
سيرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه
June 4, 2025 at 08:07 PM
https://whatsapp.com/channel/0029VaIezKI6GcG8U9yaqJ1h
قناتنا على تلغرام: https://t.me/omarsira
صفحتنا على فيسبوك: https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=pfbid02xmKPe28ys4nGJx3SWAHRDXL5XiHKR8WbNkaLXq17aWyvwpP3syZ13gDNAMnVMufvl&id=100093426769453&__cft__[0]=AZVC1EBnnPPB1LrZL68m7bE2sudxBgebI6CBY9muDypDx-KIhU8H85zLt3JCzQbzqb2PFyZepzlUEKwzxRAdXDhhEK0eF96c4150-r
نتابع مع *خلافة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه*
*قصة عزل أمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب لخالد بن الوليد رضي الله عنهما*:
وجد أعداء الإسلام في سعة خيالهم وشدة حقدهم
مجالاً واسعاً لتصيد الروايات التي تظهر صحابة رسول الله في مظهر مشين،
فإذا لم يجدوا شفاء نفوسهم،
اختلقوا ما ظنوه يجوز على عقول القارئين،
لكي يصبح أساساً ثابتاً لما يتناقله الرواة وتسطره كتب المؤلفين.
وقد تعرَّض كل من عمر بن الخطاب وخالد بن الوليد رضي الله عنهما
لمفتريات أعداء الإسلام
الذين حاولوا تشويه صفحات تاريخهما المجيد،
ووقفوا كثيراً عند أسباب عزل عمر لخالد بن الوليد رضي الله عنهما،
وألصقوا التهم الباطلة بالرجلين العظيمين،
وأتوا بروايات لا تقوم على أساس عند المناقشة،
ولا تقوم على البرهان أمام التحقيق العلمي النزيه.
وإليك *قصة عزل خالد بن الوليد على حقيقتها بدون لف أو تزوير للحقائق*:
فقد مرّ عزل خالد بن الوليد بمرحلتين،
وكان لهذا العزل أسباب موضوعية.
1- *العزل الأول*:
عزل عمر بن الخطاب رضي الله عنه خالد بن الوليد في المرة الأولى عن القيادة العامة وإمارة الأمراء بالشام،
وكانت هذه المرة *في السنة الثالثة عشر من الهجرة*
غداة تولي عمر الخلافة بعد وفاة أبي بكر الصديق،
و *سبب هذا العزل*
اختلاف منهج الصديق عن الفاروق في التعامل مع الأمراء والولاة،
فالصديق كان من سنته مع عماله وأمراء عمله
أن يترك لهم حرية التصرف كاملة في حدود النظام العام للدولة،
مشروطاً ذلك بتحقيق العدل كاملاً بين الأفراد والجماعات،
ثم لا يبالي أن يكون لواء العدل منشوراً بيده أو بيد عماله وولاته،
فللوالي حق يستمده من سلطان الخلافة
في تدبير أمر ولايته
دون رجوع في الجزئيات إلى أمر الخليفة،
وكان أبو بكر لا يرى أن يكسر على الولاة سلطانهم في مال أو غيره
ما دام العدل قائماً في رعيتهم،
وكان الفاروق قد أشار على الصديق بأن يكتب لخالد رضي الله عنهم جميعاً:
أن لا يعطي شاة ولا بعيراً إلا بأمره،
فكتب أبو بكر إلى خالد بذلك،
فكتب إليه خالد:
إما أن تدعني وعملي وإلا فشأنك وعملك،
فأشار عليه بعزله،
ولكنّ الصديق أقرّ خالداً على عمله،
ولما تولى الفاروقُ الخلافة،
كان يرى أنه يجب على الخليفة أن يحدد لأمرائه وولاته طريقة سيرهم في حكم ولاياتهم،
ويحتم عليهم أن يردوا إليه ما يحدث
حتى يكون هو الذي ينظر فيه ثم يأمرهم بأمره،
وعليهم التنفيذ،
لأنه يرى أن الخليفة مسؤول عن عمله
وعن عمل ولاته في الرعية
مسؤولية لا يرفعها عنه أنه اجتهد في اختيار الوالي.
