جهاز التنشئة السياسية في حزب القوات اللبنانية
جهاز التنشئة السياسية في حزب القوات اللبنانية
June 3, 2025 at 06:02 PM
📌 *اخترنا لكم* *جهاز التنشئة السياسية* ماذا عن لبنان والفرصة المتاحة المتعثرة؟! سوريا بدأت ورشة نهوض ضخمة بوتيرة سريعة، الإستثمارات ومشاريع البنية التحتية انطلقت... تشكل سوريا اليوم نقطة إلتقاء لتحالف ثالثي غير مسبوق: الولايات المتحدة، السعودية وتركيا، بالإضافة إلى أدوار مهمة للإمارات وقطر، وتوفر ضمانات معقدة تلجم إسرائيل عن تشكيل تهديد مباشر للنظام في دمشق. تنهض على أساسات هذا التحالف إتفاقات إستثمارية كبرى بقيمة 7 مليارات دولار، لتشييد محطات كهرباء غازية وشمسية، تشمل خمس محافظات سوريّة أُعلنت بحضور المبعوث الأميركي توماس باراك، بموازاة إعلان وزارة الخزانة الأميركية رفعا جزئيًّا للعقوبات... في خطوة تُعد الأولى من نوعها بعد رفع العقوبات الأميركية عن دمشق، وقعت الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية السورية مذكرة تفاهم مع شركة "موانئ دبي العالمية" بقيمة 800 مليون دولار، تهدف إلى تطوير البنية التحتية للموانئ والخدمات اللوجستية في سوريا، بدءاً بمحطة متعددة الأغراض في ميناء طرطوس، لرفع كفايته التشغيلية وتعزيز موقعه ليكون محورًا إقليميًّا للتجارة. ويشمل الإتفاق أيضا التعاون في إنشاء مناطق صناعية ومناطق حرة وموانئ جافة ومحطات عبور للبضائع في مواقع استراتيجية داخل البلاد . كما تم إسناد تطوير ميناء اللاذقية وتشغيله لشركة CGM-CMA الفرنسية، مع تعهد منها بضخ إستثمارات بـ230 مليون يورو على مدى خمس سنوات، ليوازي مرفأ بيروت في السعة والعمق والقدرة على استقبال السفن الكبيرة. وجرى توقيع مذكرة تفاهم مع "موانئ دبي" الإماراتية لتطوير ميناء طرطوس، والتعاون في إنشاء مناطق صناعية وحرة...(يُشار إلى أن دمشق ألغت في كانون الثاني عقد تشغيل الميناء مع شركة "إس تي جي إنجينيرينغ" الروسية الموقع عام 2019)... وتم إطلاق المراحل الأولية لمشروع الألياف الضوئية مع ربط شبكة الكوابل البحرية الآتية من أوروبا بشبكتي الإتصاالت في العراق والأردن، بما يؤهل سوريا لتكون حلقة وصل لشبكات الإنترنت العالي السرعة بين الخليج وأوروبا في مسار آخر غير الكوابل الممتدة عبر البحر الأحمر. وهناك الكثير من الإتفاقات في قطاع الطاقة، من ضمنها مشروع أنبوب الغاز بين حلب وتركيا لتزويد محطات الكهرباء، والربط الكهربائي مع تركيا والأردن، واستيراد الغاز المسال القطري عبر الأردن، واستقدام سفينتين لتوليد الكهرباء من تركيا وقطر (إحداهما من شركة "كارادينيز " التي كانت متعاقدة مع لبنان سابقا)، بالإضافة إلى بعض مشاريع الطاقة المتجددة. و يجري الحديث عن مشاريع لإقامة مناطق تجارية وصناعية حرة في منطقة التنف والبوكمال، ومشاريع لشبكة قطارات لإعادة الربط بين حلب ودمشق ثم إلى الحدود الأردنية. يبدو زخم المشاريع أقوى بكثير مما هو الحال في لبنان اليوم، بل ربما يذكر بشيء من الزخم الذي أتى به الرئيس الشهيد رفيق الحريري إلى لبنان في التسعينات. إنطلقت مشاريع البنية التحتية في سوريا أسرع من المتوقع بعقود بمليارات الدولارات خلال أشهر قليلة، من دون إستعراضات إعلامية أو مؤتمرات للمانحين. وبات الحديث منطقيا عن دور اقتصادي إقليمي، أو حتى دولي، يمكن لسوريا أن تلعبه كصلة وصل بين أوروبا وآسيا، على نحو الدور الذي كان للبنان، في الواقع أو في الطموح. مع انتهاء الحرب وسقوط الإشتراكية في سوريا، يظهر تو جه واضح لدى الحكم الجديد لتوظيف الموقع الجغرافي الإستثنائي للبلاد ليكون صلة الوصل بين الخليج وتركيا وأوروبا، في مجالات النقل واللوجستيات والطاقة