
مدونة كامو للقصص والروايات❤️
June 20, 2025 at 11:00 PM
" الست يابني مبتجيش غير بالحنية "
- ممكن أعرف إيه الجنان إللي أنتِ عملتيه دا؟
- دا مش جنان، أنا عملت إللي كان المفروض يتعمل.
- يعني أنتِ برضوا مش شايفه أنكِ غلطانه؟
- لا مش غلطانه، بالعكس.. أنا كان المفروض أعمل فيها أكتر من كده.
- لا ولله! ومش شايفه أنكِ بتصرُفكِ دا احرجتيني قدام كل الموظفين إللي بيشتغلوا معايا؟
- يعني أنت دلوقتِ كل إللي فارق معاك الموظفين؟ بس مشاعري أنا تتحرق عادي!!
- لا دي بقت عيشه تخنق، إيميليا أنا حقيقي زهقت وتعبت من نكدكِ وتكبيركِ للمواضيع بالشكل المستمر دا!
- تمام، وأنا هريحك مني خالص.
نفخت بغضب وبصيت الناحية التانية بتعب، صوت انفاسها كان عالي وعيونها بتبصلي بنظرات كلها غضب، سابتني ودخلت أوضة الأطفال فبصيت لطيفها بقلة حيلة، هي جميلة، ست مفيش منها، بس مشكلتها الكبيرة الغيرة المُبالغ فيها! هي بتغير عليا بشكل مجنون، فبالكَ بقىَ لما تشوف البنت إللي كانت بتحبني واقفه بتتكلم معايا في الشغل، أكيد مش هتعدي الموضوع عادي وهتكون زي البركان.
- الفطار جاهز.
- وأنتِ مش هتفطري معايا؟
- لا، أنا فطرت الصبح بدري مع الولاد.
قالتها ببرود وسابتني ورجعت دخلت الأوضة، كنت عارف أنها زعلانه ومضايقه مني، وللاسف دي مش أول مرة نتخانق لنفس السبب، هي من وجهة نظرها شايفه أن غيرتها دي طبيعية جدًا، وأنا من وجهة نظري شايفها مبالغ فيها، منكرشِ إني بحب غيرتها أوي، بس كمان الموقف إللي عملتُه مكنشِ ينفع خالص، أظن أن الموضوع خرج عن السيطرة، وخناقتنا المرادي غير كل مرة، المرادي كل واحد فينا زعلان بشكل كبير من التاني،
- إيميليا جهزي نفسكِ أنتِ والولاد هنسافر لبيت أهلي.
- فجاة كده؟
- بابا تعبان أوي ولأزم ننزل نطمن عليه.
- تمام، نص ساعة وهنكون جاهزين.
- تمام، مستنيكم بره.
هزت رأسها بتفهم وقامت تجهز نفسها والولاد، من وقت ما ماما كلمتني وأنا هموت من القلق، في المواقف إللي زي دي هي دايمًا بتكون جنبي، بتحتويني، ومعاها كل حاجة صعبة بتهون، بس الظاهر المرادي هي شايله مني أوي، لدرجة أنها طول الطريق كانت شاردة وبتبص للطريق رغم انها متعودة تمسك إيدي وتتكلم معايا في أي حاجة، كنت مضايق أوي، سكوتها وزعلها مني دا مضايقني أوي، على عيني أبوس رأسها وأقولها حقكِ على قلبي وللهِ، بس كبريائي وزعلي منها منعوني أعمل كده.
- إيميليا.
- نعم ؟
بلعت ريقي وقُلت بتوتر:
- ممكن نتصرف قدام اهلي بشكل طبيعي، يعني مش عاوزهم يحسوا أن في أي مشاكل بينا.
ابتسمت وقالت بسخرية:
- مش محتاج توصيني يا باشمهندس، أنا بعرف احافظ على أسرار بيتي كويس، بعد إذنكَ.
أخدِت الولاد ودخلت البيت فبصيت لطيفها بحزن، اتنهدت بضيق ودخلت وراها، قعدنا مع أهلي إللي استقبلونا بفرحة كبيرة، وكالعادة هي قعدة جنب أبويا تهزر معاه، كنت قاعد بتامل ضحكتها إللي وحشتني، صوتها، وحماسها وهي بتتكلم، حاسس إني بقالي سنين محروم منهم مش أيام! عيونها جت فعيوني فبصتلي بعتاب، حاسس أنها لو فضلت تبصلي بنظراتها دي حصوني كلها هتتهد وهقوم أخدها في حضني دلوقتِ وإللي يحصل يحصل بقىَ.