فلما تولى الخلافة خطب الناس، فقال:
إن الله ابتلاكم بي،
وابتلاني بكم،
وأبقاني بعد صاحبي،
فوالله لا يحضرني شيء من أمركم فيليه أحد دوني،
ولا يتغيب عني فآلوا فيه عن الجزء والأمانة،
ولئن أحسن الولاة لأحسنن إليهم،
ولئن أساؤوا لأنكلن بهم،
وكان يقول:
أرأيتم إذا استعملت عليكم خير من أعلم،
ثم أمرته بالعدل،
أكنت قضيت ما علي؟
قالوا: نعم.
قال:
لا،
حتى أنظر في عمله،
أعمل بما أمرته أم لا؟،
فعندما تولى الفاروق الخلافة
أراد أن يعدل بولاة أبي بكر رضي الله عنه إلى منهجه وسيرته،
فرضي بعضهم
وأبى آخرون،
وكان ممن أبى عليه ذلك خالد بن الوليد،
فعن مالك بن أنس،
أن عمر لما ولي الخلافة كتب إلى خالد:
ألا تعطي شاة ولا بعيراً إلا بأمري،
فكتب إليه خالد إما أن تدعني وعملي،
وإلا فشأنك بعملك،
فقال عمر:
ما صدقت الله إن كنت أشرتُ على أبي بكر بأمر فلم أنفذه،
فعزله،
ثم كان يدعوه إلى العمل فيأبى،
إلا أن يخليه يفعل ما شاء،
فيأبى عليه.
فعزل عمر خالداً من وجهة سياسة الحكم
وحق الحاكم في تصريف شؤون الدولة ومسؤوليته عنها،
وطبيعي أن يقع كل يوم مثله في الحياة،
ولا يبدو فيه شيء غريب يحتاج إلى بيان أسباب تتجاذبها روايات وآراء،
وميول وأهواء ونزعات،
فعمر بن الخطاب خليفة المسلمين
في عصر كان الناس فيه ناساً لا يزالون يستروحون روح النبوة،
له من الحقوق الأولية أن يختار من الولاة والقادة
من ينسجم معه في سياسته ومذهبه في الحكم ليعمل في سلطانه
ما دامت الأمة غنية بالكفايات الراجحة،
فليس لعامل ولا قائد أن يتأبد في منصبه،
ولا سيما إذا اختلفت مناهج السياسة بين الحاكم والولاة
ما كان هناك من يغني غناءه ويجزي عنه،
وقد أثبت الواقع التاريخي أن عمر رضي الله عنه كان موفقاً أتم التوفيق،
وقد نجح في سياسته هذه نجاحاً منقطع النظير،
فعزل وولى،
فلم يكن من ولاّه أقل كفاية ممن عزله،
ومرد ذلك لروح التربية الإسلامية
التي قامت على أن تضمن دائماً للأمة رصيداً مذخوراً من البطولة والكفاية السياسية الفاضلة.
وقد استقبل خالد هذا العزل بدون اعتراض،
وظل رضي الله عنه تحت قيادة أبي عبيدة رضي الله عنه حتى فتح الله عليه قنسرين،
فولاه أبو عبيدة عليها،
وكتب إلى أمير المؤمنين يصف له الفتح وبلاء خالد فيه،
فقال عمر قولته المشهورة:
*أمّر خالد نفسه، رحم الله أبا بكر، هو كان أعلم بالرجال مني*،
ويعني عمر بمقولته هذه
أن خالداً فيما أتى به من أفانين الشجاعة وضروب البطولة
قد وضع نفسه في موضعها الذي ألفته
في المواقع الخطيرة من الإقدام والمخاطرة،
وكأنما يعني عمر بذلك أن استمساك أبي بكر بخالد
وعدم موافقته على عزله برغم الإلحاح عليه
إنما كان عن يقين في مقدرة خالد وعبقريته العسكرية
التي لا يغني غناءه فيها إلا آحاد الأفذاذ من أبطال الأمم.
هذا وقد عمل خالد تحت إمرة أبي عبيدة نحواً من أربع سنوات،
فلم يعرف عنه أنه اختلف عليه مرة واحدة،
ولا ينكر *فضل أبي عبيدة وسمو أخلاقه في تخفيف وقع الحادث على خالد*،
فقد كان لحفاوته به وعرفانه لقدره،
وملازمته صحبته والأخذ بمشورته،
وإعظامه لآرائه وتقديمه في الوقائع التي حدثت بعد إمارته الجديدة،
أحسن الأثر في صفاء قلبه
صفاء جعله يصنع البطولات العسكرية النادرة،
وعمله في فتح دمشق وقنسرين وفحل:
شاهد صدق على روحه السامية التي قابل بها حادث العزل،
وكان في حاليه سيف الله خالد بن الوليد،
ويحفظ لنا التاريخ ما قاله أبو عبيدة في مواساة خالد عند عزله:
.. وما سلطان الدنيا أريد،
وما للدنيا أعمل،
وإن ما ترى سيصير إلى زوال وانقطاع،
وإنما نحن أخوان وقوّام بأمر الله عز وجل،
وما يضير الرجل أن يلي عليه أخوه في دينه ودنياه،
بل يعلم الوالي أنه يكاد يكون أدناهما إلى الفتنة وأوقعهما في الخطيئة،
لما تعرض من الهلكة،
إلا من عصم الله عز وجل،
وقليل ما هم.
وعندما طلب أبو عبيدة من خالد أن ينفذ مهمة قتالية تحت إمرته،
أجابه خالد قائلاً:
أنا لها إن شاء الله تعالى،
وما كنت أنتظر إلا أن تأمرني،
فقال أبو عبيدة: استحيت منك يا أبا سليمان،
فقال خالد: والله لو أُمِّرَ علي طفلٌ صغير لأطيعنَّ له،
فكيف أخالفك وأنت أقدم مني إيماناً وأسبق إسلاماً،
سبقت بإسلامك مع السابقين
وأسرعت بإيمانك مع المسارعين،
وسماك رسول الله بالأمين،
فكيف ألحقك وأنال درجتك،
والآن أشهدك أني قد جعلت نفسي حبساً في سبيل الله تعالى،
ولا أخالفك أبداً،
ولا وليت إمارة بعدها أبداً.
ولم يكتف خالد بذلك فحسب بل اتبع قوله بالفعل،
وقام على الفور بتنفيذ المهمة المطلوبة منه،
ويظهر بوضوح من قول خالد وتصرفه هذا،
أن الوازع الديني والأخلاقي كان مهيمناً على تصرفات خالد وأبي عبيدة رضي الله عنهما،
وقد بقي خالد محافظاً على مبدأ طاعة الخليفة والوالي،
بالرغم من أن حالته الشخصية قد تغيرت من حاكم إلى محكوم،
بسبب عزله عن قيادة الجيوش.
إن عزل خالد في هذه المرة (الأولى)،
لم يكن عن شك من الخليفة ولا عن ضغائن جاهلية،
ولا عن اتهامه بانتهاك حرمات الشريعة،
ولا عن طعن في تقوى وعدل خالد،
ولكن كان هناك منهجان لرجلين عظيمين،
وشخصيتين قويتين كان يرى كل منهما ضرورة تطبيق منهجه،
فإذ كان لابد لأحدهما أن يتنحى
فلابد أن يتنحى أمير الجيوش لأمير المؤمنين؛
من غير عناد ولا حقد وضغينة.
إن من توفيق الله تعالى للفاروق تولية أبي عبيدة رضي الله عنهم لجيوش الشام،
فذلك الميدان *بعد معركة اليرموك*
كان يحتاج إلى المسالمة واستلال الأحقاد،
وتضميد الجراح وتقريب القلوب،
فأبو عبيدة رضي الله عنه يسرع إلى المسالمة إذا فتحت أبوابها،
ولا يبطئ عن الحرب إذا وجبت عليه أسبابها،
فإن كانت بالمسالمة جدوى فذاك،
وإلا فالاستعداد للقتال على أهبته،
وقد كان أبناء الأمصار الشامية يتسامعون بحلم أبي عبيدة
فيقبلون على التسليم إليه
ويؤثرون خطابهم له على غيره،
فولاية أبي عبيدة سنة عمرية،
وكانت ولايته للشام في تلك المرحلة أصلح الولايات لها.
