
خَيــرُ أُمَّــــة
May 20, 2025 at 05:43 PM
[جَوَابٌ مُفَصَّلٌ عَنِ الشُّبَهِ]
[الشُّبْهَةُ العَاشِرَةُ: أَنَّ مَنْ قَالَ: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) لَا يُكَفَّرُ وَلَايُقْتَلُ وَلَوْ فَعَلَ مَا فَعَلَ]
وَلِلْمُشْرِكِينَ شُبْهَةٌ أُخْرَى؛ يَقُولُونَ: إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَنْكَرَ عَلَى أُسَامَةَ -رضي الله عنه- قَتْلَ مَنْ قَالَ: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ)، وَقَالَ: «أَقَتَلْتَهُ بَعْدَمَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟»، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ»، وَأَحَادِيثُ أُخَرُ فِي الكَفِّ عَمَّنْ قَالَهَا.
وَمُرَادُ هَؤُلَاءِ الجَهَلَةِ: أَنَّ مَنْ قَالَهَا؛ لَا يُكَفَّرُ، وَلَا يُقْتَلُ -وَلَوْ فَعَلَ مَا فَعَلَ-.
فَيُقَالُ لِهَؤُلَاءِ المُشْرِكِينَ الجُهَّالِ: مَعْلُومٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَاتَلَ اليَهُودَ وَسَبَاهُمْ؛ وَهُمْ يَقُولُونَ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ».
وَأَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَاتَلُوا بَنِي حَنِيفَةَ؛ وَهُمْ يَشْهَدُونَ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُصَلُّونَ، وَيَدَّعُونَ الإِسْلَامَ.
وَكَذَلِكَ الَّذِينَ حَرَّقَهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ -رضي الله عنه- بِالنَّارِ.
وَهَؤُلَاءِ الجَهَلَةُ مُقِرُّونَ أَنَّ مَنْ أَنْكَرَ البَعْثَ: كُفِّرَ، وَقُتِلَ -وَلَوْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ-.
وَأَنَّ مَنْ جَحَدَ شَيْئًا مِنْ أَرْكَانِ الإِسْلَامِ: كُفِّرَ، وَقُتِلَ -وَلَوْ قَالَهَا-.
فَكَيْفَ لَا تَنْفَعُهُ إِذَا جَحَدَ شَيْئًا مِنَ الفُرُوعِ، وَتَنْفَعُهُ إِذَا جَحَدَ التَّوْحِيدَ -الَّذِي هُوَ أَسَاسُ دِينِ الرُّسُلِ وَرَأْسُهُ-؟!
وَلَكِنَّ أَعْدَاءَ اللَّهِ مَا فَهِمُوا مَعْنَى الأَحَادِيثِ:
فَأَمَّا حَدِيثُ أُسَامَةَ -رضي الله عنه-: فَإِنَّهُ قَتَلَ رَجُلًا ادَّعَى الإِسْلَامَ بِسَبَبِ أَنَّهُ ظَنَّ أَنَّهُ مَا ادَّعَاهُ إِلَّا خَوْفًا عَلَى دَمِهِ وَمَالِهِ.
وَالرَّجُلُ إِذَا أَظْهَرَ الإِسْلَامَ؛ وَجَبَ الكَفُّ عَنْهُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ مِنْهُ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا﴾.
فَالآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ الكَفُّ عَنْهُ وَالتَّثَبُّتُ، فَإِنْ تَبَيَّنَ مِنْهُ -بَعْدَ ذَلِكَ- مَا يُخَالِفُ الإِسْلَامَ: قُتِلَ؛ لِقَوْلِهِ: ﴿فَتَبَيَّنُوا﴾، وَلَوْ كَانَ لَا يُقْتَلُ إِذَا قَالَهَا: لَمْ يَكُنْ لِلتَّثَبُّتِ مَعْنًى.
وَكَذَلِكَ الحَدِيثُ الآخَرُ وَأَمْثَالُهُ: مَعْنَاهُ: مَا ذَكَرْنَا؛ أَنَّ مَنْ أَظْهَرَ الإِسْلَامَ وَالتَّوْحِيدَ: وَجَبَ الكَفُّ عَنْهُ؛ إِلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ مِنْهُ مَا يُنَاقِضُ ذَلِكَ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ الَّذِي قَالَ: «أَقَتَلْتَهُ بَعْدَمَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟»، وَقَالَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ»؛ هُوَ الَّذِي قَالَ فِي الخَوَارِجِ: «أَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ»، «لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ»؛ مَعَ كَوْنِهِمْ مِنْ أَكْثَرِ النَّاسِ عِبَادَةً وَتَهْلِيلًا -حَتَّى إِنَّ الصَّحَابَةَ يَحْقِرُونَ أَنْفُسَهُمْ عِنْدَهُمْ، وَهُمْ تَعَلَّمُوا العِلْمَ مِنَ الصَّحَابَةِ-، فَلَمْ تَنْفَعْهُمْ «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ»، وَلَا كَثْرَةُ العِبَادَةِ، وَلَا ادِّعَاءُ الإِسْلَامِ؛ لَمَّا ظَهَرَ مِنْهُمْ مُخَالَفَةُ الشَّرِيعَةِ.
وَكَذَلِكَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ قِتَالِ اليَهُودِ، وَقِتَالِ الصَّحَابَةِ بَنِي حَنِيفَةَ.
وَكَذَلِكَ أَرَادَ ﷺ أَنْ يَغْزُوَ بَنِي المُصْطَلِقِ؛ لَمَّا أَخْبَرَهُ رَجُلٌ أَنَّهُمْ مَنَعُوا الزَّكَاةَ؛ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾، وَكَانَ الرَّجُلُ كَاذِبًا عَلَيْهِمْ.
فَكُلُّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُرَادَ النَّبِيِّ ﷺ فِي الأَحَادِيثِ الَّتِي احْتَجُّوا بِهَا: مَا ذَكَرْنَا.
#كشف_الشبهات
https://t.me/khayrooumah