
أخصائي نفسي: محمد الأسطى
February 10, 2025 at 05:17 AM
في البداية، هو مجرد دفء تحت الجلد، إحساس بالخطر، ثم يبدأ بالتصاعد. تتسارع دقات القلب، تضيق الرؤية، يمتلئ الجسد بطاقة تبحث عن مخرج. يصبح الغضب كأنه قوة لا يمكن إيقافها، كأن كل شيء في العالم يستحق الانفجار في وجهه. في تلك اللحظة، لا يعود هناك تفكير، فقط اندفاع، رغبة في تفريغ الضغط بأي طريقة، في قول الكلمات التي لن تُستعاد، في القيام بشيء يعبر عن هذا الحريق الداخلي، مهما كانت العواقب.
الغضب في جوهره ليس سوى رسالة، نداء يقول: هناك شيء ليس على ما يرام. لكنه، إن تُرك دون وعي، يتحول من قوة تحمي إلى قوة تدمر. يقطع العلاقات، يترك الندم، يجعلك أسيرًا لنوبات لا تلبث أن تهدأ حتى تعود. المشكلة ليست في الغضب نفسه، بل في عدم القدرة على إدارته—في الشعور بأنه إما أن ينفجر، أو أن يُكبت حتى يتحول إلى جمر تحت الرماد، ينتظر لحظة أخرى ليشتعل من جديد.
إدارة الغضب لا تعني إخماده تمامًا، بل تعلم كيف تحمله دون أن يحملك هو. يبدأ الأمر بالتوقف للحظة، بإعطاء نفسك مساحة بين الشعور والفعل، بسؤال بسيط: ما الذي يحاول غضبي أن يخبرني به؟ في كثير من الأحيان، يكون الجواب أعمق مما يبدو—إحساس بعدم التقدير، خوف من الظلم، حاجة إلى الحدود، أو حتى ألم لم يُعبر عنه بطريقة أخرى.
وحين تدرك ذلك، يصبح بالإمكان اختيار الرد، لا مجرد الاستسلام للاندفاع. التنفس العميق، الخروج من الموقف، التعبير عن الغضب بالكلمات لا بالصراخ، كلها أدوات تبني مسافة بين الشعور والتصرف. ليست المسألة في كتم الغضب، بل في تحويله من قوة هدامة إلى طاقة يمكن استخدامها بوعي. حينها فقط، يصبح الغضب شيئًا يمكن التعامل معه، لا قوة تتحكم بك وتسحبك حيث لا تريد.
👍
❤️
7