💥 تَذْكِيرُ الكِرَام بِصِفَةِ حَجِّ بَيْتِ اللهِ الحَرَام قال الله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿‌الْحَجُّ ‌أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾ [البقرة: 197] أولا: الحج فرض على كل مسلم، بالغ، عاقل، حر، مستطيع. والحج فرضيته بكتاب الله، قال الله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿‌وَلِلَّهِ ‌عَلَى ‌النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: 97]، وهكذا بسنة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، فقد جاء في الصحيحين(1) من حديث ابْن عُمَر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قال: «‌بُنِيَ ‌الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ...»، ثم ذكر منها: «وَحَجِّ الْبَيْتِ»، والإجماع منعقد على ذلك. والحج فضائله كثيرة، وأموره عظيمة، ولو لم يكن من فضائله إلا أنه من حج ولم يرفث، ولم يفسق؛ رجع كيوم ولدته أمه، كما جاء في الصحيحين(2) من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قال: «مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ، فَلَمْ يَرْفُثْ» وهو الجماع ومقدماته، «وَلَمْ يَفْسُقْ» ويشمل جميع المعاصي والسيئات والمنكرات، قال: «‌رَجَعَ ‌كَيَوْمِ ‌ولدته أمه»، والأدلة كثيرة في هذا الباب. معاشر المسلمين؛ الحج له ميقاتان: ميقات زماني، وميقات مكاني، أما العمرة فلا ميقات لها فتصح في السنة كلها. وأما الحج مواقيته الزمانية كما أخبر الله عَزَّ وَجَلَّ بقوله: ﴿‌الْحَجُّ ‌أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾ [البقرة: 197]، وهذه الأشهر قد فسرها العلماء بأنها شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة على الراجح من أقوال أهل العلم، هذه مواقيت زمانية، فمن حج في غير هذه المواقيت لم يقبل منه، والمواقيت المكانية قد بينها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ في سنته، قال عَلَيْهِ الْصَّلَاْةُ وَالْسَّلَاْمُ كما في الصحيحين من حديث ابن عباس(3) وابن عمر وغيرهما رَضِيَ اللهُ عَنْهُما، قال: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ، وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ، وَقَالَ: هُنَّ لَهُمْ وَلِكُلِّ آتٍ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ، حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ»، وهكذا أيضا الميقات الخامس: ذات عرق. هذه مواقيت مكانية لا بد على كل حاج أو معتمر أنه إذا مر من ميقات من هذه المواقيت لا بد أن يحرم من ذلك الميقات، ولا يجوز له أن يتجاوزه إلى غيره عباد الله لمن أراد الحج والعمرة كما في هذا الحديث. ينبغي على الحاج أولا أن يخلص نيته لله سُبْحَاْنَهُ وَتَعَاْلَى؛ لأن الله قد أمر بذلك، ﴿‌وَمَا ‌أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [البينة: 5]، وهكذا نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قال: «‌إِنَّمَا ‌الْأَعْمَالُ ‌بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى»(4) فلا يجوز له أن يحج رياءا ولا سمعة ولا فخرا؛ بل يخلص عمله لله حتى يتقبل الله منه ذلك وإلا سيكون حجه هباءا منثورا. الأمر الثاني: أن يكون متابعا لنبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ في حجه عَلَيْهِ الْصَّلَاْةُ وَالْسَّلَاْمُ؛ لأن النبي عَلَيْهِ الْصَّلَاْةُ وَالْسَّلَاْمُ قد حج وحج الصحابة معه، وقال لهم: «‌خُذُوا ‌عَنِّي ‌مَنَاسِكَكُمْ»(5)، لا تزيد في حجك ولا تنقص منه عبد الله، لا برأيك ولا باجتهادك، ولا بشيء آخر؛ بل كن مقتديا بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ واحذر من أن تخالف هديه وسنته، «‌مَنْ ‌أَحْدَثَ ‌فِي ‌أَمْرِنَا ‌هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ»(6)، «‌مَنْ ‌عَمِلَ ‌عَمَلًا ‌لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»(7). والحج نسكه ثلاثة: تمتع، وقران، وإفراد، هذه نسك الحج وكلها جائزة. *أما التمتع:* فهو أن يعتمر الحاج في أشهر الحج عمرة كاملة تامة، ثم بعد ذلك يحل منها. فإذا كان يوم الثامن من ذي الحجة وهو يوم التروية أحرم بالحج كما أنه أحرم بداية بالعمرة. ويفعل ما فعله أيضا في إحرامه في العمرة من الغسل وتقليم أظافره، ونتف إبطه، وهكذا إزالة بعض شعوره، ويترك المخيط، ويلبس إزارا وردءا. ويقول: لبيك الْلَّهُمَّ عمرة، وبعضهم يقول: لبيك الْلَّهُمَّ عمرة متمتعا بها إلى الحج. هذا هو المتمتع وهو أفضل أنواع النسك، والتمتع أفضل أنواع النسك الثلاثة، قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «‌لَوِ ‌اسْتَقْبَلْتُ ‌مِنْ ‌أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُقِ الْهَدْيَ، وَلَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً»(8) لأنه من ساق الهدي معه لا يستطيع أن يكون متمتعا، فلا بد أن يكون قارنا. *وأما القران:* فهو أن ينوي إدخال العمرة في الحج، أو إدخال الحج في العمرة، هذا أو هذا، يقول: لبيك الْلَّهُمَّ حجا وعمرة، أو: عمرة وحجا. فإذا قدم بعد أن يحرم من الميقات، وبعد أن يغتسل ويتطيب، وهكذا يزيل ما أُمر بإزالته من الشعور وغير ذلك، بعد أن يتجرد من المخيط فبعد ذلك يلبي. وإذا وصل إلى مكة -كما سيأتي شرحه إن شاء الله- يأتي بطواف القدوم، ثم له أن يسعى سعي الحج، وله أن يؤخر سعي الحج إلى بعد طواف الإفاضة ولا حرج في ذلك، ويبقى القارن على إحرامه لا يحل منه حتى رمي جمرة العقبة، أي: بعد أن يرمي جمرة العقبة، وبعد أن يحلق أو يقصر وهكذا أن يذبح، إذا فعل إثنين من ثلاثة، بعد ذلك حل التحلل الأول، هذا بالنسبة إلى القارن، وعليه الهدي كما أن على المتمتع الهدي أيضا. ج *وأما الإفراد: فهو أن يأتي بحج فقط، فيقول: لبيك الْلَّهُمَّ حجا، ويكون أعماله كأعمال القارن سواء بسواء، لا فرق بينهما إلا أن القارن عليه الهدي، والمفرد ليس عليه هدي. ؛لنرجع إلى المتمتع، المتمتع إذا مر بالميقات المكاني الذي ينبغي عليه من طريق بلده أو مكانه الذي هو آتي منه أن يتجرد كما سمعتم من المخيط، والمخيط: هو كل ثوب فصل على الجسد، يتجرد منه، ويغتسل، ويتطيب، وهكذا يزيل ما سمعتم مما ينبغي إزالته من حلق العانة، ونتف الإبط، وغير ذلك مما يدعو إلى النظافة. فإذا تجرد من ذلك، واغتسل وتطيب وهو في الميقات، بعد ذلك يلبس كما سمعتم الإزار والرداء، ولا حرج في أن يكونا أبيضين، أو غير ذلك، ولكن الأفضل أن يكونا أبيضين لأن خير الثياب هي البياض، ولو أحرم في غير البياض لصح إحرامه. هذا بالنسبة للرجل، أما بالنسبة للمرأة فإحرامها في ثيابها، تغتسل وتفعل ما يفعله الحاج غير أن إحرامها في ثيابها ولا تلبس القفازين، ولا تنتقب