
SUDAN 🇸🇩 السودان
June 13, 2025 at 06:44 AM
رسالة وعي (44)
علاقة الدين بالدولة عند الدكتور كامل إدريس
✍ بقلم: أ.د. طه عابدين طه
📆 الجمعة 13/ 6/ 2025م – 17/ 12/ 1446هـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
🔍 في سياق قراءتنا التحليلية لكتاب الدكتور كامل إدريس "السودان 2025: تقويم المسار وحلم المستقبل"، نقف اليوم عند إحدى القضايا المفصلية التي تناولها المؤلف، وهي قضية علاقة الدين بالدولة، والتي مثلت ولا تزال أحد أبرز مرتكزات النقاش الفكري والسياسي في السودان المعاصر.
وقد جاءت معالجة الكاتب لهذه المسألة موزعة على مواضع متعددة من الكتاب، نذكر منها أبرزها، مع التعليق والتحليل:
🔹 أولًا: في سياق الدروس والعبر (ص: 142)
تحت عنوان "الدين والسياسة"، أورد الكاتب ما يلي:
"نظامنا السياسي يجب أن يؤسس على الديمقراطية والتنمية والعدل والمساواة، ويقوم على التعددية والتعايش بين الأعراق والأديان والثقافات المختلفة دون تمييز أو إقصاء".
📌 وهذا الطرح يُعبّر عن رغبة واضحة في بناء نظام مدني تعددي، يتجاوز النزاعات العرقية والدينية، ويُراهن على قيم التعايش والعدالة.
🔸 غير أن الملاحظة الجوهرية هنا هي غياب المرجعية الدينية عن الإطار التأسيسي للنظام السياسي المقترح.
▪ وهذا الإغفال يُثير تساؤلًا مشروعًا حول مدى تمثيل هذا النموذج للقناعات الراسخة لدى الأغلبية المسلمة في السودان، وهي قناعات تستند إلى رؤية راسخة ترى في الإسلام دينًا حقًّا ومرجعية شاملة لمجالات الحكم والسياسة والاجتماع.
🔸 إن هذه الأغلبية لا تنظر إلى الإسلام بوصفه أحد الخيارات بين أنظمة بشرية، بل تعتبره المرجعية الإلهية العليا التي لا يجوز معارضتها بأنظمة وضعية تعتريها صور النقص والهوى البشري.
🔸 ومن المثير للمفارقة أن دعاة الديمقراطية – في مختلف دول العالم – يقرّون بحق الأغلبية في بناء أنظمتهم الدستورية على ما يؤمنون به من قيم ومبادئ.
▪ وسوف نفصّل في مقال لاحق بإذن الله كيف أن إرادة الأكثرية تُراعى في النظم الديمقراطية الغربية ذاتها، مما يجعل تجاهلها في السياق السوداني موضع تساؤل ونقد، خاصة وقد أشار المؤلف (ص:50) " أن تركيبة المجتمع السوداني تنبض بروح التدين" الذي يصعب تجاهله أو تجاوزه.
🔹 ثانيًا: في باب جذور الأزمة (ص: 184)
أدرج الكاتب قضية صراع الهوية كأحد أمهات الأزمات السودانية، مشيرًا إلى وجود "هويتين رئيسيتين":
-- الشمال المسلم الذي يمثل ثلثي الأرض والسكان، الذي يجمع بين أصول عربية وإفريقية،
-- والجنوب الإفريقي المسيحي بمعتقداته المحلية.
📌 ويبدو أن هذا التوصيف قد كُتب قبل انفصال الجنوب، إذ لم يُراعِ التحول الديمغرافي والجغرافي العميق الذي نجم عن الانفصال، حيث بات أكثر من 95% من سكان السودان يدينون بالإسلام، وتوارت الثنائية الثقافية القديمة لصالح هوية إسلامية عربية إفريقية جامعة.
📌 كما أن القراءة لا تفرّق بين التعدد الثقافي المشروع، وبين ازدواج الهوية المولّد للصراع. وفي الوقت ذاته، فإن أهل الشمال - كما يشهد الواقع - لم يكونوا يسعون لفرض الدين أو الثقافة على غيرهم، لا قبل الانفصال ولا بعده.