- رايحه على فين ؟
- رايحه أنام مع ميرا في أوضتها.
- للاسف مينفعش، أحنا معندناش ستات بتبات بعيد عن جوزها.
رفعت حاجبها وبصتلي ببرود:
- بس أنا مش عاوزه اقعد معاك في نفس الأوضة.
- يخرابي! للدرجادي؟ لا اخس عليا وللهِ.
- راكان بطل هزار وأبعد من قدام الباب.
اتنهدت وقُلت بهدوء:
- إيمي بطلي جنان بجد، ميرا أصلًا نامت من بدري، وبعدين كلهم عارفين أنكِ مبتعرفيش تنامي بعيد عني، فأنتِ لو خرجتِ دلوقتِ كلهم هيشكوا فينا أننا متخانقين، يرضيكِ الكل يعرف أننا متخانقين مع بعض؟
- آه يرضيني، اوعى بقىَ.
حاولت تبعدني من قدام الباب فأبتسمت وقفلت باب الأوضة بالمفتاح من جوه، حطيت المفتاح في جيبي وسيبتها وروحت اترميت على السرير ببرود، بصتلي بعصبية وقالت بغيظ:
- ممكن تبطل برود بقىَ وتجيب المفتاح؟
- لا
- يعني إيه ؟
- يعني مفيش خروج من الأوضة دي.
- يا سيدي أنا مش عاوزه أفضل معاكَ في أوضة وحده، يرضيكِ تقعد مع وحده مش طيقاك؟
- آه يرضيني عادي.
دبدبت برجلها على الأرض بغيظ وقالت بعصبية:
- دا أنتَ إنسان مستفز.
كتمت ضحكتِ وبصيت لها فبصتلي بشر وقربت سحبت المخده من جنبي وقالت بتحدي:
- برضوا مش هنام جنبكَ، خليك كده نام لوحدك.
بصيت لها بضحك، حطت المخده ونامت على الأريكة قدامي، قُمت اترميت على السرير ببراح وقُلت بمرح:
- أحسن برضوا، اهو أعرف اتقلب براحتي، خليكِ أنتِ نايمه كده لحد ما ضهركِ يوجعكِ.
بصتلي ورمت عليا المخده بغيظ ورجعت حطت رأسها على المخده التانية ونامت.
قُمت غيرت هدومي ونمت على السرير، فضلت ببصلها وأنا مستنيها تنام علشان أقوم اجيبها على السرير، أنا أصلًا بكدب علشان اعصبها، لكن في الحقيقة أنا مقدرشِ أنام وهي بعيده عن حضني، هي الأمان بالنسبالي، هي حبيبة عمري الجاي وإللي راح، معاها بس بحس إني مطمن، حتى لو متخانقين، وحتى لو زعلانين من بعض، هي عارفة كويس إني هقوم اجيبها لحضني، ولو مقومتش فهي إللي هتيجي بنفسها، وهنرجع نكمل خصامنا عادي تاني يوم.
- راكان سيبني أنام.
قالتها وأنا بشيلها فأبتسمت وقُلت بحنان:
- في حضني مش بعيد عني.
ابتسمت وقالت بنعس:
- أصلًا كنت عارفة أنكِ متقدرشِ تنام من غيري.
اتخبت في حضني فأبتسمت وبوست رأسها، شلتها ونومتها جنبي على السرير، أخدتها في حضني ونمت، أحنا بنتخانق كتيرر دا صحيح، بس المهم أن قلوبنا مبتعرفشِ تقسىَ على بعض، هي وجودها بالنسبالي حياة، هي النفس إللي أنا عايش بيه، ومهما زعلنا من بعض مقدرشِ اتخلىَ عنها.
