
قناة مـنصـور الــهادي
June 13, 2025 at 04:58 PM
بقلم / *ابراهيم قجة*...
-----------------------------------
تشاد في فخ القروض: ديون تتراكم وفساد لا يحاسب
فجر بحرالدين بيردي تارقو المدير الحالي للوظيفة العامة في تشاد فضيحة مالية هزت الرأي العام بعد كشفه عن اختلاس ضخم قُدّر بـ120 مليار فرنك تشادي من أموال الشركة التشادية للمحروقات (SHT) عام 2022 متهمًا بشكل مباشر وزير المالية الحالي ،طاهر حامد غيلي، بالضلوع في العملية وبحسب الوثائق التي تحدث عنها بحرالدين فإن السحب تم بوثيقة غير قانونية، تفتقر إلى التحديد الزمني والمالي في مشهد يعكس حجم الفوضى وسوء الإدارة الذي يضرب مؤسسات الدولة المالية.
لكن هذه القضية لا تقف وحدها فهي تمثل نموذجًا متكرّرًا لما يشهده البلد من سياسات مالية مشبوهة تنتهجها الحكومة وعلى رأسها وزير المالية ذاته الذي بات يقود سياسة اقتصادية تقوم على تكثيف الاستدانة الخارجية بدلًا من إصلاح الداخل ومحاربة الفساد.
قروض متتالية دون أثر ملموس
خلال السنوات الأخيرة تدفقت إلى خزينة الدولة التشادية قروض بمبالغ ضخمة دون أن يوازيها تحسّن فعلي في حياة المواطن أو بنية الاقتصاد الوطني فيما يلي أبرز هذه القروض وفق التسلسل الزمني:
14 أغسطس 2020: قرض بقيمة 29 مليار فرنك أفريقي من بنك التنمية لدول وسط أفريقيا لتمويل مشاريع المياه ومواجهة كورونا.
22 فبراير 2022: قرض بقيمة 538 مليون دولار (311 مليار فرنك) من البنك الدولي لمشروع طريق دوالا-إنجمينا.
يوليو 2022: البنك التجاري يحصل على قرض بـ23.2 مليون دولار من BDEAC لدعم الشركات الصغيرة.
28 ديسمبر 2022: قرض بـ12 مليون دولار من البنك العربي للتنمية.
14 يونيو 2023: قرض ضخم بـ1.5 مليار دولار من صندوق أبوظبي للتنمية.
4 يونيو 2024: قرض بـ639 مليون فرنك من بروباركو الفرنسية لدعم الشركات الناشئة.
وزير المالية: من رمز للسيطرة المالية إلى مكينة قروض
في ظل هذه السياسة تحوّل وزير المالية إلى ما يشبه "مكينة نقود" بالنسبة للنظام الحاكم، الذي يدعمه دون قيد أو شرط لأنه يمكّنه من سد العجز السنوي دون الحاجة لمواجهة الفساد أو فرض إصلاحات ضريبية على الشركات الكبرى أو كبار المسؤولين وبدلاً من اعتماد خطة مالية وطنية يجري اللجوء إلى قروض خارجية لسداد الالتزامات السنوية ما يعمّق الأزمة ويزيد اعتماد البلاد على الخارج.
أين تذهب الأموال؟
تقول الحكومة إن هذه القروض مخصصة للتنمية لكن الواقع مختلف تقارير داخلية وشهادات متعددة تفيد أن جزءًا كبيرًا من هذه الأموال يُستخدم في نفقات سياسية شراء سيارات تمويل فعاليات بروتوكولية أو تغطية مصاريف شبكة محسوبية بينما تبقى البنى التحتية والخدمات العامة في حالة يرثى لها.
موارد وطنية تهدر والمواطن يدفع الثمن
تشاد ليست دولة بلا موارد فمداخيل النفط تُقدّر بملايين الدولارات يوميًا إلى جانب الضرائب التي يدفعها المواطن والشركات الكبرى ومع ذلك فإن هذه الموارد لا تُترجم إلى رفاه اجتماعي أو مشاريع تنموية بل تُهدر على الديون أو تُختلس كما في قضية شركة المحروقات، وتشير تقديرات اقتصادية إلى أن القروض الخارجية باتت تفوق الميزانية العامة السنوية لتشاد مما يجعل الأجيال القادمة رهائن لديون لا نفع منها.
إن ما كشفه بحرالدين ليس سوى قمة جبل الجليد فالسياسات المالية المتبعة اليوم تُغرق البلاد في مديونية مزمنة دون رقابة أو شفافية المواطن يتحمّل العبء والنظام يُمعن في تجاهل الحلول الوطنية الحقيقية مثل محاربة الفساد وتوسيع القاعدة الضريبية وتطوير الإنتاج الوطني، هذه السياسات العشوائية ستدخل تشاد في أزمة اقتصادية أعمق لن تنفع معها قروض جديدة بل ستحتاج إلى إعادة هيكلة شاملة للنظام المالي والإداري والسياسي.
-----------------------------------
*إبراهيم قُجَّة أحمد*
قيادي في حركة CCMSR

👍
4