🔹 ثالثًا: في الفصل الثامن (ص: 345)
🕌 أبرز الكاتب أهمية العودة إلى صحيح الدين وتنقيته من الشوائب، فقال:
"تزداد أهمية العودة إلى صحيح الدين وتحريره من شوائب التوظيف المغرض أو المسيء للدين، وإذكاء الاجتهاد".
📌 وهذه دعوة موفقة تعكس إدراكًا لأهمية الدين في حياة الناس، ولكنها جاءت في سياق أخلاقي وتنموي عام، دون أن تُبنى عليها رؤية مؤسسية تُدرج الدين كجزء من الحل السياسي والاجتماعي.
🔹 رابعًا: ملاحظات على تغييب الدين في المحاور المركزية
❗ على الرغم من ورود إشارات متفرقة إلى الدين في ثنايا الكتاب، إلا أن معالجته للقضايا الجوهرية تشهد غيابًا واضحًا للمرجعية الدينية، ويمكن رصد ذلك في مواضع عدّة،
📍 من أبرزها:
🔸 تعريف الحكم الراشد جاء خاليًا من أي ربط صريح بالأسس الدينية، أو بمفاهيم الشورى والعدل في الإسلام.
▪ هذا الإغفال يُضعف البناء القيمي ويُفرغ المفهوم من بُعده الأخلاقي.
🔸 تقديم الهوية الوطنية على الهوية الثقافية والدينية (ص: 19)
▪ عُولجت الهوية من زاوية وطنية بحتة، دون اعتبارٍ للهوية الإيمانية التي شكّلت نسيج الوعي السوداني عبر التاريخ في سياق يُفترض فيه التكامل لا التزاحم.
▪ في حين أن التكامل بين الهويات الثلاث (الوطنية، والثقافية، والدينية) هو المدخل الأمثل لبناء الشخصية الجامعة.
🔸 معالجة أزمات السودان دون اقتراح مرجعيات دينية أو مؤسسات شرعية فاعلة
▪ طرح معالجات لأزمات السودان دون اقتراح مؤسسات شرعية أو مرجعيات دينية فاعلة، على الرغم من أن المؤسسات الدينية وعلى رأسها المساجد، تُعد من أنجع الوسائل لتحقيق الوحدة والسلم المجتمعي.
▪ مع أن التاريخ يشهد بأدوار محورية للمساجد والخلاوي والمعاهد الدينية في تربية الأفراد وتكوين الوجدان الجمعي، وهي مؤسسات ذات قابلية عالية للتفعيل إذا أُحسن توظيفها.
⛔⛔⛔⛔
⭕ عمق مسألة الدين والدولة في التصور الإسلامي
🔗 إن علاقة الدين بالدولة في التصور الإسلامي ليست مسألة سياسية خالصة، بل هي امتداد لعقيدة التوحيد التي توجب الحاكمية لله وحده،
📖 كما قال تعالى: "إن الحكم إلا لله" [يوسف: 40]
وقال تعالى: "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكّموك فيما شجر بينهم" [النساء: 65]
📍 وفي هذا السياق، فإن الشريعة ليست فقط نظامًا تشريعيًا، بل هي نظام شامل لكل جوانب الحياة:
🗒 اجتماعيًا: تبني مجتمع الرحمة، وتؤسس للسلم الأهلي، وتعالج النزاعات والخصومات، وتؤسس لبناء المجتمع الموحد باختلاف مكوناته العرقية والثقافية وغيرها.
🗒 سياسيًا: تقرر مبادئ الشورى، والعدل، والطاعة، والمساءلة، وتكفل الحقوق للجميع.
🗒 اقتصاديًا: تحارب الربا والغش والظلم والمكاسب المحرمة والرشوة والفساد، وتحفّز الإنتاج، وتضبط مسائل الكسب والانفاق، وتحفظ المال العام وتحرم الاعتداء عليه.
🗒 تربويًا: تصوغ المناهج بما يحفظ القيم والثوابت والأخلاق.
🗒 تشريعيًا: تنظّم تكوين الأسرة وتوزيع الميراث، وحدود تحد من الجرائم والفساد، وأحكام يقوم عليها الحلال والحرام.
🗒 فكريًا: تقدم تصورًا موحدًا عن الإنسان والكون والحياة، يتمايز عن النظريات البشرية من علمانية أو ماركسية.
💡 وبذلك، فالشريعة نظام جامع لا يقبل القَطع ولا التجزئة، وهي الأساس الذي يُوحِّد الناس على منهج رباني يجمع ولا يفرق، ويحقق العدل وينبذ كل صور الظلم، ويرعى جميع الحقوق، ولذا أمر الله تعالى بالتمسك والاعتصام به، قال تعالى:
📖 "واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرّقوا" [آل عمران: 103]
🔶 إقصاء الدين: خطر على وحدة الأمة السودانية
⚠ إن النظر إلى صراع الهوية كمسألة سياسية فقط، مع تجاهل الجانب العقدي والقيمي والسلوكي، يفضي إلى تسطيح جذور المشكلة.
📌 فإقصاء الدين من الهوية الوطنية هو في نظر الغالبية إقصاء للركيزة الأساسية للوحدة والإصلاح والعدل، وهو تجاوز لرغبة أكثر من 95% من الشعب، ولا يمكن لأي بديل جغرافي أو ثقافي أو تاريخي أن يملأ هذا الفراغ.
🌱 ومع ذلك، فإن أهل الدعوة والدين لا يسعون لفرض الدين على غيرهم، بل يوقنون بمبدأ: "لا إكراه في الدين" [البقرة: 256]
📜 ويؤمنون برعاية حقوق المخالف، كما قال تعالى: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين... أن تبروهم وتقسطوا إليهم" [الممتحنة: 8]
📌 وهم يرون في النموذج النبوي وفترات الخلافة الإسلامية المتعاقبة هي خير مثال لبناء دولة ذات هوية إسلامية مع رعاية حقوق الأقليات الأخرى وتحقيق التعايش السلمي.
🔶 الدين في البرامج السياسية
📌 ولعلّ استدعاء الدين كمشروع وطني جامع، لم يكن حكرًا على تيار معين، بل هو ما سعت إليه معظم الأحزاب السودانية الكبرى مع تفاوت بينهم في الجدية والرؤية العميقة، في آخر انتخابات:
الحزب الديمقراطي بطرحه لبرنامج الحكومة الإسلامية،
حزب الأمة من خلال برنامج الصحوة الإسلامية،
الجبهة الإسلامية في مشروع الشريعة.
📌 وقد أحسن الكاتب حين دعا لإخراج الدين من المزايدات السياسية، لكن المطلوب – في المقابل – هو تثبيت الدين ضمن الثوابت الوطنية، مثل الوحدة، والأمن، والعدالة، والسلام.
🔸 فالسودانيون – في غالبيتهم – يدركون بوعي أن الإشكال ليس في الدين ذاته، إذ هو تشريع رباني متكامل ومحكم، وإنما يكمن الخلل في فهمه وتطبيقه.
▪ ومن ثمّ، فإن ما يقع من ممارسات خاطئة باسم الشريعة لا ينبغي أن يُحمّل للدين، بل يجب تصحيحه وتنقيته كممارسة وسلوك بشري منحرف عن الدين الحق، دون أن يُتخذ ذريعة للصد عنه أو استبعاده من الحياة العامة.
🔷 خاتمة
📌 إننا لا ندعو لدولة استبدادية باسم الدين تُقصي الآخر وتمارس الفساد، بل لدولة تقوم على العدالة والاعتدال ذات مرجعية إسلامية، تصون الحقوق، وتراعي التعدد، وتستند إلى شريعة ربانية تجمع ولا تفرّق، تبني ولا تهدم.
📚 وهذه الرؤية هي ما يقرّه النص، والعقل، والتجربة.
📌 وإننا نؤمن بأن قضية الدين والدولة، بما لها من حساسية ومركزية، لا ينبغي أن تُترك للمزايدات السياسية أو التأويلات، ويمكن حسمها عبر مؤتمر دستوري جامع، يُبنى على الحوار الحرّ المسؤول، الذي يشارك فيه جميع مكونات المجتمع، ويُؤسس لمرجعية وطنية راشدة، تعترف بالدين كعامل وحدة، لا سبب فرقة، وتؤسس لعقد اجتماعي متين يجمع بين هوية الأمة وحقوق مكوناتها.
