💟 *`خَيـــــر القُــــــرون100`* 💟 🔺 *سَـالم مَولى أبي حُذيفة* 🔺 ((2⃣)) 🔹وَظَل سالم رضي الله عنه على تلك الحَـالة ملاصقاً للنبي ﷺ يتلقى منه القرآن ويتعلمُ منه الأحكـام حتى أضحى واحداً من كبـار حَمَلَةِ القُـرآن الكَريم. ثم جـاءت الهجرة النبوية المباركة ، وهي من أعظم الأحداث في السيرة النبوية كلها ، فهاجر سـالمُ رضي الله عنه إلى مدينة النبي ﷺ. وبلغت درجةُ سالمٍ رضي الله عنه العالية أنه كان *يُقَـدَمْ لِيَـؤمَ المسلمين* في الصلاة في مسجدِ قبـاء وفيهم أبي بكر وعمر رضي الله عنهما. عن ابن عمر رضي الله عنه قال : "لمّا قَدِم المهاجـرون الأولـون العُصبـة ـ موضعٌ بقُبـاء ـ قبل مقدم رسول الله ﷺ كـان يؤمهم سالمٌ مولى أبي حذيفة *وكان أكثرهم قـرآنـاً*". 🔸واستشكل العلماء ذِكْرَ أبي بكر الصديق في هذا الحديث ، لأن الصديق هاجر رفقة النبي ﷺ إلى المدينة ، وصلاةُ سالم بالمسلمين كانت قبل مقدم رسول الله ﷺ فقال ابن حجر رحمه الله في الفتح : "وقد تقدم الجواب عن إستشكال عدّ أبي بكر الصديق فيهم لأنه إنما هاجر صُحبة النبي ﷺ وقد وقع في حديث ابن عمر أنّ ذلك كان قبل مقدم النبي ﷺ وذكرتُ جواب البيهقي بأنه يحتمل أن يكون سالم استمر يؤمهُم بعد أن تحول النبي ﷺ إلى المدينة ، ونزل بدار أبي أيـوب قبل بناء مسجده بها فيحتمل أن يُقال *فكان أبوبكر يصلي خلفه إذا جاء إلى قبـاء*". 🔹ووالله إن الرّجُل الذي يُقدَم للصلاةِ في وجـودِ الشيخين أبي بكر وعمر إنه لرجـلٌ عظيم. وبلا شك .. أن منزلةَ سالم ومكانته ليست بأعلى من الصديق ولا عمر ، ولكن ما رفعه يومئذٍ هو هذا القـرآن وقد قال النبي ﷺ : *"إنّ اللهَ لَيَرفَعُ بهذا الكِتـَابِ أقوَامَـاً ويضَعُ به آخَريِـن"*. فها هو سالم كان غلامـاً وعبداً رقيقـاً ، يأتي اليوم بفضل هذا القـرآن ليتقدم على أُنـاسٍ فيهم أبي بكر وعمر. 🔸وكان سالمُ رضي الله عنه أحد الأربعة الذين حثَّ النبي ﷺ الناس بأن يأخذوا القرآن عنهم فعن عبدالله بن عمرو قال : سمعت النبي ﷺ يقول : *"استقرئوا القـرآن من أربعة : من ابـنِ مسْعُود وسَـالم مَولى أبي حذيفة وأُبـيٍّ ومُعَـاذ بن جَبَـل"*. بل تأملوا معي في هذا الوسام الذي وضعه النبي ﷺ على صدرِ هذا الصحـابي الجليل فعن عائشة رضي الله عنها قالت : أبطـأتُ على عهد رسول الله ﷺ ليلةً بعد العشاء ثم جئـتُ فقال : أين كنـتِ..? قلت : كنت أستمع قراءة رجلٍ من أصحابك *لم أسمع مثل قراءته وصوته من أحد* قالت : فقام وقمت معه حتى استمع له ثم التفت إليَّ فقال : *"هذا سَـالم مولى أبي حذيفة ، الحمدُ لله الذي جَعَـلَ في أُمَّتـِي مِثْـل هذا"*. 🔹يا لها من مكانةٍ عاليةٍ تكاد تُعـانق كواكب الجوزاء ، رسول الله ﷺ يحمَدُ الله تعالى أن في هذه الأُمّة رجُلٌ مثل سالم رضي الله عنه ، إنه فضل القرآن وهذه منزلة أهلِ القرآن ، فهنيئـاً لكم يا أصحاب القرآن. ولقد شهد النبي ﷺ له بالإيمان ، فعن عمرو بن العـاص رضي الله عنه قال : كان فـزعٌ بالمدينةِ ، فأتيتُ على سالم مولى أبي حذيفة وهو مُحْتَـبٍ بحمائـل سيفه ، فأخذت سيفي فاحتبيتُ بحمائله ، فقال رسول الله ﷺ : *"يا أيها الناس ، ألا كان مفزعُكم إلى الله وإلى رسُوله..??"* ، قال : *"ألا فعلتُم كما فَعَل هذان الرجُـلانِ المُؤمِنـَان?"*. 🔸وأنا أقرأ في سيرة هذا الصحابي العظيم ، ومكانته التي حازها بفضل *حرصه على تعَلُّمِ كتابِ الله* ، تذكرتُ أثـراً جاء في صحيح مسلم وذكره ابن الجوزي رحمه الله في صفةِ الصفوة يتحدثُ عن رفعةِ منزلةِ أهل القرآن . فقد رُويَّ أن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه إلتقى بنافع بن عبدالحارث في عسفان ، وكان عمر يستعمله على مكة فقال : من استعلمت على أهلِ الوادي.. ? قال نافع : ابن أَبـْزَى فقال عمر : ومن ابنُ أَبْـزَى.? قال : مولـىً من موالينا فقال : *فاستخلفت عليهم مولى..!!* قال : إنه قارئٌ لكتاب الله عز وجل ، وعالمٌ بالفرائض. فقال عمر رضي الله عنه : أما إن نبيكُم ﷺ قد قال : *"إنّ اللهَ يرفعُ بهذا الكتـابِ أقْـواماً ويَضَعُ به آخَريِـن"*. 🍀🌸🍀🌸🌸🍀🍀🌸🍀🌸