Taalim.news
Taalim.news
June 12, 2025 at 08:01 PM
تتجدد في كل موسم تربوي النقاشات المرتبطة *بالعطلة الصيفية* المخصصة للأطر التربوية، حيث ترتفع أصوات بعض المتتبعين، بل حتى بعض الفاعلين الإداريين، مطالبة بتقليص مدتها بدعوى أنها "مبالغ فيها"، أو "تشكل امتيازًا غير مبرر" مقارنة بباقي القطاعات. وغالبًا ما تُطرح هذه الآراء دون استناد إلى معطيات موضوعية أو دراسات ميدانية دقيقة، بل تنبع من تصورات سطحية اختزالية، تنظر إلى مهنة التدريس من زاوية الحضور الجسدي داخل الفصل فقط، متجاهلة المجهودات غير المرئية التي تميز العمل التربوي. إن من "ينعقون" بمثل هذه الأطروحات يغفلون، بقصد أو بغير قصد، أن الأستاذ لا يكتفي بأداء الحصص الدراسية داخل القسم، بل يواصل عمله في المنزل لساعات يومية تتراوح بين ساعة وثلاث ساعات، من أجل إعداد الدروس، وتصميم التمارين، وإنجاز الجذاذات، وتصحيح الفروض، فضلاً عن البحث والتكوين الذاتي المستمر. وهي مهام تتطلب جهداً ذهنياً وتركيزاً عالياً، لا تقل أهمية عن العمل الإداري أو الميداني في باقي القطاعات. إن اختزال مهنة التعليم في عدد أيام العطلة الصيفية، دون اعتبار لحجم العمل غير المرئي الذي يُنجز على مدار السنة، يمثل اختلالًا مفاهيميًا، بل ظلمًا بيّنًا للفئة التي تتحمل مسؤولية إعداد الأجيال وتكوين المواطن. كما أن مقاربة زمن العطلة من منظور كمي فقط، بعيدًا عن الأثر النوعي لها في تجديد طاقة الأستاذ واستعادة توازنه النفسي، يُعدّ انزلاقًا نحو تبسيط غير مسؤول لقضايا التربية. وعليه، فإن الدعوات إلى تقليص العطلة الصيفية يجب أن تُدرج ضمن نقاش وطني رصين، مؤطر بمعطيات علمية دقيقة، ورؤية شمولية للوظيفة التربوية، تراعي توازن الحقوق والواجبات، وتُثمّن العمل التربوي في شموليته. كما أن الإصلاح الحقيقي لمنظومة التعليم لا يمر عبر التهوين من شأن الأطر التربوية أو الضغط عليها زمنياً، بل عبر الاستثمار في تكوينها، وتحفيزها، والاعتراف بدورها الحيوي في التنمية المجتمعية.
👍 ❤️ 10

Comments