صحيفة اليوم العمانية
صحيفة اليوم العمانية
June 20, 2025 at 01:58 PM
في أرض العزة الجريحة، لا تكفّ الشمس عن الشهادة، ولا تنام الأم إلا على صوت الانفجارات. هناك، في بيتٍ من بيوت الشجاعية، عادت القصة لتُروى بدماء جديدة. ارتقى سبعة من أحفاد أم نضال فرحات، أولئك الأطفال الأطهار، حفدة المجا.هدة التي قدّمت أبناءها شهداء، فإذا بها ترى حفدتها يُساقون إلى السماء جماعات كما يُزفّ العرسان إلى الفرح الأكبر. محمد، وسعد، وزيد، وبيسان، وأسيل، وسما، ولمى، سبعة من حفظة كتاب الله، سقطوا شهداء في لحظة واحدة، بصاروخ واحد، تحت سقف واحد. لم يكونوا يحملون سلا.حًا، بل مصاحف صغيرة في صدورهم، وأمنيات بريئة باللعب والحياة. اجتمعوا على مائدة الإفطار، فاختارهم الله ضيوفًا على مائدة الجنة. ووالدتهم، إيناس فرحات، أم الأطفال السبعة، خرجت من تحت الركام، مضرجة بالدماء، مثخنة بالجراح، لكنها حيّة بقوة أمهاتها، صابرة كما كانت أم زوجها، أم نضال، تردّد بدموعها المكسوة بالإيمان: "اللهم تقبلهم شهداء كما تقبلت من سبقهم." هكذا تتجدد الحكاية في أرض العزة. لا ينقطع نسل البطولة، بل يتكاثر في كل بيت. من أحفاد أم نضال، خرج جيل جديد يحمل النور، ويحفظ القرآن، ويبتسم للشهادة. سقطوا شهداء، لكن أرواحهم لا تزال تسري في زوايا البيت المهدّم، وأسماؤهم لا تمحى من ذاكرة العز. لم يكن ذلك البيت مجرد مكان، بل محرابًا جديدًا من محاريب التضحية. فإذا كانت أم نضال قد ودّعت أبناءها إلى الجنة، فإن حفدتها عادوا ليكملوا المسير، مؤكدين أن بيت فرحات لم ينتهِ دوره، ولم تغب شمسه. فالقداسة التي سكنت جدرانه، تعيد نفسها مع كل جيل. سلامٌ على الأطفال الشهداء، الذين حفظوا القرآن ليُتلى على أرواحهم، وسلام على والدتهم المجا.هدة، وشفاها الله من جراحها، ورفع عنها الكرب. وسلامٌ أبديّ على تلك السيدة التي أنجبت رجالاً، وها هي تحصد في أحفادها قناديل النور، لترفع بهم ذكرى أرض العزة من جديد. هي الأرض المباركة، لا تموت أمها، ولا تنضب دموعها، لكنها دومًا تلد شهداءً يُحيون الأمة بدمهم الطاهر. . . محمد الفاتح
Image from صحيفة اليوم العمانية: في أرض العزة الجريحة، لا تكفّ الشمس عن الشهادة، ولا تنام الأم إلا على ...

Comments