🎤 *خطبة جمعة بعنوان:* *خمس وقفات وثلاث عبر* *بـعـد فـريضــــة الـــحـــج* 🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌 ✍.. الحمد لله رب العالمين الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون الحمد لله حمداً حمداً ، والشكر لله شكراً شكراً ــــ✍.. و أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمداً عبده ورسوله ، معلم الخير أشرف من أُستقبل في السماء وأحترم في البيدِ ، فهو أزكى الانام ، و خير من تصدق للهِ و قَامَ ، حتى تَفَطَّرت منه الأقدَام ..... صلَّى الله عليه و على صاحبه أبي بكرٍ الصديق السابق إلى الإِسلام و على خليفته عمَرَ الفاروق الذي شيد الله به الأحكام ــــ✍..  و على ذي النورين عثمانَ الَّذِي جهَّزَ جيشَ العُسْرةِ بالتمام و على أمير المؤمنين عليٍّ الذي ضحى و كان نعم المجاهد المقدام صلى الله وسلَّم وبارَك عليه وعلى جميع الصحابة المُنفِقين في الخيرات فراداً و جماعات ، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم توفى كل نفس ما عملت ــــ✍.. فأوصيكم - عباد الله - ونفسي بتقوى الله جل وعلا فهي خير الزاد لمن أراد خيرًا وصلاحًا ، و هيَ وصيتةُ عز وجل لجميعِ خلقهِ و خص بها خيرة عباده المؤمنين فقال : ( يا أيها الذين آمنوا إتقوا الله و لتنظر نفس ما قدمت لغد * و اتقوا الله إن الله خبيرًبماتعملون ) نعيش و إياكم في هذه الجمعة الثالثة من أيام لله تعالى في شهر ( ذي الحجة ) و في هذه الساعة نسير مع خطاكم في موكب الطائعين و في ضيافة لله رب العالمين ــــ✍.. واعلموا أيّها المؤمنون ،،، عباد الرحمن : أنهقد مرّ بنا قريباً موسم من مواسم الآخرة هو عشر ذي الحجة و يوم عرفة ويوم الحج الأكبر و أيام التشريق . وقد شرع الله في تلك الأيام أنواعاً من العبادات يشترك فيها الحاج وغيره من صيام وتكبير وتلبية ومناسك حج وعمرة وذبح للأضحية . فلننظر ماذا قدمنا لأنفسنا من الأعمال الصالحة في تلك الأيام المباركة . و لنتابع فعل الطاعات في بقية الأيام ، فإن حياة المسلم كلها مجال للعمل الصالح ، وإنما خصصت بعض الأيام بمزيد فضلة لتتاح الفرصة للمسلم كي يحصل على مزيد من الأعمال الصالحة نظراً لقصر عمره وشدة حاجته للحسنات وتكفير السيئات ــــ✍.. عباد الله ..... لقد مضت تلك الأيام العظيمة والمواسم الجليلة بخيراتها وبركاتها . فماذا استفدنا منها ؟ لنحاسب أنفسنا ، فمن قدم خيراً فليحمد الله و يواصل أعمال الخير ، ومن فرط في تلك الأيام وضيع تلك الفضائل فليستغفر الله و ليحافظ على بقية عمره ، و يصلح مستقبلأيامه . إن إنْتَهَاء موسمَ الحجِّ وانْقضاء خير أيامِ العَامِ تعلمنا عبر و وقفات أهمها : الوقفة الأولى : تأمَّلُوا أيها المؤمنون في مرورِ الأيامِ وفي تَعَاقُب الشهور و الأَعْوامِ فَمَا أَنْ تبدأَ سنةٌ حتى تنتهي و ما يَهِلُ هلالُ شهرٍ حتى ينقضي ، وما أنْ تطلعَ شمسُ يومٍ حتى تَغيبَ ومَا يُولدُ من مولودٍ حتى يَكْبُرَ و يَشِيب !!! وفي هذه عبرةٌ لنا بانْقِضَاءِ آجالِنا وانتهاءِ أعمارِنا ! فاسْتعدَّ يا ابن آدم للقاءِ اللهِ تعالى ومواجهةِ ما قدمت يداك ، واستعدَّ لمُفَارِقَةِ الأصدقاءِ والبعد عن الأَحباب قال الله تعالى ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ  ) الوقفةُ الثانيةُ : مَعَ الطاعاتِ و العبادات فإنَّ لها مواسمَ ولها أوقاتٍ تَشْرُفُ فيها ويَعْظُمُ أجرُها ، وقد مَرَّتِ العشرُ ثم أيامُ التشريقِ ، فَمَنْ كانَ استَغلها غَنِمَ و فَرِح ، و مَنْ أهملَها وَسَوْفَ فَاتَتْهُ ولم يربحْ ، وربما تَمَنَّى رجوعَها لِيَسْتَغِلَّها ولكنْ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ !! فمن يدري ؟ فَرُبَّمَا لا تعودُ إِلَّا وَقَدْ وُسِّدَّ الترابَ ، أَوْ أصابَهُ مَرَضٌ ، أَوْ ابْتُلِيَ بِأَمْرٍ يَصْرفُهُ عن العباداتِ ، ويِشْغلُه عنِ فعل الخيرات ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُهُ ( اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ : شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ ، وَصِحَتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِك ) رواه الحاكم أما العبادات لها أثراً في القلبِ بِالارْتِيَاح ، وأثراً في النفسِ بالانْشِرَاح و نوراً في الصدرِ وضياءً يوم الحشرِ ! قال الله تعالى (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) فهذا وَعْدٌ صَادِقٌ مِنْ رَبٍّ العالمين بأَنَّ المؤمنَ الذي يعملُ الصالحاتِ سواءً كان رجلاً أو امرأةً أنَّ له حياةً طيبة و عيشةً هَنِيَةً في الدنيا ، وأنَّ له الجزاءَ الوافرَ في الدارِ الآخرةِ ، فَأَيْنَ مَنْ يَعْمَل مزيد من الطاعات ؟ وأَيْنَ مَنْ يُقْبِل على العبادات؟ فالعملُ الصالحُ لذةُ الدنيا وأُنْسُها ، فعلينا معرفة الطريق إلى باب لله قالَ بعضُ الصالحين : واللهِ لولا قيام الليلُ ما أحببْتُ الحياة ! يعني بذلك : أنَّهُ يَخْلُو بِرَبِّه فيصلي بالليلِ و الناسُ نِيَامٌ فَيَأْنَسُ باللهِ ويَجِدُ طَعْمَاً آخر للحياة ... قال الله عنهم : (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) فَيَا مَنْ غَابَتْ عَنْهُ الأَفْرَاح وفَارَقَهُ الرضاء وخَسِرَ الأَرْبَاح ، تَعالَ إلى العمل الصالح لَذَّةِ الدنيا وسعادتِها !! تعالِ لِلَذَّةِ الصلاةِ وقُلْ كَمَا قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) يَا بِلَالُ أَقِمْ الصَّلَاةَ أَرِحْنَا بِهَا ( رواه أبو داوود يَاخادمَ الجسمِ كَمْ تَسْعَى لِرَاحَتِهِ ** أَتْعَبْتَ نَفْسَكَ فِيْمَا فِيهِ خُسْرَانُ أَقْبِلْ على النفسِ واسْتَكْمِلْ فَضَائِلَها ** فَأَنْتَ بِالرُوحِ لَا بِالجِسْمِ إِنْسَانُ الوقفةُ الثالثة : يا عباد الله بعد انتهاء المناسك ما المطلوب منا ؟ هل سينتهي ذكر الله بإنتها أيام العشر و أيام التكبير في العيد ؟ اسمعوا ماذا يقول الله تعالى : ( فإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ أُولَـئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ) ذكر الله بعد كل عبادة من صلاة أو غيرها )فإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) عباد الله ... أيها المؤمنون : إذكروا الله ذكراً كثيراً قال تعالى :)يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيرا ) وهكذ يا ابن آدم : تذكر الله في كل ساعة وفي كل حين ليثبتك اللهعند الموت بلا إله إلا الله ، و عندما ينطَلِق الناس صَوْبَ الدنيا - يَتَفاخَرون بها و يَتَقاتَلون من أجلها ، سيأتيهم ذكرُ الله - عزَّ وجلَّ - فيعلمهم أنَّ مع اليوم غدًا وأنَّ مع الدنيا آخِرةً ، و أنَّ الإنسان يجب أنْ يحسن وجهته ويبرئ ذمَّته ، وينظم شؤونه . فيَعمَل لآخرته أكثر مما يعمل لدنياه ، و هذا الذي أراده الله تعالى بقوله  فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ﴾ [النجم: 29]) إذا قرأتَ القرآنَ و أقمتَ الصلاة وأدَّيت الفرائض فأنت ذاكرٌ لله . إذا أحسَنتَ إلى جاركأو صالَحت بين المتخاصِمين فأنتَ ذاكرٌ لله . إذا قلتَ كلمة الحق فأنت ذاكرٌ لله إذا أطَعتَ والدَيْك فأنتَ ذاكرٌ لله إذا وصَلتَ رحمك فأنت ذاكرٌ لله . إذا فعَلتَ النوافل فأنت كذلك ذاكرٌ لله.  عندما يأتي الشيطان إلى الإنسان فيزين له المعصية و يأخُذه إلى الذنب و يُوجِّهه نحو غضَب الله - ، عندها يأتيه ذكرُ الله فيُعلمه أنَّ هناك ربًّا غافر الذنب وقابل التَّوب شديد العقاب ، فيقول معاذ الله أن أرتكب المعصية أو أقع في سخط لله فيَنهَض من كبوته و يُقال من عَثرَته ، ويَعُود إلى ربِّه و يَستَغفِر من ذنبه ويَستَأنِف الطريقَ إليه كيف ؟ قال الله تعالى : (  وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ آل عمران: 135 الْوَفْقَةُ الرابعة إلى : من غابت عنه شمسُ هذه الأيامِ ولم يَقْضِها إلا في المعاصي والآثام ، يا من ذهبتْ عليه مواسمُ الخيرات والرحمات وهو منشغل بمواقع التواصل الإلكتروني و المنكرات . أما رأيت قوافلَ الحجاج والمعتمرين والعابدين؟! أما رأيت خضوع المُحْرِمين وأكفَّ الراغبين ودموعَ التائبين؟ أما سمعتَ صوت الملبين المكبرين المهللين؟! أما رأيت الصائمين والذاكرين في العشر فما لك قد مرّت عليك خيرُ أيام الدنيا على الإطلاق وأنت في الهوى قد شُدَّ عليك الوَثاق ؟! تذكر ليلةً تبيتُ في القبر منفردًا ... و بادِر بالمتاب ما دمت في زمن الإنتظار و أقلع عن الذنوب والأوزار الوقفة الخامسة : إليك أنت يا من تقلبتَ في أنواع العبادة وحافظت على الطاعات إلزم طريقَ الاستقامة، وداوم العمل فلستَ بدار إقامة ، واحذر العجب والرياء فربّ عملٍ صغير تعظمه النية ، ورب عمل كبير تصغّره النية . عباد الله .... فإن أبواب الخير كثيرة ينبغي أن تكون ميدانًا للمسابقة والمنافسة، لئن عجز بعض الناس بل معظمهم في هذا الزمان عن الحج فإن أمامهم أعمالاً لها من الفضل والأجر شيء عظيم. و منها : أداء صلاتي العشاء والفجر في جماعة و أداء الواجبات والفرائض التي فرضها الله -عز وجل و التنزه عن كسب الحرام أو الوقوع في الشبهات قال الفضيل بن عياض -رحمه الله : ( لا حج ولا رباط ولا جهاد أشد من حبس الجوارح عن المحرمات و مجاهدة القلوب على القيام بالعبادات ) وليس الاعتبار بأعمال الجوارح بالظاهر فقط ، و إنما الإعتبار بلين القلوب وتقواها وتطهيرها عن الآثام فاجتهدوا -أيها المؤمنون ... - في تطهير القلوب و عمروها بحب الله و تعظيمه و إجلاله و مراقبته دائمًا في السر والعلن . و أعلموا : إِنَّ للهِ عِبَاداً فُطَنا طَلَّقُوا ** الدُّنْيَا وخَافُوا الفِتَنَا نَظَروا فيهَا فَلَمَّا عَلِمُوا ** أَنَّهَا لَيْسَتْ لِحَيٍّ وَطنَا جَعَلُوها لُجَّةً واتَّخَذُوا ** صَالِحَ الأَعمالِ فيها سُفُنا قلت ماسمعتم و استغفر الله لي و لكم .... فيا فوز المستغفرين الخطبة الثانية الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين ......... أما بعد : إن من العبر يا عباد الله ... التي يجب علينا أن نستفيدها من فريضة الحج و منها : ــــ✍.. أولاً :  الحج مدرسة أخلاقية  :  إن الأخلاق تلازم الحاج منذ إحرامه إلى وقت رجوعه ، أيام متواصلة يحافظ المسلم فيها على سمو أخلاقه و يراقب الله في كل خلق يأتيه خوفًا من أن يبطل حجه أو ينقص أجره ، فلا رفث ولا فسوق ولا جدال ، فهذا هو الطريق لمغفرة الذنوب . وكذلك الإنسان المؤمن الحقيقي تجد أعماله تطابق عباداته فيكون معطاء للخير ، محبّ لكل فضيلة ، متنكر لكل رذيلة ، لايعرف الحقد و الحسد ، مبتعداً عن الفحش في القول و الكذب و البخل ، بعيداً عن الطمع والأنانيّة، والغيبة والنميمة. تلاحظ في كل تعاملاته خير وعطاء ، وبذل وسخاء ، ومودة ورحمة ، و سلام وتسامح ، و ابتسامة صادقة في وجه كل إنسان ــــ✍.. بيديه نور الإسلام ، وفي قلبه ضياء الإيمان ، وعلى لسانه ذكر الرحمن وعقله مشرق بالأمل و التفائل ، و قلبه متفتح بالرضاء و الشكر . وهكذا تتكامل شخصية المسلم العابد لربه المحافظ على طاعته صاحب الأخلاق الحسنة والمعاملة الطيبة ، فلا يتناقض في شخصيته و لا يضطرب في تعاملاته . فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : قيل للنبي صلَّى الله عليه وسلم :( إنَّ فُلانَةَ تَصُومُ النَّهَارَ، وتَقُومُ الليلَ، وتُؤذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا ، فقال : لا خَيْرَ فِيْهَا هِي في النَّارِ ) ــــ✍.. هكذا حسم رسول الله صلى الله عليه وسلم القضية ، فلا يستقيم في ميزان الإسلام محافظة على العبادات دون أثر في الأخلاق والمعاملات. وهكذا لابد للمسلم ان يعيش حياة يسودها الأخلاق وتملؤها القيم ــــ✍.. ثانياً : يعلمنا الله من فريضة الحج مبدأ النظام والانضباط أيها الاخوة المؤمنون : ما أحوج أمتنا في هذه الأيام أن تتعلم من رحلة الحج كيف يكون النظام والانضباط وصحوة الضمير فالحاج يطوف بالبيت العتيق سبعاً ويسعى بين الصفا والمروة سبعاً ، ويرمي الجمار سبعاً ، ويقف في عرفةفي وقت محدد ، وينصرف منها في وقت محدد ، ويبيت في المزدلفة في وقت محدد ، وهكذا فلا تراه يزيد في الجمار أو ينقص ، ولا تراه يفعل عملاً من أعمال الحج في غير وقته، ولا تراه يأتي محظوراً من محظورات الإحرام عالماً عامداً .لماذا ؟ لأنه يخشى من فساد حجه ، ولأنه يعلم بأن الله مطّلع عليه. ــــ✍.. أليس ديننا الإسلامي يعلمنا النظام والإنضباط في كل شعائره وشرائعه في الصلاة نتعلم النظام والإنضباط في الصوم في الزكاة في الحج ومع كل هذا يجب على كل مسلم منا أن يكون منتظماً في تصرفاته و منضبطاً في بيته و تجارته و في كل نواحي حياته اليومية ــــ✍.. ثالثاً : تحقيق مبدأ المساواة في صورة الإحرام والطواف والسعي وغيرها ، إذا نظرت إلى الحجاج فلن تميز أحدهم بزي ولا لباس و لا بمظهر ولازينة ، فالكل في بساطة المظهر المتحد متساوون مساواة بين الأفراد و مساواة بين الأجناس و الألوان بل إن معنى المساواة في الحج أتم و أعمق ، فالحجاج يستبدلون زيهم الوطني بزي الحج الموحد ويصبحون جميعاً بمظهر واحد لا يتميز شرقيهم عن غربيهم ولا عربيهم عن عجميهم ، كلهم يلبسوا لباساً واحداً فالكل يخلع أفضل الثياب ليلبس رداء البسطاء ، ويتساوى بذلك أفقر الفقراء بأغنى الأغنياء . ــــ✍.. ويتوجهوا إلى رب واحد بدعاء واحد ، تراهم ينسوا كل الهتافات الوطنية ويخلفوا وراءهم كل الشعارات القومية ، و ينكسوا كل الرايات العصبية ويرفعوا راية واحدة هي راية لا إله إلا الله .. محمد رسول الله ، يطوفون حول بيت واحد مختلطة أجناسهم و ألوانهم ولغاتهم يؤدون نسكاً واحداً . إن معاني المساواة لا تتحقق في واقع الإنسانية إلا في هذا المكان … ــ✍.. لقد كان المشركون في الجاهلية من قريش يرون أن لهم ميزة خاصة فكان الناس يفيضون من عرفات وقريش تفيض من مزدلفة . فجاء الإسلام فساوى بين الناس في أداء الشعائر فقال تعالى : (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) البقرة :199 وليس هناك دواعٍ إلى أن يتكبَّر المتكبِّرون ، و لا داعيٍ إلى التفاخُر بالأنساب والألقاب بل إنَّ تمكّنَ التقوى من نفس المؤمنِ ليجعله يستحضر أنّ الله -عزّ وجلّ- قد ردَّ أنسابَ الناس وأجناسَهم إلى أبوين اثنين ، ليجعلَ من رَحِم حوّاء ملتقًى رحبًا تتشابك عنده الصِّلاتُ وتستوثِق العُرى وصدق الله العظيم حيث يقول: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ﴾ (سورة الحجرات 13 ــــ✍.. وقد أكد الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الجانب من شعائر الحج في خطبة الوداع فقال: ( أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد ألا لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى ألا هل بلغت اللهم فاشهد ) ــــ✍.. أيها الإخوة المؤمنون .... عباد الله : لقد أرسى رسول الله عليه أفضل الصلاة و أزكى السلام مبدأ المساواة بين البشر عندما طلب وجهاء قريش ومن كانوا يحسبون أنفسهم سادة قومهم من النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يطرد