✍️بقلم / *عثمان يعقوب الدرباي جراب الراي* ----------------------------------------- الاقتصاد السوداني بين الواقع والتقارير الدولية: قراءة نقدية لتقرير البنك الدولي 2025..💱 ----------------------------------------- ((صدر تقرير البنك الدولى عن السودان لعام 2025 لقراءة تبعات الصراع الاقتصادي والاجتماعي ومحاولة رسم مسار للتعافي. وأبرز التقرير مؤشرات غاية في الأهمية عن مستوي التضخم الذي بلغ 170٪ حسب التقرير وارتفاع حد الفقر الذي بلغ تقريباً 71٪ بينما تحسن مستوي النمو العام مع إرتفاع نسب البطالة إلى 47٪ . وضع البنك الدولى سيناريوهين لمسارات التعافي بحيث يظهر الأول(Baseline Scenario) نمواً أقل تواضعاً من دون استصحاب أى متغيرات علي الأوضاع الحالية ودون خطة تعافي مسبقة بحيث يمكن أن تصل بال GDP إلى ما قبل الحرب في 2038. بينما يقدم سيناريو آخر (Reform Scenario) مدعوم ببرنامج تعافي ويظهر هذه السيناريو نمواً من عام 2025 علي أن يتوقع أن نعود إلى مستوي ال GDP قبل الحرب في عام 2031 أى بعد خمسة أعوام من الآن )) 💥تعقيباً علي ماورد أعلاه يتوجب توضيح الحقائق التالية دون تلوين ودون تلميع : 💥ضعف في دقة البيانات: بنظرة سريعة لمحتوي وفحوي التقرير يتضح أن الكثير من أرقام البنك الدولي تعتمد على تقديرات غير مباشرة أو مصادر غير محدثة أو معلومات ظاهرها اقتصادي وباطنها سياسي مما يضعف دقة المؤشرات وبالتالي دقة الاستنتاجات والتحليل وبالنتيجة عدم الاعتماد عليه كمرجعية يُستند عليها في صناعة رؤية . 💥 إغفال الاقتصاد غير الرسمي : التقرير لم يأخذ في الحسبان النشاط الاقتصادي غير الرسمي الذي يمثل جزءاً كبيراً من الاقتصاد السوداني خاصة في مجالات الزراعة ،التجارة والتعدين الأهلي وظلت قطاعات الزراعة ،التجارة والتعدين الأهلي صامدة أمام كافة الصدمات وتقارير الشركة السودانية للموارد المعدنية خير دليل علي المقاومة والصمود والتأثير الايجابي . 💥تغييب الجهد المحلي : أغفل التقرير مبادرات الاستجابة الوطنية في حفظ المؤسسات المالية والخدمية الحيوية والتي حالت دون الانهيار مثل جهود وزارة المالية وبنك السودان المركزي ووزارت الصحة والتعليم ومفوضية العون الانساني والولايات والمحليات والجهد الشعبي الملتزم والمنتظم . 💥سيناريوهات متشائمة دون تحليل عميق: اعتمد التقرير على سيناريوهات افتراضية سلبية دون تقديم تحليل واقعي مبني على مقاومة الاقتصاد السوداني للصدمات خلال السنوات الماضية . *💥تجاهل الدور الإقليمي والتحويلات:* لم يراعِ التقرير حجم الدعم الإقليمي وتحويلات المغتربين التي ساهمت في دعم الاقتصاد وميزان المدفوعات. 💥 الرأي 💥 التقرير رغم أهميته يحتاج مراجعة نقدية متزنة ويجب أن يُقابل بتحليل وطني علمي يعكس الواقع الحقيقي ويبرز فُرص التعافي والقدرة على النهوض وهنا الدعوة لإنتاج تقرير وطني يتولي تحصيل معلوماته وتحليلها فريق وطني بقيادة الفريق الاقتصادي يبرز الوقائع والحقائق ويفند الأخطاء ويؤسس لرؤية هادية لدولة رئيس الوزراء الدكتور كامل ادريس تُبني عليها بنيات التخطيط وبنيات البناء التحتي والفوقي وفي ذلك ندعو ونحث علي ضرورة عقد تحالفات قوية تضمن المصالح العُليا للدولةخاصة أن الصين تعهدت بعقد اتفاقيات شراكة اقتصادية- صينية - أفريقية من أجل التنمية المشتركة وأهمها الاعفاء الجمركي الكامل علي 53 دولة أفريقية تربطها علاقات دبلوماسية مع الصين بالإضافة الي توفير المزيد من التسهيلات لأقل الدول نمواً في أفريقيا للتصدير الي الصين كما أكدت الصين استعدادها لتعميق تنفيذ اجراءات الشراكة العشرة من اجل التحديث وتعزيز التعاون في مجالات حيوية مثل : - الصناعة الخضراء - التجارة الإلكترونية - الدفع الإلكتروني - العلوم - التكنولوجيا - الذكاء الاصطناعي - الأمن - المالية - سيادة القانون ومعلوم أن السياسة الاقتصادية العامة للبلد دوماً ترتبط بالتوجه الاستراتيجي للدولة وتحديد تحالفاتها السياسية والاقتصادية والعسكرية والامنية . وبعد تجربتنا خلال فترة الحرب الحالية يتضح أنه لا مجال من أن تحسم الدولة خياراتها السياسية والعسكرية والامنية فى التحالف مع محور : الصين ، روسيا ، تركيا ، قطر ، السعودية ، مصر ، ومجموعة البيركس . وأن تضمن عبر هذا التحالف إقامة مشروعات إقتصادية كبيرة فى مجالات الطاقة والبنية التحتية ، والتجارة الخارجية ، تساعد فى تحقيق نهضة إقتصادية قائمة على إنتاج حقيقى فى كل القطاعات الاقتصادية من زراعة وصناعة وخدمات . وأن تستفيد من الميزة النسبية لموقع السودان الجغرافي . وهذا التوجه لا يعنى أن نبادر لمعادات الغرب ومنظماته ومؤسساته المالية والدول الأخرى ولكن علينا أن لا نعول على تحسين العلاقات معها بما يمكننا من إقامة شراكات إقتصادية معها . 12 يونيو 2025 .