
سيرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه
June 10, 2025 at 05:41 PM
https://whatsapp.com/channel/0029VaIezKI6GcG8U9yaqJ1h
قناتنا على تلغرام https://t.me/omarsira
صفحتنا على فيسبوك:
https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=pfbid02xmKPe28ys4nGJx3SWAHRDXL5XiHKR8WbNkaLXq17aWyvwpP3syZ13gDNAMnVMufvl&id=100093426769453&__cft__[0]=AZVC1EBnnPPB1LrZL68m7bE2sudxBgebI6CBY9muDypDx-KIhU8H85zLt3JCzQbzqb2PFyZepzlUEKwzxRAdXDhhEK0eF96c4150-r
نتابع مع *خلافة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه*
نتابع مع *فتوحات العراق والمشرق في عهد الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه*
نتابع مع فتوحات العراق والمشرق في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه
5- *عمليات الأسواق*:
استقام الأمر للمسلمين بعد معركة البويب، وانقاد لهم السواد،
وأخذ المثنى يجول هنا وهناك:
وزّع القواد وأذكى المسالح،
وأغار على تجمعات الفرس والعرب،
وكان من هذه الغارات غارته على *الخنافس*،
وهي سوق يتوافد إليها الناس،
ويجتمع بها ربيعة ومضر يخفرونهم،
فأغار عليها وانتسف السوق وما فيها وسلب الخضراء،
ثم سار مسرعاً حتى طرق *دهاقين الأنبار* في أول النهار من نفس اليوم وهو يقول:
صبحنا بالخنافس جمع بكر
وحيا من قضاعة غير مِيلِ
بفتيان الوغى من كل حيٍّ
تباري في الحوادث كل جيل
أبحنا دارهم والخيل تُرْدي
بكل سَمْيْدَع سامي التليل
نسفنا سوقهم والخيل رودُ
من التطواف والشر البخيل
واستعان بدهاقين الأنبار، وأخذ منهم أدلاء،
ورتب خطة لكسح سوق بغداد،
وعبر دجلة وطلع على بغداد وسوقها مع أول ضوء النهار،
فوضع فيهم السيف وقتل منهم وأخذ أصحابه ما شاؤوا،
وكان أمر المثنى لهم: لا تأخذوا إلا الذهب والفضة،
ولا تأخذوا من المتاع لا ما يقدر الرجل منكم على حمله على دابته،
وهرب أهل الأسواق وملأ المسلمون أيديهم من الذهب والفضة والحُرُّ من كل شيء.
ثم كروا راجعين،
حتى إذا كانوا بنهر السبلحين، على حوالي خمسة وثلاثين كيلو متراً من بغداد نزل وقال:
أيها الناس انزلوا وقضّوا أوطاركم وتأهبوا للسير،
واحمدوا الله وسلوه العافية ثم انكشفوا قبيضاً (مسرعين)، ففعلوا،
لقد قطعوا نحواً من ستين كيلو متراً على ظهور الخيل تخللها غارة،
كل ذلك في مرحلة واحدة منذ قاموا في آخر الليل إلى بغداد حتى عادوا،
ورأى المثنى أنهم في حاجة إلى استراحة، وكذلك خيلهم،
وكان المسلمون يدركون عمق ما أوغلوا،
وبينما المثنى يمر بينهم إذ سمع همساً،
قال قائل منهم: ما أسرع القوم في طلبنا.
فقال المثنى:
تناجوا بالبر والتقوى ولا تتناجوا بالإثم والعدوان ..
انظروا في الأمور وقدروها (احسبوها) ثم تكلموا ..
إنه لم يبلغ التدبر مدينتهم بعد،
ولو بلغهم لحال الرعب بينهم وبين طلبكم.
إن للغارات روعات تنتشر عليها يوماً إلى الليل،
ولو طلبكم المحامون من رأي العين ما أدركوكم وأنتم على الجياد الغراب (الخيل الأصلية) وهم على المقاريف (الخيل الفاسدة)،
البِطاء حتى تنتهوا إلى عسكركم وجماعتكم،
ولو أدركوكم لقاتلتهم لاثنتين، التماس الأجر، ورجاء النصر،
فثقوا بالله وأحسنوا به الظن،
فقد نصركم الله في مواطن كثيرة وهم أعدُّ منكم (أكثر عدداً) وسأخبركم عني وعن انكماشي (جدي وسرعتي في الطلب)، والذي أريد بذلك.