- قاعد لوحدكَ ليه يا واد؟
قالها بابا بمشاكسة وهو بيقعد جنبي في الجنينة وفي إيدُه كوبايتين شاي، أخدت منه الكوباية وقُلت بعتاب:
- إيه إللي مطلعكَ من أوضتك وأنتَ تعبان؟ مش الدكتور قالك الراحة مهمه علشانكَ؟
ابتسم وقال بمرح:
- ما أنتَ عارف يا ولدي، أنا أكتر حاجة محبهاش هي قعدة السرير دي، وبعدين أنا مش تعبان ولا حاجة، أنا زي الحصان أهو.
ابتسمت وقُلت بحب:
- ربنا يديك الصحة يا حبيبي، ويباركلنا في عمركَ، بس برضوا بلاش عناد علشان متتعبش.
- طيب سيبك كدا مني وقولي في إيه بينك أنتَ ومراتكَ؟
- مفيش حاجة، أحنا تمام وزي الفل.
- يا ولاا هتضحك عليا؟ على أساس أني معرفكُمشِ مثلًا، وبعدين يا ولدي مهما حاولتوا تخبوا حزنكم وزعلكُم هتلاقوا عيونكَم بتفضحكم، أصلي العيون دي عامله زي المِرأية إللي تقدر من خلالها تعرف بيها كل إللي بيدور في القلب، احكيلي وافتحلي قلبك زي ما أنا عودتكَ، أنت لو خبيت عن الدنيا كلها مش هتعرف تخبي عني وجعكَ.
اتنهدت وبصيت لُه بإبتسامة حزينه، من صُغري وهو معودني لما حاجة تضايقني اجري عليه هو وماما واحكيلهم كل إللي واجعني بدون خوف أو تردد، أوقات بحسهم بيفهموني حتى من غير ما اتكلم، والجميل أن دا نفس الشيء إللي زرعتُه في ولادي وعلمتهولهم رغم صُغر سنهم، أخدت نفس عميق وبصيت للسماء بتعب، حاسس أن في شيء تقيل أوي على قلبي، لساني متربط ومش قادر اتكلم.
بابا حط إيدُه على كتفي وقال بحنان:
- قولي متخانقين بسبب نفس الموضوع ؟
- هو نفسُه، بس المرادي هي زودتها أوي، وأنا مبقتشِ عارف اتعامل معاها.
- طيب قولي عملت إيه؟
افتكرت إللي حصل فضحكت غصب عني وقُلت بغلب:
- نسيت الأكل بتاعي في البيت، فهي جتلي الشركة علشان تجيبهولي، ووقتها شافت نورا البنت إللي كانت بتحبني ومحصلش بينا نصيب من كام سنة واقفة بتتكلم معايا وبتضحك، جن جنانها ومسكتها من شعرها قدام كل الموظفين وضربتها، ولما رجعنا البيت اتخانقنا مع بعض.
ضحك بصوت عالي وقال بفخر:
- براڤو عليها، بنتِ القوية دي.
- بابا أنتَ مبسوط بيها!! أنت مشوفتش شكلي قدام الموظفين ومدير الشغل كان إيه وقتها، حقيقي اتمنيت الأرض تنشق وتبلعني، دي مبقتشِ غيرة، دا بقىَ مرض!
بصيت الناحية التانية بعصبية فوقف ضحك وقال بهدوء:
- طيب وغيرتها دي سببها إيه؟ مش من حبها الكبير ليك؟
- أنا مش ضد غيرتها بالعكس، أنا بحبها وبحب غيرتها عليا، بس أنا حاسس أنها آخر فترة بقت بتتلكك علشان تتخانق، مبقتشِ قادر افهمها ولا بتحكيلي حاجة زي الأول.
أخد نفس عميق وقال بحنان:
- هي ممكن تكون مضغوطه بسبب الولاد وضغط البيت، وأنتَ كمان أكيد بقيت مشغول في شغلك، فالضغط عليها بيزيد، بص يابني، لأزم تفهم أن الستات دول شيء رقيق وجميل أوي، والست منهم مبتجيش غير بالحنية، مهما حصل خليك حنين عليها، حاول تفهمها وتاخدها على قد عقلها، إللي حصل دا شيء عادي خالص، هي عملت كل دا بدافع غيرتها عليك وحبها ليك، وأظن أنك خلاص اتعودت عليها، دا أنتوا بقالكم اكتر من أربع سنين متجوزين يا واد!
- طيب قولي ياعم الحبيب اصالحها إزاي.
