الشخص بهذه الطريقة؟ ما الذي يدور خلف الكواليس؟ ماذا يمكنني أن أتعلم من هذا؟
الفضول عدو الغضب — لا يجتمعان.
*الخيار الرابع: ركّز على ما يمكنك فعله فعلًا.
إن كانت هناك مشكلة حقيقية، فاعمل على حلّها. وإن لم يكن بيدك شيء، فاقبل الواقع وانتقل لما يمكنك التأثير فيه.
بالطبع، هذا كلّه ليس سهلًا في البداية.
فنحن مدرّبون على الانفعال، لا التروّي.
لكن يمكن تغيير هذا، بالتدرّب.
ابدأ بأمر بسيط يضايقك — السير خلف سائقين سيارات بطيئون، لا يستخدمون الإشارة — وجرب أن لا تغضب من ذلك لأسبوع. لاحظ عندما يبدأ الضيق بالتصاعد داخلك… ثم لا تغذّه. دعه يظهر، لكن لا تطعمه.
غالبًا ستفشل مرارًا، وهذا طبيعي.
فالغرض ليس أن تصبح آلة بلا مشاعر.
بل أن تكفّ عن تسليم راحة بالك لمن لا يستحقّها.
الأشخاص والمواقف بلا قوة عليك إن لم تمنحهم ردّ فعل.
يمكنهم أن يتصرّفوا كما يشاؤون، لكنهم لا يملكون مفاتيح مزاجك. هذا بيدك وحدك.
ذاك الذي قطع عليك الطريق؟ لن يأخذ من يومك إلا بقدر ما تقرّر.
والموقف الذي خرج عن خطتك؟ لن يستهلك من طاقتك إلا ما تمنحه أنت.
وفي الغالب، الأنسب أن تمنحهم… لا شيء.
#ترجمة_محمد_عصمت #ترجمة_كل_يوم #مقالات💛🌸
❤️
😂
3