إن خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر أوصانا أن نقلل العْرجة (الإقامة) ونسرع الكرة في الغارات، ونسرع في غير ذلك الأوبة (الإياب).
هذا فهم المثنى للحروب والقتال،
فقد كان يتحرك على حساب محسوب وتخطيط مرسوم وإيمان عميق،
فكل معركة تضيف إليه دراية وتجربة وعلماً ومعرفة،
وهي تكشف لنا عن عبقرية الصديق الحربية النادرة التي تتلمذ المثنى عليها أفاد منها رغم أنه لم يلقه إلا أقل من القليل.
نهض المثنى وأمرهم بالركوب،
وأقبل بهم ومعهم أدلاؤهم يقطعون بهم الصحارى والأنهار حتى انتهى بهم إلى الأنبار،
فاستقبلهم الدهاقين بالإكرام واستبشروا بسلامته،
وكان وعدهم الإحسان إليهم إذا استقام لهم من أمرهم ما يحبون،
وقال أحدهم:
وللمثنى بالعَال معركة
شاهدها من قبيلة بَشَرُ
كتيبة أفزعت بوقعتها
كسرى وكاد الإيوان ينفطر
وشُجِّع المسلمون إذْ حَذروا
وفي صروف التجارب العِبَرُ
سَهَّل نهج السبيل فاقتفروا
آثاره والأمور تقتفر
ووسع المثنى غارته على شمال العرق حتى شمل من أقصى شماله إلى أقصى جنوبه،
فأرسل غارته على الكباث، وكان أهله كلهم من بني تغلب،
فأخلوه وارفضّوا عنه،
وتبعهم المسلمون يركبون آثارهم،
وأدركوا أخرياتهم، وقتلوا وأكثروا،
وأرسل غارة على أحياء من تغلب والنمر بصفّين.
وكان المثنى بن حارثة سيد هذه الغارات كلها بعد البويب،
وكان على مقدمته حذيفة بن محصن الغلفاني
وعلى مجنبَّته النعمان بن عوف بن النعمان ومطر الشيبانيان
وقد حدث في إحدى غارات المثنى أن أدركت قواته مجموعات من الأعداء بتكريت يخوضون الماء، فأصابوا ما شاءوا من النعم،
حتى أصاب الرجل خمساً من النعم، وخمساً من السبي، وخمس المال،
وجاء به حتى ينزل على الناس بالأنبار.
وعاد المثنى إلى الأنبار،
فبعث فرات بن حيان وعتيبى بن النهاس إلى صفّين،
وأمرهما بالغارة على أحياء العرب من تغلب والنمر –
ثم استخلف على الأنبار والتي اتخذها قاعدة متقدمة – عمرو بن أبي سلمى الهجيمي واتبعهما.
فلما اقتربوا من صفّين افترق المثنى عن فرات وعتيبة،
وفر أهل صفين، فعبروا الفرات إلى الجزيرة وتحصنوا بها،
وكانوا من قبائل النمر وتغلب متساندين،
فاتبعهم فرات وعتيبة حتى رموا بطائفة منهم في الماء،
فكانوا ينادونهم (الغرق الغرق)،
وكان عتيبة وفرات يحضان الناس ويحرضانهم ويقولان (تغريق بتحريق) يذكرانهم يوماً من أيام الجاهلية أحرقوا فيه قوماً من بكر بن وائل في غيضة من الغياض،
ثم رجعوا إلى المثنى وقد أغرقوهم في الفرات،
وبلغ خبر ذلك إلى عمر بالمدينة،
فقد كانت له عيون في كل جيش تكتب له،
فطلب فرأت بن حيان وعتيبة إلى المدينة وأجرى معهما تحقيقاً في هذا،
فأخبراه أنهما قالا ذلك على وجه أنه مَثَلٌ، ولم يفعلاه على وجه طلب ثأر الجاهلية،
فاستحلفهما فحلفا أنهما ما أرادا بذلك إلا المثل وإعزاز الإسلام،
فصدقهما عمر وردهما إلى العراق،
فرجعا إليه مع حملة سعد بن أبي وقاص،
فقد كان الفاروق حريصاً على صيانة أخلاق الرعية وحياطتها من تسرب الفساد إليها.
