
Yemen Daily PRESS يمن دايلي برس
June 15, 2025 at 07:38 PM
*د. صريح صالح القاز*
الباحث والكاتب في العلوم السياسية والعلاقات الدولية
هل نجحت إسرائيل حتى الآن في تحقيق ما هاجمت إيران من أجله؟
على افتراض أن إسرائيل وضعت خطتين: "أ" و"ب"، وكانت الخطة "أ" تقضي بالقضاء على البرنامج النوoي الإيراني بشكل كامل، أو على الأقل إعادته عقودًا إلى الوراء. وبما أن المعطيات والتطورات الحالية تُظهر أن إسرائيل استطاعت بالفعل اختراق إيران وإلحاق أضرار كبيرة بها، لكنها، وبعد يومين من الهجوم الواسع، لم تستطع تدمير المفاعلات النووية أو إلحاق ضرر بالغ بها.
لماذا؟
لأن هذه المفاعلات، أولًا، أُسست في مناطق هضبية، وثانيًا صُمّمت بشكل تحصيني دقيق، فضلًا عن أنها موزعة في مناطق مختلفة.
فعلى سبيل المثال، إذا افترضنا أن مفاعل نطنز قد تضرر، فإن مفاعل فوردو لم يلحقه أذى.
والأهم من هذا، أن إمكانية تدمير هذه المفاعلات لا تتوفر إلا لدى أمريكا؛ إذ إن إسرائيل لا تمتلك القاذفة B2، ولا أقوى القنابل الخارقة للتحصينات الخرسانية التي تزن حوالي 14 طنًا.
نحن إذًا أمام إصرار إسرائيلي منذ عقود على منع إيران من امتلاك السلاح النوoي، وأمام إصرار إيراني مضاد، أيضًا منذ عقود، على امتلاكه ولو دون إعلان.
في هذه الحالة، هل يمكن أن نقبل بأن إسرائيل ستضطر إلى إيقاف الحرب دون تحقيق هدفها؟
وإذا كانت الإجابة: "لا"، فهل يمكن أن تقبل إيران بأن تدمر إسرائيل مفاعلاتها النووية دون أن ترد بالمثل، كأن تدمر مفاعل ديمونة على الأقل، أو أن تضرب المقومات الحيوية والاستراتيجية للكيان الإسرائيلي كاملة؟
وإذا افترضنا أن إسرائيل، بفعل عدم قدرتها على تحقيق هدفها كما كان مخططًا، فضلًا عن قلقها المتصاعد من أن إيران قد تستخدم أقوى صواريخها التدميرية التي قد تطال مفاعل ديمونة، فذلك قد يجعلها تلجأ إلى أميركا لجرّها إلى التدخل، وفي هذه الحالة سنكون أمام احتمالين:
الأول: أن تقبل أميركا بالتدخل، وهو ما سيوسّع دائرة الصراع لتشمل قواعدها وقواتها في عدد من دول الخليج، ويعرض أمن الخليج وآبار الطاقة وخطوط نقلها للخطر، وبخاصة أن التدخل سيكون عبر القاذفات العملاقة التي لا يمكن تمويهها، مما سيضع المنطقة برمتها على صفيح ساخن.
الثاني: أن ترفض أميركا التدخل المباشر، تجنبًا لما ورد في الاحتمال الأول، لكنها في هذه الحالة لن تترك إسرائيل عاجزة عن تحقيق هدفها، وتتَكبّد استنزافًا يوميًا باهظًا.
هنا يمكننا أن نتوقع بأن تدفع أميركا نحو تنفيذ الخطة "ب" المشار إليها سلفًا.
فما هي الخطة "ب"؟
بتقديرنا، أن الخطة "ب" تقضي بأن تستمر إسرائيل في استهداف الهياكل الأمنية والاستخباراتية، والمناطق التي يُحتمل أن تندلع فيها اضطرابات أمنية وسياسية داخل إيران، سيما حتى تضعف قبضة النظام على الأمن الداخلي، بما يُطمئن ويساعد شبكة العملاء على إثارة الفوضى من الداخل، على أمل إسقاط النظام.
وما يُسند هذا التصور هو التركيز الواضح على استهداف القيادات العسكرية والأمنية والاستخباراتية منذ الهجمة الأولى، إلى جانب استهداف المنشآت الحيوية في مناطق غرب وجنوب غرب، التي تشهد مواقف عدائية تقليدية. إلى حد ما تجاه النظام، وتنزع نحو الحكم الذاتي منذ عقود، مثل الترك الآذريين، والأكراد، والعرب، في مناطق أذربيجان الشرقية وتركمانستان وخوزستان.بحجة أن الأغلبية الفارسية الشيعية تهمّشها وتفرض الهوية. سيما اللغة الفارسية على عموم الشعب الإيراني.
إذًا، ماذا يجب على إيران أن تفعله الآن لإفشال الخطة "ب"؟
يفترض بالقيادة الإيرانية أن تنتبه جيدًا إلى أن الخطة "ب" تُطرح بقوة، ويبدو أن لها ترتيبًا وتنسيقًا يجري منذ سنوات. وكما اعتمدت إسرائيل على شبكة من العملاء داخل إيران لتنفيذ الاغتيالات، وتسهيل قيام الطائرات المسيّرة بتنفيذ عمليات مختلفة من الداخل، وسهّلت وتعاونت في دخول المقاتلات الإسرائيلية، فإن من المؤكد أن إسرائيل قد زرعت ونسّقت مع العديد من الشبكات العميلة ذات الخلفية السياسية، مثل منظمة م.ج.ا.ه.د.ي منظمة خلق وجيش العدل، بهدف إسقاط النظام من الداخل في التوقيت المناسب.
والدليل على ذلك أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، دعا مؤخرًا الشعب الإيراني للخروج والتحرر من النظام القائم.
لذا، ما على إيران، بعد هذا العدوان الإسرائيلي، إلا أن تُعلن انسحابها المبدئي من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النوoية.
لأن إيران تُستهدف اليوم وهي مازالت متمسكة بالمعاهدة، بذريعة نيتها امتلاك سلاح نوoي. فما الضرر إذًا إن انسحبت منها؟
ألم تنسحب كوريا الشمالية من الاتفاقية؟ بل وأكثر من ذلك، أعلنت امتلاكها النوoي!
وكم من اتفاقية انسحبت منها الدول الكبرى في العالم، وعلى رأسها أميركا؟
أي إن إعلان إيران انسحابها المبدئي من معاهدة عدم انتشار الأسلحة سيكون في مصلحتها إلى حدٍّ كبير.
#ایران
#الحرب_بدأت_الان
#الوعد_الصادق_٣
#تل_أبيب
#طهران