‏ حـڪايـه فـي ࢪوايـه🦋 ً᭣ٌ᭫ ᨳ
‏ حـڪايـه فـي ࢪوايـه🦋 ً᭣ٌ᭫ ᨳ
February 13, 2025 at 11:42 AM
*ـ تـزوجت مدمنا↻≯🍒⸙•♡»»))* ​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏​​‏ ‏تابع قناة ‏ حـڪايـه فـي ࢪوايـه🦋 ً᭣ٌ᭫ ᨳ في واتساب: https://whatsapp.com/channel/0029VaihRjO0AgWB5Om4ed2m ‏تابع قناة 𝙲𝚕𝙾𝚆𝙽 𝙼𝙴𝚎𝙼𝚎𝚂💀⊁ في واتساب: https://whatsapp.com/channel/0029VaslumI3mFY3Ydegts1M* *💞رواية تزوجت مدمناً💞🍒* الحلقه 26 الحلقه 27 الحلقه 28 الحلقه 29 الحلقه 30 🟣🟣🟣🟣🟣🟣🟣🟣🟣🟣🔵🔵🔵🔵🔵🔵🔵🔵🔵🔵 الفصل السادس والعشرون كان يجلس دكتور " شريف " بمكتبه الخاص في المشفى .. رآها أمامه اخيرا بعد فترة طوية فنهض بفتور -: حياه.؟ أهلا و سهلا اتفضلي .. ده المستشفى نورت حتى.! حياه -: بص بقى انا عارفة انك زعلان مني بس انا كنت مضغوطة فعلا،، و اديني جيالك بكامل إرادتي و من غير ضغوطات و بقولك انا جاهزة للعلاج يا دكتور .! تنهيدة طويلة انبعثت من صميمه،، ليرفع يده عموما مجيبا -: مش هعاتبك على تأخيرك، كفاية تضييع وقت .. مش هقولكك غير اني انا و المستشفى و الممرضات تحت أمرك يا حياه، احنا متسخرين علشانك انت و الي زيك تتعالجوا و تبقوا زي الفل .! ردت على هيئة ايماءة مصتحبة بابتسامة خفيفة.. ضغطت على شفتيها السفلى بتوتر خفيف متسائلة -: هنبدأ امتى. ؟ نهض بثقل من على مقعده، و توجه إليها بخطى وئيدة -: الأول هنعمل تحاليل تاني نشوف الحالة وصلت لإيه،، و بعدين هحجزلكك احسن أوضة في المستشفى و نبدأ العلاج .. تقدري تقولي بنبدأ من دلوقتي .! حدقت حياه دون استيعاب به .. لتهتف باستنكار -: اتحجز في المستشفى.؟ ابتسم دكتور " شريف " صاحب ال55 عاما بسخرية .. -: أيوة تتحجزي في المستشفى اومال هتتعالجي ازاي يا حياه.؟ حياه بصوت مرتفع بعض الشئ -: هتعالج ازاي.؟ هتعالج زي ما البني آدمين بيتعالجوا اجيلك ساعتين تلاتة تعلق في أيدي الكينيولا و اخد الكيماوي و اتكل على الله و امشي .!! شريف -: و الله يا حياه على حسب كمية انتشار الكانسر في جسمك .. بس صدقيني لو النسبة كبيرة برضاكي غصب عنك هتتحجزي في المستشفى .! حياه بفتور -: ان شاء الله، ان شاء الله يادكتور .! همت حياه بالخروج من مكتب شريف، و لكن استوقفها صوته المتسائل -:حياه انت لسا مقولتيش لجوزكك ولا ابوكي على مرضك.؟ أغمضت حياه عينيها بيأس، زفرت بضيق متأهبة للأسطوانة المعتادة .. ترجم شريف حالة صموتها انها بالفعل لم تصفح على الخبر .. فكان رد فعله المتوقع التوبيخ و اللوم -: لحد إمتى ها.؟ طب معملتيش حساب لشعركك الي هيقع هتقولي ايه لجوزك عليه.؟ تعبك الي هيظهر بوضوح مش هتقدري تخبيه هتقولي ايه عليه ها ؟! -: متخافش، انا عاملة حساب لكل حاجة يا .. يا دوك .! ~~~~ مرت بضعة ايام،، حتى حان موعد علاج حياه .. تمددت على الفراش الطبي يتوسط غرفة تطل بالدهان الأبيض الناصع .. و الممرضات أمامها يسيرون ذهابا و إيابا لتتأكد من جميع الأدوات و المعدات .. و أيضا " دكتور شريف " .. ها هو جانب حياه و على وجهه ابتسامة أبوية حنونة يحدق بها حياه .. قضى نصف حياته مع تلك الصغيرة،، يربيها و يلقنها العديد من الدروس و الخبرات في الحياه .. يبث داخلها روح العزيمة و الثبات دائما، لم يبخل ابدا بمعلومة واحدة و رغم كل ذلك المعروف، تناسته حياه عندما شبت في الطول و ترعرعت بالحيوية في مجالاتها .. و رغم ذلك لم يهتم كثيرا لذلك التغيير، كان يتوقع ذلك على أية حال .. شريف و الابتسامة الصافية تزين ثغره، و كفه يمسح بحنو على جبينها -: ان شاء الله تخفي يا حبيبتي .! انا بوعدك اني هعمل كل حاجة أقدر عليها علشان تخفي ..! -: سيبها على ربنا يا دوك.! كل الي يجيبه ربنا كويس .! تصاعدت نغمة هاتفها معلنة باتصال كريم، تنهدت حياه طويلا تهدئ من قلقها و توترها -: الو ..؟ اتاها صوته الرخيم الهادئ التي لا تعشق سواه، ولا تتنفس إلا باستمراره .. -: صباح الفل يا وحوي،، وحشتييي امي. ! ضحكت بخفة ضحكة رنت في آفاق عقله، ضحكة جعلته يضغط بأسنانه العليا على شفته السفلى برغبة .. -: إنت وحشتني اكتر يا كركم .! أطلق كريم سبة مهينة عقب سماعه ذلك اللقب المستفز -: ايه الي جاب ام كركم لكريم نفسي افهم .! حياه -: الله .! يعني ايه الي جاب وحوي لحياه يا كركم .! كريم -: طيب عامة،، انت فين دلوقتي.؟ -: ا أ انا في العيادة.. في الشغل يعني هكون فين. ؟! هكذا ردت بخفوت وتوتر بعض الشئ .. كريم -: آه، بس انت وحشتيني جدا على فكرة .! انا قاعد بقعد الساعات و الليالي عقبال يجيلي افراج من الشغل ال*** ده .! مصمصت حياه شفتيها بازدراء -: اتنيل ما انت بتيجي تطفح و تتخمد لا بسمعلك حس و لا بشوفلك حركة .! اتسعت مقلتي كريم باستنكار وهو يسمع كلامها اللاذع باسلوبها الفظ المتدني -: ده انا ده.؟؟! و انا الي مرضتش اصحيكي النهاردة قبل ما انزل و صعبتي عليا و انت عاملة زي قرد القطع كدة.؟! لا قرد ايه ده انت كنت زي الجاموسة مخمودة على بطنك في سابع سما .! صدمت حياه هى الأخرى عقب سماعها الشتائم و الإهانات المتتالية و فورا نهضت على الفراش الطبي واقفة غير عابئة بالدكتور شريف أمامها و الممرضات الأخريات .. وضعت كفها على خصرها مولولة -: نعم نعم نعم.!! بقى انا بنام زي الجاموسة يا كريم.؟! و كمان بنام على بطني تصدق اني دلعتك كتير و انت بستوق فيها .!! كريم بسخرية -: دلعتيني كتير.؟؟ طيب يلا امنعيني من المصروف ولا هاتيلي أبو رجل مسلوخة .! حياه -: إنت بتستقل بيا. ؟ طب و رحمة امك يا كركم لأوريك و تكون اسم على مسمى فعلا.! كريم مصطنع الدهشة -: هتخليني اسم على مسمى .؟ إزاي بقى يا وحوي. ! حياه -: حياه صديق افعال بس لا أقوال يا كركم..! كريم وهو يبتسم بخفة و يحدق في االاشي أمامه بحب -: عاش يا وحش،، مضطر اقفل بقى عشان اكمل شغلي .! حياه بغطرسة و غرور -: انا كمان كنت هقفل بردو علشان ورايا شغل ومش فاضية.. كريم -: أيوة أيوة ما انا عارف انت هتقوليلي.؟! حياه -: يلا سلام .. كريم -: سلام .. كادت ان تغلق حياه ولكن اوقفها صوته المتلهف -: حياه ..؟ حياه وهى ترد مرة أخرى -: ها كريم -: بحبك ..! تصاعدت كلمته في اذنها كالمنوم المغناطيسي،، ترددت الكلمة بصدى صوت داخل قلبها أكثر من اذنها .. شعرت بفؤادها يكاد ينحرف عن موضعه و يرفرف في الفضاء العال .. رغم انها ليست اول مرة، فقد قالها مئات المرات قبل ذلك و لكن هذه المرة اتت في وقتها المناسب، اتت لتهيئها نفسيا للمرحلة المقبلة عليها بعد قليل، اتت لتبث روح الطمأنينة داخلها و تثبت حضوره الطاغي حتى وهو بعيد .. شعر بها كريم الذي تلاقى فؤاده مع فؤاد حياه للتو رغم المسافات، أدرك انها تعيش أوقات حالمة الآن بعد تلك الكلمة فلا حبذا افسادها .. كريم -: سلام .! أغلق كريم الخط و الابتسامة تتزعزع على محياه .. قبل الهاتف و ضمه لقلبه مرتخية عضلاته تماما ،، فأستند بظهره على ظهر مقعده الدائري مغلقا جفونه بسلام .. تنهد طويلا بعد فترة قصيرة -: هيييييح .!! يكاد يفتح عيناه ليصطدم بوجه إحدى مجرميه مكبل اليدين أمامه، يحدق المجرم به و بكل بلاهة فاغر الفم .. إقترب كريم بهمجية يقبض على قميص المتهم أمامه بعنف صائحا -: بردو مش عايز تعترف ياض مين الي ورا شحنة المخدرات .؟!! ~~~~ عند حياه،، لم تغلق حياه الهاتف، بل و كأنها نست تماما انه بيدها .. فهى سبحت بالليلة الخرافية التي ستقضيها اليوم في حضن زوجها .. قطع امانيها صوت همهمات خفيفة و ضحكات من حاولها، انتبهت على نفسها لتجدها واقفة على الفراش تضع يدها خصرها و الأخرى منسحبة قابضة على الهاتف .. توردت وجنتيها فورا بسبب ذلك الموقف الحرج، و انكمشت على الفراش تحاول الاختفاء الآن .. سمعت صوت ضحكاتهن يزداد، و بعدها اقتربن كلهن من حياه -: ربنا يخليهولك يا مدام .! -: والله انت عسل انت وجوزك ده .! -: ربنا يهنيكوا و ربنا يقومك بالسلامة ليه يا مدام .! هكذا كانت تعليقاتهن النابعة من صميم القلوب خالية من اي حقد و غل .. بدأت حياه تبتسم شيئا فشئ ،، و تخلت عن خجلها قليلا .. تحدثت معاهم بفرحة و قد تناست مرضها، تناست انها على وشك بدء مرحلة العلاج الآن .. كل شئ يبدو طبيعي، كل شئ يبدو جيد جدا.! لا مرض، لا علاج .. " هنسيب الشغل و نقعد ندردش ولا إيه يا آنسات .؟!" قالها دكتور " شريف " بشئ من الحدة، لينفض التجمع و تباشر الممرضات في عملهن .. اقترب منها شريف ببطئ، جالسا على مقعد دائري صغير .. -: فتحتي العيادة عشان تبقى شماعة ليكي صح.؟ تداري عليها علاجك و مرضك مش كدة يا حياه.؟! تأففت بضيق، تشيح بوجهها للجانب الآخر بضجر .. فاستطرد شريف مكملا -: إنت فين يا حياه.؟ انا في العيادة .. رايحة فين يا حياه.؟ رايحة العيادة .. جاية منين يا حياه.؟ جاية من العيادة.. و طبعا حياه رايحة جاية من المستشفى بتتعالج.! سفقت حياه بإستفزاز و لم تحركك رأسها شبرا واحدا -: برافو،، صح كدة يا دوك .! ممكن بقى نبدأ علاج عشان بدأت ازهق و ممكن ارجع في كلامي و امشي. ! الآن انفلت زمام الأمور من يده، نفزت جرعات الصبر لديه، و لم يتبقى سوى الغضب و الجزع يفجره بوجهها .. فوقف و صاح بها -: إنت بتهدديني يعني.؟؟ هخاف و ادبدب في الأرض و ابوس رجلك عشان تتعالجي.؟ انت الي بتتأذي مش انا.! انت الي هتتعبي و تبقى بتموتي من الوجع مش انا فاهمة.؟! و ياستي لو متكدرة اوي كدة مع السلامة الباب يفوت جمل انا مش هتذلل لأهلك عشان تتعالجي .! إتسعت مقلتي حياه باستنكار مما يقوله،، جلست تحملق به بدهشة فقط .. انفجر فيها فجأة دون سبب يستحق لكل هذا ..؟ لم تعبأ بحديثه اللاذع في جملاته الأخيرة بتاتا، فقط تعجبت من البركان المصبوب في وجهها .. حياه مصتنعة الحزن -: كل ده كان في قلبك.؟ للدرجة دي علاجي تقيل على قلبك يا دوك.! ع.. لم تكمل، قاطعها شريف و قد انخفضت نبرة صوته -: علاجك تقيل على قلبي.؟ ده انا بقالي شهر بتحايل و ببوس ايدك عشان تتعالجي، و انت فاكرةة انها لعبة في إيدك تبدئيها وقت ما تعوزي .. و جية بعد ما قررتي اخيرا تتعالجي تهدديني. ؟ طب ما انت الي هتتأذي مش انا.! واصلت حياه التصنع بالحزن و الألم -: هى دي التهيئة النفسية الي المفروض توفرهالي قبل العلاج.؟ هى دي الطبطبة و السند.؟ ده انت حتى ممعلشتنيش يا دكتور.؟! حتى المعلش استكترتها.؟ استخصرتها مبتقولهاش.؟! ترجم شريف لعبتها فورا، أدرك أنها تمثل أمامه الآن حتى يرق قلبه لها و يعتذر عن ما بدر منه.. -: كلي بعقلي حلاوة كلي.! و بعدين و انت يا شحطة يا الي بقيتي دكتورة نفسانية قد الدنيا عايزة تهيئة نفسية.؟ ده انت تهيئي بلد يا قدرة. ! ابتسمت حياه بداخلها على نجاحها في تحويل موقف شريف سريعا .. و فورا تذكرت كريم و قدرتها في تحويل مزاجه حسب إرادتها .. تنهدت طويلا وهى تحدق بالسقف -: و انا فعلا متهيئة نفسيا للموضوع، و بطلب منك نبدأ في العلاج و بأسرع وقت ..! ~~~~ مر يوم، اثنان، ثلاثة، عشرة، اربعة عشر يوما .. أسبوعان. ! تذهب حياه للمشفى سرا دون أخبار كريم، تخبره فقط انها بالعيادة إذا اضطرت لذلك .. تذهب للتأخذ علاجها " الكيماوي " الذي بدأ مفعوله في الظهور على ملامحها، فمثلا حاجباها الذي بدأ شعورهما بالسقوط، السواد تحت العينين، نحلت و خسرت الكثير من الوزن في تلك الأسبوعين .. كانت تظن انها قوية، تستطيع إخفاء مرضها و آلامها و لكن فشلت .. كل يوم مساءا تشعر بالانهاك .. لا تستطيع فعل اي شئ سوى النوم في اعناق كريم و الاختباء بداخله.. كريم الذي لم يظهر اي شكوى من ذلك، و التزم الصمت .. التزم الصمت تماما .. ~~~ و في يوم ،،، تمددت حياه على الفراش الطبي كعادتها، يمتد من معصمها الاسلاك الموصلة للمحلول .. " التهيئة النفسية " التي حضرت بها اول جلسة علاج نفذت كميتها كلها .. أغلقت جفونها بتعب، و قد تخلت عن " باروكة " شعرها المستعار في تلك الفترة .. لتظهر كما يظهر الآخرون إذا .. شعرت بملمس حنون، ناعم على كف يدها .. ملمس تعشقه و تعلمه جيدا .. اللمسة التي هزت جدران كبريائها و غرورها دائما و تجعلها تنصهر بين يديه .. " دقات قلبها " التي أصبحت ضعيفة مع الوقت السابق ولا تشعر بها .. الآن تسمعها كالطبول المهللة في اذنها، تشعر بها تطرق بداخلها بعنف كأن قلبها يكاد يخرج بين الضلوع .. شددت جفونها اغلاقهما أكثر، وهى تتمنى ان لا يصيب شعورها.! بدأت بفتح عينيها تدريجيا، لتتصادم بوجه كريم المبتسم بهدوء .. فغرت ثغرها مصدومة،، و الشهقة بصوت مبحوح .. عندما رأته أمامها فعلا في الغرفة، دون شعر رأس نهائيا .! " اصلع تماما " .. " ك..ككريم ،!!! " -: اششش،، مش عايز ولا كلمة .! ارتاحي .! هكذا همس بكلماته، بمنتهى الهدوء و النعومة .. و لازالت حياه تحت تأثير الصدمة،، أكمل بابتسامة صغيرة تحمل في طياتها الألم و الحزن -: لاقيتك مش عايزاني أشاركك همومك ووجعك،، بس مقدرتش أقف ساكت اتفرج عليكي و حالتك بتسوء يوم عن التاني. ! -: إنت ازاي..؟ ازاي جيت هنا.؟! انت عرفت اني تعبانة ازاي اكيد دكتور شريف قالك. ! هتفت بها حياه دون تصديق، و قد خرج صوتها متحشرجا مبحوح .. عاتبها كريم و ملامحه تزداد خشونة شئ ف شئ -: انا مش محتاج حد يقولي،، انت قبل ما تتعبي انا بحس بضعف تعبك. ! و لما بتتألمي انا بتألم ألف مرة من جوايا ..! مش هعاتبك ولا الومك انك أنانية، أنانية أيوة .. كون إنك انفردتي بتعبك لوحدك دي أنانية .! انا لما كنت تعبان مكنش جنبي غيرك ! كنت عكازي الي بتنسد عليه، كنت الدوا الي بخده علشان يشفيني.! ورغم كدة محبتنيش اردلك جزء صغير من الي عملتيه معايا.؟؟!! حاولت حياه الحديث و لكن قاطعها بنظرة واحدة .. أردف بصوت عاد للحنية و الهدوء، و ملامحه باتت راسخة كما سابقا -: مش عايزك تتكلمي، مش عايزك تدافعي عن نفسك .. انا جنبك.! هكونلك الهوا الي بتتنفسيه زي ما كنت ليا الكون بحاله.! و أوعدك مش هسيبك ابدا..! ابدا يا .. يا وحوي .! الفصل السابع والعشرون بدأت بفتح عينيها تدريجيا، لتتصادم بوجه كريم المبتسم بهدوء .. فغرت ثغرها مصدومة،، و الشهقة بصوت مبحوح .. عندما رأته أمامها فعلا في الغرفة، دون شعر رأس نهائيا .! " اصلع تماما " .. " ك..ككريم ،!!! " -: اششش،، مش عايز ولا كلمة .! ارتاحي .! هكذا همس بكلماته، بمنتهى الهدوء و النعومة .. و لازالت حياه تحت تأثير الصدمة،، أكمل بابتسامة صغيرة تحمل في طياتها الألم و الحزن -: لاقيتك مش عايزاني أشاركك همومك ووجعك،، بس مقدرتش أقف ساكت اتفرج عليكي و حالتك بتسوء يوم عن التاني. ! -: إنت ازاي..؟ ازاي جيت هنا.؟! انت عرفت اني تعبانة ازاي اكيد دكتور شريف قالك. ! هتفت بها حياه دون تصديق، و قد خرج صوتها متحشرجا مبحوح .. عاتبها كريم و ملامحه تزداد خشونة شئ ف شئ -: انا مش محتاج حد يقولي،، انت قبل ما تتعبي انا بحس بضعف تعبك. ! و لما بتتألمي انا بتألم ألف مرة من جوايا ..! مش هعاتبك ولا الومك انك أنانية، أنانية أيوة .. كون إنك انفردتي بتعبك لوحدك دي أنانية .! انا لما كنت تعبان مكنش جنبي غيرك ! كنت عكازي الي بتنسد عليه، كنت الدوا الي بخده علشان يشفيني.! ورغم كدة محبتنيش اردلك جزء صغير من الي عملتيه معايا.؟؟!! حاولت حياه الحديث و لكن قاطعها بنظرة واحدة .. أردف بصوت عاد للحنية و الهدوء، و ملامحه باتت راسخة كما سابقا -: مش عايزك تتكلمي، مش عايزك تدافعي عن نفسك .. انا جنبك.! هكونلك الهوا الي بتتنفسيه زي ما كنت ليا الكون بحاله.! و أوعدك مش هسيبك ابدا..! ابدا يا .. يا وحوي .! أردف بصوت عاد للحنية و الهدوء، و ملامحه باتت راسخة كما سابقا -: مش عايزك تتكلمي، مش عايزك تدافعي عن نفسك .. انا جنبك.! هكونلك الهوا الي بتتنفسيه زي ما كنتِ ليا الكون بحاله.! و أوعدك مش هسيبك ابدا..! ابدا يا .. يا وحوي .! لم تجد حياه درباً للفرار منه و من كلماته التي تصدح بداخلها مراراً .. أشاحت بوجهها للجهة الأخرى و هى تجاهد لتمنع دموعها من السقوط .. خانتها عبراتها و تدحرجت على وجنتيها الشبه خالية من الدماء،، رفع وجهها له ليفغر شفاه مصدوماً وهو يرى انسياب الدموع من مقلتيها السودوين .. " للدرجة دي وجودي هنا ضايقك.؟! " اومأت مسرعة بالنفى، و عبراتها تتصارع واحدة تلو الأخرى بالسقوط.. تحدثت وسط شهقات بكائها -: انا مش زعلانة علشان جيت،، انا بس كن.. مكنتش عايزاك تشوفني و انا كدة.! يتألم بداخله ما يكفي لإنهيار أمة، لن يستطع كبح مشاعره و آلامه لمدة طويلة.. فإذ هى تتألم قيراط يصله الألم فدان .. خرج صوته مبحوح، و حمداً لله أنه خرج من الأصل .. -: و إيه يعني.؟! انا كمان كدة .! قال جملته الأخيرة وهو يشاور بسبابته لفروة رأسه،، التي لم يبقى فيها شعرة واحدة حتى .. أصبح اصلع تماما .. أردف مستائل " ممكن تسيبيني بسببه.؟! " عصرت جفونها لتسيل دموعها اكثر، فتحتهما بعد ثوان لتهمس بحسرة -: ليه .. ليه عملت كدة.؟! إقترب كريم منها كثيرا متعدي المسافة الأولى ،، أصبح لا يرى شيئا سوى القمرين بعينها .. رغم مرضها و شحوب وجہها و بشرتها، رغم جفاف ثغرها ووقوع شعرها .. ألا ان عيناها مازالتا جميلتين مبهجتين .. -: ردي علیّ، ممکن تسیبینی عشان کدۃ ؟ تنهدت حياه بعمق، تبعتها تمسح دموعها بكف يدها .. هتفت بعدها بهدوء -: لأ .. قبض كريم على كفها بحنية ورقة،، ليهتف بعتاب -: طيب ليه افتكرتي اني ممكن اسيبك عشان كدة.؟! سارعت حياه للدفاع عن نفسها و تبرير سبب اخفائها خبر مرضها عليه .. -: انا مخبتش عليك الموضوع عشان خايفة تسيبني.! انا عارفة انك بتحبني .. و انك مش هتسيبني مهما حصل .. رد عليها بابتسامة حب، تلاشت بهدوء ليتسائل -: امال ليه خبيتي علیّ الموضوع .؟! -: معرفش،، مكنتش عايزة حد يعرف بده ابدا .. كنت عايزة أخوض المرحلة دي لوحدي .. كانت تتحدث شاردة أمامها، فاقت من شرودها و قد تذكرت شئ -: صحيح.!! عرفت ازاي اني هنا.؟! إبتسم ثانية مجيب -: قولتلك ان قبل ما تحسي بذرة تعب انا بحس بضِعف تعبك .! من الاول و انا عارف و ساكت، مستني تيجي منك أحسن.! بس انت غبية،، بدل ما تيجي تقوليلي قررتي متتعالجيش اصلا .! و طبعا عشان حضرتك شايفة ان ده من سلامتي انا.! ياستي كان ربنا يخدني احسن من انك تعملي كدة في نفسك. ! تأففت حياه بضيق و لامته بعتاب -: اوف بس متقولش كدة بقى يا كريم.! انا آسفة،، عارفة إني غلطت بس انا اتعب لوحدي أرحم 100 مرة من انك تتعب معايا .! انا عارفة ان الموضوع مش سهل عليك ابدا، خصوصا ان والدتك اتوفت بنفس المرض ده عشان كدة خبيت عليك .. صمتت لثوان تتأمل تغيير ملامحه للخوف و الحزن معا رغم محاولاته لاخفائها، لمست وجنته بسبابتها برقة لتردف بحنان -: بس انا كان عندي ثقة كبيرة اني هعدي المرحلة دي و ارجعلك احسن من الأول .! طول الوقت و انا واثقة ان ربنا هيختارلي الأحسن يا كريم ..!! التوي كريم برأسه ليقبل كفها بحب و شهوة، يطبع عدد لا نهائي من القبلات الحنونة .. فشل في السيطرة على مشاعره ليهب راميا بدنه العملاق داخل اعناقها الضئيلة لكن العميقة .. يستنشق عبيرها الذي صار اوكسجينه، يرتشف من قطرات احتوائها ، و خمر حبها يلهُبه عشقاً مسطولاً .! احتوته ببدنها الذي تناقص الضِعف بعد مرضها، تربت على رأسه الاصلع