- اممم، شايف الورده الحلوه إللي هناكَ دي؟ اهو أنا كل خناقاتي مع أمكَ كُنت بصالحها بنفس الطريقة، وبمجرد ما بتشوف الورده دي بتنسىَ كل زعلها مني، خليك واد جدع كده وقوم صالحها، ومتنساش يابني أن مهما حصل بينكم إياك قلبكَ يقسىَ عليها، دي مش مراتكَ، دي حته وقطعه منك، ولو مال عليك الزمن في يوم من الأيام هتلاقيها هي عكازك إللي هتتسند عليه، دي رفيقة عمرك، وسندك يا ولدي، ودرعك الحامي وقت الشدايد، وهي النعمة إللي ربنا رزقك بيها فأياكَ تضيعها أو تسيبها تدبل في يوم من الأيام، لأنها زي الورد بالظبط، محتاج دايمًا يتروي بالحنان، إياكَ مهما حصلت بينكم خناقات تطول في الخصام، الخصام والأهمال قادرين يبنوا بينكم أسوار، فمتخليش الزعل يابني يضيع أيامكم الحلوة، قوم يابني صالح مراتك حتى لو مكنتش أنتَ الغلطان، الحنية دايمًا بتكسب، فخليكَ دايمًا الطرف الأحن.
دعالي وسابني ودخل، بصيت لطيفه وابتسمت، الفضل في الحنية إللي أنا فيها وأني أكون شخص سوي نفسيًا هو الراجل دا، من طفولتي وأنا بشوفُه إزاي بيعامل أمي وكأنها شيء رقيق بيخاف عليه من الكسر، دايمًا كان هو الطرف الأحن، وكبرت أنا كمان وبقيت زيُه، نفس الطبع، الحنان، شِبه أخدت منه كل حاجة، بصيت للورده وقربت قطفتها بحب، وقررت أكون أنا المرادي الطرف الأحن.
- ممكن اتكلم معاكِ؟
- عاوز إيه ؟ وإيه إللي مخبيه وراء ضهركَ دا ؟
ابتسمت وقربت وقفت قدامها، طلعت الوردة ومديتها قدامها، وقُلت بحنان:
- أنا اسف، حقكِ على قلبي، أنتِ عارفه إني مليش غيركِ، وعارفة كمان إني مقدرشِ على زعلكِ.
عيونها دمعت فأبتسمت وقربت بوست رأسها وحضنتها بحنان فقالت بزعل:
- أنا كمان اسفه، أنا عصبية ومبعرفشِ اسيطر على غضبي، بس أنا وللهِ بحبك، ومبستحملشِ حد يبصلكَ حتى، وبعدين أنا آخر فترة كنت مضغوطه أوي ما بين العيال والبيت، فأنا كمان اسفه لأني زودتها عليك.
طلعتها من حضني ومسحت دموعها بمرح:
- طيب ممكن لما تكوني مضايقه تيجي تشتكيلي حتى لو كنت أنا إللي مضايقكَ، مش عاوز يحصل تراكمات بينا، وبخصوص غيرتكِ دي فأنا خلاص اتعودت عليها، المجنونة الغيورة.
ضحكت ومسحت وشها:
- متغيرشِ الحوار وقولي كنت واقف بتضحك مع الزفته دي ليه؟
- تاني؟ تاني ؟ أحنا مش هنخلص؟
- لا، أصلًا لو طولت اخلص عليها كنت عملت كده.
ضحكت وشديتها لحضني:
- ياعم دا أنتِ وليه قادرة، دا أنتِ قطعتِ شعر البنت في إيدكِ!
- واشيل عيون إللي تفكر تبصلكَ بعد كده.
- يا ولاا يا شرس أنتَ، بالله بدوب في حلاوتكِ دوب كده دوب.
- بابا أنتوا بتعملوا إيه؟
التفت وبصيت ورايا لقيت نسختها الصغيرة وأخوها بيبصولنا بإستغراب! ضحكت وقلت بمرح:
- مُفسدين لحظاتنا الحلوة وصلوا أهو.
"ظللتُ أنتظر سنوات
حتى وجدتكَ،
فصار حبك كالموسيقى التي تملأ قلبي."
#مارينا_عبود
#حواديت_راكان_وإيميليا.