
السابقون السابقون
June 12, 2025 at 07:20 AM
كثير من شقائنا ومن مصادر همومنا وأحزاننا في هذه الحياة، أننا نتعجل فيها ما ليس منها، ونريد منها ما ليس من خصائصها..
نُريد فيها الدوام على اللحظات الحلوة، وعلى الحالات الحسنة..
نُريد بقاء الجَمعات الطيبة، واللحظات الحانية، واجتماعات العائلة الودودة، واستمرار الصداقات الحبيبة..
نُريد فيها الكمال ونرفض النقص والكَدَر
نُريد أشخاصًا كاملين؛ أزواجًا، وأبناءً، وأباءً، وأمهات، وإخوانًا، وأخوات، وصحبة، نُريدهم كما نُحبّ نحن، بالصورة التي نتوقعها ونطلبها ونتخيلها لا كما هم بطبيعة النقص والضعف التي جُبلنا كُلنا عليه..
نُريد علاقات سعيدة لا يشوبها الكدر ولا تنغصها لحظات الحزن..
نطلب فيها اللذة ونريدها خالية من الألم والكد
نُريد فيها الجمع بين كل المحبوبات دون تنازل عن شيءٍ منها..
نطلب فيها الدرجات العالية والمكانات الشريفة ولكن نريدها بالراحة وبدون كدٍّ أو بذل أو تعب..
نُريد فيها السكينة التامة، والطمأنينة الكاملة، ونرفض ما يُكدّرها..
نُريد فيها القوة والصحة التامة والعافية ونرفض لحظات الضعف والحاجة..
وكل هذه المطلوبات ليست من طبيعتها، ولن تكون..
فهذه الحياة جُبلت على الكَدر والنقص والشقاء والكَد، وطالما نتعامل معها وكأنها الدار التي خُلقت للدوام والكمال وعدم الفناء سنظل نشقى ونذوق من عذابات النقص التي فيها..
وإنما غاية هذه الدار أن نتبلغ منها وفيها ما يوصلنا إلى دار البقاء واللذة التامة والحياة الكاملة..
غاية هذه الدار أنْ نرضى فيها بالحسن والأحسن من الخيارات، ونوازن فيها بين المصالح والمفاسد، ونرضى بالنقص في العلاقات والاختيارات -إنْ كان فيها ما يُغطّي عليها من الحسنات-، ونوطّن أنفسنا على قبول الفقد فيها وتغير الأحوال..
غاية هذه الدار أن تكون جسر عبور للآخرة، فمن قبل هذه الحقيقة، وآمن بها، وتعايش معها، ووطّن نفسه على ذلك، أغلق على نفسه بابًا واسعًا من أبواب الشقاء والهموم والأحزان التي تحيط بنا من شتى الجهات..
#خواطر
#مدونة
❤️
👍
10