
.•إشــراقات دينية🤍🌸•.
May 23, 2025 at 11:53 AM
قصة من نور ووفاء...
يحكيها صاحبها بعد ثمانين عامًا، كأنها بالأمس، وكأنها نقش في قلب الزمان...
يقول: كنا نرعى الأغنام، ونجتهد في تربيتها حتى تكبر وتسمن، ثم نأخذها إلى سوق بعيد نرجو فيه رزقًا. وفي يومٍ ضاقت بي الحال، ولم أجد سوى خروف كبير، فقررت الذهاب به إلى السوق رغم وعورة الطريق وطول المسافة.
في طريقي التقيت برجلٍ غريب يحمل عشرة خراف، وكان وجهته السوق أيضًا، فسرنا معًا. وبينما نقطع المسافات، لمحنا خيمة مهجورة، فقلت له: "هيا نرتاح قليلاً." فوافق.
اقتربنا من الخيمة، فاستقبلتنا ثلاثة أعين صغيرة، ثلاثة أطفال يتضورون جوعًا، تحفّ أجسادهم النحيلة ثياب ممزقة وبرد قاسٍ. سألتهم: "أين أبوكم؟" فقالوا: "ذهب يبحث عن شيءٍ نأكله، وأمّنا وضعت مولودًا البارحة، ولا طعام لدينا."
نظرت إلى صاحبي وقلت: "هيا نذبح خروفًا لإطعامهم." فأجاب بجفاء: "لن أذبح من خرافي. إن شئت فاذبح خروفك."
تأملت وجوه الأطفال، ثم نظرت إلى خروفي الوحيد، فذبحته وأطعمتهم. أكلنا جميعًا، وتعالت ضحكات الصغار، كأنما دبت الحياة في الخيمة. علّقت ما تبقى من اللحم وانطلقنا.
قلت لصاحبي: "لم يعد لي نصيب في السوق. سأتوجه إلى قريب لي في الجوار."
وصلت، فرحّب بي، وطلبت منه مالاً أستعين به لأولادي. وفي الليل، خرجت لقضاء حاجتي، فوقع بصري على كيس قماش في زاوية من الطريق، فتحته فإذا هو ممتلئ بذهب! دمعت عيناي وشكرت الله، وتذكرت وجوه الأطفال التي أطعمتها.
في الصباح أعطاني قريبي ما طلبت، فقلت له: "لم أعد بحاجة إليه"، ثم أهديته خمس قطع من الذهب وقلت: "هذا رزق ساقه الله لي ولك."
ذهبت إلى السوق واشتريت حاجات أولادي، وفي طريقي قابلت صاحبي. كان وجهه شاحبًا، فسألته: "ما بك؟" قال: "جرفت السيول كل خرافي، ولم أعد أملك شيئًا."
فتذكرت حينها قول النبي: "صنائع المعروف تقي مصارع السوء."
ومن جبر خاطرًا، جبر الله خاطره، ومن زرع خيرًا، جناه وقت الشدة.
فلا تحتقر معروفًا، فربّ خروفٍ أعاد لبيتٍ الحياة، وجلب لصاحبه ذهبًا من السماء.