
فوائـــد سلفيـــة
June 17, 2025 at 08:27 PM
أثر التشجيع وحُسن التوجيه
كم من موهبةٍ كامنةٍ لم تُكتشف، وكم من عقلٍ نابهٍ لم يُنتبه له، بل لُقِّن العجز والبلادة، حتى يقيّض الله له من يأخذ بيده، ويجلو عن عينه الغشاوة.
تراه في بداياته يُخطئ ويُصيب، يتعثّر ويتردد، حتى يرزقه الله مَن يثني على محاسنه، ويصلح عثراته، ويهوِّن زلّاته، فينبت طموحه كما تنبت الزهرة في أرضٍ قاحلة.
فالتشجيع مفتاح، والنقد الجارح يعمي ويصم.
والكلمة القاسية قد تطفئ نور الموهبة، كما تطفئ الريح آخر سراجٍ في ليلٍ بارد.
📖 وقد حدث هذا للعلامة سليم البخاري، كما يروي صاحب علو الهمة،
فقد ألّف رسالةً عجيبة، ثم عرضها على شيخه وكان جالسًا على النار يتدفأ،
فأخذ الشيخ الرسالة، ثم رماها في النار، وقال له:
"أبلغُ من قدرك أن تُصنِّف؟! وأنت؟ وأنت؟!"
فكانت تلك أولَ رسالةٍ كتبها البخاري، وآخر رسالةٍ له، إلى أن لقي الله!
📜 أما كاتبُ هذه السطور، فقد ألّف أول رسالة له بعنوان: "فن الحوار"، وقدّمها لشيخه الإمام المجدد مقبل بن هادي الوادعي –رحمه الله–،
فأعجب بها، وأثنى عليها، وكتب لها مقدمةً لو قرأتها لطنّت في أذنك ألفَ بشارة،
وكان مما قال:
"وفيصلٌ أعرفه محبًّا للسنة، مبغضًا للبدعة، قد فتح الله عليه، ووهبه ذكاءً خارقًا."
فكنتُ عنده كما قيل:
إنَّ البُغاثَ بأرضِنا تستنسرُ.
فما وسعني إلا أن أصدق شيخي،
فأخذتُ بالسوط أضرب به كسل نفسي، وأشحذ همّتي،
حتى بلغت مؤلفاتي –بحمد الله– نحو مائة مصنَّف ورسالة، وما زال الطريق مفتوحًا للسعي.
نسأل الله القَبول، وأن يرحم شيخنا مقبلا رحمة واسعة، ويجزيه عني وعن طلابه خير الجزاء.
فيصل الحاشدي
👍
5