
روايات كوكب السكر
June 12, 2025 at 05:32 PM
الفصل الرابع
$$$$$$$$$
بقلمي / فريده الحلواني
في بعض الأحيان تتوقف عقولنا عن العمل خاصة اذا كان الأمر يخص من أحببنا
و هذا ما حدث لذاك العاشق البائس
عندما علم أن حبيبته ستعرض حالها للخطر
انتفض قلبه فزعا و قرر الذهاب إليها رغم خطورة الأمر و صعوبته
رافقه صالح الذي كان يقود السيارة وسط طرقات وعره بسرعة فائقة حتى يصل قبل بدء تنفيذ إحدى العمليات الفدائية و التي قررت هدنة أن تشارك فيها رغم صعوبتها
كان يجلس فوق صفيح ساخن ..يتمنى أن تنبت له أجنحة كي يطير و يصل إليها في أسرع وقت
لكن ....هو إنسان لا يستطع ذلك و قلبه العاشق ينبض بوجع و خوف لم يشهده من قبل
وصلوا إلى المكان السري الذي تجمع داخله سبع رجال من المناضلين معهم تلك العنيدة الأبية
بمجرد أن رأته كاد قلبها أن يتوقف من شدة خفقانه لكنها تظاهرت بالجمود
رحب به الرجال بحرارة
و قال أحدهم: أحمد بيه بنفسه هون ...نظر لصالح ثم أكمل : هو راح يشارك معنا
رد أحمد بدلا عنه و هو ينظر لها بغضب جم : أيوه....جاي أشارك في العملية ....أنا حافظ النايت كلاب ده كويس جدا و ليا ناس هناك
ابتسمت بجانب فمها حينما أكمل: الآنسة ملهاش لازمة معانا
ردت عليه بغيظ كبير: ما حدا إله حق يمنعني إني أشارك بالعملية... أنا اللي خططت إلها، وأنا اللي راح أنفذها
رد عليها بغل: و أنا بقولك ملكيش لازمة لو حصل حاجة لا قدر الله وجودك هيعطلنا
تدخل خليل في الحديث دون أن يعي حرب العيون الدائرة بينهم : هدنة زيها زي أي زلمة هون، وبالعكس وجودها معنا بيفيدنا بأي عملية بنقوم فيها
نظر أحمد لصالح الذي التزم الصمت ثم قال: ما تقول حاجة يا صالح
رد عليه بيأس: مش عارف شو أحكي، هدنة مش راح ترجع عن اللي براسها مهما عملنا
هنا ...جن جنونه و لم يهتم بمن حوله ...في لحظة كان يمسك كفها و يسحبها معه للخارج
صاحت بغل: لوين تاخذني؟ انت جنّيت؟
لم يرد عليها بينما باقي الرجال أرادوا التدخل إلا أن نظرة صالح المحذرة منعتهم من ذلك
دلف بها إلى إحدى الغرف الفارغة ...أغلق الباب بقوة جعلت جسدها ينتفض
نظر لها بغل يغلفه العشق و الاشتياق ثم قال بغضب: إنتي عايزة إيه هااااا...عايزة تموتي نفسك
ردت عليه بقوة: اسمها إنها تستشهد، وهاد شرف إلي ولكل فلسطيني
انقبض قلبه بجنون فقال : إنتي ليه أنانية ...أهلك ملهومش غيرك بعد ما اخواتك سابوكم ...واحد انضم للمقاومة و التاني ساب البلد و هاجر
هيعملوا إيه لو جرالك حاجة
نظر لها بعيون تصرخ وجع ثم أكمل: و أنا ...أنا هعمل إيه لو جرالك حاجة ...مش عارفة إني هموت بعدك
تطلعت له بعيون دامعة حاربت نفسها كي لا تفرج عن دموعها التي تهدد بالانهمار ثم قالت بقهر و عتاب: ما حدا بيموت عشان حدا... إنت اختفيت زمان، سنة كاملة عشت فيها حياتك من غير ما تعرف عني إشي... والنتيجة شو كانت؟
لما فكرت إنك لساتك بتفكر بوحدة وعدتها بحبك، جيت، بس للأسف ما لقيتها
ما لقيت البنت الصغيرة اللي سلمتك قلبها من غير تفكير
لقيتها صارت لحدا غيرك
اااااخرسي ...هكذا صرخ بقهر حينما نطقت تلك الكلمة التي كانت مثل سكين سام غرز في صدره
نظر لها بوجع ثم قال: وعدتك و كنت قد وعدي...قولتلك مليون مرة كان غصب عني ...طلعت مهمة فجأة و معرفتش أتواصل معاكي حاولت يعلم ربنا إن حاولت كتير و معرفتش
المكان الي كنت فيه استحالة كنت أقدر أكلم حد حتى أهلي
رجعت ..رجعت بعد ما خلصت مهمتي في وقت أقل بكتير مالي كان مفروض
رجعت و أنا عارف إنك مستنية حبيبك ...رجعت عشان أتجوزك و آخدك معايا
رجعت و أنا بحلم بولادي منك
مكنتش أعرف إن الي حبيتها باعتني...مكنتش أعرف إن قلبي هان عليها
مكنتش أعرف إن الثقة بينا معدومة
هنا ...بكت ...عادت لها روح الأنثى التي تحاول دفنها
لكن بقهر ...بضعف ...بعذاب
نظرت له بلوم ثم قالت من بين دموعها المنهمرة: ما بعتك، والله العظيم استنيتك... خلقتلك ألف عذر
ولما الكلب هاد اتقدملّي، رفضت... الله أعلم شو عملت عشان أرفض
بس إخوتي أصرّوا
قلت خطوبة وممكن أترك... اتفاجأت إنهم كتبوا الكتاب
ما عرفت شو أعمل
كل إشي صار بسرعة
كنت أموت كل يوم ألف مرة بس لأنه اتكتب اسمي جنب اسم حدا غيرك
كان وجعي وجعين... وجع زواجي من واحد غيرك
ووجع قلبي اللي فكر إنك ضحكت عليه
بعدها قررت ما أكون ضعيفة... قررت ما أخلي حدا يتحكم فيي
نزلت واشتغلت وانضمّيت للمقاومة مع أخوي
تعلمت القوة... تعلمت الصبر والصمود، صرت وحدة تانية غير هدنة اللي عرفتها يا أحمد
بحمد الله إني فكرت بها الشكل... لو ما عملت هيك، ما كنت عرفت بخيانته لبلده وشغله مع الصهاينة
بس غبائي إني واجهته
بكت بقهر و هي تكمل: وقتها طعنّي بسكّين الغدر... طعنّي في بطني
أحمد الله إنه إيده ارتعشت لما سمع صوت أقدام قريبة منّا
هرب الكلب، ومن وقتها ما قدرنا نوصله
وقت رجعت، ما قدرت أحكيلك إشي... كنت موجوعة وما كنت قادرة أصدق منك كلمة
لو لا صالح ونضال... حكوا معي وقالولي إنك كنت حاكيهم عن قصتنا
بس بعد فوات الأوان
زعلوا كتير، لأنه وقت كتب الكتاب اللي تم بأسبوع، كانوا بمهمة وما عرفوا غير لما رجعوا
مين فينا تعذّب أكتر؟ قولي... إنت اللي ممكن تلاقي بدل البنت ألف
تعيش حياتك وتنسى هدنة، زي ما أرضها منسية من الكل
ولا أنا اللي انكتب عليّ أعيش باقي عمري على اسم واحد خاين، الله وحده بعرف وين أراضيه
اقترب منها قليلا ثم قال بنبرة تقطر عشقا رغم وجعه: و لا عيني شافت غيرك و لا قلبي قدر يعشق غيرك ...انتي بكل بنات الأرض يا هدنة
أوعدك هلاقيه ...هخلصك منه و هيدفع تمن خيانته لبلده و خطفه ليكي
وقتها ...مفيش قوة على الأرض هتمنعني عنك
نظرت له برجاء ثم قالت: مصدقة وعدك.. بس إلي رجاء
تطلع لها باهتمام فأكملت: راح أقتله بإيدي... أنا اللي راح آخد بثأري وثأر بلدي منه... أرجوك
ابتسم بحنو ثم قال: أوعدك هتقتليه بإيدك ....رسم الجدية على محياه ثم أكمل: دلوقت هترجعي بيتك زي الشاطرة و أول ما نخلص هكلمك
لبست ثوب القوة و النضال مرة أخرى ثم قالت بحسم: مش راح يصير... أنا جاية معكم... ارجع من وين ما جيت، هاي قضيتنا وإحنا اللي بندافع عنها بأرواحنا
تلبسته حالة من الجنون حينما طرق بكفه فوق الحائط و هو يقول بغل: اسمعي الكلام ....مش هتروحي حتى لو العملية كلها اتلغت...و ده آخر كلام عندي سااامعه
انتفض جسدها من شدة الخوف ...تعلمه جيدا لن يتركها تفعل ما تريد مهما كلفه الأمر
و تلك العملية الفدائية مهمة جدا بالنسبة لهم ...لذا ستتخلى عن عنادها من أجل إتمامها
هكذا أقنعت حالها و هي تقول باهتزاز: تمام... بس مش لأني خايفة منك على فكرة
لأن العملية هاي مهمة كتير
ربنا يرجعكم منصورين
ابتسم بعشق ثم قال: هرجعلك يا حبيبي ...إن شاء الله
*****
تحرك أحمد مع ثلاث رجال بعد أن اطمأن عليها داخل منزلها
إرتدوا زي عمال نظافة و التفوا حول إحدى الحانات المنتشرة في تل أبيب
اثنان منهم دلفوا للداخل مثل رواد المكان
أما صالح و معه خليل فقد جلسوا داخل سيارة نقل بضائع بالقرب من المكان في انتظار عودة الباقي إليهم منتصرين بإذن الله
زحام شديد بالداخل ...أشباه رجال ترقص مع عاهرات... عقول مغيبة بسبب احتسائهم الخمور
لكن وسط كل هذا يجلس عدد من رجال الأمن الإسرائيلي يراقبون الجميع خوفا من اندساس بعض رجال المقاومة و قتل أحدهم
نعم يا سادة هذه حياتهم رغم ادعائهم القوة و امتلاكهم أحدث الأسلحة إلا أنهم جبناء ...حياتهم أهم من أي شيء آخر
لا يملكون قضية و لا وطن ليدافعوا عنه
حياتهم أهم من كل تلك الشعارات الزائفة
راقب الرجلان ثلاث شباب صهاينة قد ثملوا من كثرة احتساء الخمور
اتجهوا نحو المرحاض الذي يبعد عن الزخم نوعا ما
على الفور قام أحدهم بالتحدث عبر السماعة المخفية داخل أذنه قائلا: في تلاته ...يلا اجهزوا ...و فقط مثلوا السكر و اتجهوا أيضا نحو المرحاض
بالخارج من الجهة الخلفية ...كان أحمد و من معه ما زالوا بعيدين عن محيط المكان و بمجرد أن سمع تلك الكلمات
قام بالتحدث مع أحد رجاله بالداخل قائلا بأمر: عطل الكاميرات يلا ..هنتحرك حالا
في بضع ثوان كانت كاميرات المراقبة تتوقف على مشهد المكان الفارغ ....تحرك أحمد و من معه ثم وقفوا أسفل النافذة
أما بالداخل ...بسرعة البرق كان الرجلان يضربون الثلاث شباب فوق رؤوسهم بقوة بعد أن رشوا أمام وجوههم بعض المخدر لكن حينما وجدوا أحدهم سيصرخ باستغاثة اضطروا لضربهم
أحدهم بدأ بإلقاء الشباب واحد تلو الآخر من النافذة ... أما الآخر أخذ ينظف قطرات الدم من فوق الأرض ليخفي أي أثر لهم
بالخارج ...وضعوا كل شاب داخل صندوق قمامة ثم انطلقوا كلاً منهم في اتجاه مغاير للآخر و في الأخير تجمعوا عند النقطة المتفق عليها
عربة النقل خاصة صالح
إنتهى الرجلان من تنظيف المكان جيدا ثم خرجوا من المرحاض بشكل طبيعي ...ألقى أحدهم نظرة على رجال الأمن الذي يعرفهم جيدا
وجدهم لاحظوا غياب الشباب و بدأوا يتحركون من أماكنهم
حاولوا التحرك بشكل طبيعي و بمجرد أن وصلوا إلى الباب الخارجي في نفس اللحظة التي وصل فيها رجال الأمن إلى المرحاض خرجوا سريعا و هنا....أطلق كل واحد منهم ساقه للريح
يهرولون بأقصى سرعة حتى يبتعدوا عن المكان بقدر الإمكان
