
جهاز التنشئة السياسية في حزب القوات اللبنانية
June 12, 2025 at 09:49 AM
📌 *اخترنا لكم*
*جهاز التنشئة السياسية*
المسيحيون للفصل بين الحجم السياسي والتغيير الديموغرافي "قانون الانتخابات" عنوان المعركة السياسية المقبلة
إذا كانت الانتخابات النيابية هي الإستحقاق الدستوري السياسي الأبرز في المرحلة المقبلة، لأنها ستحدد طبيعة وحجم التغييرات في الخارطة النيابية والمعادلة السياسية بعد التحولات الجذرية في لبنان والمنطقة ... فإن قانون الانتخابات سيكون عنوان المعركة السياسية التي تسبق الانتخابات، وتشهد كباشا حادا بين من يريد إستمرار القانون الحالي مع تحسينات وتعديلات طفيفة لا تمس جوهره، ومن يريد إطاحة هذا القانون إذا لم يتم إدخال تعديلات أساسية عليه تتعلق بالصوت التفضيلي وتقسيم الدوائر. وكان الرئيس بري أعطى إشارة البدء في هذه المعركة"، مع إعلانه وبشكل حازم أن الانتخابات لن تجري على أساس القانون الحالي على الإطلاق... وهذا الموقف يعني إما أن تجري الانتخابات على أساس قانون جديد، أو لا تجري، ويكون التمديد للمجلس النيابي الحالي خيارا مطروحا وجديا ... ويمكن أن يعني أيضا إحتمال الدفع باتجاه مقايضة بين السلاح وقانون الانتخابات، بمعنى الكف عن المطالبة بنزع سلاح حزب الله مقابل رفع اليد عن قانون الانتخابات. وهذه المقايضة أو المعادلة الجديدة تعني المسيحيين أكثر من غيرهم.
يبدو أن قانون الانتخابات النيابية وتشكيل مجلس الشيوخ، سيكون أحد أبرز عناوين الدورة الإستثنائية للمجلس، وأن السجال والخلاف السياسي حوله انفتح باكرا، بعد كلام الرئيس نبيه بري الأخير حوله، وسط مطالبة بتعديلات أساسية عليه، لا سيما تطبيق القانون الحالي لكن مع البطاقة الممغنطة وإنشاء الميغاسنتر. فيما يركز جانب من السجال على حق انتخاب المغتربين لنوابهم، واعتماد القانون الأرثوذكسي الى جانب الإقتراحات الأخرى من الكتل النيابية.
وقد بدا أن صراعا حادا بدأت تطل معالمه حول قانون الانتخاب، بعدما أعلن الرئيس بري أن قانون الانتخاب مسخ ولا مجال للسير به". وفي رد مباشر على بري من دون أن يسميه قال رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، إن "التجربة مع قانون الانتخاب الحالي ممتازة، إذ إنه أول قانون انتخاب منذ بداية تطبيق إتفاق الطائف يحقق بنسبة عالية صحة التمثيل التي تنسجم مع روحية إتفاق الطائف. إن قانون الانتخاب الحالي أعاد تصحيح التمثيل على المستوى الوطني والميثاقي وخلص اللبنانيين من المحادل الانتخابية، ومن تأثير رؤوس الأموال الكبيرة، وأمن أفضل تمثيل للبنانيين في المجلس النيابي". وأضاف: ولى زمن الخزعبلات وتغطية السموات بالقبوات، وإذا أصر البعض على التلاعب بقانون الانتخاب الحالي، لأنه يؤمن بنسبة كبيرة صحة التمثيل، فلنذهب في هذه الحالة إلى مناقشة تغييرات أخرى في التركيبة اللبنانية تسمح للمكونات اللبنانية جميعها بالإحساس بالأمان والإستقرار والحرية وحسن التمثيل".
واذا كانت القوات اللبنانية تعتبر موقف بري مناورة سياسية للحصول على ما يريده في القانون الحالي، فإن مطلعين على موقف جعجع يشيرون إلى أنه سيعبر عن مواقفه بصراحة أكبر في المرحلة المقبلة لمواجهة محاولات محاصرة فريقه السياسي انتخابيا. وإذا كانت القوات تلتقي مع التيار الوطني الحر برفض الصوتين التفضيليين، فإن الخلاف واقع بالنسبة الى تصويت المغتربين، فـ"التيار" لن يقبل بتعديل تصويت المغتربين ويصر على اقتراعهم لـ6 نواب في الخارج بعدما استفاد خصومه على الساحة المسيحية وكذلك التغييرين من تلك الأصوات، فيما تُصر القوات على إجراء تعديل يسمح لهم بالتصويت للنواب في الدوائر الحالية. من جهته لا يرغب "الثنائي" أيضا في تعديل القانون لأن المغتربين لا يملكون جميعهم حرية التصويت كما يريدون، فهناك دول تضغط بطرق عديدة لمنعهم من التصويت لحزب الله وحركة "أمل"، وهذا سينعكس على نسبة الإقتراع وكذلك المشاركة الشيعية، ولهذا لا مجال لمنح الخصوم ورقة رابحة تؤثر سلبا على حلفاء " الثنائي" أكثر من تأثيرها على الحصة الشيعية في البرلمان، والتي تبدو محصنة بأغلبية تظهرت في الانتخابات البلدية حيث بات واضحا ضعف المعارضة الشيعية. وفيما يؤيد النواب التغييريون موقف القوات، وسط تشتت في موقف النواب السنة ، فإن الحزب التقدمي الاشتراكي يرغب بإجراء تعديل واحد يتعلق بمشاركة المغتربين بالانتخابات بالإقتراع لممثليهم في لبنان لا الى 6 نواب في الخارج، ولا يبدو متحمسا لـ " الميغاسنتر".
