وقفة مع آية 📚
وقفة مع آية 📚
February 6, 2025 at 06:57 PM
وقفة مع آية 📚📚 (٣٢٠) ﴿ما أَصابَ مِن مُصيبَةٍ فِي الأَرضِ وَلا في أَنفُسِكُم إِلّا في كِتابٍ مِن قَبلِ أَن نَبرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسيرٌ ۝ لِكَيلا تَأسَوا عَلى ما فاتَكُم وَلا تَفرَحوا بِما آتاكُم وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُختالٍ فَخورٍ﴾ [الحديد: ٢٢-٢٣] قال الطبري رحمه الله:(يقول تعالى ذكره: ما أصابكم أيها الناس من مصيبة في الأرض بجدوبها وقحوطها، وذهاب زرعها وفسادها، (وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ ) بالأوصاب والأوجاع والأسقام، (إِلا فِي كِتَابٍ ) يعني: إلا في أمّ الكتاب، (مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا ) يقول: من قبل أن نبرأ الأنفس، يعني: من قبل أن نخلقها، يقال: قد برأ الله هذا الشيء، بمعنى: خلقه فهو بارئه... وقوله: (إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ) يقول تعالى ذكره: إن خلق النفوس، وإحصاء ما هي لاقية من المصائب على الله سهل يسير... يعني تعالى ذكره: ما أصابكم أيها الناس من مصيبة في أموالكم ولا في أنفسكم، إلا في كتاب قد كتب ذلك فيه، من قبل أن نخلق نفوسكم (لِكَيْلا تَأْسَوا ) يقول: لكيلا تحزنوا، (عَلَى مَا فَاتَكُمْ ) من الدنيا، فلم تدركوه منها، (وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ) منها. ومعنى قوله: (بِمَا آتَاكُمْ ) إذا مدّت الألف منها: بالذي أعطاكم منها ربكم وملَّككم وخوَّلكم؛ وإذا قُصرت الألف، فمعناها: بالذي جاءكم منها... وقوله: (وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ) يقول: والله لا يحبّ كلّ متكبر بما أوتي من الدنيا، فخور به على الناس)أ.هـ عن قتادة رحمه الله في قوله: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأرْضِ ) قال: هي السنون، (وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ ) قال: الأوجاع والأمراض. قال: وبلغنا أنه ليس أحد يصيبه خَدْش عود، ولا نَكْبة قدم، ولا خَلجَانُ عِرْقٍ إلا بذنب، وما يعفو عنه أكثر). قال ابن كثير رحمه الله:( وهذه الآية الكريمة من أدل دليل على القدرية نفاة العلم السابق - قبحهم الله - وقال الإمام أحمد....سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يقول : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " قدر الله المقادير قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة " ورواه مسلم في صحيحه ،...وزاد بن وهب : " وكان عرشه على الماء " . ورواه الترمذي وقال : حسن صحيح)أ.هـ عن ابن عباس رضي الله عنهما (لِكَيْ لا تَأْسَوْا عَلَى مَا فاتكم ) قال: (الصبر عند المصيبة، والشكر عند النعمة). وعنه في قوله تعالى: (لِكَيْ لا تَأْسَوْا عَلَى مَا فاتكم ) قال: (ليس أحد إلا يحزن ويفرح، ولكن من أصابته مصيبة فجعلها صبرا، ومن أصابه خير فجعله شكرا). عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كنت خلف النبي يوماً فقال:(يا غلام إني أعلمك كلمات: احفظ الله  يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله تعالى لك. وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف)رواه الترمذي وقال: حسن صحيح. وفي رواية غير الترمذي:(احفظ الله تجده أمامك، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك) رواه أحمد. قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:( سبحان الله! ما أعظم هذا اللوح الذي يسع كل شيء إلى يوم القيامة، ولكن ليس هذا بغريب على قدرة الله عز وجل؛ لأن أمر الله تعالى ﴿إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [يس ٨٢]، ولقد كان الإنسان يتعجب من قبل ولا يستبعد، يتعجب ولكن لا يستبعد أن يكتب في هذا اللوح مقادير كل شيء، ظهر الآن من صنع الآدمي قطعة صغيرة يسجل فيها آلاف الكلمات، أليس كذلك؟...هي عبارة عن لوحة صغيرة كالقرص تسجل فيها آلاف الكلمات، قد يُسجَّل فيها جميع كتب الحديث المؤلفة، أو جميع التفاسير، أو جميع كتب الفقهاء، وهي من صنع الآدمي، فكيف بصنع من يقول للشيء: كن فيكون! لما قال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة، كتب ما هو كائن إلى يوم القيامة...). من آثار الإيمان بالقدر أنه يطرد القلق والضجر عند فوات مراد أو حصول مكروه، لأن ذلك بقضاء الله تعالى الذي له ملك السموات والأرض وهو كائن لا محالة، فيصبر على ذلك ويحتسب الأجر، وإلى هذا يشير الله تعالى بقوله: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}. المسلم إذا علم أن كل شيء مقدر ولا بد أن يقع رضي بما وقع فلا يحزن على مافات ولا يفرح بما أتى فرح أشر وبطر. اللهم اجعلنا ممن يؤمن بلقائك ويرضى بقضائك ويقنع بعطائك ويصبر على بلائك ويشكر على عطائك يارب العالمين.

Comments