_ سردَات البَتُـول .
_ سردَات البَتُـول .
June 13, 2025 at 09:17 PM
*_عزيزي الله* لا يمكن اعتبار هذه الورقة رسالة،إنما إدراك متأخر لي،أعتذار صادقٌ لك،مؤخراً بدتْ الرؤية تتّضح و هذا الظلام ينجلي عن أفكاري،إنّي خجلة من نفسي جدًا و يدي لا تكفُّ عن الارتجاف و أنا أكتب هذه الكلمات التي لا أستطيع البوح بها لسواك،في الفترة الأخيرة ابتعدت عنك جدًا ،سرتُ في كل الدروب إلا نحوك، كنت ساخطة من نفسي و لا أكف عن التسائل *لمَ ؟* هذه الكلمة كانت كفيلةً لتهوي بي و تبعدني عن حبّكِ، لِمَ يحدث كل هذا؟ لِمَ لا أصل لحلمي و هدفي رغم الصبر و الإيمان؟ و لمَ يدخل أناسٌ حياتي ليحزونني و يرحلوا فقط ؟ و لِم لا أستطيع ان أرتاح من المشاكل التي تلازمني؟ و لمَ يخونني أقربُ الناس؟ و لم يعتليني البأس رغم صلاتِي ؟ لمَ يموت أحسن الناس إليّ؟ و لِم أنا سمينة و قبيحة ؟ و لم أخِي الأصغر بَحر أصيبَ بهذا المرض القاتل ؟ هذه التساؤلات صفعتني و أطاحت بي بهاوية كبيرة،كنتُ قد فقدت الكثير من الإيمان بك و ما أبشع أن يفقد الإنسان أثمن شي و هو الإيمان! شعرتُ بأني عارية من أي سلاحٍ قد أمسكه، و أني بلا قوة حين ذهب مني إيماني و يقيني شعرت بضعف ساحق،و لأول مرة يا الله أمتلك مشاعر سيئة تجاهك، سامحني و اغفر لي،اغفر ل ماري الضعيفة من دونكَ و اليتيمة دون لطفك، حين مر ذلك الوقت العصيب علي،كان ثقيلاً جداً كل مصاعب الكون يمكن احتمالها لكن عندما تكون فيك و بإيمانك ! تكون هذه أسوء مصيبة قد تمر بها،أسوء من كل ما قد تفكر به، حين ابتعدت عنك و عن الصلاة و عن أي رابط يجمعني بإيماني، و يجعلني على مواجهة مباشرة لضعفي، تهتُ و تشرّدت على أطراف القلق و قيعان الخوف، إلى أن مررتُ بجدي الجالس بالحقل يتلو القرآن،هذا الصوت يمكنني أن أميّزه من آلاف الحناجر لم أكن أريد أن انصتْ،كان شيطاني قد استحوذ علي،كم أبغضه لكن علقت قدمي بصخرة و اضطررت للجلوس لحين انتهاء تلاوة جدي ،علّه يساعدني من نزع قدمي وسط هذه الجذور،و في الحقيقة نزع جدي شيئاً آخر مني؛ لم أرد مقاطعته سيكون غاضباً على الأرجح من هذا الأمر، سمعت... اقشعر بدني، {قَالَ إِنَّكَ لَن تَسۡتَطِيعَ مَعِيَ صَبۡرٗا} {وَكَيۡفَ تَصۡبِرُ عَلَىٰ مَا لَمۡ تُحِطۡ بِهِۦ خُبۡرٗا} كَونِي فقهية بهذه اللغة،أدركت معنى الآية بلمح البصر، أنت لن تصبر على ما سيحدث الآن و كيف ستفعل ذلك و أنت لا تدري السبب ؟ كيف ستصبر و أنت لا تعلم وجه الصواب في الأفعال التي ستراها {قَالَ سَتَجِدُنِيٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ صَابِرٗا وَلَآ أَعۡصِي لَكَ أَمۡرٗا} بل سأصبر بإذن الله،و سأتغمد بهذا السلاح ،ملتزما بطاعتك ، كنت قد سمعت هذه الآيات من قبل،شعرت بجوفي،أن من يسأل هو روحٌ بشري مثلي، يقول : سأصبر ! ثم يسأل و يستنكر {قَالَ فَإِنِ ٱتَّبَعۡتَنِي فَلَا تَسۡـَٔلۡنِي عَن شَيۡءٍ حَتَّىٰٓ أُحۡدِثَ لَكَ مِنۡهُ ذِكۡرٗا} إن اتبعتني فلا تسألني عن شيء مما تشاهدني أقوم به،  حتى أكون انا البادئ بتبيين وجهه، رقَّ قلبي،فاضتْ دموعي... يا الله في تلك اللحظات و أنا أنصتُ لهذه القصة،إنها تشبهني و تحمل مني الأسئلة،و كأنّ نبيك موسى يوضّح كيف للبشر أن يعترضوا و تتضارب مشاعرهم حتى مع علمهم أنك لا تفعل ذلك إلا عن حكمة و خير لنا، رأى موسى كيف يثقبُ الخضر السفينة فقال { قَالَ أَخَرَقۡتَهَا لِتُغۡرِقَ أَهۡلَهَا لَقَدۡ جِئۡتَ شَيۡـًٔا إِمۡرٗا} كيف تفعل ذلك !،اعترضَ موسى عليه السلام بسؤاله، رغم أنه منذ قليل قد أودع كلامه بصبرهِ على ما سيرى لكننا نفوس بشرية ضعيفة  أمام حكمتك و حين قتل الخضر عليه السلام غلام انتفض موسى عليه السلام و قال بغضب {قَالَ أَقَتَلۡتَ نَفۡسٗا زَكِيَّةَۢ بِغَيۡرِ نَفۡسٖ لَّقَدۡ جِئۡتَ شَيۡـٔٗا نُّكۡرٗا} فعلت أمراَ منكراً ! إني أدرك شعور موسى عليه السلام و لعلّي أعيشُ بدوره الآن أسألك على كل ما يجري في حياتي لم ؟ و كيف؟ هذا أمر محزن لي ! و في نهاية هذه الحكاية، ظهرت الحكمة،الحكمة اللطيفة لك،الرحمة التي تختبئ بالحزن، دار بي هذا الكون قليلاً، أدركت... أدركت حكمة الكثير من الأشياء،أدركت أنّي عندما خسرتُ الإيمان فقد خسرت نفسي و وجودي، أدركت أين خطأي،كان فقط بالسؤال :لم؟ في حين كان الجواب الذي يجب أن أقوله :إنّه خير بإذنك الحمد لك في كل حال. هذا يا الله،هذا يا الله علاجُ كل ما حملته في قلبي ،إنه الصبر هربت  من البلاء، فسقط مني يقيني أثناء هربي،بدلاً من صمودي بالصبر،إني آسفة،إني مذنبة تعالَ صوت نحيب آنذاك نسيت أمر قدمي العالقة،هناك شيء آخر عالق...داخلي في حنجرتي غابت الشمس من مرآي و صوت التلاوة توقف، سمعت خطوات جدي نحوي،ارتعد بدني الهزيل،و رفّت جفوني المتكسرة من التعب،العلاج بك،نظرتُ للسماء،سامحني أرجوك،سامحني على قولي لا في كل بلاء ، و على تذمر و سخطي،كنت أضعف من القبول لكل ما تضعهُ في دربي، تذكرت كيف سألني أخي بحر : لمَ يفعل الله بي هذا و يصيبني بهذا المرض؟ فأجبته: لا أعرف أنت لا تستحق هذا و حضنته، و في الحقيقة لقد دمرته،هذا غباءٌ منّي،جعلت أخي يرمي بأثمن شيء قد يحمله الإنسان في ضعفه، لينهار بدنه أسرع، نحيب قوي،جسدي يهتز بين ذراعي جدي اللتين تطويقاني،دفنت رأسي بصدرهِ المعطّر بالتسليم و الرضى لك،و في آخر دمعة سقطت على وجنتاي،ابتسمت،لأنك لم تنساني،و ساعدتني بالعودة إليك، عدت منهكة لسريري في ذلك اليوم،صليت و دعيت و استغفرت كثيراً حتى ارتاحت نبضاتُ قلبي أخيراً،ذهبت لغرفة أخي بحر فتحت الباب نهض نحوي يبدو هزيلا و ضعيفا جداً برقت عيني بالحزن عليه،لكني أمسكت  بابتسامتي مررت يدي بين خصلاته الليلة المتداعية، _أتعلم لم يفعل الله هذا يا بحر؟ نظر لِي ،نظرة المكسور،نظرة التائه لرشدهِ هز رأسه _لا أعلم... بصوت حاولت أن يكون خيطاً يقطب بأسهُ، _لأنه يحبك،أرى هذا الحب كما آراك أمامي الآن،و إني لأحسدك على هذه المحبة،فالله يخبئ لك الجنة،أتدري ما هي الجنة؟ إنها مكان لا يمكنك أدراكه بعقلك مهما حاولت،كل أصحاب الرسول حتى الرسول صلى الله عليه وسلم  دعا كثيراً لأن يكون فيه،فيه كل ما تتمنى! أشياء لم تراها بحياتك أيضاً فيها نهر طويل و واسع،فيها فواكه منوعة، لا تنعس و لا تأتيك سُنة حتى،فيها قصور و جاريات،فيها آرائك تحت ظلال الشجر،تخيل فقط أن هناك مكان بهذا الجمال و الروعة ! إن صبرت،وقلت الحمدلله،و داومتَ على الصلاة،سيكون لك مكان فيها بإذن الله ! _هل فيها حلوى؟ و و ألعاب فيديو و نظر للخارج بحزن _و طائرة ورقية يمكنني أن أجعلها تحلّق ؟ أحزنتي عبارته،لا يمكنه الخروج في الهواء الطلق بسبب مرضه،و إن لأشد ما يتمناه و يطلبه دائماً أن يعلب الطائرة الورقية خارجاً _أجل فيها كل ما تتمنى يا عزيزي بحر باغتني بسؤال _و هل لكِ مكان فيها ؟ ستكونين معي صحيح؟ برقت عيناي،أردت أن اقول بصوت عالي و أنا أبكي،لا اعلم،لكنّي... _بإذن الله،فأنا أحبه،و لا أظن بحبيبي إلا الخير. ضحك بحر،و قال بحماس _ حسناً سألتزم بالصلاة و سأصبر لأحصل على الحلوى و ألعاب الفيديو....وااا الطائرة الورقية. ابتسمتُ مضى شهران،  على تلك الكلمات التي قلتها لبحر الآن هو أفضل، و قد بدأ أثر العلاج يظهر عليه،أدركت كيف أن إصلاح الإنسان من الداخل،سيجعله أقوى،جعلتهُ مليئاً بالإيمان،فكافأتَه بصحةٍ و بركة، الحمد لك عزيزي أشكرك حقاً على كل هذه النعم ،و على كل حزنٍ و على كل ألم،لأنك علمتني من خلال تجاربي الكثير، هذه رسالةٌ بيني و بينك،عن عبدٍ فقد ذاته و وجدها بك،عن عبد تاه عن بوصلته و كانت آياتك هناك، و هذه المشاعر التي تغمرني،أضم بها القرآن لأشاركها ، حسناً إن أخي يناديني الآن سنطيّرُ اليوم الطائرة الورقية سوياً... بفضلك عزيزي الله . *بقلم فتاة الريف الفقيرة لعطفك...ماري* _بتول خبازة
❤️ 🥹 🥺 😭 💜 🫂 ❤‍🩹 🔥 🖤 123

Comments