*💥الدر النضيد في حكم اجتماع الجمعة والعيد💥* 📝 مسألتان مهمتان في هذا الاجتماع النادر بين العيد والجمعة منتقاة من شرح شيخنا المحدث أبي الحسن علي بن أحمد الرازحي حفظه الله على «كتاب العيدين» من الدراري المضية للإمام الشوكاني رحمه الله. ➖➖➖ 🔶 المسألة الأولى: *حكم صلاة الجمعة إذا اجتمعت مع العيد؟* 🔵في المسألة أقوال: 🟫 *القول الأول:* أنَّه يسقط وجوب الجمعة عمن كان خارج المصر والقرية، ولكن تقام في القرية والمصر الجمعة يقيمها ولي الأمر ومن شاء من الناس، ومن لم يصل الجمعة صلى صلاة الظهر. ⬅️ ويدل لهذا حديث النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «إِذَا اجْتَمَعَ الْعِيدُ وَالْجُمُعَةُ، فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، يَقْرَأُ –يعني النبي صلى اللهُ عليه وسلم- بِهِمَا أَيْضًا فِي الصَّلَاتَيْنِ» أخرجه مسلم (٨٧٨). 🟨 وهذا فيه آثار منها: 🖋️ 1- عن أَبي عُبَيْدٍ مولى ابن الأزهر قال: شَهِدْتُ العِيدَ مَعَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، فَكَانَ ذَلِكَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَصَلَّى قَبْلَ الخُطْبَةِ، ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ هَذَا يَوْمٌ قَدِ اجْتَمَعَ لَكُمْ فِيهِ عِيدَانِ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْتَظِرَ الجُمُعَةَ مِنْ أَهْلِ العَوَالِي فَلْيَنْتَظِرْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْجِعَ فَقَدْ أَذِنْتُ لَهُ» أخرجه البخاري (٥٥٧٢) ومالك في «الموطأ» (١٤٤/١). 🖋️ 2- عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَّهُمَا اجْتَمَعَا –أي الفطر والجمعة- وَعَلِيٌّ بِالْكُوفَةِ فَصَلَّى ثُمَّ صَلَّى الْجُمُعَةَ، وَقَالَ حِينَ صَلَّى الْفِطْرَ: «مَنْ كَانَ هَاهُنَا فَقَدْ أَذِنَّا لَهُ كَأَنَّهُ لِمَنْ حَوْلَهُ يُرِيدُ الْجُمُعَةَ» أخرجه عبد الرزاق (٥٧٣٠) وسنده معضل وفي لفظٍ له (٥٧٣١) من طريق: أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: اجْتَمَعَ عِيدَانِ فِي يَوْمٍ، فَقَالَ: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يُجَمِّعَ فَلْيُجَمِّعْ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَجْلِسَ فَلْيَجْلِسْ». وأخرجه من وجه آخر (٥٧٣٣) وأخرجه الفريابي في «العيدين» (١٥٢) من وجه آخر والأثر بمجموع هذه الطرق حسن إن شاء الله. 🖋️ 3- وحكى ابن المنذر رحمه الله في «الأوسط» (٤/٣٣) هذا القول عن عمر بن عبد العزيز، والشافعي، وهو قول مالك في رواية. 🟫 *القول الثاني:* سقوط وجوب الجمعة عن الناس في الجملة ولكن يقيمها الإمام أو كبير الناس ومن شاء من الناس ومن لم يقم الجمعة صلاها ظهرًا.  🔵 وهذا مذهب أحمد، وأصحابه، واختار هذا شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- وقال: «هُوَ الْمَأْثُورُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ: كَعُمَرِ وَعُثْمَانَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَغَيْرِهِمْ وَلَا يُعْرَفُ عَنْ الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ». 🟪 واستندوا إلى ظاهر الآثار السابقة، وحديث سمرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ المذكور فيه. 🟫 *القول الثالث:* أنَّه إذا صلى العيد أجزأه عن الجمعة، فلا يصلى بعد صلاة العيد إلا العصر، وإذا لم يصل العيد صلى صلاة الجمعة. وهذا عامٌ عند من قال بهذا في حق الإمام والمأموم. ▪️وهذا القول صح عن عطاء بن أبي رباح، وإبراهيم النخعي، وحكاه مجاهد عن الشعبي، ونقل في وجه عن ابن الزبير، وقد ضعف هذا عن ابن الزبير ابن عبد البر في «التمهيد» وغيره. 🟣 وقالوا: لعله صلاها في البيت، والجزم بأن مذهب ابن الزبير سقوط صلاة الظهر غير صحيح. 🖋️ قلت: لاسيما وقد ثبتَ في «مصنف ابن أبي شيبة» عَنْ عَطَاءٍ أنه قَالَ: «اجْتَمَعَ عِيدَانِ فِي عَهْدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَصَلَّى بِهِمِ الْعِيدَ، ثُمَّ صَلَّى بِهِمِ الْجُمُعَةَ صَلَاةَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا». 🟨 فأسقط خطبة الجمعة وجعل الصلاة ظهرًا وهذا أقرب عنه والأولى بحاله، والله أعلم. 🟫 *القول الرابع:* أنَّ الجمعة واجبة لا تسقط بصلاة العيد؛ وهذا قول مالك في رواية، وأبي حنيفة، وابن حزم. واستدلوا بأن صلاة الجمعة واجبة، وصلاة العيد تطوع، ولا يسقط الفرض بالتطوع. ☑️ والصحيح هو القول الثاني؛ للأدلة السابقة، والآثار المشهورة عن الصحابة، المذكورة في القول الأول، فهي مقتضية لذلك، والله أعلم. 🔶 المسألة الثانية: *هل يلزم الإمام ومن يقوم مقامه وأئمة المساجد أن يقيموا الجمعة؟* ⬅️ فيه قولان لأهل العلم رحمهم الله (هما روايتان عن الإمام أحمد). 🟣 *أحدهما:* أنَّه يجب إقامتها على الإمام. 🟣 *ثانيهما:* أنَّه لا يلزم الإمام إقامتها؛ لأنَّ الترخيص عام وقد ثبت عن ابن الزبير تركها وهو الإمام وقرره ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، ورجح هذا الشوكاني رحمه الله.  ☑️ وهذا هو الصحيح؛ ولكن ينبغي للأئمة إقامة الجمعة؛ ليحضرها من لم يصل العيد، وكذا من كان قد صلى العيد وأراد زيادة، والاقتداء بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في إقامتها كما يفيده حديث سمرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. *📚 المراجع:* الأوسط لابن المنذر (4/330-334) والمصنف لعبد الرزاق (3/303-305) ومصنف ابن أبي شيبة (4/241) (1211) والتمهيد (10/268) والمغني (3/242) والمجموع للنووي، ومجموع الفتاوى (24/211)، ونيل الأوطار، وسبل السلام، وشرح مشكل الآثار (3/187)، والقواعد لابن رجب (1/156).