في الخلاصة، يبدو واضحا أن النقاش بتعديل أو تغيير القانون بدأ يتخذ بعدا طائفيا ومذهبيا، بحيث أن القوى المسيحية الأساسية، وعلى رأسها القوات والتيار الوطني الحر يتمسكان بالقانون الحالي، بالمقابل فإن "الثنائي الشيعي" بات يدفع لتغييرات أساسية فيه، ويفضل أن ينطلق النقاش بانتخاب مجلس نواب خارج القيد الطائفي وعلى أساس لبنان دائرة واحدة،
بالتوازي مع إنشاء مجلس شيوخ، وهو ما أعلن رئيس الحكومة نواف سلام أنه سيسعى لتحقيقه في إطار تنفيذ بنود إتفاق الطائف التي لم تطبق.
لكن مواقف القوى السنية الأساسية لم يتبلور بعد تماما، لجهة اذا كانت ستصطف الى جانب القوى المسيحية بالتمسك بالقانون الحالي، أم ستوافق على تغييرات جذرية يطالب بها "الثنائي". وفي هذا الإطار، كان لافتا خروج النائب وليد البعريني للتحذير من أن اللعب بقانون الانتخاب من قبل الثنائي الشيعي، هو لعب بنار الفتنة في البلد"، معتبرا أن "ما يحاك للمسيحيين نرفضه، لأننا مع الصوت التفضيلي الواحد الذي يحفظ تمثيل المسيحيين، وإذا قرروا اللعب بالنار فنحن أول المؤيدين للقانون الأرثوذكسي، لأنه يعطي كل ذي حق حقه ويمنع السلبطة" ويخفف الإحتقان الطائفي".
لبنان وقواه السياسية أمام إختبار جديد عنوانه الانتخابات النيابية عام 2026، التي فتح النقاش حولها، في ضوء تغييرات سياسية كثيرة طرأت على المشهد الداخلي بعد الحرب الأخيرة، وما أفرزته من توازنات أعطت دفعا للقوى السياسية المسيحية للمطالبة بتصحيح تمثيلها، أو في الحد الأدنى الحفاظ على ما حققته حتى تاريخه، وحيث إنها تخوض معركة بين حدين:
-الحفاظ على المناصفة بين النواب، بعيدا عن موضوع إنشاء مجلس الشيوخ من عدمه، إلتزاما بما نص عليه إتفاق الطائف في مبدئه العام.
1- الحد الأول، تغيير جذري في القانون يراعي الأولويات التالية:
- ضمان التمثيل المسيحي الذاتي، حيث تطالب كل من القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، ومجموعة من القوى المسيحية، بأن ينتخب المسيحيون بأصواتهم نوابهم، لا عبر تحالفات تفرضها القوى الإسلامية، خصوصا في الدوائر المختلطة، وهو ما أعاد الى الواجهة مسألة القانون الأرثوذكسي.
- توسيع الدوائر أو إعتماد "اللامركزية الانتخابية"، من خلال الطروحات التي تدعو الى اعتماد دوائر أصغر من القضاء، ومنها طرح الدائرة الفردية لضمان تمثيل أكثر تجانسا.
2- الحد الثاني هو الحفاظ على القانون الحالي مع بعض التعديلات البسيطة الشكلية، التي لا تؤثر في جوهره إذا أمكن، رغم أنه أضعف التمثيل المسيحي في بعض المناطق، وسمح للقوى الإسلامية بالتأثير على نتائج بعض المقاعد المسيحية، وهو ما قد يظهر في انتخابات 2026 بشكل فاضح أكثر ، حيث الخشية من أن يؤدي ذلك الى ذوبان التمثيل المسيحي داخل أكثريات ديموغرافية إسلامية، شمالا وبقاعا وجنوبا.
في المحصلة، فإن المسيحيين، ورغم الخلافات المتحكمة بين أحزابهم، يركزون اليوم على تحصيل قانون انتخابي يؤمن تمثيلا مسيحيا فعليا ووازنا، نظرا لدور المجلس النيابي القادم، والاستحقاقات التي سيتعامل معها، من هنا مقاومتهم لأي محاولة لتقليص حجمهم السياسي رغم المتغيرات الديموغرافية.