
منتدى قضايا الثورة
June 7, 2025 at 12:06 PM
العيد.. المعنى الغائب
من أهم المفاهيم التي يجب أن يتبصّرها المسلمون، مفهوم الأعياد والغاية منها، وحريُّ بنا هنا مع حلول عيد الأضحى أن نعيد إلى الأذهان ما انمحى، ونجدّد من المعاني ما اندرَس واختفى، بفعل ابتعاد الأمة عن فهم إسلامها أولاً، ثم تسلُّط الأعداء عليها ثانياً، الذين تسلّلوا من ثغرة ضعف فهم المسلمين لدينهم، فكرّسوا الضعف وعزّزوه، ووسّعوا الثغرة أيما توسعة.
لم يشرع الله تعالى للمسلمين إلا عيدين اثنين، الأول هو عيد الفطر، والآخر هو عيد الأضحى، وهما ليسا أعياد دنيا فانية ومتاع زائل وبهجة مادية استهلاكية، إنما أعياد عبادة وتبتُّل، وتعظيم للشعائر، والحمد والثناء على الله، وطلب الرحمة والغفران، فعيد الفطر هو احتفال ببداية نزول القرآن وإكمال الصيام، وعيد الأضحى احتفاء باكتمال الوحي، وإتمام الدين في حجة الوداع من ذي الحجة، فأعيادنا أعياد عقائدية مبدئية، ترتبط بأعظم حدث مرّ على البشرية، وهو نزول واختتام الإسلام الذي منّ الله فيه على العباد، وأخرجهم به من الخضوع للطواغيت إلى الخضوع له سبحانه وجلّ مجده وتقدّست عظمته.
إن الفرح بالعيد من شعائر الدين، لا نشك في ذلك، لكن العيد لا يكون بتغيير الثياب فقط دون أن يصاحبه عمل دائم وسعي دؤوب لتغيير الأوضاع السياسية المخالِفة للإسلام، ولا ينبغي أن نستشعر فرحة العيد دون أن نتُوق لاستشعار فرحة النصر على المستكبرين، وإقامة الإسلام واستعادة بلادنا السليبة، قال الأديب مصطفى صادق الرافعي بمقال "المعنى السياسي في العيد" المضمَّن في كتابه البديع (وحي القلم): "فالعيدُ صوتُ القوةِ يَهتِفُ بالأُمَّة: أَخرِجي يومَ أفراحِك، أخرِجي يومًا كأيّامِ النصر! ليس العيدُ إلا إشعارَ هذه الأُمَّةَ بأنَّ فيها قوةَ تغييرِ الأيام، لا إشعارَها بأنَّ الأيامَ تتغيَّر؛ وليس العيدُ للأُمَّةِ إلا يومًا تَعرِضُ فيه جمالَ نظامِها الاجتماعي، فيكونُ يومَ الشعورِ الواحدِ في نفوسِ الجميع، والكلمةِ الواحدةِ في ألسِنَةِ الجميع؛ يومَ الشعورِ بالقُدرةِ على تغييرِ الأيامِ، لا القُدرةِ على تغييرِ الثِّياب، كأنَّما العيدُ هو استراحةُ الأسلحةِ يومًا في شعبِها الحربيّ.
ويكمل الرافعي فيقول "وليس العيدُ إلا إبرازَ الكُتلةِ الاجتماعيّةِ للأُمَّةِ مُتميِّزةً بطابعِها الشعبيّ، مفصولةً من الأجانب، لابسةً من عملِ أيديها، مُعلِنةً بعيدِها استقلالَينِ في وجودِها وصناعتِها، ظاهرةً بقوَّتَينِ في إيمانِها وطبيعتِها، مُبتهِجةً بفرحَينِ في دُورِها وأسواقِها؛ فكأنَّ العيدَ يومٌ يفرحُ الشعبُ كلُّه بخصائصِه".
إن العيد هو يوم يأتي بين أيام سابقة نَملؤها بالعمل لله، بطاعة الله، ولإعلاء كلمة الله، وأيام لاحقة، نعبّئها بالنشاط الإيماني والعمل الصالح والتقوى، قال العلّامة محمود شاكر في مقاله "أعيادُنا" المجموع في (جمهرة المقالات): "أعيادُ الأُمَمِ هي الأيامُ التي تُستعلَنُ فيها خصائصُ الشعوبِ وذَخائرُها وخَلائقُها الأدبِيّةُ والعقليَّةُ والنفسيَّةُ والسياسيَّة، هي الأيامُ المُبتهِجَةُ التي تَنبضُ بالحياةِ وأسبابِها في الأُمَّة، لتَدُلَّ على السرِّ الحيويِّ الساري في أعصابِ الحياةِ العمليَّةِ اليوميَّةِ المُتتابعةِ على نظامٍ من الجِدِّ لا يَكادُ يَختلِف".
وإذا كانت الدول المعاصرة تحتفل بأعيادها الوطنية فتخصّص يوماً للافتخار بيوم تأسيسها، سواء دول الغرب، أو الدول المصطنعة في بلادنا، فجدير بالمسلمين أن يحتفلوا بالعيد بقلوب وعقول مصمِّمة على استئناف الحياة الإسلامية، وبعْث حضارة القرآن مجدداً، لتكون أعيادها المقبلة ذا معنى مختلف في ظلال حُكم الإسلام الوافرة، وما أحرى بخطباء المنابر أن يذكّروا بحقيقة الأعياد بدل تكرار المواعظ الباردة، والكلام المملول، قال الرافعي "ألا ليت المنابر الإسلامية لا يخطب عليها إلا رجالٌ فيهم أرواح المدافع، لا رجال في أيديهم سيوف من خشب"، وكل عام والأمة الإسلامية بخير.
أ. أحمد سعد/ ناشط سياسي.
لمتابعتنا على وسائل التواصل:
تيليجرام:
https://t.me/sawrah
قناة واتساب:
https://whatsapp.com/channel/0029VaBxqtfGE56llFmEu62N
تويتر:
https://twitter.com/muntadaqadaya
انستغرام:
https://www.instagram.com/muntadaqadaya/
فيسبوك:
https://www.facebook.com/muntadaqadaya
#منتدى_قضايا_الثورة
#الثورة_السورية
#أضحى_مبارك
👍
❤️
3