أخصائي نفسي: محمد الأسطى
أخصائي نفسي: محمد الأسطى
February 2, 2025 at 05:33 AM
تخيل أنك تقف أمام مرآة، تحدّق في انعكاسك. الصورة أمامك واضحة، لكنها ليست أنت، بل نسخة مصقولة، منقحة، مهيأة لتنال الإعجاب. لكن ماذا لو انكسرت المرآة؟ ماذا لو اضطررت للنظر إلى نفسك بلا انعكاس، بلا تصفيق، بلا تأكيد خارجي بأنك موجود؟ النرجسية ليست حبًا للذات، بل خوفٌ من الفراغ، من أن يكون الشخص عاديًا، غير مرئي، مجرد ظل في عالم لا يلتفت إليه. يبحث النرجسي عن ذاته في عيون الآخرين، لكنه كلما وجدها، فقدها مجددًا. إنه ممثل بارع، يتقن لعب الأدوار، لكنه نادرًا ما يخلع القناع. لأنه يعرف، في أعماقه، أن الوجه تحته غير مكتمل، غير واضح المعالم، وكأنه لم يُمنح يومًا فرصة أن يكون على طبيعته دون خوف من التلاشي. يقول لك عقلك: "استمر، لا تتوقف، لا تدع أحدًا يراك ضعيفًا." فتندفع أكثر، تنجح أكثر، تلمع أكثر، لكن التعب يثقل روحك، وكأنك عالق في سباق لا نهاية له. التغيير لا يعني أن تتوقف عن البحث عن التقدير، فهذا أشبه بمطالبة قلبك بالتوقف عن الخفقان. بل يعني أن تسأل نفسك بصوت خافت، للمرة الأولى: "هل أستطيع أن أكون أنا، دون أن يصفق لي أحد؟" ربما يكمن الحل في التوقف عن العيش في انعكاسات الآخرين، في أن تمنح نفسك لحظة صمت، لحظة صدق، لتكتشف أن هناك شخصًا خلف الأدوار، خلف الحكايات، خلف التصفيق. شخص ربما لم يتعلم يومًا أن يكون كافيًا لذاته.
❤️ 👍 12

Comments