المرأة، نهى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ المرأة أن تنتقب أو تلبس البرقع وهي محرمة؛ بل إذا حاذت الرجال الأجانب غطت على وجهها بأكمله وأسدلت الخمار على وجهها وصدرها، وهذا الذي كانت تفعله عائشة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وغيرها من النساء. وإذا كانت حائضا أو نفساء كذلك تغتسل وتستذفر. فإذا ما انتهى الإنسان من الغسل والتطيب كما سمعتم فإن كان في وقت صلاة صلى وجعل إحرامه بعد الصلاة، وهذا أمر طيب، فإن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أحرم بعد صلاة الظهر من ذي الحليفة. ويستحب أن يحرم وهو مستوي على راحلته، ينوي الدخول في النسك، وهذا هو الإحرام، وهذا يعتبر ركنا من أركان الحج، وهو نية الدخول في النسك، والنية محلها القلب. فاذا ما استوى على راحلته نوى الدخول في النسك، ثم أهل بما أهل به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، ويلبي ويرفع صوته، هذا بالنسبة للرجل. وهكذا المرأة تلبي فتُسمع نفسها إلا إذا كانت عند محارمها فلها أن ترفع مثل ما يرفع الرجل، يقول: لبيك الْلَّهُمَّ لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك. ويواصل التلبية ويرفع صوته بها، ويتذلل بين يدي الله سُبْحَاْنَهُ وَتَعَاْلَى. فإذا ما دنى من مكة وقارب دخولها شُرع له أن يغتسل لدخولها إن استطاع أن يغتسل، وهذا الغسل سنة، وليس بواجب. فإذا ما اغتسل ودخل إلى مكة لم يزل ملبيا حتى يصل إلى الحجر الأسود، هذا بالنسبة للمتمتع كما سمعتم. فإذا ما وصل إلى الحجر الأسود بعد أن يدخل المسجد وهو لا يزال ملبيا عند ذلك يقطع التلبية ويبدأ بأعمال الطواف فيستلم الحجر إن استطاع أن يستلمه ويقبله فعل، وإن لم يستطع فليستلمه بما استطاع من محجن أو بيد ويقبل المحجن أو اليد، وهو مع ذلك كله يقول: الله أكبر. وإن لم يستطع تقبيل الحجر ولم يستطع استلامه بيده ولا بشيء من ذلك من المحجن فعليه أن يشير إلى الحجر إشارة. وبداية الطواف يضطبع، أي: يجعل طرفي رداءه على كتفه الأيسر، ويظهر كتفه الأيمن، هذا هو الاضطباع. فالاضطباع لا يشرع ولا يسن إلا في بداية الطواف لا كما يفعله بعض الناس من أنهم يضطبعون وهم في الميقات وهذا مخالف للسنة، والاضطباع في السبعة الأشواط كلها. ثم يسن ويشرع له في الأشواط الثلاثة أنه يرمل، والرمل: هو سرعة المشي مع تقارب الخطى، والرمل يكون في الثلاثة الأشواط الأولى، والطواف يبتدأ من الحجر وينتهي إلى الحجر. ويدعو ما شاء من الأدعية، ومن الأذكار المشروعة، ومن الأدعية الجامعة عَن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ بما شاء وهو يطوف بيت الله الحرام، ويشرع له أن يستلم الركن اليماني إن استطاع، فإن لم يستطع استلام الركن اليمني فلا يشير إليه كما يفعله بعض الناس، وهذا ليس من السنة. ثم يشرع له أيضا في أثناء طوافه ما بين الركن اليماني والحجر الأسود أن يقول ذلك الدعاء الذي قاله النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «‌رَبَّنَا ‌آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ»(9). فإذا ما انتهى من الأشواط السبعة كلها، وكما سمعتم أن الرمل يكون في الثلاثة الأشواط الأول فقط بعدها يمشي مشيا عاديا، وهذا إن استطاع أن يرمل، وإن لم يستطع فلا ينبغي عليه أن يزاحم الناس، وأن يضر هذا. فإذا ما انتهى من