
قناة منهج السلف الصالح
June 5, 2025 at 03:01 AM
[فضائل يوم عرفة]
□ عن أنس رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله ﷺ: "*افعلوا الخيرَ دهرَكم وتعرضوا لنفحاتِ رحمةِ اللهِ فإن للهِ نفحاتٍ من رحمتِه يصيبُ بها من يشاءُ من عبادِه وسلوا اللهَ أن يسترَ عوراتِكم وأن يُؤمِّنَ روعاتِكم"*[1]
💡 *هناك فضائلٌ عامة وفضائلٌ خاصّة*
من الفضائل العامة :
▪️الفضيلة الأولى : أنه أحد أيام الأشهُر الحُرُم قال اللَّه تعالىٰ : ( *إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ*) [2]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: *ذو القِعدةِ وذو الحِجَّةِ والمحَرَّمُ ورجبُ مضرُ الَّذي بين جمادَى وشعبانَ [ في قولهِ تعالَى ] { إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ* } [3]
▪️الفضيلة الثانية : أنه أحد أيام العشر من ذي الحجة التي أقسم الله جل جلاله بها ولا يُقسمُ سبحانه إلا بعظيم وجليل ، قال سبحانه : (*وَالْفَجْرِ ، وَلَيَالٍ عَشْرٍ*) [4]
أي: *وأُقسِمُ بلَيالٍ عَشْرٍ، وهي عَشْرُ ذي الحِجَّةِ.* [5]
وقال سبحانه: (*لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ)* [6]
عن ابن عبَّاس رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: *(الأيَّام المعلومات: أيَّامُ العَشرِ «يعني: العَشر الأُوَل من ذي الحجَّة»*[7]
▪️الفضيلة الثالثة : أنه أحد أيام أشهُر الحج التي قال الله تعالى فيها (*الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ)* [8]
أي: *إنَّ وقتَ الحجِّ واقعٌ في أشهُرٍ معلومات، وهي: شوَّال، وذو القَعدة، وعشرٌ من ذي الحجَّة* [9]
▪️الفضيلة الرابعة : أنه أحد الأيام المعلومات التي قال الله تعالى فيها : (*لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ)* [10]
*عن ابنِ عبَّاسٍ قال : الأيامُ المعلوماتُ : أيامُ العَشْرِ، والمعدوداتٌ : أيامُ التشريقِ*.[11]
🕯️من الفضائل الخاصة :
▪️أول الفضائل : أن يوم عرفة أكمل الله فيه الدين وأتم فيه النعمة ، ففي الصحيحين واللفظ للإمام البخاري (*أنَّ رَجُلًا، مِنَ اليَهُودِ قالَ له: يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ، آيَةٌ في كِتَابِكُمْ تَقْرَؤُونَهَا، لو عَلَيْنَا مَعْشَرَ اليَهُودِ نَزَلَتْ، لَاتَّخَذْنَا ذلكَ اليومَ عِيدًا. قالَ: أيُّ آيَةٍ؟ قالَ: {اليومَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وأَتْمَمْتُ علَيْكُم نِعْمَتي ورَضِيتُ لَكُمُ الإسْلَامَ دِينًا}* [المائدة: 3] قالَ عُمَرُ: قدْ عَرَفْنَا ذلكَ اليَومَ، والمَكانَ الذي نَزَلَتْ فيه علَى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وهو قَائِمٌ بعَرَفَةَ يَومَ جُمُعَةٍ). [12]
قال الإمام ابن رجب في اللطائف : وإكمال الدين في ذلك اليوم حصل من وجوه:
منها: *أن المسلمين لم يكونوا حجوا حجة الإسلام بعد فرض الحج قبل ذلك، ولا أحد منهم، هذا قول أكثر العلماء أو كثير منهم، فكمل بذلك دينهم لاستكمالهم عمل أركان الإسلام كلها*
ومنها: *أن الله تعالى أعاد الحج على قواعد إبراهيم عليه السلام، ونفى الشرك وأهله، فلم يختلط بالمسلمين في ذلك الموقف منهم أحد . قال الشعبي : نزلت هذه الآية على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو واقف بعرفة حين وقف موقف إبراهيم، واضمحل الشرك، وهدمت منار الجاهلية، ولم يطف بالبيت عريان . وكذا قال قتادة وغيره . وقد قيل: إنه لم ينزل بعدها تحليل ولا تحريم، قاله أبو بكر بن عياش* .
