
أسِنَّة الضياء
June 16, 2025 at 12:40 PM
غزة، صرخةٌ تتكسّر على جدران الصمت والخذلان
في قلب كل إنسانٍ حرّ، تتلظى جمرةٌ من الألم حين تُذكر غزة. هذهِ الأبيّة الصامدة، ليست مجرد بقعة جغرافية على الخارطة، بل هي روحٌ ووجدان، تتجرّع مرارة الحصار والدمار، وتُصارع الموت في كل لحظة. هناك، حيث الأطفال ينامون على أنين القصف، والأمهات يودّعن فلذات أكبادهنّ تحت الأنقاض، والرجال يدفنون أحلامهم مع كل بيتٍ يُهدَم. أيّ قلبٍ لا يرتجفُ ألمًا أمام هذه الصورة؟ وأي ضميرٍ لن يتمزقُ حسرةً على هذا الواقع المرير؟
غزة اليوم ليست مدينةً مُحاصرة فحسب، بل هي رمزٌ لمأساةٍ إنسانيةٍ تتكشف فصولها أمام أعين العالَم أجمع. فصور الأشلاء المُتناثرة، وصرخات الجرحى، وعيون الأيتام التي تحملُ ألف سؤالٍ وسؤال عن ذنبهم الوحيد: أنهم وُلدوا في غزة! كل يوم يمرّ، يضاف فصلٌ جديدٌ إلى هذه الملحمة الدامية، تتساقط فيه أرواحٌ بريئة، وتُغتصب فيه براءة الطفولة، وتُهان فيه كرامة الإنسان.
ولكن، ما يزيدُ الألمَ ألمًا، والمرارةَ مرارةً، هو ذلك الشعور القاتل بالخذلان. خذلانٌ يتجلى في صمتِ العالم، وفي عجزِ المؤسسات الدولية، وفي تهاوي المواقف التي كان يُعوّل عليها. أين الأصوات التي ارتفعت يومًا باسم العدالة؟ أين الأيادي التي كانت تُمدّ لنصرة المظلوم؟ لقد أصبحت غزة وحيدةً في ساحة المعركة، تواجه مصيرها بإيمانٍ وصمودٍ أسطوري، بينما يكتفي الآخرون بالصمت أو الإدانة الخجولة!
قد خذلت الأمةُ غزة، خذلتها الصراعات الداخلية، خذلتها المصالح الضيقة، خذلتها قلوبٌ قست وتجاهلت نداءَ الإنسانية. ويكأنّ جروح غزة ليست جروحَنا، وكأنّ دماءَ أطفالها ليست دماءَنا؟ هذا الخذلان، ليس مجرد تقصيرٍ سياسي فحسب، بل هو جرحٌ في ضمير الأمة، وصمة عارٍ على جبين التاريخ.
متى تستفيقُ القلوبُ الغافلة؟ متى تُكسَرُ قيودُ الصمت؟ غزة تنزف، وتنزف معها كرامةُ الأمة العربيّة والإسلاميّة. ألم يحِن الوقت بعد، لأن نُعيد النظر في أولوياتنا، وأن نُوحّد صفوفنا، وأن نُعلي صوتَ الحق، نصرةً لغزة، ونصرةً لأنفسنا؟ إنّ ما يحدث هناك، يُمثّل امتحانًا قاسيًا لإنسانيتنا جميعًا، والتاريخ، لن يرحمَ المُتخاذلين منّا.
فيا ويحنا يوم تقومُ الساعة فنُسألُ عمّا صنعتْ أيدينا من أجل عِزة غزّة هاشم، ويا ويحنا يومُ تنطق غزّة، بأنّا قد خذلانها، وشاركنا أعداءنا في وأدها حيّة تتنفَّس!
بقلم: شام محمود
٢٠ ذو الحجة ١٤٤٦ هـ
١٦ حزيران ٢٠٢٥ م
#أسنة_الضياء
@AsennatAdiyaa