اعلم بأنَّ طالب العلم لا ينال العلمَ، ولا ينتفع به إلا بتعظيم العلم، وأهله، وتعظيم الأستاذ، وتوقيره. ومن تعظيم العلمِ تعظيم المعلِّم. قال علي - رضي الله عنه -: أنا عبدُ مَن علَّمني حرفًا واحدًا: إن شاء باع، وإن شاء استرقَّ، وإن شاء أعتق. فإنَّ من علَّمك حرفًا واحدًا مما تحتاج إليه في الدين فهو أبوك في الدين. ومن توقير المعلم: ألا يمشي أمامَه، ولا يجلس مكانه، ولا يبتدئ الكلام عنده إلا بإذنه، ولا يكثر الكلام عنده، ولا يسأل شيئا عند ملالته، ويراعي الوقتَ، ولا يدقَّ البابَ، بل يصبر حتى يخرج. والقاضي الإمام فخر الدين الأرسابندي، كان رئيس الأئمة في مرو، وكان السلطان يحترمه غاية الاحترام، وكان يقول: وجدتُ هذا المنصب بخدمة الأستاذ، فإني كنت أخدم أستاذي القاضي الإمام أبا زيد الدبوسي، وكنت أخدمه طعامه، ولا آكل منه شيئًا. تعليم المتعلم للزرنوجي، ص: 56.