والإتصالات. ولا شك أن الجهات التي تستند إلى العقود تشير إلى مواءمة دقيقة للتموضع الاستراتيجي الجديد لسوريا دوليا وإقليميا، فميناء اللاذقية فازت به شركة CGM-CMA الفرنسية التي يرأسها رودولف سعادة، ذو الأصول اللبنانية، والصديق القريب إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وثمة إشارة لافتة تتمثل في وجود مساهمة تركية ضخمة في الشركة الفرنسية، من خلال مجموعة يلدريم العمالقة التي تملك %24 من الأسهم، وإشارة أخرى لا تخفى في إسناد ميناء طرطوس إلى شركة إماراتية. كما تواصلت سوريا مع شركات إتصالات خليجية وأميركية لطلب إبداء الإهتمام بشأن مشروع البنية التحتية للإتصالات. وستتضح الصورة أكثر مع مشاريع الربط الكهربائي وأنابيب الغاز، التي يمكن أن تربط سوق الكهرباء الخليجية بأوروبا، وهذا ما يمكن أن يكتسب أهمية استراتيجية في ظل سعي أوروبا إلى استيراد الطاقة الكهربائية "النظيفة" المولّدة من الطاقة المتجددة المتوافرة بتكلفة منخفضة في دول الخليج. لبنان، في المقابل، لا يملك أي تحالف استراتيجي مماثل. فرنسا عاجزة عن التأثير، في حين أن ثقة الولايات المتحدة تتناقص بسرعة، والخليج لا يرى فائدة من ضخ الأموال في نظام لا يزال خاضعاً للتسويات مع حزب الله، على الرغم من تحطيمه وسقوط نظام الأسد. والأخطر أن لبنان يفتقر إلى تصّور شامل ورؤية هادفة لدمج لبنان بالتكتلات الإقتصادية الكبرى في الإقليم، فضلًا عن غياب مسار زمني محدد لتنفيذ شروط صندوق النقد الدولي، ومعالجة قطاع الخدمات الرئيسية. ومن يتابع الإعلام الخليجي والدولي، يلاحظ أن صورة سوريا تغيّرت خلال أشهر قليلة. باتت تُقدم كحالة تستحق الرهان: رئيس جديد، نبرة معتدلة، إنفتاح على الأقليات، وإن شابته بعض العثرات، ومشاريع ملموسة، تُخرج سوريا عمليًّا من محور وتدخلها في محور آخر معاكس. أما لبنان، فلا يزال في نظر العواصم دولة مستنزفة، غير قابلة للإصالح، تدير الإنهيار بدل أن تعالج أسبابه الرئيسية وعلى رأسها سلاح الحزب. لن يخدم لبنان التذّرع بالمظلومية، ولن يعفيه الواقع السياسي، أيًّا تكن صعوبته، من حتمية القرارات التاريخية التي عليه اتخاذها، وفي مقدمها القطيعة مع المحاصصة وعقلية المعونات، وإنهاء الدور العسكري والأمني للحزب، ومخاطبة العالم بلغة واحدة. وإلا فإن لبنان سيتحوّل من دولة مأزومة إلى دولة منسية، تنتظر حل مشكلات المحيط من دون أن تفكر في معالجة أزماتها بأعلى ما تسمح به الظروف من إستقلالية. للبنان فرص كبيرة للإستفادة من الوضع المستجد. فالدول المتجاورة تأتي لبعضها بازدهار متجاور. وعلى سبيل المثال لا الحصر، للبنان فرص كبيرة في حال ربط شبكة الأنابيب الممتدة بالفعل من حمص إلى دير عمار شمال لبنان، بالشبكة السورية المرتبطة بالأردن ومصر، أو تلك التي سترتبط بتركيا، ومن ورائها أوروبا. إذ إنها ستخفض كثيرا من تكلفة إنتاج الكهرباء في لبنان. وهناك فرصة كبيرة لانتعاش مرفأ بيروت، حتى مع إنتعاش اللاذقية وطرطوس. وعلى سبيل المقاربة لا المقارنة، في الإمارات وحدها ثلاثة مرافئ عالمية في جبل علي وأبوظبي وخورفكان، وكل منها يعزز موقع الآخر. ليست مشكلة لبنان في أن سوريا خرجت من القفص الإشتراكي، بل في أن لبنان لم يخرج من أزماته، ولم يعد قادرا على المواكبة. القرار الإستثماري في سوريا يُتخذ اليوم بسرعة، فيما بيروت لا تزال منشغلة بالتوزيع الطائفي لبلدية بيروت وصلاحيات المحافظ وكيفية مفاتحة الحزب بضرورة نزع سلاحه. ومثلما ضاعت فرصة رفيق الحريري قبل عقدين، يُخشى أن يضيّع لبنان اليوم الفرصة مجددًا. وفيما تعيد دمشق رسم خرائطها، تغامر بيروت بأن تُطوى من خريطة الإهتمام.
❤️ 1

Comments