بكفها المرتعش .. و هل من حديث يصف مشاعرهما في ذاك الوقت.؟! التزما الصمت تماما، لإن الصمت في حرم الحب حب. ! ~~~~ الوقت يمر ،، يلاحقه تدهور حالة حياه أكثر فأكثر .. أصبح وزنها ک" الريشة " ، خفيفة تلقي بها الرياح يمينا و يسارا .. لولا وجود " الجاذبية الأرضية " لسطعت الريشة في الأفق البعيد مجهولة المصير .. هكذا إذا .! تتمثل " الجاذبية الأرضية " في " كريم الراجي" الذي بات ک" ظل " حياه تماماً .. يلازمها أينما كانت و أينما وُجدت،، يبث داخلها روح الطمأنينة .. و بالطبع كلما وجد الظل فهذا دليل على وجود شمس ساطعة تشرق دوماً بنورها الوهّاج، تفرق على البشر حرارتها الناعمة الدفيئة لتنبههم صائحة " انا الشمس. ! خلقني الله و كلفني بإنارة الأرض دائماً،، كما جعلني بقدرته عزّ وجل قادرة على تدفئتها من وقت شروقي حتى وقت غروبي .. فهل من خلقني بتلك القدرة عاجز على ان يحقق امانٍ ضئيلة لبشر هيّأ لهم كل شئون حياتهم على أكمل وجه.؟! " ~~~~ ~~~~ ابتسامة نبعت من القلب لتتصنّم على ثغرها بخفة، و تحاول بأقصى جهد إخفاء تعابير الآلام الواغِز قلبها .. أتأكت على جفنيها تعتصرهما بشدة لمنع دموع الامها من الهطول بغزارة كغزارة مطر نابع من سحابة شتوية سوداء تظِل مدينة بأكملها .. اشاحت بوجهها بعيدا عن زاوية عينيه العسليتين اللتين يرمقاها بنظرات تحمل في طيّها كل المعاني و كثير من المشاعر .. سمعت صوت المقعد الحديدي يزأر لاحتكاكه بأرضية المشفى السيراميكية، لتشعر بعدها بلفحة هواء دافئة تصطدم بلوح وجهها الثلجي .. و قبلة صادقة خفيفة ترسو على جبهتها البيضاء و قد غمرتها عروق دمائها البارزة .. " هروح اشوف حاجة و راجعلك، مش هتأخر " و كانت دقات حذائه اللامع على أرضية السيراميك آخر صوت يدخل آذانها، قبل ان تفر دموعها منسدلة على وجنتيها كمطر صيفي غزير آت بعد جفاف قاس .. ~~~~ يسير بعنف بين المارة متخبطا و دافعا لأي شخص يجده اماما يعوقه عن استكمال وجهته .. عبر بوابة المشفى الرئيسية و بالكاد تحمله قدماه، و ترشده عيناه المنغمسة في طيار الدموع و الزغللة بصعوبة نحو سيارته المصفوفة في ركن ما .. ركبها فورا محتمياً بها كأنها بيت دافئ وسط مدينة ثلجية تغلفها البرودة من كل جانب .. أطلق لدموعه العنان، فانهمرت تبلّل شعر ذقنه الفوضوي و الطويل نسبيا .. في الأصل تبكي العينان شفقة.! شفقة على قهر القلب و قلة حيلته. ! يبكي بطفولة لم يعهدها من قبل، يشعر بالحسرة و الضياع .. نصفه الآخر ترقد في المشفى على الفراش الطبيّ و التحاليل و الأسلاك الطبية تأخذ مسارها لجسمها الضئيل المستكن كمَن لا حياه تدُب في اوصاله ! وهو ضعيف فاقد الحول و الطول، يشعر بآلامها المتخفي في قناع الإبتسامة التي تتظاهر بها دوماً ولا يستطع بقيام شئ .. حتى يخشى ضمها لاعناقه فتنكسر ضلوعها بين ذراعيه من شدة نحولها .! تمر جميع أحداثه معها منذ بداية رؤيته لها حتى اللحظة امام عينيه كشريط سينمائي .. خطر في فكره أيضا كيفية معرفته لمرضها، منذ ان لاحظ تصرفاتها الغير معهودة و قصة شعرها القصيرة رغم تعلقها الشديد بطوله .! منذ ان رآها تبكي و تنحُب على سچاد الصلاة و عرف ان المشكلة حجمها ليس بالهَين.! صحيح انه لم يعرف وقتها سبب بكائها، و لكنه أصر على جعل حياتها چنة، يغمرها بحبه و حنانه، و يستغل الفرصة ليحاول رد چميلها العظيم .! تربص لها و دسؐ اعينه الخفية في كل مكان حتى أتوا له بالخبر،، حياه مصابة بالسرطان .! كان الخبر كالطعنة، تمزق فؤاده و احشائه إرباً، و كأن الماضي يعود ليعكِر صفو مزاجه .. لكنه لم يستسلم، لم ييأس و لم يترك عقله للإدمان مرة أخرى .. بل اخفى حزنه و آلامه و ابتلع الخبر و كنّه تماماً .. و اكتفى بالمعاهدة امامه و أمام ربه السميع العليم بأن يبذل قصارى جهده فقط لإسعادها .! و بعد ذلك،، ذهب لدكتور " شريف " عندما علم انه على خبر بمرضها .. ووقتها علم رفض حياه للعلاج بسببه .. فأسرع في فتح العيادة الخاصة بها، لأنه كان يعلم جيدا انها مجرد قناع ستتظلل به و تهرب منه فيه، كما عاد لعمله سريعا حتى يترك لها المساحة و الحرية في اتخاذ قرارها رغم عدم اكتمال علاج قدمه .. و بالفعل،، بدأت حياه أولى مراحل .. كان يذهب دائما للمشفى وقت علاجها، يتخبى وراء الجدار حتى لا تراه .. كان يتمنى ان يكون جانبها طوال الوقت و لكن فضل ان يترك لها مساحة من الحرية .. حتى طفحَ الكيل، يرى آلامها يزداد يوماً بعد يوم .. فشل في كبح مشاعره ليظهر أمامها في المشفى و يخبرها من الآن فصاعداً لن يتركها ابداً .. ابداً .! افاقه من شروده دمعته الساقطة على ظاهر كفه .. نظر لكفه و شرد بعدها بعيداً .. و سؤال واحد تردد في خلده بصدى الصوت .. " ماذا لو تُوفَت حياه.؟؟! " شعر باختناق جليّ يلتف حول عنقه كقيود من حديد كبلت أنفاسه تماماّ .. شهق بأسى و أغلق جفونه بيأس مستندا برأسه على مقعد السيارة .. ظل هكذا لبضع دقائق تتلقفه المشاعر من كل اتجاه .. حتى رنّ في خلده ما أراح قلبه و زال همه، سمع صوت الآذان العذب يتخلل لمسامعه فيزيح أكوام الحزن المتراكمة .. صوت عذب يطرب حتى الأصم .. مسح على وجهه بتنهيدة عميقة كأنه يطرد من ذاكرته كل شئ يزعجه، و ترجل من السيارة فوراً وهو يتتبع صوت الآذان حتى وصل لمقصده .. وصل أمام باب المسجد، خلع نعليه ليدلف الي المسجد و يتوضأ و مع كل قطرة ماء تلمس بشرته يدعو الله أن يحفظ له حياه، و يديمها سالمة فرحة لا يمس الحزن فؤادها و لا يعرف المرض مسارا إليها .. انهى صلاته ليتذكر ان وضع حياه يزداد سوءا و ارتباكا، و ان هذا المؤشر ليس بصالحها تماما .. رفع كفاه آخذاً وضع الدعاء .. ليهمس سراً لكن بصدق و حرارة " يا صانع المعچزات، أرني قدرتك في تحقيق ما اتمنى .! " الفصل الثامن والعشرون بعد مرور ستة أشهر ،، يقف كريم أمام المرآة بغرفته، يضبط من ربطة " الكرافت " الخاصة بحلته الرسمية .. بين كل حين و الآخر يختلس النظرات لحياه الغارقة في سبات عميق .. أمسك بزجاجة عطره الثمين ليضع لمساته الأخيرة قبل ان يرتدي الجاكيت الخارجي .. إقترب من حياه و ضربها بخفة على وجنتيها -: حياه، حياه يلا اصحي كفاياكي نوم .! تأففت الأخرى بضيق و دفنت رأسها تحت الغطاء دون إجابة .. جذب الغطاء بعنف من عليها مزمجرا بحنق شديد -: قومي بقى كفاية دلع .! ما انا الي غلطان اني عملتلك شهر عسل ثاني و دلعتك زيادة عن اللزوم .! هبت حياه جالسة و شعرها القصير لا يكاد يغطي عنقها متناثر حول وجهها بشكل مضحك، انفجرت بوجهه تصيح بثورة هائجة -: يوووه بقى كل يوم تسمعني الاسطوانة دي.! يا سيدي متشكرين على شهر العسل الثاني الي عملتهولي مفاجأة من 3 و لا 4 شهور كمان و عمال تذلني بيه لغاية دلوقتي .! رفع كريم حاجباه باستنكار و غيظ، ضغط على صف أسنانه السفلى متمتما بغل -: انا الي بذلك. ؟؟ ما انت قاعدة ولا زي الست الوالدة نايمة طول النهار و لا كأن فيه حمار هنا ليه حقوق و مطالب .. ده حتى فطاري يا قادرة يا مفترية باخده في الشركة عشان الهانم مش هاين عليها تصحى تحضرهولي .! تثاءبت حياه بنعاس و اختلط حديثها بتثاؤبها -: باااااااس، انا اروح يجيلي كانسر تاني و المرة دي ربنا يخدني و اسيبك لوحدك ما انت مش هترتاح غير بكدة اصلك .! كاد ان يتحدث كريم، لكن قفز في ذاكرته أحداث مرض حياه و حالة الحزن و الاكتئاب التي عمت حياتهما من وقتها، شعر بانقباض في قلبه كما كان يشعر سابقا، و غصة تصنمت في حلقه منعت الدماء من استكمال دورتها كحارس غليظ ضخم يحرس قطعة الماظية نادرة لا يسمح لأحد بالنظر إليها حتى .. شعرت به حياه و بما طاف في خلده، لوهلة احست بنفس الآلام يسري في جسدها، و اهدابها تسقط على وجنتيها .. مدت يدها بفظع وهى تتحسس شعر رأسها و اهدابها لتتأكد انه فقط وهم لا أكثر .! زفرت بهدوء وهى تعيد ضبط أنفاسها، و تقنع خيالها المريض ان كل ذلك " ماض لا أكثر .! " إقتربت من كريم الشارد بوعيه بعيدا، أحاطت وجهه بكفها ليسلط بصره عليها دون حديث .. همست بصوت خفيض هادئ أمام شفتيه الغليظة -: كريم.! انا عارفة انت بتفكر في ايه .. كل ده كان ماضي، عدا و فات خلاص.! انا دلوقتي قدامك اهو ولا 10 قرود في بعض .. - صمتت ثوان تحدق بعينيه، لتستكمل بصوت يميل للمرح - متبقاش خواف كدة ده انا الي تعبت مش خايفة ادك. !! فجأة قبض على كفيها المحيطين بوجهه بلهفة و سرعة، و مقلتاه تتزغلل تجوب أقسام وجهها بارتعاشة بسيطة .. هتف بصوت قوي و ضعيف، هادئ و سريع، ثابت و مرتعش .. لكن صادق نابع فورا من صميم فؤاده . -: انا بحبكك اكتر ما بتحبي نفسك، و بخاف عليكي اكتر ما بتخافي على نفسك، و بتعب لما بتتعبي اكتر من تعبك ببقى شايل في قلبي زعلي و زعلك .!! جذبها من معصميها نحوه لتستقر بين ذراعيه، و تمنى لو يشق صدره نصفين و يخبئها بين ضلوعه للأبد .. التفا ذراعاها نحو عنقه، تغزر أصابعها بين شعره الناعم الغزير .. و من خفة وزنها كانت تحمل بين ذراعيه، و قدماها لا يلمسان الارض .. ظلا هكذا لدقائق لم يتمنى كلاهما ان تنتهى ابدا .. قطعتها حياه وهى تزم شفتيها بضيق طفولي مسلي -: هو انت مش كنت اقرع شبهي.؟ اشمعنا شعرك طول اوي كدة و انا لسا بعد الي طلعوا..؟! ظهرت شبح ابتسامة تزين ثغره، و تلألأت أسنانه البيضاء من خلف شفتيه .. قرص وجنتيها بلطف و داعب بيده الأخرى فروة رأسها -: بكرة يطول يا وحوي بكرة يطول.! ضحكت حياه و لكزته خفيفا بقبضتها الصغيرة على صدره الصلب الحديدي -: طيب يلا على شغلك عشان متتأخرش .. تعكر مزاجه و انقلبت ملامحه للإشمئزاز و الضيق عندما تذكر عمله -: يادي القرف انا مش عارف ايه الي دخلني المجال الزفت ده، ده الواحد بيروح يصتبح بأشكال ما يعلم بيها إلا ربنا .! لمع بريق الغيرة بعين حياه، شددت من قبضتها حول ياقة قميصه الأبيض و هتفت بغل و غيرة -: زي عنايات. ؟ مش كدة .! قهقه كريم عاليا ليثير غضبها أكثر -: لسا فاكراها.؟ ده انا بشوف الي زي أشكالها دي كل يوم .! اتسعت مقلتي حياه لتصيح فيه بحدة -: لا والله .؟ شكلك كدة هتشرفني هنا النهاردة و مفيش شغل .! امسكها كريم من معصميها وهو يردد باستنكار -: ايه الي مفيش شغل ده يا حجة ده انت خيالك واسع اوي ! نظر في ساعة يده ليصيح بصدمة -: نهارك مهبب بصي الساعة كام.! ده انا هسمعلي كلمتين عنب لما اروح .. اوعى عديني ده انت فتنة يا شيخة منك لله .!! ازاحها بعيدا لينطلق خارج الغرفة بخطوات راكضة .. وضعت كفها برأسها تفكر في اللا شئ .. و سرعان ما القت بنفسها على الفراش لتغط في نوم عميق ثانية .! ~~~~ ~~~~ مر أسبوعان كاملان ،، كانت تقف أمام المرآه رافعة سترتها لتكشف عن بطنها البيضاء المستوية .. تلتمس بطنها بمقلتي واسعتين و فم مفتوح .. مصدومة.! غير قادرة على استيعاب انها تحمل طفلا بين احشائها الضئيلة الآن .! لا تصدق انها بعد بضعة أشهر سوف تصبح أما و تحمل طفلها بين ذراعيها و تغمره بحنانها الانهائي ..! لا تصدق انها اجتازت مراحل صعبة كثيرا بمعجزة و الآن يكافئها ربها بقطعة منها بأحشائها. ! منذ ان رجعت من عيادة الطبيبة النسائية وهى على ذلك الوضع المصدوم .. شهقت كأنها تسترد أنفاسها الحية بعد صراع طويل .. لتضحك و تقهقه بجنون وهى تقفز في الهواء و تهلل فرحة لتلك المفاجأة الصغيرة .. جلست على حافة الفراش بحذر وهى تؤنب رد فعلها ذلك، ربتت على بطنها بهدوء و نعومة كأنها تعتذر للطفل عن ما بدر منها من إزعاج.! ضحكت مرة ثانية عاليا و قد احمرت وجنتاها انفعالا ..رفعت كفاها عاليا لتحمد ربها على تلك النعمة الثمينة المضافة لقائمة النعم الغير معدودة .. سكنت مكانها ثوان، لتضغط بعدها على شفتها السفلى بحماس و سؤال واحد يحتل أفكارها .. " كيف ستخبر كريم عن هذا.؟! " هل تعد له عشاء رومانسي و تسخر جوا هادئ على التراس حيث طبقة من الأزرق الداكن تغلف سطح السماء الشاسعة و قطع ماسية براقة متناثرة في شتى بقاع سطح السماء .؟! لتأتي هى بفستان ابيض ملائكي تضيف لمساتها الحنونة على أوتار فؤاده الضعيفة.؟ هزت رأسها لأكثر من مرة تنفض تلك الفكرة عن رأسها، و بصوت هامس هتفت لنفسها " دي اتعملت في مليون فيلم قبل كدة،، لازم أفكر في حاجة مختلفة .! " ظلت بموضعها تجوب أفكارها شمالا و جنوبا تحاول إيجاد فكرة جيدة لكن كل الأفكار لا تروقها .. ~~~~ على نفس دوامة الوقت ،، نجد أحمد يجلس على مقعده بأريحية شديدة و ابتسامة شيطانية ترسو على شفتيه .. طرق بسبابته على المكتب أمامه بضعة طرقات وئيدة ، وهو يتوعد بسره لزوجة ابنه " حياه " .. يحدث نفسه و يتمم على أفكار خططه الرئيسية .. " نهايتك قربت يا مرات ابني.! دلوقتي بعد ما ظهرتي الملاك البرئ جه الوقت يبان السواد الي جواكي ..! " التقط هاتفه بخفة من على سطح المكتب، ليبحث في قائمة الأسماء على كريم ، وجده بالفعل و على مهل ضغط على زر الاتصال .! ~~~~ كان كريم على وشك الانتهاء من عمله، يرتشف بضعة قطرات من الماء البارد و ينكب على أوراقه يتابع عمله بتركيز .. قطع وصلة تركيزه نغمة هاتفه الرنانة، نظر بإهمال نحو الشاشة ليجد اسم والده المتصل .. تنهد طويلا،، و ضغط على زر الاستجابة ليأتيه صوت والده مسرعا -: كريم ؟ -: الو .. أيوة يا بابا ازيك.! -: عامل ايه يا بني، انت كويس.؟! -: انا كويس .. انت صحتك عاملة ايه.؟! سأله كريم بترقب و قد اقلقه صوت والده المرتبك المتوتر .. -: المهم صحتك انت يا كريم، عامل ايه مع حياه.؟ ساوره الشك ان حياه قد أخبرته بالعراك المستمر بينه و بينها بسبب قضائها نصف اليوم نائمة .. فأجابه بتوجس من الآتي -: ا آ احنا كويسين يا بابا تمام ، خير هو في حاجة.؟ سمع صوت تنهيدة والده الحزينة من على الجانب الآخر ، فأعاد سؤاله بتوجس أكبر -: في ايه يا بابا قلقتني.! -: بص يا كريم انا عايزك في موضوع مهم،، مينفعش يستنى أكثر من كدة .! و مينفعش كمان في التليفون لازم اقابلك حالا.! .. الو.؟ كريم انت سامعني.؟! -: لا مش مركز بابا معلش انا هقفل معاك دلوقتي و هكلمك بعدين عشان حياه على waiting .. أغلق كريم الخط فورا دون الاستماع لرد والده ، اجاب على اتصال حياه ليأتيها صوتها صارخا -: إنت يا بني آدم يا أطرش بقالي نص ساعة بتصل بيك. ! -: و عليكم السلام يا حبيبتي ! اغاظها صوته الهادئ الذي لا يقارن بصريخها و صياحها، فهتفت بتهكم و حنق -: يا روقانك يا أخويا.! بقولك ايه يا جدع انت قدامك ربع ساعة تكون قدامي فيهم .. 16 بالدقيقة هكون مولعالك في البيت و انا فيه كمان انت سامعني.! رد بصوت ضاحك و ساخر -: طب ذنبه ايه البيت معاكي يا حياه.؟ ولعي فيكي انتي بس أوفر يا حبيبتي انتي عارفة انا تعبت اد ايه عشان اجيبلك الفيلا دي.؟! -: لا والله.؟؟ طب بص بقى يا أبو الكرم .. عدا من الربع ساعة دقيقة ، فضلك 14 دقيقة تكون قدامي فيها يا إما وحيات اونكل أحمد لأكون سايبالك البيت و مش هتعرف تجيبني ،، سلام. ! أغلقت حياه الخط سريعا، بينما ضحك كريم بتسلية على زوجته المجنونة تلك .! أمسكت بالجاكيت من على المقعد و نهض فورا للخارج مقررا السياق في عربة الجنان مع زوجته .. وجد هاتفه يرن مرة أخرى ليجد والده يتصل به ثانية، وقف مكانه حائرا .. هل يجيبه.؟ ام ينتظر وقت آخر بعد وصوله لمنزله.؟! و اخيرا حسم قراره و .. الفصل التاسع والعشرون حسم كريم قراره و اغلق هاتفه تماما، أسرع في خطواته ليلحق بزوجته الملعونة قبل ان تتصرف بتهور كعادتها .. ~~~~ ترجل من سيارته بعد ان صفها بإهمال، تفقد الفيلا من الخارج بعد ان عمها الظلام تماما.! سار بخطوات سريعة نحو الباب ليجده مفتوح ، دخل و شعوره بالقلق يتملكه خصوصا بعد ان وجد العتمة تسيطر على المكان .. " حياه .! " نده عليها بصوت مرتفع و لم يتلقى إجابة .. جاءت في مخيلته انها لربما في غرفتهما نائمة كالعادة ، ركض سريعا و تجاوز السلالم بخفة حتى وقف امام باب الغرفة .. فتح الباب ببطئ، و بخطوات وئيدة دلف للداخل .. خطف نظرة سريعة في الغرفة و لكن لا أثر لها، عبر صوتها في ذاكرته " فضلك 14 دقيقة تكون قدامي فيها يا إما وحيات اونكل أحمد لأكون سايبالك البيت و مش هتعرف تجيبني " دق قلبه بعنف، هل من الممكن ان تكون هربت بالفعل.؟! و على حين غرة سمع صوت صريخ يأتي من خلفه، لتظهر زوجته المجنونة من خلف الباب و هى تصرخ و تقفز في الهواء .. صرخ هو الآخر معها و قفز في الهواء مثلها دون إرادة منه، قبض على معصمها بيد و باليد الأخرى وضعها على فمها .. " هششش اسكتي.!! في ايه.؟ " ازال كفه عن فمها لتتحدث حياه بين أنفاسها المتلاحقة -: بص، انا مش عارفة اجيبهالك ازاي .. يعني قعدت أفكر كتشييير كتشيير كدة بس انا هقولك و خلاص.! -: انجزيي في ايه.؟ سألها بحدة و انفعال ، لتأخذ نفسها و تحاول ضبطه .. تنهدت بقوة و اخيرا اجابته بابتسامة -: انا حامل .! وقف كريم بنفس تعابيره لم تتغير .. فقط اتخذ وقتا طويلا حتى يعقب -: إيه.؟ ضحكت حياه على ملامحه المزبهلة، اقتربت منه لتلف يداها حول رقبته مكررة -: انا حاااامل شعر كريم برعشة تسري به، ليست بطول عاموده الفقري فقط بل بجميع أنحاء بدنه .. هز رأسه نفيا بدون تصديق متمتما بشتى التساؤلات الاستنكارية -: إيه.؟ انت بتهزري مش كدة .؟ لامته حياه بإلحاح وهى تكرر للمرة الثالثة -: يا كريم مش بهزر بقولك حامل حامل .! -: حامل ازاي .؟ يعني في فبطنك بيبي كدة و هيبقى ليكي كرش و تولدي و نبقى بابا و ماما زي الناس.؟ ضحكت حياه بسرور وهى تندثر في احضانه للأعمق -: أيوة و هتوحم و اخيلك تلفلي العالم كله عشان تجيبلي الاكل الي انا عايزاه و اصرخ و أشد في هدومك و انا بولد كمان .. انحنى كريم لمستوى بطنها ليرفع سترتها الحاحبة عن بدنها، لتظهر بطن حياه التي لازالت مستوية -: يعني ابني هنا.! هنعيش حياه طبيعية زي اي اتنين من غير سرطان ولا ادمان .؟ انحنت حياه هى الأخرى و جلست على ركبتيها مقابله، احتوت وجهه بين كفها لتهمس بحرارة -: أيوة يا حبيبي، خلاص أيامنا الحلوة كلها جاية ، هتمحي كل ذكرى وحشة عشناها .. ~~~~ انهى " أحمد " الاتصال ليقبض عليه كأنه يريد اعصاره بين قبضته .. صوت " كريم " المرفرف من الفرحة يرن في أذنه وهو يخبره " هتبقى جد يا بابا .. " تزأر أسنانه بسبب الاحتكاك من شدة انفعاله و غضبه، يسب و يلعن في اليوم الذي ولدت فيه تلك الملعونة " حياه " التي تحمل بين احشائها حفيده الآن .! جلس على حافة الفراش واضعا رأسه بين كفيه بحيرة و اشتعال الآن لن يستطيع إكمال خطته، فكريم لن يترك حياه و هى تحمل ابنه .. بالإضافة الي ان حياه سوف تخبره الحقيقة و بالتأكيد سوف يصدقها و ينتهى الموضوع قبل شروعه و يظهر " أحمد " بالشخصية الحقودة بينهما .. و حتى ولو تم الأمر كما يريد و طلق كريم حياه، فسيخسرا كلاهما الطفل .. زفر بضيق بعد ان شعر بالحكاية تتأزم من كل جانب و من كل اتجاه، لذلك طلب فنجانا من القهوة يوقظ أفكاره و يرعرع خططه و بعد تفكير طويل عادت الابتسامة الخبيثة تعتلى ثغره بعد ان اهتدى لفكرة أكثر شرا و روعانا ~~~~ بعد مرور 6 أشهر .. يتحدث كريم مع والده على الهاتف .. " و الدكتورة حددت حياه هتولد امتى ولا لسا .؟ " تساءل بها أحمد مترقبا -: حددت أيوة، آخر الأسبوع الي جاي ان شاء الله .. أتاه صوت والده المتنهد و كأنه يريد التفوه بشئ ما، فسأله كريم بشك -: مالك يا بابا.؟ بقالك فترة كبيرة حاسس انك عايز تقول حاجة و مخبي.؟ تظاهر أحمد بالتأتأة المصتنعة و لكن في الحقيقة يبتسم بخبث و حماس .. اصطنع الغلب في نبرته -: بصراحة أيوة، في موضوع مهم مينفعش يستنى أكثر من كدة. ! ازدادت حيرة كريم ليردف متوجسا -: طب ما تقول يا بابا في ايه على طول لازم تقلقني يعني.! -: مش هينفع على التليفون، تعالالي دلوقتي على مطعم *** عارفه.؟ -: عارفه آه، نصاية و هبقى عندك سلام .! ~~~~ جلس كريم في المقعد المقابل لأحمد .. ليبتسم بهدوء وهو يسأله بمرح -: ها يا حمادة خير، ايه الموضوع ؟ اوعى تقولي ان ايام الشقاوة وحشتك و عايز تتجوز ؟ تصنع أحمد الحزن و التأثر -: الموضوع أكبر من كدة بكتير، الموضوع يخصك انت يا كريم .. زفر كريم بجزع و قد نفذ صبره، ليتحدث بحدة -: لا ما هو لو هتقضيها فوايز انا مش هستحمل، خش في الموضوع على طول .! -: انا هحكيلك على كل حاجة من الأول .. الفصل الثلاثون -: بص يا بني، انا لما شفت حياه اول مرة في الحفلة كانت عاملة زي الملائكة .. هادية و مثقفة و جميلة .! -: أنجز يا بابا انت هتعاكس مراتي قدامي ..! -: مستعجلنيش بقى بدل ما اقوم و اسيبك .! -: خلاص آسفين، كمل .. -: المهم، كل ده كان مجرد ظواهر، مجرد شكل من برا ابيض و من جوا سواد .! امال كريم رأسه للأمام وهو يحدق بوالده بسخرية تامة -: فكرت انها عروسة مناسبة ليك، اسم و نسب و كمان دكتورة شاطرة ممكن تطلعك من حالتك الانطوائية الي كنت فيها .. عشان كدة مفكرتش و طلبت ايدها من صديق على طول، مكنتش اعرف الجحيم الي ممكن يجي من وراها .! زم كريم شفتيه بدهشة و سخرية وهى يكرر -: جحيم. !! ده ليه بقى ؟؟ -: عشان دي طلعت شيطانة .! انا مكنتش اعرف ابدا انك مدمن زفت مخدرات .. انما هى كشفتك و جت تهددني بكل بجاحة وقلة أدب .. تحولت ملامح كريم للجدية وهو يسأله باستنكار -: جت تهددك.؟ ازاي.؟! -: طلبت تقابلني، و اتفاجئ انا بغرورها و تكبرها .. تقعد تبصلي من فوق لتحت بمنتهى الوقاحة ، و كملت سلسلة الانحدار و الكدب بإني عايز اسرق أبوها و آخد فلوسه و شركته فهددتني بيك .. قالتلي لو فكرت تهوب ناحية ابويا انا هدمرلك ابنك و اخلي سيرته على كل لسان .! استوقفه كريم وهو يتذكر شيئا ما -: أيوة أيوة ،، بس انت فعلا قولتلي اقرب منها عشان كنت داخل صفقة مع صديق و خايف تخسرها .! توتر أحمد بعض الشئ لكنه برر الموضوع -: أيوة يا بني كنت داخل مجرد صفقة معاه، لكن مش داخل اسرقه و لا ابوظ شغله .! -: امتى حياه قالت الكلام ده.؟ -: قبل ما تتجوزوا، كنا لسا بنرتب للفرح و الفيلا .. المشكلة مش في كدة يا كريم .. المشكلة انها هددتني بيك مقابل مصلحتها كمان .. -: و ده ازاي ده كمان.؟ -: قالتلي انها هتعالجك من الإدمان و تخليك احسن من الأول ، مقابل انك تبقى رسالتها .. استغلتك و استغلت ضعفي و ادمانك مقابل الرسالة الي هتشهرها و تاخد عليها جوائز .. خصوصا انك هتبقى جوزها هيبقى اسمها عالجت جوزها مش مجرد مريض عندها .! هز رأسه نفيا غير مستوعب لما يقوله والده .. -: لا لا لأ .. كل ده كدب ! حياه عالجتني عشان بتحبني .. عشان انا جوزها بدليل انها مأذتنيش في حاجة طول المدة دي .. حتى لو هى عايزة تستخدمني كرسالة مكنتش هتخلف مني اكيد انت بتقول ايه.! -: بتكدبني و تصدقها عليا.؟ طيب لو هى كانت عايزة مصلحتك و مش عايزة تفضحك قالت لمحسن ليه على ادمانك.؟ على العموم أمسك، الورق ده لاقيته في عيادتها أقرأه و شوف الي بتدافع عنها و بتكدبني عشانها أقرأ .. أمسك كريم بالورق يقلبه بين يديه بدون تصديق .. -: هتلاقي في ورق يثبت انك كنت مدمن، وورق تاني فيه معلومات عن حياتك كلها ، وورق ثالث عن فترة علاجك كاتبة كل حاجة بالتفصيل .! كاتبة انها حبستك و إنها كمان كانت بتحطلك حبوب هلوسة في الاكل .!!! ابتلع كريم شهقته قبل ان تصدر منه وهو يتطلع على أدق التفاصيل المكتوبة من حياه .. كل شئ مكتوب حقيقي و صار بالفعل و لكن " حبوب الهلوسة " هو الجديد عليه .. وقف كريم مصدوماً مُتسع المقلتين، لآ يصدق ما سمعه للتّو من والده .. تقف الحروف في حلقه لتضيّق عليه وصلة أنفاسه بجهدٍ كبير .. صعقة كهربائية تشبثت بفؤاده بفجور كشخص على حافة الموت يتشبث بآخر أنفاسه .. و دوار بسيط احتل عقله ليشعر ان الكون مزغللاً أمامه .. " كريم انا عارف ان الموضوع صعب عليك جدا خصوصا ان حياه بقت شايلة في بطنها ابنك، انا بعترف اني كمان غلطت عشان مقولتلكش حاجة زي دي من الأول بس انا كنت خايف لأحسن الشيطانة دي تفضحك و تضيع مستقبلك و آ .. بعد كدة اتشغلت في شغلي زي ما انت عارف و اتلهيت. ! - توقف عن الحديث ثوان، ليردُف بعدها بصوت شيطانيّ مليئ بالحقد و الكراهية " بس خلاص .! الورق كله معانا و مش هتقدر تثبت عليك حاجة يا بني .. كل الي ناقص إنك تاخد ابنك الي في بطنها و تهرب .. تهرب و تسيبها تتحسر على حقدها و انانيتها الي جواها. !! " شعر كريم برغبة جامحة في البكاء و الندب، لم يصمد أكثر من ذلك بل فرّ بعيدا تاركاً والده وحيداً .. ~~~~ " الهاتف الذي طلبته مغلق و غير متاح " زفرت حياه بضيق بعد ان سمعت تلك الجملة للمرة المائة .. تجلس بنصف جلسة على الفراش و القلق يتملكها فمنذ البارحة و كريم مختفي و هاتفه مغلق .. تميل برأسها للخلف و الدموع تنساب على وجنتيها لا تعلم من آلام الحمل أم آلام غياب كريم ، لأول مرة يغيب فجأة هكذا دون أخبارها و حتى هاتفه مغلق .. " هل أصابه مكروه.؟ " " miss hayah.! Are you fine.? " سمعت صوت المساعدة الأجنبية التي أحضرها والدها سابقا حتى تعينها أثناء فترة حملها .. فتحت عيناها بصعوبة و قد غمرتهما الدموع " yeah lena, i'm fine.." " do you want any thing.? " " thank you lena, only i want to sleep please leave me alone .! " غادرت " لينا " الغرفة و تركت حياه لترتاح قليلا .. غفت حياه مكانها لساعة، لتشعر بحركة خفيفة في الغرفة .. و بعدها تخلل لأنفها رائحة مميزة تعشقها و بجنون .. رائحة ذكورية حنونة تبث الاطمئنان في داخلها دائما .. رائحة تشعر بها ولو من على بعد أميال ضحلة .. فتحت عيناها ببطئ لتجد الغرفة خالية، خاب أملها و عادت تغمض عيناها مرة ثانية لكن صوت مقبض الباب وهو يفتح استوقفها .. ضلت تحدق بالباب لتجد كريم يدلف للغرفة بآمان، ضحكت و رقص فؤادها مهللا بعودة كريم .. نهضت من على السرير بسرعة لا تتناسب مع فترة حملها و بطنها العملاقة الممتدة أمامها بكثير .. ركضت بخفة نحو كريم لتحتضنه بجنون و تطبع عدة قبلات متفرقة حول وجهه .. -: كل ده سايبني و قافل موبايلك .! انت كنت فين انا كنت هموت من القلق عليك.؟ حاول كريم الهروب من مقلتيها السود حتى لا يغوص فيهما للأعمق و يضعف .. -: شوية مشاكل في الشغل و صفقة كبيرة جدا كنا شغالين فيها .. -: طب ليه مطمنتنيش عليك يا كريم كنت خايفة عليك جدا .! تجاوزها كريم بصعوبة وهو يحاول ان يتماسك أكثر من ذلك .. -: معلش يا حياه بس زي ما قولتلك الصفقة كانت محتاجة شغل كبير .. فهمت حياه انه هلكان من تلك الصفقة و من العمل بصفة عامة، فالتزمت الصمت الآن حتى لا تزعجه .. ~~~~ مر يومان يحاول كريم التصرف طبيعيا حتى لا تشك به حياه ، و حياه مشغولة بحملها و آلامه فلم تلاحظ ذلك كثيرا .. و في اليوم الثالث طلبت حياه من كريم شيئا بخصوص عملها .. -: كريم، معلش يا حبيبي ممكن طلب صغير.! ممكن تاخد الفلاشة دي و تنقل عليها file بعنوان شيزوفرينيا من على اللاب بتاعي .؟ اومأ كريم بإيجابية و ذهب لفعل ما طلب منه .. كان واقفاً ينحني للأمام قليلا و يتابع شئٍ ما على جهاز " اللاب توب " الخاص بحياه .. يبحث عن الملف الخاص بعملها الذي طلبت منه حياه نقله على " الفلاشة " الصغيرة ظل يفتح الملفات و يغلقها حتى يعثر على هدفه ، استوقفه ملف يحمل عنوان message ليفتحه و يدعو الله من صميم قلبه ان لا يكون ما يتوقعه .. خُذل، خُذل و انصدم مرة ثانية .. كل الحچچ التي كان يخترعها تبخرت بلا رجعة و بقى فقط معلومة وحيدة بعقله - حياه كانت تستغله " كرسالة " لعملها لا أكثر .. ابتلع غصة متعلقة بحلقه بصعوبة، و بدأ بتفقد المحتويات بالملف ليجده عبارة عن " فيديوهات " له وهو يتعالج، وهو يدمن، وهو أيضا يلقى بأكياس البودرة بحوض المرحاض بعد توقفه عن الإدمان .. أيقن ان كل ذلك جاءت به عن طريق " كاميرات مراقبة " متربَصة له في كل مكان .. أغلق الملف سريعا عندما سمع صوتها يناديه، حاول إخفاء تعابير وجهه المتجهم و هو يضغط على صف أسنانه السفلى بغِل و ثمة قرار وحيد احتل كيانه و تفكيره .... " الانتقام ..! " سمع صوت صريخها الحاد ينتشله من أفكاره و يعيده لأرض الواقع .. ركض للخارج ليجد حياه تنحني للأسفل و تصرخ بهستيريا و كلمة واحدة ترددت كثيرا " انا بولد " لم يتمهل كريم، حملها ووضعها بالسيارة و فر مسرعا للمشفى .. ~~~~ في المشفى نجد كريم يجلس على مقعد من المقاعد البلاستيكية المرصوصة على أحد الجوانب داخل المشفى .. يحدق بالغرفة التي دخلت فيها حياه منذ ساعات و مازالت في الداخل .. يفكر في اتخاذ قراره الذي بالتأكيد سيحدد مصيره و مستقبل فتاته التي تلدها حياه الآن .. هل سيسير في حدود الانتقام التي تتقاذف بها الأشواك ، إم يغفر لعله يكون مخطئا و يعيش معها و مع ابنتهما بسلام.؟ اتى على مخيلته كلام والده و تهديد حياه له، ورق رسالة حياه و الفيديوهات الخاصة به وهو يدمن، حبوب الهلوسة التي اضافتها له وقت العلاج أيضا .! تذكر ان بعد اتمام مرحلة علاجه في ليلة مع حياه لاحظ غرابة تصرفاتها، و انكماشها بين ذراعيه رغم انها ليست الليلة الأولى ، أيضا دماء عذريتها التي جاهدت هى لتخفيها بعيدا عن اعينه .. إذا كل الليالي السابقة ما كانت إلا هلوسة كاذبة.؟ نعم، فبالتأكيد لن تضحى الطبيبة المبجلة بعذريتها لمدمن مخدرات .! اصتك على أسنانه بغيظ و قد قرر قراره النهائي المصيري .. " سينتقم ! " وجد والده يجلس على المقعد المجاور، و أتاه صوته الرخيم وهو يربت فخذة كريم بتهاون -: هتعمل ايه.؟ تنهدت كريم طويلا قبل ان يخرج صوته المتحشرج المختنق -: عايزك تجهزلي المكان الي هنهرب ليه، وواحدة تخلي بالها من جنة تبقى زي ضلها .! تهللت اسارير والده و لمعت عيناه بالظفر، لكن اندهش قليلا و ابتسم بتأثر -: جنة ؟ هتسميها على اسم امك يعني .. شرد كريم لبعيدا متذكرا ذلك الموقف .. فلاش باك .. كانت حياه ممدة على الفراش تمسك بكتاب ما تقرأه، حتى وجدت كريم يخرج من المرحاض و يتمدد هو الآخر جانبها .. تركت الكتاب و امالت برأسها على منكبه العريض .. و بعد قليل تحدثت بخفوت -: كان نفسي في ولد،، ولد يكون نسخة منك .! نفس عيونك العسلي و شعرك الناعم .. نفس شخصيتك الحنينة و ضحكتك الي بتنور حياتي .. طبع قبلة أعلى جبينها ممسكا بكف يدها الصغير معقبا -: و انا كان نفسي في بنت و ربنا حققلي أمنيتي ! تكون شبهك، نفس ذكائك و هدوئك، نفس العيون السود الي بيسحروني، نفس الشعر الأسود زي سواد الليل .! نفس بشرتك الصافية زي قلبك .. عايزها تكون انتي اساسا .!! ابتسمت بحب وهى تنصت لكلماته و تحفرها داخل قلبها و توصد عليها جيدا .. رفعت رأسها لتقابل عيناه متسائلة -: طب فكرت هنسمي البنوتة ايه.؟ زم شفتيه بمعنى " لأ " و قد ترك لها حرية الاختيار -: تؤ، فكري انتي كدة كدة بالنسبة ليا هتبقى حياه الصغيرة ..! شردت حياه أمامها تفكر بشئ، لتهتف بحماس -: جنة .! نسميها جنة يا كريم .. و هى فعلا جنتنا بعد عذاب طويل.! -: اممممم، و مالو جنة. ؟ حلو جنة ده حتى على اسم امي .. -: بجد.؟؟ اول مرة اعرف على فكرة .. خلاص يبقى جنة كريم الراجي حلو اوي .! ~~~~ عودة ،، أفاق كريم على صوت بكاء طفولي يأتي من داخل الغرفة، لتخرج الممرضة بعدها بدقائق تحمل الطفلة بين ذراعيها ، اقتربت من كريم و مددت الطفلة له ، ارتعش بدنه كاملا و شعر بالبرودة تدب في اوصاله وهو يمد ذراعيه ليلتقط طفلته الصغيرة .. سمع صوت الممرضة تخبره ان الولادة تمت على أكمل وجه و ان حياه بخير الآن .. لينغمس بعدها مع طفلته الصغيرة .. كان حجمها مناسب ليست بالضئيلة .. و لم تتبين ملامحها جيدا فقط قطعة دماء مشكلة آخذه اللون الأحمر الفاتح .. كبر كريم بصوته الهادئ العذب في آذان تلك الصغيرة .. وجد آباه يربت على كتفه من الخلف و يتأمل أيضا في حفيدته، مد له ذراعيه وهو يأمره -: العربية و كل حاجة جاهزة ، روح خلص الإجراءات انت و هاتها .! سلم كريم الصغيرة لآباه و سار مطأطأ الرأس حيران .. يشعر بخزيان يسود و يغلف قلبه تماما ، و لكن صدمته خذلانه من حياه أقوى بكثير ..
💖 ❤️ 🧡 💗 😂 👍 🩷 💔 💛 ❤‍🩹 667

Comments