
دار الراوي الجديد الطائف
June 18, 2025 at 07:06 PM
الأمثال مرآة تنعكس عليها عادات الشعوب وسلوكها وأخلاقها وتقاليدها، وهي معين لا ينضب، لمن يريد دراسة المجتمع، أو اللغة، أو العادات الشعبية، عند أمة من الأمم.
وها هو ابن عبد ربه يصفها في كتابه: العقد الفريد (٦٣/٣) بأنها «وشي الكلام ، وجوهر اللفظ، وحلى المعاني، والتي تخيرتها العرب، وقدمتها العجر، ونطق بها في كل زمان، وعلى كل لسان، فهي أبقى من الشعر، وأشرف من الخطابة، لم يسر شيء مسيرها ولا عم عمومها، حتى قيل: أَسْيَرُ مِنْ مَثَلٍ .. وقد ضرب الله عزّ وجلّ الأمثال في كتابه، وضربها رسول الله ﷺ في كلامه؛ قال الله عز وجل: ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاستَمِعوا لَهُ﴾ وقال : ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَينِ﴾، ومثل هذا كثير في آي القرآن.
وكتاب الأمثال، المؤرج السدوسي، الذي ننشره اليوم لأول مرة، يعد من أقدم كتب الأمثال العربية، التي عنى بجمعها الرعيل الأول من اللغويين العرب، وتناولوها بالشرح والتفسير وقد عرفت هذا الكتاب من اقتباسات منه في خزانة الأدب للبغدادي، حين طالعتها منذ أعوام خلتظ، وحين رجعت إلى كتاب بروكلمان في تاريخ الأدب العربي، عرفت أن من كتاب المؤرج نسخة وحيدة محفوظة بمكتبة دير الإسكوريال بأسبانيا، فأسرعت إلى اجتلاب مصورة منها، وبذلت من جهدي ووقتي في قراءتها، والتعليق عليها، وشرح ما غمض من عباراتها، وتوثيق نصوصها بعرضها على مختلف المصادر، وظللت عشر سنوات أنقب عما فيها من شعر في بطون المراجع، غير أن بعضه لا يزال عزيز المنال، بعيد المرام.
