
كُـن مُـسـلِمـًا ☝🏻
January 31, 2025 at 07:57 AM
الإمام مُحَمَّدِ بْنِ أَسْلَمَ الطُّوسِيِّ رحمه الله
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ خَادِمُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْلَمَ: دَخَلْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ أَسْلَمَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ بِنَيْسَابُورَ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، تَعَالَ أُبَشِّرُكَ بِمَا صَنَعَ اللَّهُ بِأَخِيكَ مِنَ الْخَيْرِ، قَدْ نَزَلَ بِيَ الْمَوْتُ، وَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيَّ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدِي دِرْهَمٌ يُحَاسِبُنِي اللَّهُ عَلَيْهِ، وَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ ضَعْفِي، وَأَنِّي لَا أُطِيقُ الْحِسَابَ، فَلَمْ يَدَعْ عِنْدِي شَيْئًا يُحَاسِبُنِي عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَغْلِقِ الْبَابَ وَلَا تَأْذَنْ لِأَحَدٍ عَلَيَّ حَتَّى أَمُوتَ، وَاعْلَمْ أَنِّي أَخْرُجُ مِنَ الدُّنْيَا وَلَيْسَ أَدَعُ مِيرَاثًا غَيْرَ كِسَائِي وَلَبَدِي وَإِنَائِي الَّذِي أَتَوَضَّأُ فِيهِ، وَكُتُبِي هَذِهِ، فَلَا تُكَلِّفِ النَّاسَ مُؤْنَةً، وَكَانَتْ مَعَهُ صُرَّةٌ فِيهَا ثَلَاثُونَ دِرْهَمًا، فَقَالَ: هَذَا لِابْنِي أَهْدَاهُ لَهُ قَرِيبٌ لَهُ، وَلَا أَعْلَمُ شَيْئًا أَحَلَّ لِي مِنْهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ» .
وَقَالَ: «أَطْيَبُ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ، وَوَلَدُهُ مِنْ كَسْبِهِ» فَكَفِّنُونِي مِنْهَا، فَإِنْ أَصَبْتُمْ بِعَشْرَةِ دَرَاهِمَ مَا يَسْتُرُ عَوْرَتِي فَلَا تَشْتَرُوا بِخَمْسَةَ عَشْرَ، وَابْسُطُوا عَلَى جِنَازَتِي لَبَدِي وَغَطُّوا عَلَى جِنَازَتِي كِسَايَ، وَتَصَدَّقُوا بِإِنَائِي، أَعْطُوهُ مِسْكِينًا يَتَوَضَّأُ مِنْهُ، ثُمَّ مَاتَ الْيَوْمَ الرَّابِعَ، فَعَجِبْتُ أَنْ قَالَ لِي: ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ! فَلَمَّا أُخْرِجَتْ جِنَازَتُهُ جَعَلْنَ النِّسَاءُ يَقُلْنَ مِنْ فَوْقِ السُّطُوحِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ هَذَا الْعَالِمُ الَّذِي خَرَجَ مِنَ الدُّنْيَا وَهَذَا مِيرَاثُهُ الَّذِي عَلَى جِنَازَتِهِ لَيْسَ مِثْلَ عُلَمَائِنَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ هُمْ عَبِيدُ بُطُونِهِمْ يَجْلِسُ أَحَدُهُمْ لِلْعِلْمِ سَنَتَيْنِ وَثَلَاثَةً فَيَشْتَرِي الضِّيَاعَ وَيَسْتَفِيدُ الْمَالَ.
سير السلف الصالحين - لإسماعيل الأصبهاني ٣/١١٧٥