
هدي النبي ﷺ شبكة خير أمة
June 7, 2025 at 12:59 AM
#زمن_العزة.24`*
> فتوحات _العراق2
(( المثنى بن حارثة ))
أسلم المثنى في أواخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم هو وأبناء قبيلته (( بني شيبان )) الذين كانوا يسكنون على الحدود العراقية مع جزيرة العرب ...
.. يعني على خط النار في مواجهة الفرس ... !!!
.. و كان المثنى ذا مكانة كبيرة في قبيلته ، و منذ الأيام الأولى من إسلامه شعر بمسئوليته تجاه دينه ... فقد كان يدرك جيدا أنه على ثغر من ثغور الإسلام .. فأراد ألا يؤتى الإسلام من قِبلهِ ...
.. فكان يتحرك في خدمة الإسلام بدافع ذاتي نابع من حبه الكبير لدينه .. دون أن ينتظر تكليفا يأتيه من الخليفة ...!!
* رأى المثنى تلك القبائل العربية المجاورة له ، و هي ترتد عن الإسلام بعد وفاة النبي ، و تتجهز لقتال أبي بكر ..
*
، و كان يدرك تماما حجم ( التمويل الخارجي ) الذي يصل جيوشهم من الفرس ليتم القضاء على المسلمين ..!!
.. فخرج المثنى بجيشه من بني شيبان ( و كانوا أربعة آلاف ) و قاتلوا هؤلاء المرتدين في شرق الجزيرة .. حتى هربت أعداد منهم إلى جنوب العراق ليحتموا بالحاميات الفارسية هناك .. ،
فطاردهم المثنى .. ، و اجتاز الحدود العراقية ، و تمكن من القضاء على تلك الفلول الهاربة ..
، ثم بدأ يتوغل داخل أراضي العراق ، و اشتبك مع بعض الحاميات الفارسية ، و استطاع أن يحقق انتصارات عليهم ، و غنم غنائم كثيرة ....!!
و وصلت أخبار تلك الانتصارات الرائعة التي حققها المثنى على الفرس إلى أبي بكر الصديق في المدينة ..
فانبهر به ، و بشجاعته ..!!
.. ولم يكن أبو بكر قد التقى بالمثنى من قبل..
فقال للناس متعجبا مما يسمع عنه :
(( من هذا الذي تأتينا وقائعه ، قبل أن نعرف نسبه ... ؟!! ))
.. فرد عليه قيس بن عاصم التميمي .. و كان يعرف جيدا من هو البطل المثنى بن حارثة ) .. و قال له :
(( إنه غير خامل الذِكر .. ، و غير مجهول النسب .. ، ولا قليل العدد .. ، إنه المثنى بن حارثة الشيباني ))
.. ثم قدِم المثنى إلى المدينة ، و قابل أبا بكر .. فكان هذا هو اللقاء الأول بينهما .. فقال له :
(( يا خليفة رسول الله ابعثني على قومي فإن فيهم إسلاما لأقاتل بهم أهل فارس ، و أكفيك أهل ناحيتي من العدو ))
.. أراد المثني بذلك أن يكون القائد العسكري على قومه بشكل رسمي ، و أن يأخذ من الخليفة كتابا إلى قومه بذلك .. ليس حبا في الزعامة ، و لكن ليضمن الطاعة الكاملة له من قومه أثناء عملياته الخطيرة ضد الفرس ..!!!
.. و وافق أبو بكر على إعطاء ( جواب التعيين ) للمثنى بن حارثة ليصبح بذلك قائدا رسميا على قومه ..
، فعاد إليهم ، و استأنف معهم غاراته على جنوب العراق .. ، وواصل انتصاراته على قوات الفرس هناك ، بل و توغل في الأراضي العراقية حتى شعر أن الأمر بدأ يزداد صعوبة ، فالفرس بدأوا يتكاثرون عليه .. لذلك أرسل إلى أبي بكر يطلب المدد .. فأشار عمر بن الخطاب على أبي بكر قائلا :
(( يا خليفة رسول الله ، ابعث له خالد بن الوليد مددا ))
.. و لذلك السبب أرسل أبو بكر إلى خالد بن الوليد .. الذي كان وقتها في اليمامة .. يأمره بأن يتحرك مباشرة بجيشه ليشارك المثنى بن حارثة في فتح بلاد العراق ..
فقد شجعته تلك الانتصارات التي حققها المثني على أن تكون بداية حركة الفتوحات الإسلامية إلى بلاد فارس و ليس إلى الشام ..
.. رغم أن كل المؤشرات كانت تدل على أن الفتوحات ستبدأ بالشام .. خاصة بعد انكسار حاجز الخوف في نفوس المسلمين من مواجهة جيوش الرومان القوية بعد تلك العمليات العسكرية التي تمت في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ضد الرومان .. في معركة مؤتة ، و في غزوة تبوك .. ، ثم جيش أسامة الذي خرج في خلافة أبي بكر لنفس الغرض كما عرفنا ...!!!
ولم تكن الفتوحات الإسلامية وليدة الصدفة ، إنما هي خطة واضحة المعالم أرسى قواعدها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته ، و بدأ في تنفيذها بالخروج لقتال الروم ، .. ثم ها هو ( الأسد الهصور ) يستكمل تنفيذ خطة النبي بعد أن انشغل عنها بحروب الردة سنة كاملة ..
و لآن .. نعود إلى خالد بن الوليد في اليمامة ...
