أخصائي نفسي: محمد الأسطى
أخصائي نفسي: محمد الأسطى
February 10, 2025 at 05:10 PM
هناك أشخاص يتكلمون بثقة، يعبرون عن أفكارهم بلا تردد، وكأنهم يعرفون تمامًا حقهم في أن يُسمَعوا. لكن هناك آخرين، حين يريدون قول شيء، تتردد الكلمات في حناجرهم، يتراجعون خطوة، يبتلعون اعتراضاتهم، ويبتسمون بينما في داخلهم تنعقد العُقد. لا لأنهم لا يملكون رأيًا، بل لأنهم تعلموا أن أصواتهم ليست مهمة، أن السلامة في الصمت، وأن الاحتياجات تُدفن كي لا تُثقل على أحد. هؤلاء لا يُولدون هكذا، بل يتشكلون عبر تجارب صغيرة ومتكررة—نظرة استخفاف عندما يتحدثون، صوت أعلى يقاطعهم، تحذيرات مستمرة بأن لا يكونوا "مزْعجين" أو "أنانيين". شيئًا فشيئًا، يتعلمون أن الأفضل أن يكونوا غير مرئيين، أن يكون رضا الآخرين أثمن من رغباتهم، وأن تجنب الصراع أهم من تحقيق ما يريدونه. لكن الثمن باهظ—إحباط يتراكم، إحساس بالضياع، وغضب مكبوت يتراكم حتى ينفجر بطرق غير متوقعة. توكيد الذات لا يعني الصراخ، ولا يعني فرض الرأي، بل هو القدرة على قول "نعم" حين تكون "نعم" هي الإجابة، و"لا" حين تكون "لا" هي الحقيقة. هو أن تعرف أنك لست أقل من الآخرين، أن احتياجاتك ليست أقل أهمية، وأن كلماتك تستحق أن تُقال. الأمر يبدأ بخطوات صغيرة—التعبير عن رأي بسيط دون اعتذار، رفض طلب مرهق دون شعور بالذنب، وضع حدود واضحة دون خوف من العواقب. ومع كل مرة يجد فيها الصوت طريقه للخروج، يصبح أقوى، وأكثر وضوحًا. ليست المسألة في أن تصبح شخصًا آخر، بل أن تستعيد نفسك، أن تدرك أنك كنت تستحق أن تُسمع منذ البداية.
❤️ 👍 9

Comments