2- *العزل الثاني*:
وفي (قنسرين) جاء العزل الثاني لخالد،
وذلك في السنة السابعة عشرة،
فقد بلغ أمير المؤمنين أن *خالد بن الوليد وعياض بن غنم* أدربا في بلاد الروم،
وتوغلا في دروبهما،
ورجعا بغنائم عظيمة،
وأن رجالاً من أهل الآفاق قصدوا خالداً لمعروفه،
منهم *الأشعث بن قيس الكندي*،
فأجازه خالد بعشرة آلاف،
وكان عمر لا يخفى عليه شيء في عمله،
فكتب عمر إلى قائده العام أبي عبيدة
يأمره بالتحقيق مع خالد في مصدر المال الذي أجاز منه الأشعث تلك الإجازة الغامرة،
وعزله عن العمل في الجيش إطلاقاً،
واستقدمه المدينة،
وتمّ استجواب خالد،
وقد تم استجواب خالد بحضور أبي عبيدة،
وترك بريد الخلافة يتولى التحقيق،
وترك إلى مولى أبي بكر يقوم بالتنفيذ،
وانتهى الأمر ببراءة خالد أن يكون مدّ يده إلى غنائم المسلمين فأجاز منها بعشر آلاف،
ولما علم خالد بعزله،
ودّع أهل الشام،
فكان أقصى ما سمحت به نفسه من إظهار أسفه على هذا العزل،
الذي فرق بين القائد وجنوده أن قال للناس:
إن أمير المؤمنين استعملني على الشام،
حتى إذا كانت بثنية (الحنطة الجيدة) وعسلاً عزلني،
فقام إليه رجل فقال: اصبر أيها الأمير، فإنها الفتنة،
فقال: خالد: أما وابن الخطاب حي فلا.
وهذا لون من الإيمان القاهر الغلاب،
لم يرزقه إلا المصطفون من أخصاء أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم،
فأية قوة روحية سيطرت على أعصاب خالد في الموقف الخطير؟
وأي إلهام ألقي على لسان خالد ذلك الرد الهادئ الحكيم.
سكن الناس وهدأت نفوسهم
بعد أن سمعوا كلمة خالد في توطيد قواعد الخلافة العمرية،
وعرفوا أن قائدهم المعزول ليس من طراز الرجال الذين يبنون عروش عظمتهم على أشلاء الفتن والثورات الهدّامة،
وإنما هو من أولئك الرجال الذين خلقوا للبناء والتشييد،
فإن أرادتهم الحياة على هدم ما بنوا تساموا بأنفسهم أن يذلها الغرور المفتون.
ورحل خالد إلى المدينة فقدمها حتى لقي أمير المؤمنين،
فقال عمر متمثلاً:
صنعت فلم يصنع كصنعك صانع
وما يصنع الأقوام فالله يَصنعُ
وقال خالد لعمر:
لقد شكوتك إلى المسلمين،
وبالله إنك في أمري غير مُجمل يا عمر،
فقال عمر: من أين هذا الثراء؟
قال:
من الأنفال والسُّهمان،
ما زاد على الستين ألفاً فلك،
فقوم عمر عروضه فخرجت إليه عشرون ألفاً،
فأدخلها بيت المال.
ثم قال:
يا خالد،
والله إنك علي لكريم،
وإنك إلي لحبيب،
ولن تعاتبني بعد اليوم على شيء،
وكتب عمر إلى الأمصار:
إني لم أعزل خالداً عن سُخطة ولا خيانة،
ولكن الناس فتنوا به،
فخفت أن يوكلوا إليه ويبتلوا به،
فأحببت أن يعلموا أن الله هو الصانع،
وألا يكونوا بعرض فتنة.
==
من كتاب *سيرة عمر بن الخطّاب رضي الله عنه* للدكتور عليّ محمد الصلّابي، المنشور رقم (132)
نشر يومي لسيرة الخليفة الراشدي الثاني الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه
للانضمام للمجموعة اختر أحد الروابط التالية:
https://chat.whatsapp.com/GduSL0NjsseFhjueD80tpX
أو
https://chat.whatsapp.com/GFImdww1zYT7MgsW14VNM8
أو
https://chat.whatsapp.com/IdWd3J8AwnP7KIpmOAiedK
أو
https://chat.whatsapp.com/JbnSq0m24tmDrrjrBWmSyd
أو
https://chat.whatsapp.com/DolQRI1SjemLQVPEY9mRx7
أو
https://chat.whatsapp.com/D4bNFgaa8GMEgMl1EHKPJf
أو
https://chat.whatsapp.com/DwoxUj75eln6W3B1mgnUE7
أو
https://chat.whatsapp.com/Ky1x1gFtZYM8KZDxjBNc6D
أو
https://chat.whatsapp.com/Kswux5421cyDSXV6Yw3NCi
أو
https://chat.whatsapp.com/C0ptr8jhQLJH4qJOObyeeZ
شارك هذه المجموعة أو شارك ما ينشر فيها
وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى.