
خَيــرُ أُمَّــــة
June 15, 2025 at 09:51 AM
حكمة النهي عن التشبه
قال أبو محمد بن أبي جمرة: "فالحكمة في ذلك ظاهرة لا خفاء بها، وهى إخراج الشبه عن الصفة التي وضعتها عليه حكمة الحكيم، كما قال: (لعن الله الواشمة والمستوشمة، والواصلة والمستوصلة)،
وعلل هذا بتغيير خلق الله تعالى؛ فهناك تغيير خلقة، وهنا تغيير صفة، فالعلة واحدة؛ لأن تينك الطريقتين المذمومتين تضمنتا وجوها من وجوه الضلالات؛ فمنها: إخراج صفته بجهله على ما رتبه من له الأمر سبحانه.
ومنها: التشبه بصفة الخالق والمخترع؛ لأن الله عز وجل قد خلق أشياء، وجعل لها صورًا وصفات؛ فمن غير منها صورة أو صفة على خلاف ما وضعت عليه، فقد نازع الجليل القادر في قدرته واختراعه.
وفيه أيضًا: إظهار سوء الأدب حقيقة؛ لأن أدب العبودية موافقة الموالية في كل الأشياء التي شاءتها على أي نوع شاءتها؛ وأشياء هذا النوع عديدة إذا تأملتها..".
قال الشيخ السعدي: "وذلك يتضمن التسخط من خلقته والقدح في حكمته، واعتقاد أن ما يصنعون بأيديهم أحسن من خلقة الرحمن، وعدم الرضا بتقديره وتدبيره".
وقال أيضًا: "ومن الحكمة في النهي عن التشبه: أن الله تعالى جعل للرجال على النساء درجة، وجعلهم قَوَّامين على النساء، وميزهم بأمور قدرية، وأمور شرعية فقيام هذا التمييز وثبوت فضيلة الرجال على النساء، مقصود شرعاً وعقلاً.
فتشبه الرجال بالنساء يهبط بهم عن هذه الدرجة الرفيعة، وتشبه النساء بالرجال يبطل التمييز.
وأيضاً: فتشبه الرجال بالنساء بالكلام واللباس ونحو ذلك: من أسباب التخنث، وسقوط الأخلاق، ورغبة المتشبه بالنساء في الاختلاط بهن، الذي يخشى منه المحذور وكذلك بالعكس.
وهذه المعاني الشرعية، وحفظ مراتب الرجال ومراتب النساء، وتنزيل كل منهم منزلته التي أنزله الله بها مستحسن عقلاً، كما أنه مستحسن شرعاً.
وإذا أردت أن تعرف ضرر التشبه التام، وعدم اعتبار المنازل، فانظر في هذا العصر إلى الاختلاط الساقط الذي ذهبت معه الغيرة الدينية، والمروءة الإنسانية، والأخلاق الحميدة، وحَلَّ محله ضد ذلك من كل خلق رذيل.
ويشبه هذا -أو هو أشد منه- تشبه المسلمين بالكفار في أمورهم المختصة
بهم فإنه قال: (من تشبه بقوم فهو منهم).
فإن التشبه الظاهر يدعو إلى التشبه الباطن، والوسائل والذرائع إلى الشرور قصد الشارع حَسْمها من كل وجه".
وقد أخذ السعدي هذا المعنى من شيخ الإسلام ابن تيمية، حيث يقول شيخ الإسلام: "المشابهة في الأمور الظاهرة تورث تناسبا وتشابها في الأخلاق والأعمال، ولهذا نهينا عن مشابهة الكفار، ومشابهة الأعاجم، ومشابهة الأعراب، ونهى كلاً من الرجال والنساء عن مشابهة الصنف الآخر،
والرجل المتشبه بالنساء يكتسب من أخلاقهن بحسب تشبهه حتى يفضي الأمر به إلى التخنث المحض، والتمكين من نفسه كأنه امرأة، ولما كان الغناء مقدمة ذلك وكان من عمل النساء كانوا يسمون الرجال المغنين «مخانيث»،
والمرأة المتشبهة بالرجال تكتسب من أخلاقهم حتى يصير فيها من التبرج، والبروز، ومشاركة الرجال ما قد يفضي ببعضهن إلى أن تظهر بدنها كما يظهره الرجل، وتطلب أن تعلو على الرجال كما تعلو الرجال على النساء، وتفعل من الأفعال ما ينافي الحياء، والخفر المشروع للنساء، وهذا القدر قد يحصل بمجرد المشابهة.
وإذا تبين أنه لابد من أن يكون بين لباس الرجال والنساء فرق يتميز به الرجال عن النساء، وأن يكون لباس النساء فيه من الاستتار والاحتجاب ما يحصل مقصود ذلك ظهر أصل هذا الباب، وتبين أن اللباس إذا كان غالبه لبس الرجال نهيت عنه المرأة، وإن كان ساترا كالفراجي التي جرت عادة بعض البلاد أن يلبسها الرجال دون النساء، والنهي عن مثل هذا بتغير العادات،
وأما ما كان الفرق عائدا إلى نفس الستر فهذا يؤمر به النساء بما كان أستر، ولو قدر أن الفرق يحصل بدون ذلك، فإذا اجتمع في اللباس قلة الستر والمشابهة نهي عنه من الوجهين، والله أعلم".
#المسترجلات
https://t.me/khayrooumah