الأشواط كلها وهو في كل شوط يصل إلى الحجر ويكبر مع استلامه له، أو إذا لم يستطع أن يستلمه فليشير إليه، وليكن مستقبلا له. فإذا ما انتهى من الأشواط كلها ذهب إلى المقام، وعند ذهابه إلى المقام يتلو قول الله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ ‌مُصَلًّى﴾ [البقرة: 125]، فإذا ما وصل إلى المقام صلى خلف المقام إن استطاع، ومع الزحام لا يستطيع فيصل حيث شاء من الحرم، يصلي ركعتي الطواف، ويسن ويشرع له أن يقرأ في ركعتي الطواف في الركعة الأولى بعد الفاتحة: قل يا أيها الكافرون، وفي الركعة الثانية بعد الفاتحة: قل هو الله أحد. فإذا ما انتهى من ركعتي الطواف ذهب إلى زمزم فيشرب منها ويتضلع منها، ويصب على رأسه. ثم بعد ذلك يرجع إلى الحجر الأسود إن استطاع وإن أمكنه ذلك فعل؛ فقد رجع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ. وإن لم يستطع فليذهب مباشرة إلى الصفا، فإذا ما دنى من الصفا تلا قول الله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿‌إِنَّ ‌الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 158]، أبدأ بما بدأ الله به. فإذا ما رقى الصفا استقبل البيت الحرام وهذا أحد المواضع التي ينبغي على الحاج أو المعتمر أن يجتهد فيها في الدعاء، ويرفع يديه، ويهلل ويكبر ويأتي بذلك الدعاء المشروع من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده نصر عبده وأنجز وعده وهزم الأحزاب وحده» يقول ذلك الدعاء ثلاثا ثم، بعد ذلك يقول ما شاء من الأدعية، ثم يكرر ذلك الدعاء، ثم يدعو ما شاء من الأدعية، فيكون الدعاء المشروع ثلاثا، والدعاء في ما بين ذلك مرتين. بعد ذلك ينصرف إلى المروة، فإذا ما نزل إلى المروة، فإذا هو في وسط الوادي، أي: بين العلمين الأخضرين، يسن له ويشرع له أن يسعى سعي المجهود، وهذا ما شرعه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ لعمل إم إسماعيل أنها سعت سعي المجهود، وهو ما يسمى بين العلمين الأخضرين، فإذا ما سعى بين العلمين الأخضرين بعد ذلك يمشي مشيا عاديا ويدعو الله بما شاء من الأدعية. فإذا ما صعد على المروة ما فعله على الصفا يفعله على المروة، ما عدا قراءة الآية، وإلا الدعاء الذي ذكره على الصفا يذكره على المروة، ويستقبل القبلة، وهو صاعد على المروة، كما أنه استقبل القبلة وهو صاعد على الصفا، وإن لم يرى القبلة كما أنه قد حالت بينه وبينها البنيان؛ فليستقبل القبلة على حسب الخطوط الموجودة التي تشير إلى الكعبة، ولا يبقى حيران كما يفعله بعض الناس. ويعتبر من الصفا إلى المروة شوطا واحدا، ومن المروة إلى الصفا شوطا ثانيا، ومن الصفا إلى المروة شوطا ثالثا، وهكذا رابعا، وخامسا، وسادسا، إلى الشوط السابع، وهو في كل ذلك يدعو فإذا ما انتهى من الشوط السابع فليس عليه أن يدعو؛ لأن الدعاء يكون في أول الشوط لا في نهايته. ومما ننبه عليه أيضا أنه إذا انتهى من الطواف يعيد الرداء على مكانه، أي: يترك الاضطباع بعد أن ينتهي من الطواف مباشرة، ويعيد الازار على كتفيه الأيمن والأيسر لأن الاضطباع إنما يشرع في الأشواط السبعة فقط. فإذا ما انتهى من السعي انطلق فإذا كان متمتعا كما سمعتم يحلق أو يقصر والحلق أفضل؛ لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قد دعا للمحلقين ثلاثا، وللمقصرين واحدة، فإن كان هناك وقت، بينه وبين الحج فالأفضل له أن