كنا زمان عندنا درس اسمه الخنساء، التي قدّمت أبناءها الأربعة في سبيل الله، وثبتت ونقلت قصتها عبر كتب التاريخ. وايضا أئمة المساجد ياما شرحوا لنا قصة ماشطة ابنة فرعون، التي عُذّبت حتى فقدت أبناءها الخمسة امام عينها، لكنها ثبتت على التوحيد حتى آخر رمق في حياتها. اليوم نقف أمام الدكتورة آلاء النجار، من أرض العزة، المرأة التي لم تفقد أربعة أو خمسة، بل فقدت تسعة من أبنائها وايضا زوجها دفعةً واحدة، وخرجت من تحت الركام لتضرب لنا أعظم دروس الإيمان والصبر والإحتساب. قصتها تغنيكم عن آلاف الكتب الدينية والتربوية. 🔴 اتسألت الدكتورة آلاء: "كيف صبرتِ على كل ذلك؟" ردّت بكل هدوء وقالت: "نعم، نحن بشر، نحزن ونتألم… لكننا نحتسب، ونتصبر، ونتذكّر قول رسول الله ﷺ: تعرّف إلى الله في الرخاء، يعرفك في الشدة." وقالت "إذا مات ولد العبد، قال الله تعالى لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ قالوا: نعم قال: قبضتم ثمرة فؤاده؟ قالوا: نعم فيقول: فماذا قال عبدي؟ قالوا: حمدك واسترجع فيقول الله: ابنوا لعبدي بيتًا في الجنة، وسمّوه بيت الحمد." 🔴 وحينما سؤلت عن اولادها التسع اللي اخرجوا جثثهم دفعة واحدة من تحت الركام: قالت "أولادي جميعًا كانوا من حفظة كتاب الله، وكان أكبرهم قد ختم القرآن، أما آدم، فكان حافظًا، لكنه لم يسرد القرآن في يوم واحد بعد." تخيلوا بتقول ان أصغر اطفالها آدم لم يسرد القرآن في يوم كامل، يعني حفظه لكن لم يقرأه كاملا في يوم واحد، تقول ذلك وهي متضايقة وتأسف. وكملت وقالت عن لحظة استشهاد أولادها التسع: "كنت في المستشفى -لأنها طبيبة وكانت تؤدي عملها- وكان معي مصحفي… كنت أنوي قراءة سورة الكهف، وبدأت في أذكاري، ثم جاءني خبر أولادي." تخيل؟ يعني ما بين تأدية عملها في الحفاظ على ارواح الناس واثناء قراءة وردها من القرآن، نزل الخبر اللي يكسر ألف قلب… وهي كانت في حالة اتصال حقيقي بالله. 🔴 ولما سؤلت كان عنده كام سنة آدم لما ختم القرآن؟ ردت: "بدأ في الخامسة، وأتم الحفظ في السابعة." "القرآن الكريم 600 صفحة، وإذا حفظ الطفل صفحة كل يوم، مع المراجعة، يختمه في عامين فقط." بس كده… ولا مدارس خاصة، ولا دروس خصوصية… نية، ووقت، وصبر، وربنا يكرم. 🔴 أما عن زوجها الشهيد "الدكتور حمدي النجار"، فهو كمان راح وهو بيحمي أولاده لحظة القصف! اتصابت جمجمته وصدره بإصابات خطيرة، ونقلوه المستشفى، فضل يصارع شوية، لكن للأسف استُشهد بعدها بأيام. واللي يحيرك إن د. آلاء رغم إنها أم وطبيبة ومسؤولة، كانت مكرسة وقتها بالكامل لتربية أولادها وتحفيظهم القرآن، وده اللي فرق معاهم… والأهم فرق معاها وقت المحنة. 🔸الشاهد هذه، قصة أمة أنجبت أبطال، وربتهم، وشافتهم بيطلعوا للسما وهي بتقول: "الحمد لله، ربي أعلم أنني ربيتهم لله، فاختارهم إليه." 🔸لكل الأباء والأمهات.. في الوقت اللي تاركين فيه اولادنا امام الشاشات دون اشغالهم بالحق خصوصا في فترة الإجازة الصيفية، الأولاد ينشغلون بالباطل، الإنترنت والألعاب والمحتوى التافه بيربيهم، كانت د. آلاء النجار بتربي أولادها على القرآن، وتزرع فيهم معاني الصبر واليقين. الا ان سلعة الله غالية .. الا ان سلعة الله الجنة. أمهات كتير بيقولوا: “مفيش وقت، الولاد مش بيركزوا" ويهتموا بالمأكل والمشرب والملبس والرعاية والمناهج الدراسية الجافة، بيقع منهم بناء الروحي والعقدي اللي هو أهم بناء لإصلاح الدين والدنيا بإذن الله. ربح البيع بإذن الله.. ادعوا لها يا أفاضل بالثبات وحدثوا ابنائكم عن قصتها وقصة عيالها، لأن مثل تلك المرأة معلوم بإذن الله في السماء مجهول بين أهل الأرض.