*وأما إتمام النعمة فإنما حصل بالمغفرة، فلا تتم النعمة بدونها، كما قال لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما* [13]
▪️ثاني الفضائل : أنه يوم مغفرة للذنوب وتجاوز عنها من الملك الغفور الرحيم والعتق من النار ومباهاة الله بأهل الموقف أهل السماء ، عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنه قالت : قال رسول الله ﷺ (*ما مِن يومٍ أَكْثرَ من ، أن يُعْتِقَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ فيهِ ، عبدًا أو أمةً منَ النَّارِ ، مِن يومِ عرفةَ ، وأنَّهُ ليَدنو ، ثمَّ يُباهي بِهِمُ الملائِكَةَ ، ويقولُ : ما أرادَ هؤلاءِ* [14]
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال : *(إنَّ اللهَ يُبَاهِي بأهلِ عرفاتٍ أهلَ السماءِ فيقول : انظروا إلى عبادي جاءُوني شُعْثًا غُبْرًا)*[15]
▪️ثالث الفضائل : أن صيام يوم عرفة كفارة سنتين لمن صامه لله تعالى محتسبًا ، عن أبي قتادة رضي الله عنه *أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ سُئِلَ عن صَوْمِهِ، قالَ: فَغَضِبَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عنْه: رَضِينَا باللَّهِ رَبًّا، وَبالإسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسولًا، وَبِبَيْعَتِنَا بَيْعَةً. قالَ: فَسُئِلَ عن صِيَامِ الدَّهْرِ، فَقالَ: لا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ، أَوْ ما صَامَ وَما أَفْطَرَ. قالَ: فَسُئِلَ عن صَوْمِ يَومَيْنِ وإفْطَارِ يَومٍ، قالَ: وَمَن يُطِيقُ ذلكَ؟! قالَ: وَسُئِلَ عن صَوْمِ يَومٍ وإفْطَارِ يَومَيْنِ، قالَ: لَيْتَ أنَّ اللَّهَ قَوَّانَا لِذلكَ. قالَ: وَسُئِلَ عن صَوْمِ يَومٍ وإفْطَارِ يَومٍ، قالَ: ذَاكَ صَوْمُ أَخِي دَاوُدَ عليه السَّلَام. قالَ: وَسُئِلَ عن صَوْمِ يَومِ الاثْنَيْنِ، قالَ: ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَوْمٌ بُعِثْتُ، أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ. قالَ: فَقالَ: صَوْمُ ثَلَاثَةٍ مِن كُلِّ شَهْرٍ، وَرَمَضَانَ إلى رَمَضَانَ؛ صَوْمُ الدَّهْرِ. قالَ: وَسُئِلَ عن صَوْمِ يَومِ عَرَفَةَ، فَقالَ: يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ. قالَ: وَسُئِلَ عن صَوْمِ يَومِ عَاشُورَاءَ، فَقالَ: يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ.*)[16]
قال الإمام الترمذي في جامعه:
*(قد اسْتَحَبَّ أهلُ العلم صيام يوم عرفة، إلا بعرفة)* [17]
▪️رابع الفضائل : أن هذا اليوم يقع فيه ركن الحج الأعظم لمن حج بيت اللَّه الحرام ومعلوم أن الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام وأعظم ركنٌ فيه الوقوف بعرفة
