🌴هذا الحبيب الحلقة 67  من السيرة النبوية العطرة ((إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه)) الجزء الثاني 🌴 : في الجزء الأول من هذه الحلقة تركنا عمر بن الخطاب شاهراً سيفه يفتش عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقتله ... والآن نتمم الجزء الثاني : قابل عمر في طريقه رجلاً من عائلته آل الخطاب اسمه {{ نعيم }} وكان من المسلمين الذين يخفون إسلامهم خوفاُ من بطش قريش . فلما رأى  نعيم {{عمر }}يحمل سيفه والشر يبدو في وجهه،  شعر بالقلق فسأله: إلى أين يا عمر ؟ فقال له عمر:أريد محمداً هذا الصابئ الذي فرّق أمر قريش ، وسفّه أحلامها وعاب دينها ، وسبّ آلهتها ، فأقتله ، فلما  سمع نعيم  هذا قرر أن يحمي النبي ، ويكشف لعمر سراً خطيراً ، حتى يُشغله به فقال له نعيم : والله لقد غرتك نفسك يا عمر, أترى بني عبد مناف يتركونك تمشي على الأرض وقد قتلت محمداً ثم ألقى نعيم بقنبلته المدوية وقال : أفلا ترجع إلى أهل بيتك فتقيم أمرهم أولاً ؟ قال: وأي أهل بيتي ؟قال : ابن عمك سعيد بن زيد ، وأختك فاطمة بنت الخطاب فقد أسلما واتّبعا محمداً على دينه فعليك بهما . يقول نعيم :ما قلت هذا إلا لأصرف شره عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وعمر في النهاية لن يقتل أخته فربما يضربها هي وزوجها و يضيّق عليهما، ولكنه لن يقتلهما . انطلق عمر بن الخطاب إلى بيت أخته فاطمة ، وقد اشتعل غضباً ، فلما اقترب من الباب سمعوا صوت مشيه ، وكان عمر إذا مشى اهتزت الأرض لمشيته لأنه كان يمشي مشية الرجال الجبارين الأقوياء . لما اقترب عمر من الباب كان خباب بن الأرت يقرأ عليهما القرآن (( من سورة طه )) فيرددان خلفه . كانت أبواب البيوت عبارة عن ألواح خشبية متصلة بعضها ببعض وبينها شقوق،ومن شقوق الباب سمع عمر قراءة القرآن ولكنه لم يفهمها ، فقرع الباب بشدة ، فقام إليه سعيد واختبأ خباب في الكوة التي يضعون فيها القمح . استمر عمر بطرق الباب ويصرخ بصوته الجهوري افتحوا الباب وإلا كسرته !!ففتح سعيد الباب فدخل عمر وقال :ما هذه الهمهمة التي سمعتها ؟ فقالوا له : ما سمعت شيئاً ، قال : لا بل سمعت ، وقد بلغني أنكما اتبعتما دين محمدثم رفع يده وبطش بسعيد قبل أن يسمع منهما الجواب ثم ألقاه على الأرض وجلس بركبتيه على صدره وكاد أن يخنقه ، فلما رأت فاطمة مايفعل عمر بزوجها قامت ودفعته عن زوجها بقوة ، فاشتعل عمر من الغضب ؛ فرفع يده ولطمها لطمة شديدة حتى شج وجهها وسال الدم منه فصرخت فاطمة بعمر ، وقالت : نعم يا عدو الله أسلمنا واتبعنا محمداً فاصنع ما بدا لك . دارت الأرض بعمر ((كيف تصرخ أختي بوجهي ، وأنا عمر أخوها ؟! ما الشيء الذي دفعها إلى أن تفعل ذلك )) !؟ . وقف عمر مذهولاً ينظر إلى الدم السائل على وجههاوإلى قوة صوتها : نعم يا عدو الله .. عمر رجل عاقل يفكر ((أي دين هذا الذي يحوّل هؤلاء الناس إلى أسود)) ؟!تذكر عمر المعذبين في مكة كلهم ... ما الذي يجعل بلالاً يُعذَّب فيصبر وهو  يقول أحد أحد ؟؟!! ما الذي يجعل آل ياسر لايقولون كلمة واحدة ترضي أبا جهل حتى ماتوا ؟؟ ما الذي يجعل {{ ليلى زوجة عامر بن ربيعة} ترد عليه قبل سبعة أيام وتقول له لقد آذيتمونا .. ما هذا الدين الذي يحوّل الناس إلى عمالقة ؟! . لما فكر عمر بهذا كله وهو واقف أمام فاطمة أخته قال :يا أختاه أعطيني هذه الصحيفة أنظر إلى ما كنتم تقرؤون ، أليس فيها ما تقولون أنه نزل على محمد ؟ فقالت له : نعم ولكن أخشى عليها منك ، فأعطاها عهداً ألا يمسها بسوء ولكن يقرؤها وينظر إلى ما يدعو إليه محمد . قالت يا اخي إنك مشرك نجس لا تعرف الطهارة ، وهذا كلام الله لا يمسه إلا المطهرون فلو أنك اغتسلت أعطيتك إياها ، قال : أفعل ، ثم ذهب خلف الدار وسكب على نفسه دلو من ماء ثم رجع وقال أعطيني إياها ، ها قد تطهرت . مسك عمر الصحيفة وكانت قطعة من جلد ، ((وعمر من المعدودين في مكة الذين يستطيعون القراءة )) فقرأ : بسم الله الرحمن الرحيم {{طه* مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى* إِلاَّ تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى* تَنْزِيلاً مِمَّنْ خَلَقَ الأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلاَ* الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى* لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى * وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى * اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى)) إلى أن وصل {{وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى *قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى * قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى }} 🌼🌸🌼🌸🌼🌸 تركنا عمر رضي الله عنه في دار الأرقم وقد أعلن إسلامه ونتابع الآن بقية الأحداث : قال عمر : بأبي وأمي أنت يا رسول الله بأبي وأمي أنت يا رسول الله ألسنا على الحق إن حيينا أو متنا ؟فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده أنتم على الحق إن حييتم وإن متم، فقال عمر : إذاً فلماذا، نخفي أنفسنا وديننا يا رسول الله ؟: فلنجهر به في طرقات مكة ، ولنطف معك بالبيت يا رسول الله ، ولنصلِ أمام أنظار قريش كلها،فقال الرسول : يا عمر نحن قليل وقد رأيت ما لقي إخوانك من أذى قريش فقال عمر : والذي بعثك بالحق ، لا أدع مجلساً جلسته بالكفر كان يؤذيك ويؤذي أصحابك إلا ورجعت وجلست فيه بالإيمان أزعج  به قريش وسادتها . انهض بنا يا رسول الله ، فسُرّ النبي بشهامته فخرج النبي صلى الله عليه وسلم بالمسلمين . خرج المسلمون صفين في كل صف عشرون رجلاً : على رأس الصف الأيمن حمزة بن عبد المطلب ، وعلى رأس الصف الأيسر عمربن الخطاب والنبي صلى الله عليه وسلم يتوسط الصفين .. خرج المسلمون من دار الأرقم يمشون في طرقات مكة وهم يذكرون الله حتى وصلوا إلى الكعبة فطاف بها النبي والمؤمنون سبعة  أشواط ، ولما رأت قريش ذلك وعلى رأس صفوف المؤمنين حمزة وعمر يحيطون بالنبي ساءصباحها واغتاظت . ثم استأذن عمر النبي ، وذهب إلى نادي قريش ، ونظر إليهم فلم يكلمه أحد . يقول عمر : ثم تدبرت وفكرت من أشد عداوة لرسول الله ؟ إنه أبو جهل فما رأيته جالساً مع القوم .. فذهبت إلى داره وقرعت الباب عليه [[ وكما قلنا فإن أبا جهل من أخوال عمر ، لأن أم عمر هي بنت عم أبي جهل ]] . قال : فقرعت الباب فقال أبو جهل : من بالباب ؟ فقلت عمر ،فخرج وفتح الباب وعلى عادة العرب قال له : مرحبا بابن أختي ، ما الذي جاء بك ؟ فقال له عمر :جئت لأعلمك أني آمنت بالله ورسوله ، وصدقت بما أنزل على محمد قال : فأغلق أبو جهل الباب في وجهي وهو يقول : قبحك الله وقبح ما جئت به . يقول عمر ثم وقفت أفكر وقلت من ينقل الحديث والكلام الكثير ((مَن نمّام قريش)) فتذكرت رجلاً اسمه جميل بن مُعمَّر معروف بنقل الأخبار ، فذهبت إليه [[يقول راوي الحديث عبد الله بن عمر بن الخطاب ]] فتبعت أبي لأنظر ماذا سيحدث . طرق عمر الباب عليه، ففتح له جميل فقال له عمر : يا جميل  ألم تعلم ؟ فقال : ماذا ؟ ! فقال عمر : أنا أسلمت وتبعت دين محمد . قال ابن عمر : فوالله لم يرد عليه بكلمة واحدة ، بل جعل ثوبه في أسنانه وأسرع يجري إلى نادي قريش ورجلاه تضرب بظهره ،وعمر يمشي خلفه ومشيت أنا خلفهما أيضاً فما تمالك نفسه حتى يدخل الكعبة بل وقف عند باب بني شيبة وصاح بأعلى صوته يا معشر قريش يااااا معشر قريش : إن ابن الخطاب قد صبأ . قال ابن عمر : وأبي خلفه يقول: والله لقد كذبت لم أصبأ ولكني آمنت بالله وحده .. منذ ذلك اليوم قال له النبي صلى الله عليه وسلم أنت الفاروق يفرق الله بك بين الحق والباطل . أسلم عمر وحقق الله به دعاء المصطفى صلى الله عليه وسلم وكما أخرج البخاري في صحيحه عن حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال{{ ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر }}... وكان النبي صلى الله عليه وسلم وحمزة ، وعدد من الصحابة أعزة بإسلام عمر وقبل إسلامه .. أما عامة المسلمين الذين كانوا يخافون أن يعلنوا إسلامهم ولم يجرؤوا أن يصلّوا عند البيت ، أو يطوفوا به قبل إسلام عمر، فقد ذهب خوفهم بعد إسلام عمر . اعتز المسلمو ن بإسلام عمر اعتزازاً كبيراً وأخذ دين الإسلام ينتشر بشكل أوسع ،أما قريش فقد احتارت في أمرها لأن إسلام عمر شجّع الذين كانوا يخفون إسلامهم على الجهر به. لم يكن الأمر سهلاً على قريش فاليوم أسلم عمر وبالأمس هاجر بعض الصحابة إلى الحبشة فجنّ جنون قريش ، فقرروا أن يقوموا  بمفاوضة أخيرة مع الرسول . وإلى اللقاء في حلقة جديدة بإذن الله تعالى …. صلوا على سيدنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم .🌼🌸🌼