أخصائي نفسي: محمد الأسطى
أخصائي نفسي: محمد الأسطى
February 15, 2025 at 09:03 AM
هناك دائمًا "لاحقًا" يلوح في الأفق، دائمًا غدٌ أكثر ملاءمة، دائمًا لحظة مستقبلية حيث سيكون كل شيء أسهل، أكثر وضوحًا، أكثر احتمالًا. لكن المشكلة ليست في المهام غير المنجزة، بل في الثقل الذي يتركه التأجيل داخل النفس—ذلك القلق الصامت، ذلك الإحساس العالق بين النية والفعل، بين الرغبة والخطوة الأولى التي لا تأتي. التسويف ليس كسلًا كما يُقال، إنه معركة غير مرئية بين العقل والعاطفة. إنه العقل الذي يقول: "يجب أن أفعل"، والمشاعر التي تهمس: "لكن لا أستطيع الآن". إنه خوف من الإحباط، من الفشل، من مواجهة شيء قد لا يكون مثاليًا. أحيانًا يكون طريقة للبقاء في منطقة الأمان، حيث لا خطر ولا احتمال للخيبة. وأحيانًا يكون مقاومة غير واعية لشيء أعمق—لماذا أفعل هذا أصلًا؟ لمن؟ وما الذي سيحدث إن لم أفعل؟ لن يأتي ذلك اليوم الذي تشعر فيه أنك جاهز تمامًا، ولن تأتي تلك اللحظة التي يختفي فيها التردد كالسحر. لكن هناك شيء يحدث حين تتحرك رغم أنك لا تشعر بالرغبة، حين تبدأ رغم أن صوت التأجيل ما زال يهمس في الخلفية. الحركة تغيّر المعادلة، تكسر الجمود، تقلب المشاعر من عبء إلى طاقة. الأمر لا يتعلق بإنجاز كل شيء دفعة واحدة، بل ببناء عادة صغيرة من كسر الجمود. خمس دقائق من الفعل قد تفتح الباب لساعة كاملة. والخطوة الأولى، مهما كانت ضئيلة، هي دائمًا أقوى من ألف نية مؤجلة. فالتغيير لا يبدأ بالغد، بل بهذه اللحظة—الآن، رغم كل شيء.
❤️ 👍 10

Comments