عن عبدالرحمن بن يعمر الديلي، *أنَّ ناسًا مِن أهلِ نَجْدٍ أَتَوْا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو بعرفةَ، فسألوهُ؛ فأمَرَ مُناديًا فنادى: الحجُّ عرفةُ، مَن جاء ليلةَ جَمْعٍ قَبلَ طُلوعِ الفجرِ فقدْ أدرَكَ الحجَّ، أيَّامُ مِنًى ثلاثةٌ، {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 203]، قال: وزاد يحيى: وأَردَفَ رجُلًا فنادى.*[18]
قال ابن قدامة في المغنى (*الوقوف بعرفة ركن لا يتم الحج الا به إجماعًا)* [19]
▪️خامس الفضائل: عظم أمر الدعاء في هذا اليوم وهو مظنة إجابة لمن دعاه بقلب منيب ، (*فإنه صلى الله عليه وسلم قال: {أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة} فدنوه لدعائهم. وأما نزوله إلى سماء الدنيا كل ليلة؛ فإن كان لمن يدعوه ويسأله ويستغفره فإن ذلك الوقت يحصل فيه من قرب الرب إلى عابديه ما لا يحصل في غيره*).[20]
▪️سادس الفضائل : أن هذا اليوم أشد أيام العام والسنة إرغامًا للشيطان لما يتعرض له عبادُ الرحمن من المغفرة والعفو عن السيئات مما يكون سببًا في إندحاره وغيظه ، روى مالك في الموطأ عن طلحة بن عبيدالله *(ما رُؤيَ الشيطانُ يومًا هو فيه أصغرُ ولا أدحرُ ولا أحقرُ ولا أغيظُ منه يومَ عرفةَ وما ذاك إلَّا لما يرَى من تنزُّلِ الرحمةِ وتجاوُزِ اللهِ عن الذنوبِ العظامِ، إلَّا ما كان من يومِ بدرٍ فقيل : وما رأَى يومَ بدرٍ ؟ قال : أما إنَّه قد رأَى جبريلَ عليه السلامُ وهو يَزَعُ الملائكةَ)* [21]
*ختامًا أختم بكلمة تكتب بماء العينيين*
قال الإمامُ ابن رجب رحمه اللَّه:
*"مَن فاته في هذا العام القيامُ بعرفةَ فليقُمْ للّه بحقّه الذي عرفهُ..*
*مَن لم يقدر على نحر هديه بمنىً؛ فليذبحْ هواهُ هنا وقد بلغ المُنى، مَن لم يصِلْ إلى البيت لأنّه منه بعيدٌ؛فليَقصِدْ ربّ البيت؛ فإنّه أقربُ إلى مَن دعاه و رجاه مِن حبل الوريد"*[22]
•┈┈┈┈┈•✿ ❁ ✿•┈┈┈┈┈•
(1) [أخرجه والطبراني (1/250) (723)، وأبو نعيم في حليةالأولياء(3/162)].
(2)[التوبة (36)].
(3)[المستدرك على مجموع الفتاوى (1/182)]
(4)[الفجر (٢)].
(5)[تفسير ابن عثيمين- جزء عم (ص: 188، 189)].
(6)[ الحج (28)] .
(7)رواه البخاري معلقًا بصيغة الجزم قبل حديث رقم (969)،وصحَّح إسنادَه النوويُّ فيالمجموع(8/382)].
(8)[البقرة (197)].
(9)[تفسير السعدي(ص: 91)].
(10)[ الحج (28)].
(11)[المجموع للنووي(8/382)].
(12)[صحيح البخاري (45) ،[ مسلم (3017)] .
(13) [لطائف المعارف (487)]
(14)[أخرجه مسلم (1348)].
(15)[صحيح الجامع (1867)]
(16)[صحيح مسلم (1162)].
(17)[المدخل إلى الجامع (٢/ ١٤٣)].
(18)[صحيح الترمذي (889)].
(19)[المغني(3/368)].
(20)[ مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام(٢٤٧/٥)]
(21)[أخرجه مالك (1/422)] بسند مرسل.
(22)[لطائف المعارف(٤٩٩)].