يوم عرفة، سيد الأيام وأعظمها عند الله، يومٌ تتزاحم فيه القلوب على أبواب المغفرة، وتبكي الأرواح شوقًا إلى العتق والصفح، وتهمس فيه الأفئدة بنداء واحد: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك. هو يوم المشهد الأعظم، حين يقف الحجيج على عرفات، وقد نزعوا عنهم ثياب الدنيا، لا يحملون إلا رجاء القبول. ويشاركهم أهل الأرض كلهم في الذكر والدعاء، ففضل هذا اليوم لا يخص الحاج فقط، بل يمتد لكل من قصد الله بقلبه ولسانه، راجياً رحمته، تائباً بين يديه. في يوم عرفة، يُغفر للعباد ما مضى، وتُضاعف الأعمال، ويُعتق من النار من شاء الله له النجاة، وهو يوم إكمال الدين وإتمام النعمة، كما نزل فيه قوله تعالى: ﴿اليوم أكملتُ لكم دينكم وأتممتُ عليكم نعمتي ورضيتُ لكم الإسلام دينًا﴾. آية عظيمة تعبر عن معنى (لبيك لا شريك لك)، تقرّر أن هذا الدين قد اكتمل، فلم يبقَ لأحد أن يزيد أو يُنقص، ولا أن يبتدع أو يُحوّر، ولا أن يتحاكم إلى غير ما أنزل الله. فالإسلام ليس طقوساً تعبدية فحسب، بل هو دين متكامل، فيه منهج للحياة، ونظام للحكم، وتشريع للعدل. ولن تنهض هذه الأمة من كبوتها، ولن تسترجع كرامتها وعزتها، حتى تتحاكم إلى شرع الله وحده، وتخلع عنها كل حكمٍ جائر وضعه الطغاة، وفرضه المستعمرون. اللهم في يوم عرفة... نسألك يا واسع الرحمة، ويا عظيم العفو، أن تفرّج عن أمتنا الكروب، وأن ترفع عنها البلاء، وتكسر قيد المظلومين، وتعجّل بزوال الظالمين. اللهم لا تدع في أمتنا محروماً إلا أعطيته، ولا سجينًا إلا فككت أسره، ولا مظلوماً إلا نصرتَه، اللهم اجعل هذا اليوم بداية فجرٍ جديد، ويقظة أمةٍ تعود إليك، وتحكم بشرعك، وتعتزّ بدينك، وتخلص لك وحدك لا شريك لك. آمين يا أرحم الراحمين. #منتدى_قضايا_الثورة #يوم_عرفة #عيد_الأضحى