
منتدى قضايا الثورة
May 26, 2025 at 02:00 PM
تقديس الزعماء.. حين يتفنّن البشر بتصغير عقولهم!
من أخطر الأمراض التي تمنع الشعوب من النهضة هو تبجيل الزعيم، وخلق هالة من التقديس حوله تحجب النقد وترفض النصيحة، حتى لو فعل الأفاعيل، من تفريط بالدين وانسلاخ عن الهوية، وهذه الآفة ليست خاصة بعامّة الناس، إذ إن هذه الفئة قد تقع بهذا المطب بسبب طبيعتها وظروفها الاجتماعية، لكننا نراه بوضوح لدى الفئة المتحرّكة في المجتمع، ممن تسير في التغيير وتهتم بالشؤون السياسية.
لقد وصفتُ هذا السلوك بالمرض لأن الإسلام حظر تمجيد الأشخاص، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث البخاري: "لَا تُطْرُونِي كما أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ؛ فإنَّما أَنَا عَبْدُهُ، فَقُولوا: عبدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ"، فإذا كان نبيّ الله نهى الناس عن الإطراء، وهو المبالغة في المدح، فكيف بمن هم دونه من القادة -حتى ولوا كانوا صالحين-؟ بل كيف بزعماء يُمدحون وتضاف عليهم أوصاف التعظيم وهم يستحقّون العزل والعقوبة؟
إن الإسلام نمط فكري فريد من نوعه، فهو الدين الوحيد الذي يربّي أفراده على اتّباع الفكرة لا الأشخاص، وتقديس المبدأ لا البشر، خِلافاً للأديان والنظم التي كانت سائدة وقتئذ، أو المبادئ التي أتت بعده حتى قيام الساعة، بل إن الشريعة الإسلامية لديها "حساسية" من مجرد الثناء على شخص في وجهه، كما روى ابن حِبان "أنَّ رجُلًا مدَح رجُلًا عندَ ابنِ عمرَ فجعَل ابنُ عمرَ يرفَعُ التُّرابَ نحوَه وقال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إذا رأَيْتُم المدَّاحينَ فاحثُوا في وجوهِهم التُّرابَ"، وهذا أمر طبيعي، فقد يضل الشخص الممدوح وينحرف، فيضل الناس معه إذا قدّسوه وربطوا الحق به، رُوي عن الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود أنه قال "مَن كانَ مُسْتَنًّا ، فَلْيَسْتَنَّ بمن قد ماتَ ، فإنَّ الحيَّ لا تُؤمَنُ عليه الفِتْنَة".
وهنا لا يُقال إن "الشعوب يجب أن تحفظ قدر رموزها وتعطيهم مكانتهم فهذا أدعى للتماسك وأحفظ للوحدة"، كما يهذي بعضهم جهلاً، لا يُقال ذلك لأنه لا رموز في الإسلام بعد رسول الله المعصوم، أو صحابته الأماجد، الذين هم معصومون بمجموعهم لا بأفرادهم، فقد يخطئ واحد منهم، لكنهم إذا أجمعوا على مسألة واتفقوا على حكم شرعي فلا ريب أنه الصواب. أما بعد النبي والصحابة فكل قائد عسكري أو زعيم سياسي يُتابَع بمقدار موافقته الإسلام، أما لو زلّ وانحرف، فأهمل أوامر الله في الحكم والقضاء، ونشر المنكرات، وطبّع مع "إسرائيل" فلا يُتابَع ولا يُحترم، عِلماً أن موافقة الإسلام ليست أمراً معقّداً، فهي الإخلاص لله ورسوله، والإيمان بمركزية الشريعة وأنها الحاكمة للحياة، واتّباع أوامر الله في جميع المجالات، خاصة الأحكام القطعية وما يُعرف من الدين بالضرورة.
إن الانخداع بالزعماء بسبب خطاب فصيح وكلام معسول هو ضرب من السطحية، كما أن تمجيدهم ورفعهم فوق مكانتهم لأنه قدّموا بعض الخِدمات الدنيوية هو إهانة للعقل المسلم، ويجب أن نذكر دائماً أن عمر بن الخطاب عزل خالد بن الوليد لأن الناس رمّزوه وربطوا النصر به، هذا وهو سيف الله المسلول الذي نكّل بأعداء الله وأنساهم وساوس الشيطان! يقول الفاروق رضي الله عنه "إني لم أعزل خالدًا من سخطة (غضب) ولا خيانة، ولكن الناس فُتنوا به فأحببت أن يعلموا أن الله هو الصانع". نعم الله هو الصانع، فضعوا الجميع على ميزان الله يا عباد الله حتى تعرفوا المصيب من المخطئ والمصلح من المفسد.
أحمد سعد/ ناشط سياسي.
يمكنكم الوصول لمواد مقترحة لدستور سوريا الجديد عبر الرابط:
https://drive.google.com/file/d/140WwgK3pU62ncHE9gtXvRG0okh3lJxdc/view?usp=drivesdk
#منتدى_قضايا_الثورة
#دستور_سوريا_الجديد
#قضايا
👍
3