*‏حدود الشرعية القانونية و مبدأ عدم التكليف بما لا يُطاق في ضوء الفقه الفرنسي* Les limites de la légitimité : le principe de l’impossibilité dans la pensée juridique française يُعتبر مبدأ " *عدم التكليف بما لا يُطاق* " أحد الركائز الأخلاقية التي يتقاطع فيها القانون مع العدالة، وهو مبدأ، وإن كان مستمدًا من الفقه الإسلامي بلفظه (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) ، فإن له نظيرًا راسخًا في الفقه الفرنسي، يتمثل في القاعدة الشهيرة: "À l’impossible nul n’est tenu"، أي "لا يُلزم أحد بالمستحيل"، هذه القاعدة لا تُعد مجرد حكمة شعبية تُتداول في الأوساط الفلسفية، بل هي قاعدة قانونية معترف بها تستند إليها المحاكم وتستحضرها النصوص، لا سيما في مجال العقود والمسؤولية المدنية. ففي القانون المدني الفرنسي، وبالتالي لا يجوز للقانون أن يتضمن في أحكامه تكليفا قهريا وإلا فقد شرعيته الجوهرية ! ويستند هذا المنطق أيضًا إلى نظرة فلسفية مفادها أن القاعدة القانونية ينبغي أن تكون واقعية، متناسبة مع ظروف الأفراد، ومبنية على تصوّر عقلاني للقدرة البشرية. وفي هذا السياق، كتب مونتسكيو أن القوانين يجب أن تكون ملائمة لطبيعة الشعوب التي وُضعت لها، وهو قول يحمل ضمنًا الاعتراف بضرورة أن تكون القواعد القانونية قابلة للتطبيق العملي وغير تعجيزية. وعليه، فإن الفقه الفرنسي، وإن لم يستعمل العبارة الإسلامية حرفيًا، إلا أنه يتبنّى نفس المبدأ في جوهره، ويعتبر أن أحد شروط شرعية القانون يتمثل في ألا يُحمّل الأفراد ما لا طاقة لهم به، وإلا فإن القاعدة القانونية تصبح عبثية وتخرج عن وظيفتها كأداة لتنظيم العدل وتحقيق الأمن القانوني.