أخصائي نفسي: محمد الأسطى
أخصائي نفسي: محمد الأسطى
February 19, 2025 at 06:14 PM
هناك أشياء نعتقد أننا تجاوزناها، آلام طواها الزمن، أحداث لم نعد نفكر فيها. لكن الجسد لا ينسى. في نبضة قلب متسارعة بلا سبب واضح، في ارتجافة يد عند سماع صوت معين، في انقباض المعدة حين تمر في مكان مألوف. الذكريات قد تبهت في العقل، لكنها تظل محفورة في الجسد، في العضلات، في الجهاز العصبي، في الطريقة التي نستجيب بها للعالم دون أن ندرك لماذا. الصدمات لا تبقى في الماضي، بل تعيش في الحاضر، تظهر في صورة أرق، في توتر دائم، في نوبات هلع مفاجئة، في الشعور بالخدر أو الانفصال عن الذات. ليست كل الصدمات ضجيجًا صاخبًا، بعضها صمت ثقيل، فراغ لا يُملأ، إحساس بأنك غريب حتى عن نفسك. الشفاء لا يكون بطمس الألم أو التظاهر بأنه لم يحدث، بل بمواجهته برفق، بملاحظته دون أن تغرق فيه. الجسد الذي حمل الصدمة يمكنه أيضًا أن يحمل التعافي. التنفس العميق، الحركة الواعية، لمس الأرض بحواسك، إعادة الاتصال بالجسد بدلًا من الهروب منه. أن تمنح نفسك الأمان الذي لم تجده حينها، أن تتعلم أن الخطر قد مضى، وأنك لم تعد أسيرًا لما حدث. لا يوجد طريق واحد للتعافي، لكنه يبدأ دائمًا من الاعتراف بأن الجسد يتذكر، وأنه يستحق أن يُسمع، أن يُفهم، أن يُحرَّر من الماضي ليعود إلى اللحظة الحالية، حيث يمكنك أن تعيش، لا أن تبقى عالقًا في ما كان.
❤️ 👍 😢 13

Comments