Hammurabi's Code
Hammurabi's Code
February 20, 2025 at 03:09 PM
الإخوان المسلمون في تونس: شبكة الإرهاب العابر للحدود وخطر التمويل الخارجي في المشهد التونسي، تتداخل السياسة بالدين، ويتحول التنظيم إلى شبكة دولية متشعبة تمتد خيوطها عبر قارات بأكملها، تمتص الأموال، وتعيد تدويرها لتمويل الإرهاب تحت غطاء العمل السياسي والخيري. لم تكن حركة النهضة – الواجهة التونسية لجماعة الإخوان المسلمين – سوى فرع من هذا الجسد الأخطبوطي الذي امتد منذ السبعينيات، جامعًا تحت مظلته متطرفين من شتى أنحاء العالم، من راشد الغنوشي إلى رجب طيب أردوغان، مرورًا بقادة الجماعات الجهادية التي سطرت تاريخًا دمويًا في المنطقة العربية. ولكن السؤال الجوهري هنا: لماذا لا تزال الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، تنفق أموال دافعي الضرائب على تنظيم إرهابي مثل الإخوان؟ ولماذا تُضخ ملايين الدولارات في جيوب الجماعات المرتبطة بإيران، بدلًا من استخدامها لخدمة المواطنين الأمريكيين؟ الإخوان في تونس: من الدعوة إلى الإرهاب المنظم لم تكن ولادة “حركة الاتجاه الإسلامي” في تونس عام 1981، والتي تحولت لاحقًا إلى “حركة النهضة”، سوى امتداد طبيعي للفكر الإخواني العابر للحدود، الذي وجد في الثورة الإيرانية نموذجًا يجب الاحتذاء به، حتى وإن كان تحت عباءة سنّية. منذ نشأتها، ارتبطت الجماعة بعلاقات وثيقة مع إيران، كما يظهر في لقاءات قياداتها مع شخصيات إيرانية متطرفة، مثل حكمتيار وأبو الحسن بني صدر، الذين أسسوا لفكرة “تصدير الثورة” إلى العالم العربي. كان الهدف واضحًا: تكوين شبكة إخوانية إرهابية تتحكم بالمشهد السياسي في الدول العربية، وتوظف الديمقراطية كأداة للوصول إلى الحكم، قبل أن تبدأ في تقويض الدولة من الداخل. وهذا ما حدث بالضبط في تونس، حيث تسللت النهضة إلى السلطة بعد 2011، وبدأت في تحويل البلاد إلى مرتع للإرهاب والفوضى. تونس: محطة تصدير الإرهاب إلى العالم العربي بعد سقوط نظام بن علي، تحولت تونس إلى نقطة انطلاق للجهاديين نحو سوريا والعراق وليبيا. تشير التقارير إلى أن أكثر من 6,000 تونسي التحقوا بالتنظيمات الإرهابية في الشرق الأوسط، وهو رقم قياسي لم تحققه أي دولة أخرى، حتى تلك التي تعاني صراعات مسلحة. من أين أتى هؤلاء؟ وكيف نُقلوا إلى ساحات القتال؟ الإجابة ببساطة: من شبكات الإخوان، وبتسهيلات من حكومة النهضة التي كانت تسيطر على البلاد آنذاك. • تم فتح الباب أمام الجمعيات الخيرية التي استخدمت أموال الدول الغربية، وعلى رأسها أمريكا، لتمويل عمليات نقل الإرهابيين. • تم تسهيل خروج الشباب إلى تركيا، ومنها إلى سوريا والعراق، للقتال في صفوف داعش والنصرة. • تم اختراق المؤسسات الأمنية، والتلاعب بالقضاء، لضمان إفلات المتطرفين من المحاسبة. وفي النهاية، وجدت تونس نفسها أمام موجة إرهاب داخلي غير مسبوقة، من اغتيالات سياسية (شكري بلعيد ومحمد البراهمي) إلى هجمات دامية استهدفت الأمنيين والمدنيين على حد سواء. المال الأمريكي ودعمه للإخوان: لماذا تستمر واشنطن في تمويل الإرهاب؟ من المفارقات العجيبة أن الولايات المتحدة، التي تدّعي محاربة الإرهاب، لا تزال تضخ ملايين الدولارات في برامج تدعم جماعة الإخوان المسلمين، سواء في تونس أو غيرها من الدول العربية. هذه الأموال تأتي تحت غطاء دعم الديمقراطية، لكنها في الواقع تستخدم لتغذية تنظيمات متطرفة تزرع الفوضى في العالم العربي، وتهدد حتى المصالح الأمريكية ذاتها. فلماذا لا تُنفق هذه الأموال على المواطنين الأمريكيين الذين يعانون من الفقر والبطالة والمشكلات الصحية؟ • لماذا تُخصص واشنطن مساعدات بملايين الدولارات لجماعة مثل الإخوان، في حين أن ملايين الأمريكيين لا يستطيعون تحمل تكاليف العلاج؟ • لماذا يتم تمويل منظمات تدعم الإرهاب في الشرق الأوسط، بينما تعاني البنية التحتية الأمريكية من التدهور؟ • لماذا تدعم أمريكا من يحرقون أعلامها، ويهتفون بالموت لها في شوارع تونس وغيرها؟ الإجابة الوحيدة هي أن اللوبيات الإخوانية في واشنطن تعمل بفعالية، مستغلة ضعف الإدارات الأمريكية، والتواطؤ السياسي مع مشاريع الإسلام السياسي. الإخوان وإيران: التحالف القاتل في الوقت الذي يتم الترويج فيه للخلاف السني-الشيعي، نجد أن الإخوان المسلمين أقاموا أقوى العلاقات مع إيران، لأن الهدف المشترك بينهما هو إسقاط الأنظمة العربية، ونشر الفوضى، وإضعاف الدول الوطنية لصالح المشاريع الطائفية والعقائدية المتطرفة. في تونس، لم يكن الأمر مختلفًا: • العلاقات بين الغنوشي وطهران لم تكن سرية، بل كانت علنية وواضحة. • الدعم المالي واللوجستي الذي قدمته إيران لحركة النهضة مكّنها من السيطرة على المشهد السياسي بعد 2011. • التنسيق بين الميليشيات الإيرانية وجماعات الإخوان في ليبيا وسوريا واليمن يكشف عن تحالف لا تحكمه العقيدة، بل تحكمه المصلحة المشتركة في هدم الدول. أردوغان: رأس الحربة في مشروع الإخوان التخريبي لم يكن رجب طيب أردوغان بعيدًا عن هذا المشهد، بل كان عرّاب المشروع الإخواني في المنطقة، مستخدمًا تركيا كقاعدة دعم لوجستي ومالي للإرهابيين في العالم العربي. فمنذ وصوله إلى السلطة، عمل على احتضان قيادات الإخوان الفارين من مصر وتونس وسوريا، وقدم لهم ملاذًا آمنًا لمواصلة مخططاتهم التخريبية. • استضاف أردوغان قيادات الإخوان المصريين بعد سقوط حكمهم في 2013، وسخّر الإعلام التركي للتحريض ضد مصر والدول العربية الأخرى. • لعبت الاستخبارات التركية دورًا رئيسيًا في نقل الإرهابيين من تونس وليبيا إلى سوريا، عبر رحلات جوية وبرية سرية. • قدمت تركيا دعمًا عسكريًا ولوجستيًا للميليشيات الإخوانية في ليبيا، مما أدى إلى استمرار الصراع هناك وتأخير استقرار الدولة. • استهدف الاقتصاد المصري عبر سياسات عدائية، من دعم الإرهاب في سيناء إلى التآمر على الدولة المصرية عبر شبكات إعلامية ودبلوماسية. لم يكن الأمر مجرد سياسات خارجية، بل كان أردوغان يسعى لتأسيس “دولة الخلافة الإخوانية”، مستخدمًا الأموال القطرية والدعم الإيراني لتحقيق هذا الحلم. ولكن سقوط مشروع الإخوان في مصر كان الضربة الأولى لهذا المخطط، مما دفع أردوغان إلى التركيز أكثر على تونس وليبيا، حيث كان الإخوان لا يزالون في مواقع الفوذ لماذا تستهدف حركة الإخوان مصر؟ تعتبر مصر العائق الأكبر أمام مشروع الإخوان في المنطقة، فهي الدولة التي احتضنت نشأتهم الأولى عام 1928، وهي التي أجهضت مشروعهم السياسي في 2013 عندما أطاح الشعب المصري بحكمهم عبر ثورة شعبية كبرى. لهذا، لم تتوقف محاولات الإخوان لاستهداف مصر، سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا، بغية زعزعة استقرارها وإعادتها إلى الفوضى. الأسباب الرئيسية لاستهداف مصر: 1. السقوط المدوي لمشروع الإخوان في 2013: بعد أن سيطر الإخوان على الحكم في 2012 بقيادة محمد مرسي، ظنوا أن مشروعهم في طريقه إلى التوسع إقليميًا، خاصة مع دعم تركيا وقطر. لكن الإطاحة بهم في 2013 شكلت أكبر انتكاسة لهم، ولهذا انطلقت حملة انتقامية شرسة ضد الدولة المصرية. 2. موقع مصر الاستراتيجي: مصر هي مفتاح استقرار العالم العربي، وأي فوضى فيها تعني امتدادها إلى الدول المجاورة، وهو ما يخدم الأجندة الإخوانية التي تقوم على نشر الفوضى والسيطرة عبر العنف السياسي. 3. القوة العسكرية المصرية: الجيش المصري هو العقبة الأكبر أمام مخططات الإخوان، ولهذا حاول التنظيم اختراقه وإضعافه، لكنه فشل. وبعد سقوطهم، لجأوا إلى دعم التنظيمات الإرهابية في سيناء، مثل أنصار بيت المقدس، لمحاولة استنزاف الدولة عسكريًا. 4. محاولة السيطرة الاقتصادية: سعت جماعة الإخوان إلى إفشال الاقتصاد المصري عبر حلفائها الإقليميين، مثل تركيا وقطر، من خلال دعم الإعلام المعادي، وتشجيع المضاربة على الجنيه المصري، وتمويل العمليات الإرهابية لضرب السياحة والاستثمارات. هل تستفيق أمريكا قبل فوات الأوان؟ ما يحدث في تونس ليس مجرد أزمة سياسية داخلية، بل هو جزء من مشروع إخواني عالمي مدعوم من قوى إقليمية مثل إيران وتركيا وقطر، ويجد دعمًا غير مباشر من بعض الدوائر الغربية. كل ذلك يتم تحت أعين الإدارة الأمريكية، التي لا تزال عاجزة عن اتخاذ موقف حاسم تجاه الإخوان. إذا لم تُدرك واشنطن حجم الخطر الذي تمثله هذه الجماعات، وإذا استمرت في ضخ أموال دافعي الضرائب في جيوب الإرهابيين، فإنها لن تتسبب فقط في تدمير الشرق الأوسط، بل ستجد نفسها يومًا ما تواجه العدو الذي غذته بأموالها داخل أراضيها. الخاتمة: التاريخ يعيد نفسه ولكن الثمن سيكون باهظًا كما حدث في السبعينيات، عندما جلس الإخوان مع الإرهابيين الأوائل مثل حكمتيار، يُعاد اليوم نفس المشهد، حيث تلتقي الجماعات المتطرفة تحت راية مشتركة، مدعومة بتمويل غربي أعمى، وغطاء سياسي مخادع. لكن السؤال الذي سيطرح نفسه عاجلًا أم آجلًا: هل ستظل أمريكا تموّل الإرهاب حتى يصل إلى عقر دارها؟
❤️ 1

Comments