
{ وَٱتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى ٱللَّهِ ۖ }
May 21, 2025 at 05:40 PM
*هَجْرُ القُرْآنِ… وَجْعُ القُلُوبِ الصَّامِتَةِ*
إذا أَعرضَ القَلبُ عنِ الكِتابِ، خَبَتْ فيهِ مَصابيحُ الهُدى،
وانطفأتْ أنوارُ البصيرةِ، وماتَ فيهِ السُّكونُ، وتراكمَتْ عليهِ غيومُ القَسوةِ.
والهَجْرُ نَقِيضُ الوَصْلِ، وهُوَ مُفَارَقَةُ الشَّيءِ ومُتَارَكَتُهُ،
وأشَدُّ ما يكونُ الهَجْرُ فُحْشًا إذا كانَ هَجْرًا لِكِتابِ اللهِ،
فكيفَ إذا صَدَرَ مِمَّن عُرِفُوا بالصَّلاحِ؟! فذلكَ أَشْنَعُ وأوجَعُ.
قَالَ اللهُ تَعَالَى حَاكِيًا شَكْوَى نَبِيِّهِ ﷺ:
﴿وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا﴾ [الفرقان: ٣٠]. وقَد فَصَّلَ ابنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ أنواعَ الهَجْرِ فقالَ: هَجْرُ سَماعِهِ وَقِراءَتِهِ.
هَجْرُ العَمَلِ بِهِ.
هَجْرُ تَحْكِيمِهِ وَالتَّحَاكُمِ إِلَيهِ.
هَجْرُ تَدَبُّرِهِ وَتَفَهُّمِ مَعانِيهِ.
وكلُّ ذٰلكَ دَاخِلٌ فِي قَولِهِ تَعَالَى، وَبَعْضُ الهَجْرِ أَهْوَنُ مِن بَعْضٍ (١).
وإنَّ مِن أَبْيَنِ صُوَرِ الهَجْرِ في هذا الزمانِ:
تَرْكُ قِراءَتِهِ وسَماعِهِ حتى من الصَّالِحينَ، ومثلُ هذا لا يَحْسُنُ ولا يَجْمُلُ.
بلْ يَليقُ بالعبدِ أنْ يَجعَلَ له مع القرآنِ وِرْدًا لا يُهْمَل،
يقرؤهُ كلَّ يَومٍ جُزْءًا، ليختمَ في شَهرٍ على الأقلّ،
فقد جاءَ في الصحيحين: «اقْرَأِ القُرآنَ في شَهْرٍ» (٢).
ومَنْ تَرَكَهُ أَكْثَرَ مِن شَهْرٍ، عُدَّ عندَ بَعضِ العُلَماءِ هاجِرًا له.
قُمْ فِي الدُّجى وَاتْلُ الْكِتابَ وَلا تَنَمْ
إِلّا كَنَوْمَةِ حَائِرٍ وَلْهَانِ
فَلَرُبَّما تَأْتِي الْمَنِيَّةُ بَغْتَةً
فَتُساقَ مِنْ فُرُشٍ إِلَى الأَكْفَانِ
--
(١) الفوائد (٨٢).
(٢) رواه البخاري (١٨٧٧).
👍
😢
2