📌 وإن أي مشروع وطني لا يستصحب الدين في صلب بنائه، لن يكون قادرًا على توحيد الأمة السودانية، ولا على صياغة مستقبل مستقر لها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
#رسائل_وعي
#السودان_2025
#الدين_والدولة
#الهوية_الإسلامية
#الشريعة_والحكم
#طه_عابدين_طهرسالة وعي (44)
علاقة الدين بالدولة عند الدكتور كامل إدريس
✍ بقلم: أ.د. طه عابدين طه
📆 الجمعة 13/ 6/ 2025م – 17/ 12/ 1446هـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
🔍 في سياق قراءتنا التحليلية لكتاب الدكتور كامل إدريس "السودان 2025: تقويم المسار وحلم المستقبل"، نقف اليوم عند إحدى القضايا المفصلية التي تناولها المؤلف، وهي قضية علاقة الدين بالدولة، والتي مثلت ولا تزال أحد أبرز مرتكزات النقاش الفكري والسياسي في السودان المعاصر.
وقد جاءت معالجة الكاتب لهذه المسألة موزعة على مواضع متعددة من الكتاب، نذكر منها أبرزها، مع التعليق والتحليل:
🔹 أولًا: في سياق الدروس والعبر (ص: 142)
تحت عنوان "الدين والسياسة"، أورد الكاتب ما يلي:
"نظامنا السياسي يجب أن يؤسس على الديمقراطية والتنمية والعدل والمساواة، ويقوم على التعددية والتعايش بين الأعراق والأديان والثقافات المختلفة دون تمييز أو إقصاء".
📌 وهذا الطرح يُعبّر عن رغبة واضحة في بناء نظام مدني تعددي، يتجاوز النزاعات العرقية والدينية، ويُراهن على قيم التعايش والعدالة.
🔸 غير أن الملاحظة الجوهرية هنا هي غياب المرجعية الدينية عن الإطار التأسيسي للنظام السياسي المقترح.
▪ وهذا الإغفال يُثير تساؤلًا مشروعًا حول مدى تمثيل هذا النموذج للقناعات الراسخة لدى الأغلبية المسلمة في السودان، وهي قناعات تستند إلى رؤية راسخة ترى في الإسلام دينًا حقًّا ومرجعية شاملة لمجالات الحكم والسياسة والاجتماع.
🔸 إن هذه الأغلبية لا تنظر إلى الإسلام بوصفه أحد الخيارات بين أنظمة بشرية، بل تعتبره المرجعية الإلهية العليا التي لا يجوز معارضتها بأنظمة وضعية تعتريها صور النقص والهوى البشري.
🔸 ومن المثير للمفارقة أن دعاة الديمقراطية – في مختلف دول العالم – يقرّون بحق الأغلبية في بناء أنظمتهم الدستورية على ما يؤمنون به من قيم ومبادئ.
▪ وسوف نفصّل في مقال لاحق بإذن الله كيف أن إرادة الأكثرية تُراعى في النظم الديمقراطية الغربية ذاتها، مما يجعل تجاهلها في السياق السوداني موضع تساؤل ونقد، خاصة وقد أشار المؤلف (ص:50) " أن تركيبة المجتمع السوداني تنبض بروح التدين" الذي يصعب تجاهله أو تجاوزه.
🔹 ثانيًا: في باب جذور الأزمة (ص: 184)
أدرج الكاتب قضية صراع الهوية كأحد أمهات الأزمات السودانية، مشيرًا إلى وجود "هويتين رئيسيتين":
-- الشمال المسلم الذي يمثل ثلثي الأرض والسكان، الذي يجمع بين أصول عربية وإفريقية،
-- والجنوب الإفريقي المسيحي بمعتقداته المحلية.
📌 ويبدو أن هذا التوصيف قد كُتب قبل انفصال الجنوب، إذ لم يُراعِ التحول الديمغرافي والجغرافي العميق الذي نجم عن الانفصال، حيث بات أكثر من 95% من سكان السودان يدينون بالإسلام، وتوارت الثنائية الثقافية القديمة لصالح هوية إسلامية عربية إفريقية جامعة.
📌 كما أن القراءة لا تفرّق بين التعدد الثقافي المشروع، وبين ازدواج الهوية المولّد للصراع. وفي الوقت ذاته، فإن أهل الشمال - كما يشهد الواقع - لم يكونوا يسعون لفرض الدين أو الثقافة على غيرهم، لا قبل الانفصال ولا بعده.
🔹 ثالثًا: في الفصل الثامن (ص: 345)
🕌 أبرز الكاتب أهمية العودة إلى صحيح الدين وتنقيته من الشوائب، فقال:
"تزداد أهمية العودة إلى صحيح الدين وتحريره من شوائب التوظيف المغرض أو المسيء للدين، وإذكاء الاجتهاد".
