
سيرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه
February 14, 2025 at 11:01 PM
https://whatsapp.com/channel/0029VaBSRg98kyyJAVvc8d1n
قناتنا على تلغرام https://t.me/saddiqsira
صفحتنا على فيسبوك: https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=106545189199485&id=100095320122008&mibextid=Nif5oz
*أبو بكر الصديق رضي الله عنه في سقيقة بني ساعدة*:
لما علم الصحابة -رضي الله عنهم- بوفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم،
اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة في اليوم نفسه،
وهو يوم *الاثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول من السنة الحادية عشرة للهجرة*،
وتداولوا الأمر بينهم في اختيار من يلي الخلافة من بعده.
والتف الأنصار حول زعيم الخزرج *سعد بن عبادة* رضي الله عنه،
ولما بلغ خبر اجتماع الأنصار في سقيفة بني ساعدة إلى المهاجرين،
وهم مجتمعون مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه لترشيح من يتولى الخلافة،
قال المهاجرون لبعضهم:
انطلقوا بنا إلى إخواننا من الأنصار،
فإن لهم في هذا الحق نصيبًا.
قال عمر رضي الله عنه:
فانطلقنا نريدهم،
فلما دنونا منهم لقينا منهم رجلين صالحين،
فذكرا ما تمالأ عليه القوم،
فقالا: أين تريدون يا معشر المهاجرين؟
قلنا: نريد إخواننا هؤلاء من الأنصار،
فقالا: لا عليكم أن لا تقربوهم، اقضوا أمركم،
فقلت: والله لنأتينهم،
فانطلقنا حتى أتيناهم في سقيفة بني ساعدة،
فإذا رجل مزمل بين ظهرانيهم،
فقلت: من هذا؟
فقالوا: هذا سعد بن عبادة،
فقلت: ما له؟
قالوا: يوعك.
فلما جلسنا قليلاً
تشهَّد خطيبهم فأثنى على الله بما هو أهله،
ثم قال:
أما بعد،
فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام،
وأنتم -معشر المهاجرين- رهْط،
وقد دفت دافة من قومكم،
فإذا هم يريدون أن يختزلونا من أصلنا وأن يحضنونا من الأمر.
فلما سكت أردت أن أتكلم
-وكنت قد زوَّرت مقالة أعجبتني أريد أن أقدمها بين يدي أبي بكر-
وكنت أداري منه بعض الحد،
فلما أردت أن أتكلم قال أبو بكر:
على رَسْلِك،
فكرهت أن أغضبه،
فتكلم أبو بكر،
فكان هو أحلم مني وأوقر،
والله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري
إلا قال في بديهته مثلها أو أفضل منها حتى سكت،
فقال:
ما ذكرتم فيكم من خير فأنتم له أهل،
ولن يُعْرَف هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش،
هم أوسط العرب نسبا ودارًا،
وقد رضيتُ لكم هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم
-فأخذ بيدي ويد أبي عبيدة بن الجراح وهو جالس بيننا-
فلم أكره مما قال غيرها،
والله أن أقدم فتضرب عنقي
لا يقربني ذلك من إثم
أحب إليَّ من أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر،
اللهم إلا أن تسول إليَّ نفسي عند الموت شيئًا لا أجده الآن.
فقال قائل من الأنصار:
أنا جُذيلها المحكك،
وعذيقها المرجَّب،
منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش،
فكثر اللغط،
وارتفعت الأصوات،
حتى فرقت من الاختلاف فقلت:
ابسط يدك،
فبايعته وبايعه المهاجرين،
ثم بايعته الأنصار.
وفي رواية أحمد:
«.. فتكلم أبو بكر رضي الله عنه
فلم يترك شيئًا أنزل في الأنصار ولا ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم من شأنهم إلا وذكره،
وقال:
ولقد علمتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
« *لو سلك الناس واديًا وسلكت الأنصار واديًا سلكت وادي الأنصار* »،
ولقد علمت يا سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وأنت قاعد:
« *قريش ولاة هذا الأمر، فَبَرُّ الناس تبع لبرهم، وفاجر الناس تبع لفاجرهم* »،
فقال له سعد:
صدقت،
نحن الوزراء وأنتم الأمراء.
