مدونة كامو للقصص والروايات❤️
مدونة كامو للقصص والروايات❤️
June 20, 2025 at 04:49 PM
كان قاعد قصادي…ساكت زي العادة، بس المرة دي فيه حاجة مختلفة، كأن في جواه كلمة كبيرة بتتخانق علشان تطلع. أنا سبتله مساحته، وقعدت أقشّر تفّاحة على مهل، زي ما الجدّات بيعملوا لما بيستنّوا الكلام وهو بيجرّ رجليه. كل شوية يبص للحيطة،يرجع يبص لفوق، ويسند ضهره من غير ما يرتاح. وفجأة… من غير تمهيد، قال ليّ "أنا… سِبت الشغل.. ياتيتا. علشان متحاوليش تسأليني كتير." بس ما قالهاش بصوت هادي… قالها كأنها خرجت بالعافية من قلبه. ما سألتوش ليه…ما قلتلوش حصل إيه… بس بطّلت أقشّر التفاحة. وسكت شوية،وبعدين بصيت له، وقلت: "ياااه… كنت مستنياك تنطق. مش علشان عندي حل، بس علشان أعرف أبدأ منين معاك يا قلب تيتا ." رجّع نظره ليّا، كأنه بيقول: احكي. فقلت له: "تعالى أقولك على حاجة… أنا، كمان، كنت في مطرحك مرة. طبعًا يا حبيبي، بما إنك فتحت الكلام… يبقى أنا ليّا دلوقتي الحق أحكيلك، مش علشان أعلّمك، لكن علشان تعرف إن في غيرك عدّى من نفس الحتة، ومارجعش زي ما كان. وأحكيلك حواديتك تيـتـا إحسان اللي بتحبها. كنت وقتها في أول التلاتينات. مش صغيرة، بس لسه عندي الأحلام اللي ما لحقتش تستقر. كنت متجوزة، وعندي بنتين، والحياة مش سهلة… بس ماشية على عجلتين صدق وصبر. جدك مُحب، ساعتها كان شغال في ورشة نجارة. إيده شطّيبة، وقلبه في شغله. يومها رجع البيت بدري…ومجرّد ما سمعت المفاتيح في الباب قبل المعاد، قلبي اتقبض. دخل وسكت. خلع جزمته من غير ما يسلّم، وشه مش فاضي… كأنه سايب حاجة في الشارع ومش عارف يرجع يجيبها. فضل ساكت يوم واتنين. وأنا، بالرغم من القلق اللي كان بيدق جوّا قلبي، ما ضغطتش. كنت ببصّ له، وأقول لنفسي: "اللي جوّاه تقيل… وبيحاول يحمّل نفسه من غير ما يوقعنا سوا." وفي اليوم التالت، قالها. قال لي: " تعالي يا إحسان، أنا عايز أتكلم معاكِ. "أنا خسرت الشغل، وصايبني إحساس إني ولا حاجة. عارف أنا عملت إيه؟ بص ليّ بحماس ولهفة: " فكرتي معاه، أو دورتي معاه على شغل " بصيت له وضحكت وقلت: "ما قلتش ولا كلمة. طبطبت عليه وسمعته للآخر وقمت، دخلت المطبخ، وقعدت على الكرسي الصغير اللي عندي. ماعملتش شاي، وما قطّعتش بصل، ولا حتى عملت آكل لأمك وخالتك. بس عدّيت بإيدي على الرخامة الباردة… كأني بلملم أفكاري من سطحها. وفصلت أفكر أعمل ايـه...والبنات والمصاريف. غليّت ميّة. وحطّيت شاي ونعناع في الكوبايتين. ورجعت له، وحطّيت الكوباية قدّامه، وقلت له: "اشرب… وبعدين ننهار مع بعض، على هَدوء ورواقة." ضحك. ضحكة مكبوتة…مش ضحكة فرح،بس ضحكة بداية. بداية طريق طويل،كنا لازم نمشيه… وإحنا مش عارفين له آخر. وقعدت جنبه، وقلت بهدوء: "أنا مش هقولك متقلقش… بس هقولك إنك مش لوحدك، وإن إحساسك ده طبيعي، بس مؤقت." وعدت أيام. فاكرة يوم… رجعوا البنات من المدرسة، وماكانش في البيت غير رغيفين ومعلّقتين جبنة وفاكرة برضو... لما كنت أعيّط؟كنت أستخبّى. مش من الناس…ولا من جدك. من بناتي. من العيون الصغيرة اللي شايفاني جبَل، وأنا كنت طوبة مفرّغة. يا أمير، مفيش انهيار بيقعد طول العمر يا حبيبي ، زي ما مفيش فرحة بتقعد من غير ما تتحرك. أنا كنت بعيط في الحمام، وأضحك عالسفرة… بس ما سمحتش لليأس يدخل معايا الأوضة اللي فيها ولادي. كنت بصحى الصبح، أعدّ الرغيف… وأحسب الأيام، مش الفلوس. وفي عزّ ما كنت محتاجة حد يطبطب عليّا، كنت أنا اللي بطبطب على الباقيين. مش علشان أنا بطلة، بس علشان فيه أوقات، اللي بيقف مش لازم يكون أقوى… يكفي إنه اختار ما يوقعش الناس اللي حواليه. السنين عدّت. وجدك رجع يشتغل،والبيت رجع يضحك. والبنات كبروا، وأنا كبرت…بس جوّايا حاجة فضلت ثابتة. فضلت كلمة بقولها لنفسي وأنا تايهة: "ماينفعش أستسلم. مش علشان أنا عارفة… بس علشان هما لسه بيصدقوا إني دايمًا عارفة أنا بعمل إيه." إنت النهارده موجوع، وأنا شايفة الوجع. بس كمان شايفة في عينيك حد فاهم، حد صادق، وحد ممكن يتكسّر وما يتفتّتش. اللي يخسر شغله، ما خسرش نفسه. ده خسر وظيفة، مش معنى. والمعنى… بيترمّم، بيتعاد، وبيتولّد من أوّل وجديد. بس لازم تفضل واقف، ولو حتى وانت قاعد. أنا هنا، مش علشان أفكرك إنك هتقوم… لكن علشان لو نسيت، تبقى عارف إن حد قبلك وقع، وقام… وبقى يحكي. "يلا أدخل نام..اللي رزقك بالشغل ده، هيرزقك بغيره ياحبيب تيتا". أخيرًا، تصبحوا وستركم سابق خطاكم،ياحبيب تيتا ♡. #من_دفتر_تيتا_إحسان. #ميرنا_ناصر
❤️ 1

Comments