يحلق، وإن لم يكن هناك وقت كثير فليقصر وهو الأفضل من أجل أن يترك الشعر ليحلق مرة ثانية للحج كما سيأتي ذكره، فإذا فعل ذلك المتمتع حل له كل شيء حرم عليه قبل ذلك، من لبس الإزار والنساء وغير ذلك، فكلما حرم عليه قبل الإحرام حل له بعد ذلك، أي بعد أن يحلق أو يقصر، هذا المتمتع. وأما الحاج القارن، وكذلك المفرد فيستمر على إحرامه، ولا يحق ولا يقصر؛ لأن طواف المفرد، وطواف القارن طواف قدوم، وسعي المفرد وسعي القارن سعي للحج فإذا قدمه فليس عليه بعد ذلك سعي آخر، أما المتمتع فإنه يأتي بعمرة كاملة كما سمعتم، ثم سيأتي بعد ذلك بحج تام . ثم بعد ذلك يبقى إلى اليوم الثامن وهو يوم التروية، فإذا ما كان يوم التروية فعلى المتمتع أن يتجرد من ثيابه، وأن يغتسل ويتطيب وكما فعل في عمرته في الميقات فليفعل في ذلك اليوم، وليلبس الإزار والرداء، ثم ينوي الدخول في النسك بالقلب «إِنَّمَا ‌الْأَعْمَالُ ‌بِالنِّيَّاتِ». ثم بعد ذلك يهل، لبيك الْلَّهُمَّ حجا، لبيك الْلَّهُمَّ لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك. ولا يزال يلبي كذلك، والناس يلبون ويدفعون ويصعدون إلى منى في ذلك اليوم، أي في اليوم الثامن. فإذا ما وصلوا منى صلوا بها ظهرا وعصرا، ومغرب وعشاء، وفجرا، يصلون الصلوات في أوقاتها، وهم في ذلك كله يَقْصُرون؛ يصلي الظهر في وقته ركعتين وهو في منى، ويصلي العصر في وقته ركعتين وهو في منى، وهو لا يزال على تلبيته، ويصلي المغرب والعشاء كذلك ويقصر. فإذا ما صلى الفجر استمر في مكانه وهو لا يزال يلبي ويذكر الله عَزَّ وَجَلَ. فإذا ما اشرقت الشمس وبعد شروق الشمس عند ذلك يدفع الحجيج إلى عرفة، فينطلقون إلى عرفة وهم في ذلك كله كما سمعتم يهللون ويكبرون، ويعظمون الله سُبْحَاْنَهُ وَتَعَاْلَى، ويرفعون أصواتهم بالتلبية. ثم بعد ذلك قبل أن يصل إلى عرفة يشرع له أن ينزل بنمرة، ونمرة هي موضع بقرب عرفة، فيها مسجد الآن يسمى مسجد نمرة، جزء منه في نمرة، وجزء آخر أي من المسجد يعتبر من عرفة، فيشرع له أن ينزل بنمرة كما فعل النبي عَلَيْهِ الْصَّلَاْةُ وَالْسَّلَاْمُ. فإذا ما نزل بنمرة، يجلس إلى أن يصلي الظهر والعصر، ويصلي الظهر والعصر جمعا، أي يجمع الصلاة جمع تقديم قصرا وجمعا، فإذا ما انتهى من صلاة الظهر والعصر قصرا وجمعا عند ذلك يندفع إلى عرفة، «‌وَعَرَفَةُ ‌كُلُّهَا ‌مَوْقِفٌ»(10) كما أخبر النبي عَلَيْهِ الْصَّلَاْةُ وَالْسَّلَاْمُ. ولا يجهد الحاج نفسه كما يفعله بعض الناس الجهلة، يذهبون إلى الصخرات فيقضون يوما كاملا وربما يفوتهم فضيلة الدعاء، وفضيلة ذلك اليوم العظيم الذي يعتبر ركنا من أركان الحج يا عباد الله، فيستغله الإنسان في الدعاء والابتهال، والاجتهاد لله عَزَّ وَجَلَّ، ويا للعجب لبعض الناس الذين لا يجتهدون في الدعاء؛ بل يجتهدون في المعاصي والسيئات من التصاوير، وهذا من الغيبة، والنميمة، والقيل، والقال، كما هو فعل كثير من الحجيج وقد رأيناهم بأم أعيننا. عباد الله؛ شُرع لك أن تصلي الصلوات جمعا وقصرا، تجمع العصر مع الظهر، وتصليها قصرا من أجل أن يبقى معك وقت كثير، من أجل أن تتفرغ لعبادة الدعاء فتقف بين يدي الله، فتستقبل القبلة في ذلك اليوم، ولا تبالي بالجبل، بعض الناس يستقبل الجبل ويترك القبلة! لا، المشروع أن تستقبل القبلة، فإن كان الجبل بينك وبين القبلة لا حرج، أما كونك تستقبل الصخرات