📌 وهذه دعوة موفقة تعكس إدراكًا لأهمية الدين في حياة الناس، ولكنها جاءت في سياق أخلاقي وتنموي عام، دون أن تُبنى عليها رؤية مؤسسية تُدرج الدين كجزء من الحل السياسي والاجتماعي.
🔹 رابعًا: ملاحظات على تغييب الدين في المحاور المركزية
❗ على الرغم من ورود إشارات متفرقة إلى الدين في ثنايا الكتاب، إلا أن معالجته للقضايا الجوهرية تشهد غيابًا واضحًا للمرجعية الدينية، ويمكن رصد ذلك في مواضع عدّة،
📍 من أبرزها:
🔸 تعريف الحكم الراشد جاء خاليًا من أي ربط صريح بالأسس الدينية، أو بمفاهيم الشورى والعدل في الإسلام.
▪ هذا الإغفال يُضعف البناء القيمي ويُفرغ المفهوم من بُعده الأخلاقي.
🔸 تقديم الهوية الوطنية على الهوية الثقافية والدينية (ص: 19)
▪ عُولجت الهوية من زاوية وطنية بحتة، دون اعتبارٍ للهوية الإيمانية التي شكّلت نسيج الوعي السوداني عبر التاريخ في سياق يُفترض فيه التكامل لا التزاحم.
▪ في حين أن التكامل بين الهويات الثلاث (الوطنية، والثقافية، والدينية) هو المدخل الأمثل لبناء الشخصية الجامعة.
🔸 معالجة أزمات السودان دون اقتراح مرجعيات دينية أو مؤسسات شرعية فاعلة
▪ طرح معالجات لأزمات السودان دون اقتراح مؤسسات شرعية أو مرجعيات دينية فاعلة، على الرغم من أن المؤسسات الدينية وعلى رأسها المساجد، تُعد من أنجع الوسائل لتحقيق الوحدة والسلم المجتمعي.
▪ مع أن التاريخ يشهد بأدوار محورية للمساجد والخلاوي والمعاهد الدينية في تربية الأفراد وتكوين الوجدان الجمعي، وهي مؤسسات ذات قابلية عالية للتفعيل إذا أُحسن توظيفها.
⛔⛔⛔⛔
⭕ عمق مسألة الدين والدولة في التصور الإسلامي
🔗 إن علاقة الدين بالدولة في التصور الإسلامي ليست مسألة سياسية خالصة، بل هي امتداد لعقيدة التوحيد التي توجب الحاكمية لله وحده،
📖 كما قال تعالى: "إن الحكم إلا لله" [يوسف: 40]
وقال تعالى: "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكّموك فيما شجر بينهم" [النساء: 65]
📍 وفي هذا السياق، فإن الشريعة ليست فقط نظامًا تشريعيًا، بل هي نظام شامل لكل جوانب الحياة:
🗒 اجتماعيًا: تبني مجتمع الرحمة، وتؤسس للسلم الأهلي، وتعالج النزاعات والخصومات، وتؤسس لبناء المجتمع الموحد باختلاف مكوناته العرقية والثقافية وغيرها.
🗒 سياسيًا: تقرر مبادئ الشورى، والعدل، والطاعة، والمساءلة، وتكفل الحقوق للجميع.
🗒 اقتصاديًا: تحارب الربا والغش والظلم والمكاسب المحرمة والرشوة والفساد، وتحفّز الإنتاج، وتضبط مسائل الكسب والانفاق، وتحفظ المال العام وتحرم الاعتداء عليه.
🗒 تربويًا: تصوغ المناهج بما يحفظ القيم والثوابت والأخلاق.
🗒 تشريعيًا: تنظّم تكوين الأسرة وتوزيع الميراث، وحدود تحد من الجرائم والفساد، وأحكام يقوم عليها الحلال والحرام.
🗒 فكريًا: تقدم تصورًا موحدًا عن الإنسان والكون والحياة، يتمايز عن النظريات البشرية من علمانية أو ماركسية.
