
الغريب
June 10, 2025 at 12:26 PM
••
كيف يقوي المسلم -ولا سيما طالب العلم- في قلبه تعظيم ربه حق التعظيم وخشيته حق الخشية؟
الجواب: هذا الأمر يحتاج إلى التأمل في القرآن والتدبر فإن الله جل وعلا يقول: ﴿وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا﴾. يتصور كثير من الناس أن هجر القرآن هو هجر تلاوته، وهذا غلط، فهجر القرآن مراتب:
• منه هجر التلاوة.
• ومنه هجر العمل بالقرآن.
• ومنه هجر تدبر القرآن.
• ومنه هجر التحاكم إلى القرآن.
• ومنه هجر التشافي بالقرآن.
الأمر الثاني: التأمل في أسماء الله وصفاته وأن يظهر أثر ذلك على جوارحه، حين يقرأ ﴿وكان عفواً قديرا﴾ يتصف بصفة العفو، الله عفو ويطالبك بالعفو ﴿وليعفوا﴾ ﴿والعافين عن الناس﴾ إذاً حين تقرأ ذلك وأن الله موصوفٌ بالعفو ونثبت لله ذلك إثباتاً بلا تمثيل وتنزيهاً بلا تعطيل، ونثبت لله القدرة ﴿عفواً قديرا﴾ إذاً إذا قدرنا على شيء نعفو ونصفح، وهذا العفو صفة كمال في حق الله جل وعلا، والله جل وعلا أمر عباده بالعفو ﴿وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم﴾.
وهذه الآية نزلت في أبي بكر حين حلف ألا ينفق على مسطح وكان ابن خالته، وفي نفس الوقت ما كان ذنبه صغيراً! كان ذنبه كبيراً وعظيماً! وكان قد تجاوب مع أفكار الخبيث ابن أبي في قذف عائشة بالإفك وكان يشيع ذلك في أرض المدينة، وكان رجلاً بدريا، ولكنه غُرر به، تجاوب مع المنافقين، وكان الذي ينفق عليه هو أبو بكر رضي الله عنه فحلف ألا ينفق عليه مرةً أخرى، فأنزل الله ذلك ﴿وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم﴾ قال أبو بكر: بلى. فأعاد عليه النفقة وعفى وصفح.
فالذين يتأملون في القرآن ويتأملون في أسماء الله وآياته ويتأملون في الأسماء والصفات؛ لابد أن تظهر هذه الأمور على جوارحهم وتتمثل في قلوبهم.
الله جل وعلا أمر بخشيته وأمر برهبته وأمر بالخوف منه، إذا كان الإنسان يخاف من المخلوق مالا يخاف من الله لا يقع في قلبه تعظيمٌ لله، وعدد ممن يطلب من الناس أن يعظموه هو لا يعظم الله ﴿مالكم لا ترجون لله وقارا﴾ ربما يطلق العنان لعينيه في نظر الحرام ولكنه لا ينظر إلى الحرام بحضرة من يُستحيى منه كشيخه أو معلمه أو أحد الوالدين لا يستطيع أن يفعل الفاحشة بحضرة من يُستحيى منه من أقاربه، ولكنَّ الله معك، حين تخلو معك.
وإذا خلوت بظلمةٍ في بريبة
والنفس داعيةٌ إلى الطغيان
فاستحيي من نظر الإله وقل
لها إن الذي خلق الظلام يراني
﴿الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين﴾ ﴿وقل اعملوا فسيرى الله عملكم﴾، فالذين يستحضرون رؤية الله لهم يبتدعون عن مقاربة المحرمات، الذين يثبتون لله صفة السمع وأن الله سميع ﴿أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم﴾ يبتدعون عن الغيبة وعن النميمة وعن الوقوع والولوغ في أعراض الآخرين؛ لأن الله جل وعلا مجازيهم على ذلك.
فهذه الأمور تبعث على الخشية.
القراءة أيضاً في واقع سيرة النبي ﷺ وفي خشيته لربه، وفي سير الصحابة، في قيام الليل، في الصيام، في التقوى، في الورع، في نشر العلم، في الجهاد في سبيل الله، في الإنفاق.
أبو بكر حين دعاه النبي ﷺ إلى الإنفاق في الجهاد؛ أتى أبو بكر بكل ماله، وكان عمر يريد أن يسابقه ويقول: اليوم أسبق أبا بكر! فأتى متكاثراً بنصف ماله يظن أنه يسبق أبا بكر! لأنه أتى بالنصف، فقال النبي ﷺ لأبي بكر: (ماذا أبقيت لأهلك؟) قال: أبقيت لهم الله ورسوله ﷺ. فقال عمر: والله ما أسابقك إلى خيرٍ أبدًا.
••┈┈┈┈┈┈┈┈┈