وتترك القبلة فلا، استقبل القبلة ثم ارفع يديك واجتهد في الدعاء، قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «خير يوم طلعت عليه الشمس هو يوم عرفة، وما من يوم من أن يكثر يعتق الله فيه من العباد من يوم عرفة»، وقال عَلَيْهِ الْصَّلَاْةُ وَالْسَّلَاْمُ:« خير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير» هذا من أفضل الأدعية في ذلك اليوم، ولك أن تدعو بما شئت من الأدعية الجامعة عَن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، ويكون واجبا عليك أن تبقى في مكانك؛ أي أن تبقى واقفا تدعو الله عَزَّ وَجَلَّ في عرفة إلى غروب الشمس، والجلوس إلى غروب الشمس واجب والوقوف في عرفة ركن، فإذا ما غربت الشمس وأنت لا زلت على ذلك الحال وأنت تدعو الله، وأنت متضرع بين يدي الله، وواقف بين يدي الله سُبْحَاْنَهُ وَتَعَاْلَى يباهي بك الله عَزَّ وَجَلَّ ملائكته، فإذا ما غربت الشمس فالناس يندفعون إلى مزدلفة ولا يصلون المغرب والعشاء إلا في مزدلفة، إن استطاعوا، وإن لم يمكنهم ذلك من شدة الزحام أو لكونهم سيتأخرون عَنْ وقت صلاة العشاء، وبما لا يصلون إلا في منتصف الليل أو بعده فلهم أن يقدموا الصلاة أو أن يصلوها في أي مكان كان من أجل أن لا يخرج وقت الصلاة، لكن إن استطاع وعلم من نفسه أنه سيدرك وقت الصلاة فيشرع له أن يصلي المغرب والعشاء جمع تأخير في المزدلفة، فإذا ما نزل مزدلفة وكلها مشعر يبيت فيها، والمبيت في مزدلفة يعتبر واجبا من واجبات الحج، فإذا ما بات في مزدلفة بعد أن صلى المغرب والعشاء جمعا وقصرا، ثم بعد ذلك إذا بات جلس إلى صلاة الفجر، ثم صلى الفجر، ثم بعد ذلك اجتهد في الدعاء، ونزل إلى المشعر الحرام، وكلها مشعر إن لم يستطع ذلك، أي إن لم يمكنه الذهاب إلى المسجد فكلها مشعر، كما قال النبي عَلَيْهِ الْصَّلَاْةُ وَالْسَّلَاْمُ: «وقفت هاهنا في جمع وجمع كلها موقف» فإذا ما أسفر جدا قبل أن تطلع الشمس عند ذلك يدفع إلى منى، هذا بالنسبة إلى الحاج، وأما للضعفة وممن كان له عذر فقد شرع لهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ الدفع قبل ذلك، أي أن يدفعوا بعد ذهاب ثلثي الليل، لهم أن يدفعوا قبل الناس من أجل أن لا يكون عليهم مشقة، أما من لم يكن عليهم مشقة، وليس لهم عذر شرعي فيبقى إلى أن يسفر جدا كما سمعتم وهو يدعو الله، وهذا من مواطن الدعاء في الحج، الموطن الأول: على الصفا، والموطن الثاني: على المروة، والموطن الثالث: في عرفة وهو من أعظمها، هذا بالنسبة للدعاء في الحج، والموطن الرابع: في مزدلفة بعد الفجر، أي بعد صلاة الفجر إلى أن يسفر جدا، يرفع يديه ويدعو الله سُبْحَاْنَهُ وَتَعَاْلَى، ثم بعد ذلك يدفع إلى منى، ويشرع له إذا دفع إلى منى أنه إذا كان في وادي محسر وهو وادى بين مزدلفة ومنى فيشرع له أن يسرع بالسير، فإذا ما وصل إلى جمرة العقبة: الجمرة الكبرى التي تُرمى في ذلك اليوم، وهو في يوم العيد، في يوم الحج الأكبر، فإذا ما وصل إلى الجمرة جعل الكعبة عَنْ يساره، ومنى عَنْ يمينه ورمى الجمرة بسبع حصيات، قبل أن يرميها بسبع حصيات في بدء رميه لها يقطع التلبية، التلبية للحاج تنقطع هنا، أي عند أن يبدأ برمي جمرة العقبة تنقطع التلبية، يبدأ ويرمي جمرة العقبة بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة، فإذا ما انتهى من رمي جمرة العقبة يكون قبل