
منتدى قضايا الثورة
June 11, 2025 at 03:14 PM
الرأي العام بين الحوار السطحي والحوار العميق
إذا أحسنا الظن، يمكننا وضع عنوان الحوار السطحي تعقيبًا على موضوع المؤتمر الصحفي لهيئة السلم الأهلي، ممثلة بحسن صوفان، ووزارة الداخلية، ممثلة بنور الدين البابا.
إن إغلاق القضايا عند مستويات:" قالت القيادة كذا، وأعطت القيادة الأمان لكذا، وتعاونت وتواصلت غرفة عمليات ردع العدوان مع كذا وكذا"، هو مستوى اللاحوار؛ بل اللاجواب، وإنما تبليغ ما طُوي من أخبار معلومة لمن شارك أو تابع تقدم عملية ردع العدوان حتى هروب الفأر بشار.
وليس مكان المقال سرد الوقائع والأحداث؛ لكن الذي أردته هو البحث والحوار -بوعي وعمق- في القضية، من خلال النقاط التالية:
١- إن الذي يستدعي فكرة (العفو واذهبوا فأنتم الطلقاء) من السيرة النبوية، ويعتبر نفسه يطبّق حكمًا شرعيًا، لا ينبغي أن ينسلخ بعدها عن الشريعة ويطبّق الأحكام الوضعية والأفكار الوطنية، لأن الطليق صار بطلًا، والمجرم صار مقرِّرًا للعدل والسلم.
إن وضع الطلقاء والفلول والطبقة المشيخية والسياسية العامة أمام استحقاق تطبيق الشريعة كان سيكشف من الذي استفاد من فرصة العفو، وندم عمّا فات، وأقرّ بهزيمة النظام الذي كان يدافع عنه، واعتبر نفسه الابن البار للنظام الجديد المنتصر، وانقاد طواعية للنظام الذي صدر عنه العفو، ألا وهو النظام الإسلامي.
وسيكشف الذي يعادي أهل التحرير والتغيير، ويريد تدوير الأحداث والنظام الجديد لصالح استنساخ نظام علماني يفتح الزوايا والآفاق لاستمرار الفساد والاستبداد، وبعد هذا الكشف سيكون للمطيع حُكمُه ومكانه، وللمعادي حُكمُه وعقابه، فإذا وجد أهل الثورة أن نتيجة صبرهم وجهادهم، حُكمًا بالشريعة، وإقامةً للعدل، وأخذًا للمجرم؛ وضعوا يدهم بيد الحكومة، وقاموا إلى التحصين والبناء وحينها تزدهر البلاد، وتتداوى الجراح، ويأخذ كل حقه.
٢- إن كل أعمال الحكومة، وكل إبداعات الحوار الوطني، ثم الإعلان الدستوري، ثم عمل لجنة السلم الأهلي، أو لجنة العدالة الانتقالية بشكل عام، جاءت في ضوء وسياق ما قرّره المجتمعون في العقبة بعد ستة أيام من هروب بشار، لملء فراغ السلطة على أساس ما أعلنوه في البيان الختامي: [... ودعم عملية انتقالية سلمية تمثل كل القوى السياسية والاجتماعية...]؛ [لإنجاز عملية انتقالية وفق قرار مجلس الأمن 2254، تلبي طموحات الشعب السوري الشقيق، وتضمن إعادة بناء مؤسسات الدولة].
إن السلمية المشترطة، والسير وفق قرار مجلس الأمن، هي البيئة التي تعهدت بها السلطة ورجالاتها ممن يقومون بالتسويات مع المجرمين أمثال: (صقر، ونجيب، والشعار، وسقراط)، فلا يكذب أحدهم ويدّعي أنها ضرورات محلية أو ثمار تعاون عملياتية؛ بل هي أجندات فُرضت من الخارج، وقُبلت من السلطة، واتُّفق على سيناريوهات إخراجها في الحوار الوطني، والعدالة الانتقالية، والسلم الأهلي.
٣- إننا نصرّ على أن قضية الثورة هي قضية تغيير شامل، قبل أن تكون قضية بناء، أو تأمين الحد الأدنى من التهدئة، أو تخفيف فاتورة المعركة، وهذا يحتاج توضيحًا وتفصيلًا حتى لا تطيش الأفكار:
أ - التغيير قبل البناء:
إن البناء على قواعد وتفاهمات تسليم السلطة، التي جرت بين الجلالي والشرع، هو بناء خاطئ.
واستمرار برامج البناء على قواعد وتفاهمات رفع العقوبات وجذب الاستثمارات، هو استمرار منحرف وبعيد عن أهداف الثورة.
فالواجب أن تُجهز الثورة المنتصرة على قواعد النظام السابق وقوانينه، وتُعلن سقوط حكومته ومن يمثلها، وتُعلن التغيير الشامل بوضع نظام الإسلام موضع الحكم والتطبيق، والسير في برامج البناء في الداخل، ورفض العقوبات والإملاءات من الخارج، على أساس الندية والتحدي، بنظام مبدئي واعٍ يمثل أعظم ثورة منتصرة في هذا العصر.
ب -التغيير الكامل وتحقيق أهداف الثورة لا يجوز التنازل عنه بدعوى توفير فاتورة الدماء:
والمقصود: إذا كانت الدماء بُذلت من أجل إسقاط النظام بشكل كامل، لا يجوز أن نأتي في آخر المطاف لنُغيّر ونُبدّل ونُخدع بتسويات الهاربين من مصيرهم المحتوم بعد انهيار النظام.
فلا يُترك القصاص من المجرمين لأجل استسلام المنهزمين، بل يكون الاستسلام والتسليم والأمان على شروط المنتصر، وليس على شروط المجرم المنهزم.
ج -التغيير هو الذي يضمن الحد الأعلى وليس الأدنى من التهدئة والأمن والسلام العام:
إن التغيير الشامل، ووضع نظام الإسلام الذي يرعى الناس بالعدل والسوية، ويجعل تنزيل الأحكام الشرعية على الوقائع حلًّا للمشكلات وتفكيكًا للعُقَد، هو الذي يُصحّح المجتمع بشكل دائم، ويُحقق الأمن والسلام. ودون ذلك، تكريسٌ للمشاكل، وتفاقمٌ للأوضاع، وانفلاتٌ لا قدّر الله.
ونكتفي بهذا القدر، ونعدكم أن يتسع الحوار بعمق وتفصيل في مقالات لاحقة، إن شاء الله.
وختامًا نقول: إن الحوارات الواعية العميقة، هي التي يجب أن تأخذ مكانها في النقاش العام، وهي المؤهلة لتصحيح الرأي العام نحو إنجاز التغيير، وتحقيق البناء على أسس سليمة.
وغير ذلك، هو إهدار للطاقات والجهود، وتضييع لفرصة التأثير والإنجاز، وإغراق للجمهور بمعركة هامشية هنا، أو جانبية هناك.
نسأل الله لنا ولكم العفو والعافية.
راجي رحمة ربه، منير أبو اليسر.
#منتدى_قضايا_الثورة
#الثورة_السورية
#قضايا
👍
5