الفقراء والمساكين وضعاف الناس الذين إلتفوا حوله وآمنوا به ، كعمار بن ياسر ، وبلال ، بحجة أنهم يريدون أن يستمعوا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ولكنهم لا يجلسون مجلساً يكون فيه هؤلاء الفقراء و المساكين و الضعفاء ، نزل قول الله تعالى : ( وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ ) (52) سورة الأنعام. وبين النبي -صلى الله عليه وسلم- معنى المساواة ــــ✍.. حين عير أبو ذر الغفاري بِلالاً بلونه الأسود ، غضب النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال للصحابي الجليل: (إنك امرؤ فيك جاهلية) . عندها إعتذر أبو ذر من بلال رضي الله عنهما أجمعين و يقول النبي عليه الصلاة و السلام لابنة فاطمة رضي الله عنها : ( يافاطمة بنت محمد إعملي صالحاً فإني لا أغني عنك من الله شي ) أليس مبدأ المساواة الذي نتعلمه من الحج جديرا بعناية المصلحين و إهتمام المخلصين وجهود الدعاة العاملين . فيا ابن آدم ! ما أكثر عبر الحج ! وما أعظم بركاته ! فليكن لك في ذلك أوفر الحظ والنصيب ؛ لتفوز بسعادة الدارين، ولتكون من أهل الله المفلحين ، ومن أوليائه المتقين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. ــــ✍..)ملاحظة )..... و إذا كان هناك قحط في المنطقة و عدم نزول المطر فيستحب : تذكير الناس بسرعة التوبة و كثرة الإستغفر و دعوة الناس إلى صلاة الإستسقاء بعد صلاة الجمعة ، و التضرع بالدعاء اللهم أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين ، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا ، اللهم أسقنا غيثًا مغيثًا ، هنيئًا نافعًا غير ضار ، عاجلًا غير آجل ، اللهم تحيي به البلاد، وتغيث به العباد اللهم سُقيا رحمة لا سقيا عذاب اللهم أنبت لنا الزرع ، و أنزل علينا من بركاتك اللهم إنا خلق من خلقك فلا تمنع عنا فضلك بذنوبنا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ اللهم اسقنا الغيث ، وآمِّنَّا من الخوف، ولا تجعلنا من اليائسين . ــــ✍.. هذا و صلو و سلموا على من أمركم الله بالصلاة و السلام عليه ... حيث بدأ بنفسه و ثنى بملائكته المسبحة بقدسه و ختم بكم أيها المؤمنون فقال ( إن الله و ملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه ... ) اللهم أرزقنا حياة صالحة قبل الأجل و نسألك عيش السعادة و حسن الخاتمة اللهم تكرم علينا بالرعاية والعناية ، و التوبة مما صدر في البداية والنهاية و أن تحشرنا في زمرة الأنبياء أهل الهداية و أرباب الإستقامة و أعلام الولاية اللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها ، وخير أيامنا يوم نلقاك وأنت راض عنا يا كريم أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يثبتنا على طاعته و عبادته اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وأغننا بفضلك عمَّن سِواك اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ وَقَهْرِ الرِّجَالِ اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ والْأَرْضِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَأَغْنِنَا مِنْ الْفَقْرِ اللهـــــــــــــم أنت رجاؤنا بأن تصلح بلادنا و سائر بلاد المسلمين و أن تنصر إخواننا في غزة اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، و أجرنا من خزي الدنيا و عذاب الآخرة اللهم نور على أهل القبور قبورهم ، اغفر لهم وارحمهم ويسر أمورهم اللهم آنس وحدتهم ونور ظلمتهم ، اللهم في كل دقيقة تمر عليهم إجعل اللهم نسمات رحمتك تهب عليهم و أفتح لهم أبواب جنتك يا أكرم الأكرمين.. *نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها* *ولا تبخل على نفسك بالأجـر العظيم*tt