الزوال، وبعد الزوال، ويشرع أيضا للضعفة وغيرهم من أهل الأعذار قبل ذلك، أما بالنسبة لبقية الجمرات فلا يشرع رميها كما سيأتي إلا بعد زوال الشمس، فإذا ما انتهى من رمي جمرة العقبة، يفعل ثلاثا في ذلك اليوم، ثلاثة أشياء، وله أن يبدأ بما شاء منها، مجموعة في قوله: (رذح) ويسن أن تكون مرتبة، ويشرع له أن يأتي بها على أي حال؛ لأن النبي عَلَيْهِ الْصَّلَاْةُ وَالْسَّلَاْمُ سئل في ذلك اليوم عَنْ كل شيء قُدم من هذه الأشياء الثلاثة أو أُخر فيقول: «افعل ولا حرج». قلنا: رذح. الراء: الرمي، والذال: الذبح، والحاء: الحلق، فله أن يفعل ما شاء، فإذا رمى ذهب وذبح هدية، ويشرع له أن يذبح هديه بيده، أو يوكل من يذبح له إن كان أمينا، وإن استطاع أن يذبح بنفسه فذلك خير وبركة، فإذا ما ذبح الهدي، وهكذا رمى الجمرة، وهكذا حلق رأسه حل له كل شيء حرم عليه إلا النساء، انظر إلا النساء، هذا يسمى التحلل الأول في أعمال الحج، فإذا ما فعل إثنين من ثلاثة حل له كل شيء كما سمعتم حرم عليه قبل ذلك إلا النساء، فيلبس المخيط ويتطيب ويذهب بعد ذلك ينطلق إلى مكة، ثم بعد ذلك ينطلق إلى بيت الله الحرام ليطوف طواف الإفاضة، وطواف الإفاضة يعتبر ركنا من أركان الحج، يطوف سبعة أشواط كما سمعتم في أول صفة العمرة، فإذا ما طاف السبعة الأشواط سعى بعد ذلك، بالنسبة للمتمتع يسعى، وبالنسبة للقارن وهكذا أيضا للمفرد فإن كانا قد سعيا قبل ذلك فلا يعيدا السعي، وإن لم يكونا قد سعيا قبل ذلك فلهما أن يعيدا السعي، فالمتمتع يطوف، فإذا ما انتهى من الطواف سعى، ويفعل ما فعله في الأول كما سمعتم في صفة السعي الأول من أجل أن لا نكرر، فإذا ما انتهى من الطواف والسعي، وبعد أن يطوف ويسعى حل له كل شيء حرم عليه حتى النساء، ثم يرجع إلى منى ويبيت فيها ليلتين أو ثلاثا، والمبيت في منى في أيام التشريق يعتبر واجبا، والمبيت في اليوم الثامن يوم التروية يعتبر مستحبا، فإذا ما رجع إلى منى جلس فيها كما سمعتم يصلي كل صلاة في وقتها ويقصر فيها، وانتهت التلبية كما سمعتم عند رمي جمرة العقبة، ففي اليوم الحادي عشر يذهب ويرمي الجمار، متى يبدأ رمي الجمار؟ يبدأ رمي الجمار بعد زوال الشمس، أي بعد أن يؤذن أذان الظهر، فالذين يرمون قبل الزوال لا يصح، وهذا مخالف لهدي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، وإنما يرمي بعد الزوال، ويرمي في ذلك اليوم الجمرات الثلاث، يبدأ بالصغرى، ويرميها بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة، ثم يتقدم قليلا، ثم يدعو الله ويرفع يديه، وهذا هو الموضع الخامس من المواضع الذي يدعو فيها الحاج ويجتهد فيها الحاج في الدعاء، الموضع الخامس عند الجمرة الصغرى، يتقدم قليلا بعد أن يرميها، ويستقبل القبلة، ويرفع يديه، ويدعو الله بما شاء أن يدعو، ثم بعد ذلك يتقدم إلى الجمرة الوسطى ويرميها بسبع حصيات ويكبر مع كل حصاة، ثم يتقدم قليلا، وهذا هو الموضع السادس من المواضع التي ينبغي على الحاج أن يجتهد فيها في الدعاء، فإذا ما تقدم قليلا رفع يديه ودعا الله بما شاء وبجوامع ما كان يدعو به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، ثم ينطلق إلى الجمرة الكبرى، فيرميها بسبع حصيات وإذا ما رمى الجمرة الكبرى بسبع حصيات فلا يبقى عندها، إنما يدعو الله عند الصغرى والوسطى، فينطلق بعد ذلك إلى سكنه، وإلى محله في منى، ثم بعد