💡 وبذلك، فالشريعة نظام جامع لا يقبل القَطع ولا التجزئة، وهي الأساس الذي يُوحِّد الناس على منهج رباني يجمع ولا يفرق، ويحقق العدل وينبذ كل صور الظلم، ويرعى جميع الحقوق، ولذا أمر الله تعالى بالتمسك والاعتصام به، قال تعالى:
📖 "واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرّقوا" [آل عمران: 103]
🔶 إقصاء الدين: خطر على وحدة الأمة السودانية
⚠ إن النظر إلى صراع الهوية كمسألة سياسية فقط، مع تجاهل الجانب العقدي والقيمي والسلوكي، يفضي إلى تسطيح جذور المشكلة.
📌 فإقصاء الدين من الهوية الوطنية هو في نظر الغالبية إقصاء للركيزة الأساسية للوحدة والإصلاح والعدل، وهو تجاوز لرغبة أكثر من 95% من الشعب، ولا يمكن لأي بديل جغرافي أو ثقافي أو تاريخي أن يملأ هذا الفراغ.
🌱 ومع ذلك، فإن أهل الدعوة والدين لا يسعون لفرض الدين على غيرهم، بل يوقنون بمبدأ: "لا إكراه في الدين" [البقرة: 256]
📜 ويؤمنون برعاية حقوق المخالف، كما قال تعالى: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين... أن تبروهم وتقسطوا إليهم" [الممتحنة: 8]
📌 وهم يرون في النموذج النبوي وفترات الخلافة الإسلامية المتعاقبة هي خير مثال لبناء دولة ذات هوية إسلامية مع رعاية حقوق الأقليات الأخرى وتحقيق التعايش السلمي.
🔶 الدين في البرامج السياسية
📌 ولعلّ استدعاء الدين كمشروع وطني جامع، لم يكن حكرًا على تيار معين، بل هو ما سعت إليه معظم الأحزاب السودانية الكبرى مع تفاوت بينهم في الجدية والرؤية العميقة، في آخر انتخابات:
الحزب الديمقراطي بطرحه لبرنامج الحكومة الإسلامية،
حزب الأمة من خلال برنامج الصحوة الإسلامية،
الجبهة الإسلامية في مشروع الشريعة.
📌 وقد أحسن الكاتب حين دعا لإخراج الدين من المزايدات السياسية، لكن المطلوب – في المقابل – هو تثبيت الدين ضمن الثوابت الوطنية، مثل الوحدة، والأمن، والعدالة، والسلام.
🔸 فالسودانيون – في غالبيتهم – يدركون بوعي أن الإشكال ليس في الدين ذاته، إذ هو تشريع رباني متكامل ومحكم، وإنما يكمن الخلل في فهمه وتطبيقه.
▪ ومن ثمّ، فإن ما يقع من ممارسات خاطئة باسم الشريعة لا ينبغي أن يُحمّل للدين، بل يجب تصحيحه وتنقيته كممارسة وسلوك بشري منحرف عن الدين الحق، دون أن يُتخذ ذريعة للصد عنه أو استبعاده من الحياة العامة.
🔷 خاتمة
📌 إننا لا ندعو لدولة استبدادية باسم الدين تُقصي الآخر وتمارس الفساد، بل لدولة تقوم على العدالة والاعتدال ذات مرجعية إسلامية، تصون الحقوق، وتراعي التعدد، وتستند إلى شريعة ربانية تجمع ولا تفرّق، تبني ولا تهدم.
📚 وهذه الرؤية هي ما يقرّه النص، والعقل، والتجربة.
📌 وإننا نؤمن بأن قضية الدين والدولة، بما لها من حساسية ومركزية، لا ينبغي أن تُترك للمزايدات السياسية أو التأويلات، ويمكن حسمها عبر مؤتمر دستوري جامع، يُبنى على الحوار الحرّ المسؤول، الذي يشارك فيه جميع مكونات المجتمع، ويُؤسس لمرجعية وطنية راشدة، تعترف بالدين كعامل وحدة، لا سبب فرقة، وتؤسس لعقد اجتماعي متين يجمع بين هوية الأمة وحقوق مكوناتها.
📌 وإن أي مشروع وطني لا يستصحب الدين في صلب بنائه، لن يكون قادرًا على توحيد الأمة السودانية، ولا على صياغة مستقبل مستقر لها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
#رسائل_وعي
#السودان_2025
#الدين_والدولة
#الهوية_الإسلامية
#الشريعة_والحكم
#طه_عابدين_طه
وتتوالى الإنتصارات بإذن الله..
نصرٌ من اللهِ وفتحٌ قريبٌ..
`السودان 🇸🇩 SUDAN`