لقد استغل المثنى النصر الرائع الذي أحرزه المسلمون يوم البويب،
وشن غارات منظمة على أسواق شما ل العراق،
وطبق مبدأ مطاردة الأعداء،
وقد استطاع بعد توفيق الله ثم بما أعطاه الله من صفات القائد العسكري أن ينفذه في قوة وعمق بلغ حوالي أربعمائة كيلو متراً أو يزيد شمالاً،
خلاف ما تبحبحوا به شرقاً وجنوباً وغرباً على امتداد ذلك الخط،
وقد طبق المثنى استراتيجية وتكتيكات الحرب الخاطفة في عملياته تلك،
ولا شك أن هذه العمليات قد وجهت إلى السلطة الفارسية الحاكمة في المدائن أكبر إهانة أمام شعبها،
وأضعفت الثقة في قدرتها على القيام بالدفاع ضد هجمات قوم كان الفرس حتى وقتها ينظرون إليهم نظرة ملؤها الإهانة والازدراء.
6- *رد فعل الفرس على الهزائم التي تعرضوا لها في العراق والمشرق*:
لم تكن أحداث كالتي وقعت لتمر دون أن يكون لها رد فعلٍ في الدوائر الحاكمة في فارس،
واجتمع ساداتهم وقالوا لرستم ولفيرزان:
أين يذهب بكما الاختلاف حتى وهنتما أهل فارس وأطمعتما فيهم عدوهم،
والله ما جر هذا الوهن علينا غيركم يا معشر القواد،
لقد فرقتم بين أهل فارس وثبطتموهم عن عدوهم،
إنه لم يبلغ من خطركما أن يقركما فارس على هذا الرأي وأن تعرضها للهلكة،
ما تنظرون والله إلا أن ينزل بنا ونهلك،
ما بعد بغداد وساباط وتكريت إلا المدائن،
والله لتجتمعان أو لنبدأن بكما قبل أن يشمت بنا شامت،
والله لولا أن في قتلكم هلاكنا لعجلنا لكم القتل الساعة،
ولئن لم تنتهوا لنهلكنكم ثم نهلك وقد اشتفينا منكم.
وبعد ذلك ذهب رستم وفيرزان إلى بوران فقالا لها:
اكتبي إلى نساء كسرى وسراريه ونساء آل كسرى وسراريهم،
ففعلت وأخرجت لهم ذلك في كتاب،
فأرسلوا في طلبهن فأتوا بهن جميعاً
فسلموهن إلى رجال يعذبونهن ويستدلونهن على ذكر من أبناء كسرى،
فلم يوجد عندهن منهم أحد،
ولكن إحداهن ذكرت
أنه لم يبق إلا غلام يدعى *يزدجرد*
من ولد شهر يار بن كسرى
وأمه من أهل بادوريا،
فأرسلوا إليها وأخذوها به يطلبونه منها،
وكانت حين جمعهن عمه شيرويه في القصر الأبيض
وقتل ذكور آل كسرى
وهم وإخوته السبعة عشر حتى لا ينافسه أحد على عرش فارس،
قد هربته وأخفته عند أخواله في إصطخر،
وكان شيرويه قد قتل فيمن قتل:
أخاه شهريار بن كسرى برويز من زوجته المفضلة شيرين
وهو والد يزدجرد هذا،
فضغطوا على أم يزدجرد فدلتهم عليه،
فأرسلوا إليه
فجاؤوا به باعتباره الذكر الوحيد الباقي من بني ساسان،
فملَّكوه وهو ابن إحدى وعشرين سنة،
واجتمعوا عليه،
واطمأن جميع الفرس لذلك،
فتباروا في طاعته ومعونته،
ورأوا في ذلك مخرجاً مما كانوا فيه،
وبدأ *يزدجرد الثالث* يزاول سلطاته بمعونة رستم وفيرزان،
فجدد المسالح والثغور التي كانت لكسرى،
وخصص جنداً لكل مسلحة،
فسمّى جند الحيرة والأنبار وجند الأبلة.