ذلك يفعل في اليوم الثاني ما فعله في اليوم الثالث، أي من الرمي، وهم في ذلك كله يكبرون الله؛ لأنها أيام تشريق، كما قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله سُبْحَاْنَهُ وَتَعَاْلَى»، ثم بعد ذلك في اليوم الثاني يفعل ما فعله في اليوم الأول، فإن كان متعجلا فليخرج قبل أن تغرب الشمس، ﴿فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ ‌فَلَا ‌إِثْمَ ‌عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ ‌فَلَا ‌إِثْمَ ‌عَلَيْهِ﴾ [البقرة: 203]، فمن أراد التعجل فليخرج من منى بعد أن يرمي الجمرات الثلاث قبل غروب الشمس، فإذا ما غربت الشمس وهو في منى لا بد أن يبقى إلى اليوم الثالث، ومن لم يكن متعجلا بقى إلى اليوم الثالث ورمى الجمرات الثلاث كما سمعتم، ثم بعد ذلك ينطلق إلى مكة، فإذا ما انطلق إلى مكة يعتبر قد انتهى من أعمال الحج كلها، ولم يبقى معه إلا طواف الوداع، وطواف الوداع يشرع ويسن متى عزم على الرحيل من مكة إلى بلده، وقد استعد وجهز نفسه فله بعد ذلك أن يذهب ويطوف طواف الوداع، وبهذا يكون قد انتهى من أعمال الحج كلها، وهكذا عباد الله كما سمعتم المتمتع يجب عليه الهدي، وهكذا القارن، وأما المفرد فلا يجب عليه الهدي، ومن لم يكن معه هدي، أو لم يستطع على شراء الهدي فليصم ثلاثة أيام في الحج، وسبعة أيام إذا رجع إلى بلده، وبهذا نكون قد عرفنا صفة، أو كيفية الحج بصورة مختصرة. خلاصة الأمر: أن أركان الحج أربعة، وواجباته سبعة. وأركان العمرة ثلاثة، وواجباتها اثنان. وسأسردها جميعا من أجل أن تتم الفائدة وبها ننتهي بإذن الله سُبْحَاْنَهُ وَتَعَاْلَى. أركان الحج أربعة: *الركن الأول:* الإحرام وهو نية الدخول في النسك. *الركن الثاني:* الوقوف بعرفة، الوقوف نفسه يعتبر ركنا من أركان الحج. *الركن الثالث:* هو طواف الإفاضة. *الركن الرابع:* هو السعي. هذه أربعة أركان في الحج. وأما واجبات الحج فسبعة، وأنا أذكر على الصحيح، وكلها عليها الأدلة، لكن اختصارا للوقت، وكل ما ذكرنا عليه أدلته بفضل الله سُبْحَاْنَهُ وَتَعَاْلَى، أما واجبات الحج فهي سبعة: *الواجب الأول:* هو أن يحرم من الميقات، أي الميقات المكاني، يحرم من الميقات الذي سيمر به، لا يحرم من قبل الميقات، فالإحرام من الميقات يعتبر واجبا. *الواجب الثاني:* الوقوف بعرفة، أي الاستمرار في الوقوف إلى غروب الشمس، أما الوقوف نفسه فيعتبر ركنا. *الواجب الثالث:* المبيت في مزدلفة. *الواجب الرابع:* المبيت في متى ليالي أيام التشريق. *الواجب الخامس:* الحق أو التقصير بعد رمي جمرة العقبة. *الواجب السادس:* رمي الجمار. *الواجب السابع:* طواف الوداع وبهذا تكون واجبات الحج سبعة، وأركان أربعة. وأما العمرة فأركانها ثلاثة، وواجباتها اثنتان. فأركان العمرة: *الركن الأول:* نية الدخول في النسك والإحرام، هذا ركن من أركان العمرة. *الركن الثاني:* الطواف. *الركن الثالث:* السعي. وأما واجبات العمرة: *فهي الحلق والتقصير، وهكذا الإحرام من الميقات نفسه لا أن يحرم قبل الميقات.* اسأل الله أن ينفعنا بها، وأن يوفقنا وإياكم لكل خير، وأن يدفع عنا وعنكم كل شر وضير. الْلَّهُمَّ بلغنا بيتك الحرام. الْلَّهُمَّ يسر لنا حج بيتك الحرام، الْلَّهُمَّ هيئ لنا الأمر ويسره يا رب العالمين. الْلَّهُمَّ إنا نسألك الْهُدَى، وَالْتُّقَى، وَالْعَفَافَ، وَالْغِنَى. :*