*أهم الدروس والعبر والفوائد في هذه الحادثة*:
1- *الصديق وتعامله مع النفوس وقدرته على الإقناع*:
من رواية الإمام أحمد
يتضح لنا كيف استطاع الصديق أبو بكر رضي الله عنه
أن يدخل إلى نفوس الأنصار فيقنعهم بما رآه هو الحق،
من غير أن يعرض المسلمين للفتنة،
فأثنى على الأنصار ببيان ما جاء في فضلهم من الكتاب والسنة.
والثناء على المخالف منهج إسلامي
يقصد منه إنصاف المخالف وامتصاص غضبه،
وانتزاع بواعث الأثرة والأنانية في نفسه؛
ليكون مهيأ لقبول الحق إذا تبين له.
وقد كان في هدي النبي صلى الله عليه وسلم الكثير من الأمثلة التي تدل على ذلك،
ثم توصل أبو بكر من ذلك إلى أن فضلهم،
وإن كان كبيرًا،
لا يعني أحقيتهم في الخلافة؛
لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد نص على أن المهاجرين من قريش هم المقدمون في هذا الأمر.
وقد ذكر ابن العربي المالكي
أن أبا بكر استدل على أمر الخلافة في قريش
بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم:
« *بالأنصار خيرًا* ، *وأن يقبلوا من محسنهم ويتجاوزوا عن مسيئهم* »،
احتج به أبو بكر على الأنصار قوله:
إن الله سمانا « *الصادقين* »
وسماكم « *المفلحين* »
إشارة إلى قوله تعالى:
( *لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلا مِّنَ اللهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ*، *وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ* ) [الحشر: 8، 9]،
وقد أمركم أن تكونوا معنا حيثما كنا فقال:
( *يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ* ) [التوبة: 119]،
إلى غير ذلك من الأقوال المصيبة والأدلة القوية،
فتذكرت الأنصار ذلك وانقادت إليه.
وبيَّن الصديق في خطابه
أن من مؤهلات القوم الذين يرشحون للخلافة
أن يكونوا ممن يدين لهم العرب بالسيادة وتستقر بهم الأمور؛
حتى لا تحدث الفتن فيما إذا تولى غيرهم،
وأبان أن العرب لا يعترفون بالسيادة إلا للمسلمين من قريش،
لكون النبي صلى الله عليه وسلم منهم،
ولما استقر في أذهان العرب من تعظيمهم واحترامهم.
وبهذه الكلمات النيرة التي قالها الصديق،
اقتنع الأنصار بأن يكونوا وزراء مُعينين وجنودًا مخلصين،
كما كانوا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم،
وبذلك توحد صف المسلمين.
*زهد عمر وأبي بكر -رضي الله عنهما- في الخلافة وحرص الجميع على وحدة الأمة*:
بعد أن أتم أبو بكر حديثه في السقيفة
قدَّمَ عمر وأبا عبيدة للخلافة،
ولكن عمر كره ذلك وقال فيما بعد:
فلم أكره مما قال غيرها،
كان والله أن أقدم فتضرب عنقي
لا يُقربني ذلك من إثم
أحب إليَّ من أن أتامر على قوم فيهم أبو بكر.
وبهذه القناعة من عمر بأحقية أبي بكر بالخلافة قال له:
ابسط يدك يا أبا بكر،
فبسط يده،
قال: فبايعته وبايعه المهاجرون والأنصار،
وجاء في رواية قال عمر:
(... يا معشر الأنصار:
ألستم تعلمون أن رسول الله قد أمر أبا بكر أن يؤم الناس،
فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبا بكر؟
فقالت الأنصار: نعوذ بالله أن نتقدم أبا بكر ..).
وهذا ملحظ مهم وُفِّق إليه عمر رضي الله عنه،
وقد اهتم بذلك النبي صلى الله عليه وسلم في مرض موته،
فأصر على إمامة أبي بكر،
وهو من باب الإشارة بأنه أحق من غيره بالخلافة.
وكلام عمر في غاية الأدب والتواضع والتجرد من حظ النفس،
ولقد ظهر زهد أبي بكر في الإمارة في خطبته،
التي اعتذر فيها من قبول الخلافة حيث قال:
والله ما كنت حريصًا على الإمارة يومًا ولا ليلة قط،
ولا كنت فيها راغبًا،
ولا سألتها الله -عز وجل- في سر وعلانية،
ولكني أشفقت من الفتنة،
وما لي في الإمارة من راحة،
ولكن قلدت أمرًا عظيمًا
ما لي به من طاقة ولا يد إلا بتقوية الله عز وجل،
ولوددت أن أقوى الناس عليها مكاني.