7- *توجيهات الفاروق للمثنى*:
بلغت المثنى أخبار تحركات يزدجرد الثالث،
وكانت عيونه تأتيه بتفاصيلها،
فكتب بها وبما يتوقع من هجوم مضاد قوي إلى عمر رضي الله عنه،
وصدق تقدير المثنى،
فلم يصل كتابه إلى عمر
حتى كفر أهل السواد وانتقضوا وتنكروا للمسلمين،
من كان له منهم عهد ومن لم يكن له،
وعاجلهم الفرس،
فزاحفوهم مع ثورة أهل الذمة،
فلما رأى المثنى ذلك
كان يدرك أنه أحرز من التقدم والاكتساح أكثر مما تسمح قوته بالاحتفاظ به،
ومن شأن هذا ألا يدوم،
فخرج في حاميته حتى نزل بذي قار،
وأنزل الناس بالطف في عسكر واحد،
وكان عمر رضي الله عنه أكثر حذراً فجاءهم كتابه:
أما بعد،
فاخرجوا من بين ظهراني الأعاجم،
وتنحوا إلى البر،
وتفرقوا في المياه التي تلي الأعاجم على حدود أرضكم وأرضهم،
ولا تدعوا في ربيعة أحداً،
ولا مضر ولا حلفائهم أحداً من أهل النجدات،
ولا فارساً إلا اجتلبتموه،
*فإن جاء طائعاً وإلا حشرتموه*،
احملوا العرب على الجد إذ جد العجم،
فلتلقوا جدهم بجدكم،
وأقم منهم قريباً على حدود أرضك وأرضهم
حتى يأتيك أمري.
ونزل المثنى بذي قار،
ووزع المسلمين بالجُل وشراف إلى غُضَي،
وفرّق القوات في المياه من أول صحراء العراق إلى آخرها،
من غضي إلى القطقطانة
مسالح ينظر بعضهم إلى بعض
ويغيث بعضهم بعضاً إن حدث شيء،
في حالة ترقب وانتظار لحشد جديد،
بينما عادت مسالح كسرى وثغوره
واستقر أمر فارس وهم متهيبون مشفقون،
والمسلمون متدفقون في ضراوة كالأسد ينازع فريسته ثم يعاود الكر،
وأمراؤه يكفكفونهم عملاً بكتاب عمر وانتظاراً للمدد،
كان ذلك في أواخر ذي القعدة 13هـ يناير 635م،
وقال عمر:
والله لأضربن ملوك العجم بملوك العرب.
ثم كان أول ما عمل أن كتب إلى عماله على الكور والقبائل،
وذلك في ذي الحجة مع مخرج الحجاج إلى الحج،
فجاءته أوائل القبائل التي طرقها على مكة والمدينة،
ومن كان على طريق العراق وهو إلى المدينة أقرب،
توافوا إليه بالمدينة مع رجوع الحج
وأخبروه عمن وراءهم أنهم يجدون أثرهم،
أما من كان إلى العراق أقرب فقد لحقوا بالمثنى،
فلم يدع عمر رئيساً
ولا ذا رأي
ولا ذا شرف
ولا ذا سطوة
ولا خطيباً
ولا شاعراً
إلا رماهم به،
فرماهم بوجوه الناس وغررهم.
==
من كتاب *سيرة عمر بن الخطّاب رضي الله عنه* للدكتور عليّ محمد الصلّابي، المنشور رقم (138)
نشر يومي لسيرة الخليفة الراشدي الثاني الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه
للانضمام للمجموعة اختر أحد الروابط التالية:
https://chat.whatsapp.com/DwoxUj75eln6W3B1mgnUE7
أو
https://chat.whatsapp.com/Ky1x1gFtZYM8KZDxjBNc6D
أو
https://chat.whatsapp.com/Kswux5421cyDSXV6Yw3NCi
أو
https://chat.whatsapp.com/C0ptr8jhQLJH4qJOObyeeZ
أو
https://chat.whatsapp.com/GduSL0NjsseFhjueD80tpX
أو
https://chat.whatsapp.com/GFImdww1zYT7MgsW14VNM8
أو
https://chat.whatsapp.com/IdWd3J8AwnP7KIpmOAiedK
أو
https://chat.whatsapp.com/JbnSq0m24tmDrrjrBWmSyd
أو
https://chat.whatsapp.com/DolQRI1SjemLQVPEY9mRx7
أو
https://chat.whatsapp.com/D4bNFgaa8GMEgMl1EHKPJf
شارك هذه المجموعة أو شارك ما ينشر فيها
وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى.
😢
1