يعلمون أماكن الكاميرات المنتشرة في الشوارع جيدا
لذا رغم خوفهم الداخلي إلا أنهم كانوا يركزون جيدا في اتجاه وجوههم حتى لا تظهر في أي كاميرا مستغلين الشعر المستعار الذي ارتدوه كنوع من التمويه
وضع أحمد و من معه الصناديق المحملة بالحقراء ثم صعدوا معهم بالخلف
أغلقوا الباب جيدا ثم طرق أحمد على جانب السيارة الأمامي و قال بصوت عال نسبيا : اطلع بسرعة
*****
وصل قاسم إلى أقصى درجات غضبه بعدما أصر على نضال أن يخبره كل شيء
الخوف ينهش قلبه ...يعلم جيدا أن العاشق حينما يكون الأمر خاص بحبيبته وقتها يتوقف العقل عن العمل
نظر له سلمان ثم قال : إهدا يا قاسم، إن شاء الله خير... أحمد مش سهل وأكيد خابر شنو بيسوي
صرخ قاسم بجنون: ده لما يكون عقله شغال ...إنما دلوقت قلبه الي بيحركه و ده غلط
أقل حركه ممكن تضيعه و تضيع الي معاه
و احنا قاعدين هنا مش عارفين حاجة ...طب و بعدين أنا مش هقدر أصبر أكتر من كده
رد عليه نضال بتعقل: الشباب راح يتواصلوا معنا أول ما تنجح إن شاء الله
اطمن يا قاسم، الخبر الشين بيوصل قبل الزين
سلمان: إن شاء الله يرجعوا بألف سلامة ومعهم الكلاب
نضال بغل: إحنا خططنا نخطف أسير واحد، بس لو زاد، بيكون خير
قاسم بعدم فهم: بس ولاد الكلب دول مش هيسكتوا و هيقبلوا الدنيا
ده غير إنهم هيستغلوا الي حصل و هيعملوا غارات غير طبعا إعلانهم في كل القنوات إنكم انتوا الي ولاد ستين كلب و بتخطفوا المواطنين العزل
ضحك نضال بغلب ثم قال: عمليات الخطف بتصير دايمًا من وقت للتاني
لكن ميقدروش يعلنوا عنها إلا لو المقاومة بس ما بيقدروا يعلنوا عنها إلا إذا المقاومة أعلنت
بيخافوا على صورتهم قدام العالم
كل اللي بيعملوه إذا إحنا ما أعلنّا، إنهم بيبدؤوا بحملة اعتقالات واسعة
سلمان : يعني بيقَبْضوا على خَلق ما لهم جَريرة
نضال : اتعودنا على هيك... ما في حدا بيزعل من ها الشي
وبعدين إحنا بنرجع ونتفاوض معهم بالسر، مقابل كل أسير بنطلع منه عشرة من أسرانا، وكل هاد ما حدا بعرف فيه
*****
كانت تجلس على جمر ملتهب ...تكاد تجن من شدة القلق و الخوف
دلفت عليها سميرة و قالت برفق: أول مرة بشوفك خايفة هيك
وليش رجعتي؟ ليش ما انضمّيتي إلهم؟
نظرت لها بهم ثم قصت عليها كل ما حدث
ارتمت بين زراعي أمها ثم قالت بحزن : كنت مشتاقة له كتير يا ماما
ما سلّم علي بإيديه
وقف بعيد عني... خاف يقرب
كنت نفسي أشتكيله عن كل وجعي..... بس احترمت المسافة والحدود اللي حاطها بينا... أنا بحبه كتير يا ماما
ضمتها الأم بحنو ثم قالت: لأنه رجال عن جد... مهما كانت ظروف زواجك، راح تظلي مكتوبة على اسم غيره
خاف الله عليكِ وعليه... من يوم ما فتحتيلي قلبك، وأنا بدعي بكل صلاة، ربنا يخلصك من الكلب الخاين ويجمعك بحبيبك ع خير
تنهدت بهم ثم قالت: يا رب... يا رب يا ماما، ادعيلي
*****
بينما كانت السيارة تشق الجبال حتى تهرب من أي كمائن وضعتها قوات الإحتلال ...توقف صالح فجأة حتى كادت السيارة أن تنقلب بهم
انقبض قلب أحمد و قام بالهبوط سريعا ثم .....
$$$$$$$$$$
❤️
👍
343