
أخصائي نفسي: محمد الأسطى
February 11, 2025 at 06:10 AM
تخيل أنك تنظر إلى العالم من خلال نافذة زجاجية، لكن هذا الزجاج ليس صافياً، بل مليء بالخدوش والشروخ التي تشكلت عبر السنوات. كل تجربة مؤلمة، كل انتقاد، كل خيبة أمل، تركت أثرًا، وصارت رؤيتك مشوشة دون أن تدرك ذلك. ترى الناس من حولك، لكن لا ترى ابتساماتهم، فقط تركز على نظرات الشك. تسمع كلماتهم، لكن لا تصل إلى أذنك إلا النبرة الناقدة. تشعر أنهم يحكمون عليك، أنهم ينتظرون سقوطك، أنك لست كافيًا مهما فعلت.
لكن، هل هذا الواقع، أم أنها مجرد انعكاسات على زجاجك المشروخ؟ الأفكار ليست حقائق، ومع ذلك، نحن نعيش بناءً عليها كأنها قوانين لا تقبل الجدل. وحين تكون أفكارك مليئة بالتشوهات المعرفية، يصبح العالم مكانًا قاسيًا، مليئًا بالتهديدات التي قد لا تكون موجودة إلا في عقلك.
إعادة البناء المعرفي لا تعني خداع نفسك أو التظاهر بأن كل شيء بخير، بل تعني أن تتوقف، أن تتأمل أفكارك كما لو كنت تنظر إلى تلك النافذة، أن تسأل نفسك: هل هذا حقيقي؟ أم مجرد خدش قديم يشوه الرؤية؟
الأمر يبدأ بتحدي تلك الأفكار التي كنت تأخذها كمسلمات. عندما تهمس لك أفكارك: "أنا فاشل"، اسأل: بناءً على ماذا؟ هل هناك دليل؟ هل هناك تفسير آخر؟ عندما يخبرك عقلك أن الآخرين يرفضونك، توقف واسأل: هل فكرتي مبنية على وقائع، أم على خوف قديم؟
مع الوقت، ومع التدريب، تتغير الرؤية. لا يعني ذلك أن الزجاج سيصبح نقيًا تمامًا، لكنك ستتعلم كيف تفرق بين الواقع والوهم، كيف ترى الصورة كما هي، لا كما رسمها الماضي في ذهنك.
❤️
👍
8