وقد ثبت أنه قال:
وددت أني يوم سقيفة بني ساعدة كنت قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين؛
أبي عبيدة أو عمر،
فكان أمير المؤمنين وكنت وزيرًا,
وقد تكررت خطب أبي بكر في الاعتذار عن تولي الخلافة وطلبه التنحي عنها،
فقد قال:
أيها الناس:
هذا أمركم إليكم،
تولوا من أحببتم على ذلك،
وأكون كأحدكم.
فأجابه الناس:
رضينا بك قسمًا وحظًا،
وأنت ثاني اثنين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد قام باستبراء نفوس المسلمين من أي معارضة لخلافته،
واستحلفهم على ذلك فقال:
أيها الناس،
أذكّركم الله
أيما رجل ندم على بيعتي لما قام على رجليه،
فقال علي بن أبي طالب،
ومعه السيف،
فدنا منه حتى وضع رجلاً على عتبة المنبر والأخرى على الحصى
وقال:
والله لا نقيلك ولا نستقيلك،
قدمك رسول الله فمن ذا يؤخرك؟
ولم يكن أبو بكر وحده الزاهد في أمر الخلافة والمسؤولية،
بل إنها روح العصر.
ومن هذه النصوص التي تم ذكرها يمكن القول:
إن الحوار الذي دار في سقيفة بني ساعدة لا يخرج عن هذا الاتجاه،
بل يؤكد حرص الأنصار على مستقبل الدعوة الإسلامية،
واستعدادهم المستمر للتضحية في سبيلها،
فما اطمأنوا على ذلك حتى استجابوا سريعا لبيعة أبي بكر،
الذي قبل البيعة لهذه الأسباب،
وإلا فإن نظرة الصحابة مخالفة لرؤية الكثير ممن جاء بعدهم
ممن خالفوا المنهج العلمي والدراسة الموضوعية،
بل كانت دراستهم متناقضة مع روح ذلك العصر،
وآمال وتطلعات أصحاب رسول الله من الأنصار وغيرهم.
وإذا كان اجتماع السقيفة أدى إلى انشقاق بين المهاجرين والأنصار كما زعمه بعضهم،
فكيف قبل الأنصار بتلك النتيجة وهم أهل الديار وأهل العدد والعدة؟
وكيف انقادوا لخلافة أبي بكر،
ونفروا في جيوش الخلافة شرقًا وغربًا،
مجاهدين لتثبيت أركانها،
لو لم يكونوا متحمسين لنصرتها؟.
فالصواب اتضح من حرص الأنصار على:
تنفيذ سياسة الخلافة
والاندفاع لمواجهة المرتدين،
وأنه لم يتخلف أحد من الأنصار عن بيعة أبي بكر،
فضلاً عن غيرهم من المسلمين،
وأن أخوة المهاجرين والأنصار
أكبر من تخيلات الذين سطروا الخلاف بينهم في رواياتهم المغرضة.
==
من كتاب *سيرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه* للدكتور علي محمد الصلّابي، المنشور رقم (35)
نشر يومي لسيرة الخليفة الراشدي الأول أبي بكر الصديق رضي الله عنه (كل يوم منشور بعونه تعالى)
للانضمام اختر أحد الروابط التالية:
https://chat.whatsapp.com/JcfJOjrujjUFP9bgOpSKWQ
أو
https://chat.whatsapp.com/CEGv6DLos3oGT9Nq6kGOXd
أو
https://chat.whatsapp.com/Lxrqq2vzwhZ7xrjkRm8ZLS
أو
https://chat.whatsapp.com/FqHFZthkG6VEcFnr1yyrAM
أو
https://chat.whatsapp.com/B8gLrjcBYSx01TsYtSkvqS
أو
https://chat.whatsapp.com/DAMT0XLVzE84AIgzD0R5Ep
أو
https://chat.whatsapp.com/Jke4kaA7ivL9BxTbSQg2jT
أو
https://chat.whatsapp.com/GIlERackH4MD0u3pknR8bC
أو
https://chat.whatsapp.com/2TyKmZPVa52IaWEv5UAumF
أو
https://chat.whatsapp.com/LDvoSVNplPNDZGaoC3tWAk
ساهم في نشر المجموعة أو نشر ما يُنشَر فيها..
وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى.