تجليات
تجليات
June 12, 2025 at 01:45 PM
الحبيب علي الجفري نشر على تويتر:- ‏الحمد لله دأب بعض إخوتنا المُتَسلِّفة وبعض إخوتنا من الحركيين الإسلاميين على استحلال الكذب على من يخالفهم لإسقاطه، وهو في الأصل مذهب الباطنية. ومن ذلك هذا المنشور الذي ادّعى كاتبه، كذبًا وزورًا، أن الفقير إلى الله يجيز السجود إلى القبور والعياذ بالله تعالى. بينما كان الحديث الذي اجتزأه يشرح الفرق بين السجود على نية العبادة، وبذله لغير الله تعالى شركٌ أكبر، والسجود على نيّة التحية والتشريف، وهذا حرام في شريعتنا كما نص الحديث الصحيح على تحريمه، حلالٌ في شريعة من سبقنا كما سجد سيدنا يعقوب عليه السلام وزوجه وأبنائه لسيدنا يوسف عليه السلام. وأهمية بيان الفرق بين الحالين هو حفظ حرمة المسلمين من إكفارهم ورميهم بالشرك، إذا ارتكبوا محرمًا عن جهالة. وهو ما حرص الإمام الحافظ الذهبي على التنبيه عليه بقوله في المجلد الأول من مُعجم الشيوخ: "ألا ترى الصحابة من فرط حبهم للنبي صلى الله عليه وسلم قالوا : ألا نسجد لك ؟ فقال : لا ، فلو أذن لهم لسجدوا له سجود إجلال وتوقير ، لا سجود عبادة ، كما قد سجد إخوة يوسف عليه السلام ، وكذلك القول في سجود المسلم لقبر النبي صلى الله عليه وسلم على سبيل التعظيم والتبجيل لا يكفر به أصلا ، بل يكون عاصيا فليُعَرَّفْ أن هذا منهيٌ عنه". كما نبّه على هذه المسألة في ترجمة الحسن بن الحسن في سير أعلام النبلاء: "من زاره صلوات الله عليه وأساء أدب الزيارة أو سجد للقبر أو فعل ما لا يشرع فهذا فعل حسنا وسيئا فيُعَلّم برفق، والله غفور رحيم، فوالله ما يحصل الانزعاج لمسلم والصياح وتقبيل الجدران وكثرة البكاء إلا وهو محب لله ولرسوله، فحبه المعيار والفارق بين أهل الجنة وأهل النار". وأخيرًا.. أن تخالف شخصًا في الفهم والرأي فهذا حقك ويُحترم، لكن أن تكذب عليه فهذا اعتراف واضح بفقدك الحُجَّة والأخلاق معًا. رد عليه أحد المتابعين يقول ؛- ‏‎‎‎‎قال ابن مفلح رحمه الله: " قال أحمد في منسكه الذي كتبه للمروذي: إنه يتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في دعائه، وجزم به في المستوعب وغيره، وجعلها شيخنا كمسألة اليمين به" انتهى من "الفروع" (3/ 229). وهو قول مرجوح وليس عليه دليل بل الدليل يخالفه كما فعل عمر بن الخطاب ولم يتوسل بالنبي الحبيب علي الجفري يقول رداً على ذلك:- •┈┈┈┈•✿❁✿•┈┈┈• ‏اولا: ليس بمرجوح بل معتمد الحنابلة، وكتبهم المعتمدة متظافرة على جواز التوسل به صلى الله عليه وآله وسلم وبالصالحين. وانت نقلت عن ابن مفلح وانظر شرح منتهى الإرادات، والمقنع وشروحه، والمبدع، وابن قدامة في موسوعته "المغني" وغيرها من كتب المذهب. قال الإمام أحمد بن حنبل في منسكه الذي كتبه للمروذي: "وسَلْ اللهَ حاجتك متوسلًا إليه بنبيه، صلى الله عليه وسلم، تُقْضَ من الله عز وجل". وأوردها ابن تيمية في الإخنائية، على الرغم من مخالفته للجمهور في المسألة. وقال المرداوي في "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف": "يجوز التوسُّل بالرجل الصالح، على الصحيح من المَذْهَب، وقيل يُسْتَحب، قال الإمام أحمد في مَنْسَكِهِ الذي كتبَهُ لِلْمَرُّوذِيِّ: يتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في دعائِه وجزم به في المُسْتَوعِبِ وغيره". ونفي الدليل عن نصٍ كتبه إمام أهل السنة ومؤسس رابع مذاهبهم بنفسه في منسكه، من معاصر لا يتقن تمييز الراجح من المرجوح؛ فيه تهوّر وجهالة أُعيذك بالله منها. ثانيًا: قصة توسل عمر بالعباس: 1. دليل على التوسل بغيره صلى الله عليه وآله وسلم. 2. الترك لا يفيد تشريعًا إلا بقرينة. 3. اقرأ سبب توسل عمر بالعباس والتي أوردها امير المؤمنين في الحديث في شرحه على البخاري تعلم أن الأمر على الضد من استدلالك. قال الحافظ في الفتح: (أصابَ الناس قَحطٌ في زمنِ عمر ، فجاء رجلٌ إلى قبر النبي صلى اللهُ عليه وسلم فقال: يا رسول اللَّهِ، اسْتَسْقِ لأُمّتِكَ فإنّهم قد هَلَكُوا ، فَأُتِى الرجل في المنام فقيلَ له: " ائْتِ عمر فأقْرِئْهُ السلام، وأخبرْهُ أنّكم مَسقِيُّون وقُل له: عليكَ الكَيْسُ، عليكَ الكَيْسُ"، فأتى عمرَ فأخبرَهُ فَبَكَى عمرُ ثم قال: يا رَبِّ لا آلُو إلا مَا عَجَزْتُ عَنْهُ). أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"، والبخاري في "التاريخ الكبير" مختصرا، والبيهقي في "الدلائل"، وابن عساكر في "تاريخه"، من طريق أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ مَالِكِ الدَّارِ. وسند الواقعة صحيح، صححه ابن كثير، والحافظ رحمه الله في الفتح فقال: " رواه ابن أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ مَالِكٍ الدَّارِ ". وتجهيل الذهبي مالك الدار مردود بتعريف الحافظ له في الإصابة أنه خازن عمر، ثم عثمان، وهذا كاف في الثقة به عدالةً وضبطًا. قال ابن حجر في الإصابة: "مالك بن عياض مولى عمر هو الذي يقال له مالك الدار، له إدراك، وسمع من أبي بكر الصديق وروى عن الشيخين ومعاذ وأبي عبيدة، روى عنه أبو صالح السمان وابناه عون وعبد الله ابنا مالك، وأخرج البخاري في التاريخ من طريق أبي صالح ذكوان عن مالك الدار أن عمر قال في قحوط المطر يا رب لا ءالو إلا ما عجزت عنه، وأخرجه ابن أبي خيثمة من هذا الوجه مطولا قال أصاب الناس قحط في زمن عمر فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله استسق الله لأمتك فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال له ائت عمر فقل له إنكم مستسقون فعليك الكفين قال فبكى عمر وقال يا رب ما ءالوا إلا ما عجزت عنه، وروينا في فوائد داود بن عمرو الضبي جمع البغوي من طريق عبدالرحمن بن سعيد ابن يربوع المخزومي عن مالك الدار قال دعاني عمر بن الخطاب يوما فإذا عنده صرة من ذهب فيها أربعمائة دينار فقال اذهب بهذه إلى أبي عبيدة فذكر قصته، وذكر ابن سعد في الطبقة الأولى من التابعين في أهل المدينة قال روى عن أبي بكر وعمر وكان معروفا، وقال أبو عبيدة ولاه عمر كيلة عيال عمر، فلما قدم عثمان ولاه القسم فسمى مالك الدار، وقال إسماعيل القاضي عن علي بن المديني كان مالك الدار خازنا لعمر". وقال الحافظ الخليلي في كتاب الإرشاد في معرفة المُحدِّثين عن مالك الدار: "تابعي قديم متفق عليه أثنى عليه التابعون". فالرواية صحيحة على خلاف زعم بعض المعاصرين. وتجهيل صاحب القصة لا قيمة له، على فرض ضعف رواية أنه بلال المزني رضي الله عنه، لأن من سمعه تابعي ثقة، والحجة في إقرار عمر الفعل، وفي رد عمر على الرؤيا، وليس في الرؤيا، فلو كانت الاستغاثة به صلى الله عليه وآله وسلم شركًا كما يدّعي المنكر لأنكر عمر عليه فعلته، وهو من هو في صدعه بالحق، ولم يكن جوابه البكاء وقول: "يَا رب لَا آلُو إلا ما عَجزتُ عنه". والقضية ليست في قِسْمَي التوسل، من شاء من العلماء الفتوى بالمنع إن ترجح ذلك عنده فله ذلك، لكن رمي أهل لا إله إلا الله بالشرك الأكبر، وإخراجهم بذلك عن الملة، واستحلال دمائهم كما حصل في واقع العديد من بلاد المسلمين، في أمرٍ قبله سيدنا عمر رضي الله عنه ولم ينكر على فاعله هو الكارثة والفتنة. بوركت.

Comments