.. حيث اتفق سيدنا / خالد مع جيش المدد الذي أرسله إليه أبو بكر من المدينة ، و مع جيش المثنى على أن يكون التقاءهم في منطقة بالقصيم تسمى ( النباج ) ليتحركوا سويا إلى جنوب العراق ..
و بالفعل ..
اجتمعت الجيوش الثلاثة تحت قيادة سيف الله المسلول ، فوصل بذلك إجمالي عدد المقاتلين معه إلى 18 ألف مقاتل .. !!!
.. ولكن .. الفارق لا يزال مَهولا بين أعداد المسلمين ، و أعداد القوات الفارسية الضخمة المدججة بأحدث الأسلحة .. !!!
.. و لعل في هذا رد كاف على هؤلاء الذين يصدعون رؤوسنا في كل مكان بمقولة : (( الإسلام انتشر بالسيف )) ..
.. أي سيف هذا ..؟!!! ،
.. ألم يسمعوا عن هذا الفارق الضخم بين أعداد المسلمين و أعداد الفرس .. ؟!!
... بل إن معارك الفتوحات الإسلامية كلها كان عدد الأعداء فيها .. دائما .. أضعاف أضعاف أضعاف عدد المسلمين ..
هذا بالإضافة للفارق الهائل في التسليح و الاستعدادات ..
.. لقد كان التقاء الجيوش الإسلامية بجيوش الفرس أو الروم .. في نظر المحللين و العسكريين .. هو عملية انتحارية بكل المقاييس المادية .. ، و لا يجرؤ على ذلك إلا أناس ( يوقنون ) فعلا أنهم مؤيدون من السماء .. !!!
.. كجماعة من النمل تقف في وجه قطعان من الفيلة ، ثم تتحداهم أن النصر سيكون لهم ..!!
* لقد كان هذا النصر .. المتكرر ، و الدائم .. للمسلمين هو الدليل (( العقلي الحسي )) الواضح وضوح الشمس على صدق تلك الرسالة التي جاء بها هؤلاء ( المساكين ) ليواجهوا أقوى إمبراطوريتين على وجه الأرض في ذلك الزمان .. !!
* و معروف أن الذين يقهرون الناس على أمر عقيدتهم ( بالسيف ) يجب أن يكونوا هم الأقوى ..
هذا أمر بديهي ، و لا يجادل فيه إلا الحمقى ...
المثنى ... إمام التجرد ....
* لو استطعنا أن نربي أولادنا .. بل و أنفسنا .. على هاتين الخصلتين اللتين رأيناهما في سيرة البطل المتواضع /
المثنى بن حارثة لتغير الكثير و الكثير من واقعنا المؤلم ...!!!
... و أقصد بذلك : إحساسه العالي بالمسؤلية تجاه دينه ،
و تجرده لله تعالى في عمله .. نحسبه كذلك و لا نزكيه على الله .. فهو القائد الوحيد مع سيدنا / خالد الذي يعرف جيدا طبيعة أراضي العراق ، وهو الخبير العسكري الوحيد بشؤون الفرس الحربية ، و استراتيجياتهم المتطورة في القتال ..
، و الذي يتبادر في الذهن أنه هو الأحق بمنصب القائد العام لجيوش المسلمين في فتح العراق ... !!
.. و مع ذلك .. فعندما أمر الخليفة / أبو بكر أن يكون القائد العام للجيوش هو خالد بن الوليد الذي لا يعرف أي شيئ عن الفرس ، ولا حتى عن العراق .. رضي المثنى و بكل تواضع أن يكون جنديا مطيعا مخلصا تحت قيادة خالد بن الوليد .. فلم يعترض .. ، و لم يتسخط .. ، و لم يقل :
(( أغفلوا خبراتي ، و قدراتي ، و ضربوا بها عرض الحائط .. ثم اختاروا خالدا هذا الذي يحتاجني لآخذه من يده .. كما يؤخذ الأعمى .. فأتحرك به في العراق )) ...!!!
.. و على الرغم من أن المثنى لم يكن من الصحابة الذين تربوا .. سنين طويلة .. على يد النبي ، إلا أنه تربى .. بالسماع .. عن سيرة النبي و أخلاقه .. حتى صار قدوة حسنة لمن بعده من القادة و المسئولين ..!!
.. وسنرى .. و في أكثر من مشهد .. كيف كان إنكاره لذاته تماما .. ؟!!
فسيدنا/ المثنى بن حارثة يطبق عليه بحق قول النبي صلى الله عليه وسلم :
(( طوبى لعبدٍ آخِذٍ بعنان فرسه في سبيل الله ، أشعث رأسه ، مُغبرة قدماه ، إن كان في الحراسة .. كان في الحراسة ، و إن كان في الساقة .. كان في الساقة ... ))
و لأنه كان .. رضي الله عنه .. مخلصا في تقديم النصح لخالد بن الوليد ، اختاره خالد ليكون قائدا لسلاح المخابرات الحربية ، فكان المثنى يتحرك دائما مع فرقة من فرسانه يسبق بهم الجيش الإسلامي ليستكشف لهم الطريق ، و ليأتي لهم بأخبار ، و استعدادات الفرس ... !!!
* تابعونا ...
استعمل هذا الرابط للانضمام إلى مجموعتي في واتساب: https://chat.whatsapp.com/BC7viGeTBpoCCaGgkpIaDR
❤️
1